برعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والسيدة قرينته، سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة وتحت شعار (بالأخلاق تبنى الأمم) نظمت إدارة مراكز التنمية الأسرية بالشارقة في الفترة من 13 إلى 15 فبراير 2018 فعاليات الملتقى الأسري السادس عشر.
حضر افتتاح الملتقى الذي أقيم بالشارقة في مركز الجواهر للمناسبات والمؤتمرات بالشارقة (الثلاثاء 13 فبراير 2018) رئيس المجلس الاستشاري بإمارة الشارقة، سعادة خولة عبد الرحمن الملا، وسعادة موضي بنت محمد الشامسي، رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية رئيس اللجنة العليا المنظمة للملتقى، والشيخة الدكتورة تهاني جاسم الصباح، والشيخة نورة بنت خليفة آل خليفة، وعدد كبير من المؤسسات والأكاديميين والمهتمين بالشأن الأسري، وممثلي وسائل الإعلام المختلفة بدولة.
كلمة مراكز التنمية الأسرية
وفي هذه المناسبة ثمنت رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية رئيس اللجنة العليا المنظمة للملتقى، موضي بنت محمد الشامسي التوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وحرمه سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، بأن يكون كلَ اهتمامنا هو الأسرة ثم الأسرة، لأن صلاح المجتمعات لا يأتي إلا من صلاح الأسرة.
كما تطرقت الشامسي إلى دور مراكز التنمية الأسرية في وضع أساس المنهج القانوني للأسرة من خلال رسم مقترح محكمة الأسرة والتي تم الموافقة ومباركة صاحب السمو حاكم الشارقة وحرمه، فافتتحت أول محكمة للأسرة على مستوى الدولة، وكذلك دور مركز الإرشاد الأسري.
وأبرزت موضي الشامسي المبادرات المجتمعية التي تطلقها المراكز نحو مبادرة مودة ومبادرة أجيال، ومبادرة جيران، ومبادرة 960 دقيقة.
واختتمت رئيس إدارة مراكز التنمية الأسرية كلمتها بتوجيه الشكر لكافة الجهات والمؤسسات والأفراد الذين مدوا يد العون للمراكز من أجل استمرارية مسيرة العمل الأسري.
دراسة (واقع القيم الأخلاقية)
وعقب كلمة الشامسي قدمت موزة الشحي مدير إدارة الأفرع بمراكز التنمية الأسرية، عرضاً لدراسة (واقع القيم الأخلاقية)، وهي دراسة إحصائية ميدانية، قامت بها إدارة البحوث والمعرفة من أجل التعرف على وجهة نظر أفراد المجتمع حول القيم الأخلاقية السائدة في المجتمع خلال الوقت الحاضر، والمعالجات المناسبة لها، تضمنت الدراسة 1340 استمارة استبيان.
كما طرحت الشحي أهم الإحصائيات التي تضمنتها الدراسة حيث يرى (%77.09) من أفراد العينة أن الأخلاق تشير إلى السلوك وتعاملات الناس مع بعضها البعض، (%30.22) منهم كانوا ذكوراً، مقابل (46.87%) من الإناث.
ويرى (%36.19) من أفراد العينة أن القيم الأخلاقية بمجتمعنا في وضع تراجع وانهيار، بالإضافة إلى (32.31%) يرونها في وضع متفاوت، مقابل (%15.37) فقط يرونها في وضع استقرار وثبات.
وتابعت الشحي: وجاء تماسك الأسرة والحفاظ على الهوية الإسلامية في مقدمة تلك الآثار بأوساط متقاربة بلغت (1.78) و(1.96) على الترتيب، تلتها العلاقات الاجتماعية السوية بمتوسط (2.92). وجاء عامل إهمال الأسرة في مقدمة العوامل المسؤولة عن تراجع القيم الأخلاقية، بمتوسط (1.99)، تلاه ضعف الوازع الديني بمتوسط (2.51) وجاء عامل إهمال الأسرة في مقدمة العوامل، التي تساهم في تراجع القيم الأخلاقية، بمتوسط (1.99)، هذا إلى جانب الكثير من الإحصائيات التي شملتها الدراسة.
