إن إحياء اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة يحمل في طياته إرساء المسارات الفاعلة نحو إنجاز أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 والتي تحوي في مندرجاتها كافة الحقوق التي كانت قد وردت في نصوص الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. إذ أن أهداف الألفية للتنمية والتي لم تنجز في العام 2015 لم تتناول التحديات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم.
وكانت منظمة العمل الدولية قد أطلقت توصية إعتماد أرضيات الحماية الإجتماعية والتي تلامس معظم الحقوق الحياتية وضمان جملة من الإجراءات التي تندرج في تشريعات الدول الملزمة.
وقد أطلقت الأمم المتحدة أجندة التنمية المستدامة الـ 17 هدفاً داعية المجتمع لدولي العمل على بلوغها في العام 2030 شاملة في تفاصيلها العديد من المعايير والمؤشرات التي تضمن بلوغ تلك الأهداف متضمنة جملة أرضيات للحماية الإجتماعية وبنود الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذو الإعاقة.
وبمراجعة سريعة لتلك الأهداف نجد أن من أهم بنودها القضاء على الفقر والمجاعة (والأشخاص ذوي الإعاقة) من أفقر الفقراء ومن الأهداف:
الهدف الثالث ـ الصحة الجيدة والرفاه: ضمان تمتّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الأعمار.
إن ضمان الحياة الصحية وتشجيع الرفاه للأشخاص ذوي الإعاقة بات عنصراً لا بد منه في التنمية المستدامة. وتحقق تقدم جوهري في زيادة إمكانية الحصول على رعاية صحية ملائمة.
الهدف الرابع ـ التعليم الجيد: ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع.
يشكل الحصول على تعليم جيد الأساس الذي يرتكز عليه تحسين حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وبه تتحقق التنمية المستدامة. وقد أُحرز تقدماً جوهرياً صوب زيادة إمكانية الحصول على التعليم بكل مراحله، وزيادة معدلات الالتحاق بالدراسة خصوصاً بالنسبة للنساء والفتيات، إلا أن ثمة حاجة إلى بذل جهوداً أكثر جسارة كفيلة بتحقيق قفزات في إنجاز الأهداف العالمية المحددة للتعليم.
الهدف الثامن ـ العمل اللائق ونمو الإقتصاد: تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع.
يؤدي التقدم البطيء وغير المتكافئ في إتاحة فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى معاودة التفكير فيما ننتهجه من سياسات اقتصادية واجتماعية إزاء توفير العمل اللائق للجميع، مع الاستعانة بأدوات جديدة في هذا المضمار.
إن استمرار إنعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وقلة الاستهلاك يفضي إلى تضاؤل العقد الاجتماعي الأساسي الذي ترتكز عليه المجتمعات المتحضرة وهو: اقتضاء مشاركة الجميع في التقدم.
وستظل تهيئة فرص العمل الجيد تحدياً من التحديات الرئيسة التي ستواجهها الاقتصادات العالمية جميعاً تقريبا فيما بعد عام 2015.
الهدف التاسع ـ الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية: إقامة بنى تحتية قادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام.
ويؤدي التقدم البطيء وغير المتكافئ في إتاحة فرص العمل للأشخاص ذوي الإعاقة إلى معاودة التفكير فيما ننتهجه من سياسات اقتصادية واجتماعية إزاء توفير العمل اللائق للجميع، مع الاستعانة بأدوات جديدة في هذا المضمار.
إن استمرار انعدام فرص العمل اللائق، وعدم كفاية الاستثمارات، وقلة الاستهلاك يفضي إلى تضاؤل العقد الاجتماعي الأساسي الذي ترتكز عليه المجتمعات المتحضرة وهو: اقتضاء مشاركة الجميع في التقدم. وستظل تهيئة فرص العمل الجيد تحديا من التحديات الرئيسة التي ستواجهها الاقتصادات العالمية جميعا تقريبا فيما بعد عام 2015.
الهدف العاشر ـ الحد من أوجه عدم المساواة: خطا المجتمع الدولي خطوات واسعة صوب الحد من انعدام المساواة بين الأشخاص ذوي الإعاقة وغير المعاقين. بيد أن التباين لا يزال متواصلاً، حيث هناك تباينات واسعة في إمكانية الحصول على الخدمات التعليمية والوظيفية وغير ذلك من الأصول الإنتاجية.
الهدف الحادي عشر ـ مدن ومجتمعات محلية مستدامة: جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة
إن المدن هي مراكز الأفكار والتجارة والثقافة والعلم والإنتاجية والتنمية الاجتماعية وما هو أكثر من ذلك بكثير. فالمدن مكّنت الناس، في أفضل حالاتها، من التقدم اجتماعياً واقتصادياً.
بيد أن ثمة تحديات كثيرة تقف في طريق صيانة المدن على نحو يستمر معه إيجاد فرص عمل وتحقيق الرخاء مع عدم إجهاد الأرض والموارد. وتشمل التحديات المشتركة المتعلقة بالمدن عدم تحقيق الوصول الشامل وتهيئة البيئة العمرانية للأشخاص ذوي الإعاقة، وعدم توافر أموال لتقديم الخدمات الأساسية لهم، ومشاريع البنية التحتية الملحة.
الهدف السابع عشر ـ عقد الشراكات لتحقيق الأهداف: تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من أجل التنمية المستدامة.
يتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة عقد الشراكات المتعددة بين مؤسسات المجتمع المدني على اختلافها، والكفيلة بضمان آلية التنفيذ والاستدامة، كما يتطلب جدول تنمية مستدامة قائم على شراكات بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. وهذه الشراكات الشاملة تُبنى على قواعد وقيم ورؤية مشتركة وأهداف مشتركة تضع الأشخاص ذوي الإعاقة في قلب من هذه الجهود.
(*) د. موسى شرف الدين
جمعية أصدقاء المعاقين
الإتحاد الوطني للإعاقة العقلية