ومن أبرز التوصيات التي خلصت إليها الدراسة ضرورة تبنى مشروع قومي للقيم الأخلاقية يهدف إلى نقد منظومة القيم المجتمعية من خلال التأكيد على الموروث الإيجابي عبر عملية الفحص والتمحيص، والأخذ بالطابع المعاصر بما لا يتعارض مع ثوابت الثقافة العربية، والاعتماد على المنهج النقدي في مجال الانفتاح على الثقافات المغايرة، بحيث لا يقتصر الأمر على الرضوخ والوقوف بموقف سلبي تجاه الوافد الثقافي والوقوع تحت رحمة التبعية الثقافية.
تم بعدها عرض مادة فلمية قصيرة تناولت مفهوم الملتقى الأسري الـ 16 مركزة على شعار الملتقى (بالأخلاق تبنى الأمم).
جلسة حوارية
أعقب ذلك بدأت أولى الجلسات الحوارية والتي أدارتها ميرة المهيري، فتم عرض ثلاث أوراق عمل، بدأتها الخبير التربوي، الدكتورة تهاني الصباح من دولة الكويت بورقة عنوانها (كيف تغرس الأخلاق).
حيث عرفت الأسرة بمجموعة من الأفراد يسكنون تحت سقف واحد ويمارسون عدة وظائف اجتماعية وتربوية واقتصادية، مما يؤثر في المجتمع إيجابا وسلباً.
وقد تطرقت د. تهاني خلال الورقة إلى دور التحولات في مفهوم الأسرة وآثار التغيير في البناء الأسري، ورؤية واقع القضايا الأسرية، والوقاية والعلاج.
كما شددت د. تهاني على ضرورة توفير برامج تعليمية متخصصة في زرع القيم والأخلاق وبرنامج وأساليب التربية الأسرية مع التركيز على التنمية الأخلاقية والفكرية، مع الاستزادة من الدورات التثقيفية قبل الزواج وبعده، وتوفير الاستشارات الزوجية التربوية.
أما الدكتور إبراهيم الدبل، فقدم الورقة الثانية حول برنامج التربية الأسرية في تنشئة الأخلاق، حيث عرف التربية الأسرية، بأنها مجموعة من القيم والأخلاق والسلوكيات التي تحددها الأسرة لتعليم أطفالها.
ثم تطرق إلى تعريف القيم: هي تلك المجموعة من الأحكام العقلية التي تقوم بالعمل على توجيهنا نحو رغباتنا، واتجاهاتنا والتي تكون نتيجة لاكتساب الفرد من المجتمع المتعايش به وهي تعمل على تحريك سلوكياته.
وأكد الدبل أن التوافق بين الآباء والأبناء يوفّر فرصةً كبيرةً للأبناء لاكتساب القيم والعادات الحسنة من أهلهم وذويهم، ويوصل الأبناء إلى بر الأمان من كل الحالات؛ فيحقّق التوازن النفسي والعاطفي، وأن التماسك الأسري يعلّم الأبناء الطريقة الصحيحة للعيش وتعليم أبنائهم مستقبلاً، والعكس صحيح؛ فإذا عاش الطفل في جوٍ مضطربٍ تغلب عليه المشاحنات، فسيغلب على شخصيته التناقض الانفعاليّ والنفسي، وسيترك هذا الكثير من الآثار في نفسيّة وشخصيّة الطفل مستقبلاً.
وشرح، أثر غياب الأب أو الأمّ على الأبناء سواء بالسفر أو الموت أو الانفصال، وما هي الطرق السليمة لتعويض هذا الغياب ثم عرض عدة دراسات عالمية لأثر غياب الأبوين، كما تساءل د. إبراهيم في أي مرحلة عمرية نبدأ بزرع القيم وما هي أدواتنا؟
ثم وجه عدة نصائح للأسرة لرعاية الأبناء في المراحل العمرية المختلفة لهم، كمخاطبة الابن على قدر عقله، والحوار الهادئ، وربط الابن بالقدوة الحسنة في حياته.
كما قدمت عائشة المهيري الورقة الثالثة في الملتقى والتي جاءت تحت عنوان (دور مؤسسات التنشئة الاجتماعية في تنمية النسق الأخلاقي).
حيث استهلت المهيري حديثها بمقولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله (الأخلاق صمام أمان الأمم وروح القانون وأساس التقدم ودونها لا أمن ولا استقرار ولا استدامة)
معتبرة أن الأخلاق والقيم والانفتاح الإنساني وتقارب المجتمعات عماد للأسس والعلاقات الإنسانية القوية ومبدأً أصيل ومفتاح للتنمية والرخاء والنهضة التي عملت بموجبها على تعزيز الأسس التي عبرها نستطيع تنشئة أجيال مدركة لمسؤولياتها وتمتلك الحس الوطني وتتخذ من القيم المثلى أسلوب حياة وتعامل مع الآخرين.
وتناولت دور المدرسة كونها الحاضنة الأساسية للطالب فهي بمثابة المكان الذي يستوعب الطالب ويدعمه ويعزز سلوكه القويم ويقدمه للمجتمع بصور ناصعة.
كما ألمحت المهيري خلال كلمتها إلى دور المؤسسات التعليمية، والأخلاق باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من قيم البيت الإماراتي المتأصلة فيه والذي تربى جميع أفراده عليها.
رؤية الإمارات 2021 م
كما تطرقت المهيري إلى مبادرة رؤية الإمارات 2021 والتي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي تهدف لأن تكون دولة الإمارات ضمن أفضل دول العالم بحلول اليوبيل الذهبي للاتحاد تسعى الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات إلى أن تكون دولة الإمارات البقعة الأكثر أماناً على المستوى العالمي 2021 والتي انطلقت منها رؤية وزارة التربية والتعليم باعتبار العلم أساس تقدم الأمم، وأهم استثمار في جيل المستقبل، لذا كان لابد للأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 من التركيز على تطوير نظام تعليمي رفيع المستوى.
إلى جانب قضايا عدة تناولتها المهيري كالمخزون التراثي للمجتمع الإماراتي، وأثر المغفور له الشيخ زايد في ترسيخ القيم الأخلاقية والتراثية في عقل ووجدان كل إماراتي، ومناهج المدرسة الإماراتية وأثرها في دعم التربية الأخلاقية، ودور المناهج الوطنية في تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي، والتربية الأخلاقية نموذجاً في المدرسة الإماراتية، ودور الأسرة وغير ذلك من المحاور التي طرحتها عائشة المهيري خلال ورقتها.
كما عرض راشد النقبي تجربته من خلال الملتقى، من خلال تنشئته في الأسرة، مشيراً إلى أهمية الاجتماع الأسبوعي للأسرة، متذكراً أن والده كان يركز معه على الجانب الديني والجانب المعرفي والثقافي، وشرح كيف تؤثر الأسرة المترابطة في تعديل سلوكيات الأبناء، وتطرق إلى نقاط التحول في حياته حتى مثّل دولة الإمارات أكثر من مرة في مسابقات القرآن الكريم، وغيرها من الأمور التي تناولها النقبي أمام الجمهور.
ومن ثم فتح باب المناقشات للجمهور وأخذت التوصيات، لليوم الأول للملتقى.
القيم الأخلاقية والدور الإعلامي
استضاف الملتقى الكاتب والإعلامي محمد الحمادي رئيس تحرير صحيفة الاتحاد الإماراتية، ودواد محمد حسن عضو لجنة التوعية الإلكترونية في برنامج خليفة لتمكين الطلاب.
تحدث الحمادي عن كون وسائل الإعلام المختلفة هي وسيلة لنقل ما يحدث في المجتمع وهي أداة ناجحة وعليها مسؤولية.
موضحاً أن ما نقوم به من خلال هذه الوسائل إنما الغرض منه نشر القيم الأخلاقية الإيجابية بما يخدم المجتمع ويجعله أكثر تلاحما وتجانساً.
ولفت رئيس تحرير صحيفة الاتحاد، إلى أننا لا نحمّل وسائل الإعلام كافة ما يطرأ في المجتمع من سلبيات ولا نوجه اللوم لها فقط فهناك عوامل عدة علينا أن نأخذها بعين الاعتبار.
وتابع الحمادي: لذلك يجب أن تتكاتف جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية بالدولة لنشر الوعي المجتمعي، لغرس القيم والأخلاق لمواجهة التحديات التي تحيط بالفرد والأسرة، كما أن للأسرة الدور الرئيس في ضرورة نشر الوعي لدى أفرادها، إذن فالأسرة هي الحصن الحصين للحد من أي تجاوزات داخل البيت الإماراتي، ومراعاة الأبناء فيما يدعى بحرية الإعلام، ومدى تطبيق هذه الحرية من خلال وسائل الإعلام المختلفة.
كما تناول الحمادي أهم المضامين التي تساهم وسائل الإعلام في توجيه أو إنشاء أو حتى زوال القيم في المجتمع. وما هي أكثر الوسائل الإعلامية تأثيراً في الوقت الراهن على الفرد.
وتطرق إلى دور مواقع التواصل الاجتماعي، وأكد على المسؤولية المجتمعية الملقاة على عاتق رواد التواصل الاجتماعي، وقال إن للإعلام دوراً رئيساً في نشر ثقافة الوعي بين أفراد المجتمع وهذا هو الدور المنوط به والذي نسعى لتحقيقه، أما إذا حاد الإعلام عن ذلك وضل طريقة وصارت رسالته هادمة للمجتمع. واختتم بقوله: علينا أن نكون كإعلاميين سفراء للأخلاق..
وتحدث دواد محمد حسن عضو لجنة التوعية الإلكترونية في برنامج خليفة لتمكين الطلاب، حول الألعاب الإلكترونية ودورها في التأثير على النشء.
وعرض داود تجربة برنامج خليفة في التطبيق الخاص بألعاب الأطفال لتمكين الطلاب من تصميم وتطوير ألعاب إلكترونية وطنية تثقيفية.
وذكر أيضاُ التحديات التي يواجهونها في تصميم هذه الألعاب وتقبل الطلاب لمحتوى هذه الألعاب وكيفية التعامل معها والاستفادة القصوى منها بما يخدم الفرد والمجتمع، فالألعاب الإلكترونية منتشرة على مستوى العالم ووفق آخر إحصائيات هناك أكثر من 12 مليون مستخدم لهذه التطبيقات في العالم.
كما تطرق داود إلى الحديث عن تجربة برنامج خليفة لتمكين الطلاب، كونها تجربة رائدة لما لهذه الألعاب من طرق متعددة في الإبداع حيث تم تطويعها لتخدم المجتمع الإماراتي، وتأخذ منه الفكرة وتطبقها بطريقة تشويقية ضمن تطبيقات متعددة وذلك من أجل غرس القيم الاجتماعية والأخلاقية وقيم الولاء والانتماء.
خرجت الندوة بتوصيات عديدة منها:
- على المؤسسات الإعلامية الإماراتية زيادة إنتاج الأفلام الكرتونية والألعاب الإلكترونية ذات طابع إماراتي يرسخ القيم الأخلاقية.
- على رواد الأعمال والشركات الخاصة والشبه حكومية دعم المشاريع التي تدعم النسق الأخلاقي وتتحمل جزء من المسؤولية المجتمعية.
- الاستعانة بخبرات المؤسسات المختصة بالإرشاد الأسري والنفسي في تصميم برامج تلفزيونية ترسخ المنظومة الأخلاقية للنشء.
- إعداد مسابقة على مستوى الدولة حول تصميم البرامج الإلكترونية ذات منظومة أخلاقية تخضع لمعايير خاصة.
اختتمت الدكتورة تهاني الصباح فعاليات اليوم الأول بالدورة التدريبية حول دور الأسرة في تنمية النسق الأخلاقي.
وشهد الملتقى في يومه الثاني عدة فعاليات وأوراق عمل وورش تدريبية أقيمت في صالة الذيد بالمنطقة الوسطى بالشارقة، أما ثالث أيام الملتقى فأقيم في فندق الأوشانيك بالمنطقة الشرقية بالشارقة.