افتتاح مركز مسائي لتعليم (الصم الكبار) في مدرسة الأمل للصم
من كان مطلعاً على النهج العلمي والأخلاقي والمهني الناظم لعمل مدرسة الأمل للصم التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية مع طلبتها من ذوي الإعاقة السمعية يعرف حق المعرفة أن هذا النهج ما كان في يوم من الأيام متوقفاً عند حد معين، أو اعتبارات محدودة وإنما يسير وفق خط بياني متصاعد هدفه الأسمى تقديم كل ما بالإمكان من خدمة وعلم ومعرفة للطلبة الصم وإتاحة الفرص التعليمية لهم حتى أعلى مراحلها كي يكونوا أشخاصاً فاعلين ومنتجين في مجتمعهم الذي لا تكتمل عملية بنائه إلا بتضافر جهود جميع أبنائه.
ولأن مدرسة الأمل للصم حريصة أشد الحرص على مصلحة هذه الشريحة المهمة، وانطلاقاً من رؤيتها ورسالتها في تمكين الاشخاص من ذوي الإعاقة السمعية والسعي إلى دمجهم في المجتمع من خلال المشاركة والمساواة التامة، واستجابة منها للطلبات المقدمة من قبل الاشخاص الصم سواء من كان منهم قد درس سابقاً في فصول المدرسة أو من خارجها ممن لم تسنح لهم فرصة إكمال تحصيلهم العلمي لأسباب متعددة، قررت مدرسة الأمل للصم افتتاح مركز تعليم (الصم الكبار) خلال الفترة المسائية في المدرسة.
الشيخة جميلة القاسمي:
إكمال الصم لدراستهم أمر هام وحيوي نحرص عليه
في حديث لها مع جريدة الخليج نشر صباح الأحد 29 سبتمبر 2013 قالت الشيخة جميلة القاسمي: إن تكلفة تعليم طلبة المدينة، عادة ما تكون مرتكزة على التبرعات التي تقدم للمدينة، ونحن نعتبر أن رغبة هؤلاء بإكمال دراستهم أمر حيوي، ومهم، كونه يسهم في تحسين أوضاعهم المادية والمعنوية أيضاً.
وأشارت القاسمي إلى أن هذه المجموعة لم تتح لها الفرصة لإكمال دراستها، في حين يختلف الوضع اليوم، حيث إن معظم طلابنا يكملون الدراسة، لذا فإن هذا المشروع برأيي سيستمر لخمسة إلى ستة أعوام فقط، وخلال هذا المشروع سوف يعملون امتحانات تحديد وتقييم لمستواهم، ومن ثم ينضمون إلى فصول الدراسة المسائية التابعة لوزارة التربية والتعليم، بعد أن تم الاتفاق مع المنطقة التعليمية بالشارقة، التي رفعت المشروع إلى (التربية) وتمت الموافقة عليه.
كما ذكرت الشيخة جميلة القاسمي أنه تم توفير 7 ـ 8 معلمين، هم المجموعة نفسها التي تعلم في الفصول الصباحية بمدرسة الأمل في المدينة، إضافة إلى معلمين متعاونين، حيث يبلغ عدد الطلبة الصم في الفترة الصباحية 100 طالب وطالبة.
وتابعت: بالنسبة للطلبة المسجلين فهناك الموظف وأيضاً المتزوج، لذا يريدون الحصول على شهادات ووظائف أفضل، لتحسين وضعهم، والبعض الآخر لديه طموح علمي، ويريد اكمال دراسته الجامعية.
وبالمناسبة فإن المدينة لديها اتفاقيات مع بعض الجامعات في الشارقة منها جامعة الشارقة، حيث توجد مجموعة من الطلبة تدرس فيها منذ أربعة أعوام، بعضهم بمنح من صاحب السمو حاكم الشارقة، وأيضاً منح من صندوق (نماء) في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وهو صندوق مساعدات، وفي المستقبل القريب في الجامعة الأمريكية بالشارقة.
وأكدت الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي أهمية دعم هذه الفئة من الصم ومساعدتهم بقدر الإمكان لتحقيق حلمها، خاصة أن أمام هؤلاء تحديات كبيرة، فعلى سبيل المثال، هناك طالب يدرس الهندسة في جامعة الشارقة ومتفوق جداً، ولكن أساتذته يحتارون كيف يشرحون له الدروس، رغم تعاطفهم مع وضعه، ولكنهم يفقدون وسيلة التخاطب، خاصة في مجال الدراسة باللغة الإنجليزية، وهذه اشكالية ظهرت أخيراً، فنحن يوجد لدينا مترجمو اشارة باللغة العربية، إلا أنه لا يوجد لدينا من هو متخصص في لغة الإشارة الإنجليزية أو غيرها، لذا بدأنا حالياً تنظيم دورات إشارات باللغة الإنجليزية بالاتفاق مع معهد أمريكي، سيقوم بتدريب مجموعة من أساتذة لغة الإشارة، الذين سيعملون على الترجمة للصم بلغة الإشارة.
واستطردت قائلة: نحن على اتصال مستمر مع طلبتنا، ونلتقيهم دائماً لمعرفة أحوالهم، وبالتالي نعمل على مساعدتهم، وخلال الاجتماع بهم طلبوا منا توفير هذه الفصول الدراسية المسائية، وهذا الأمر ينسجم مع رسالة مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ورؤيتها في “التمكين” وأهميته، في المجالات كافة، إضافة إلى أن النظرة إلى المعاق قد تغيرت وتطورت عما كانت عليه في السابق، كأن يبقى الشخص المعاق أسير بيته، وينتظر المساعدات من هنا وهناك، بل على العكس، نرى العديد منهم برعوا في مجالات عدة ومتنوعة، وهذا ما نريد الوصول إليه، وهو تغيير الصورة النمطية عن المعاق مجتمعياً.
وفيما يتعلق بأهداف المشروع: تقول الأستاذة عفاف الهريدي مديرة المدرسة: إن من أهم أهدافه تمكين الأشخاص الصم وتحسين أوضاعهم وإتاحة الفرصة أمام الكبار منهم لإكمال دراستهم الثانوية والجامعية أسوة بزملائهم الصم في الفترة الصباحية سواء أولئك الذين ما زالوا يكملون تعليمهم في المدرسة أو أولئك الذين التحقوا بجامعة الشارقة وأثبتوا قدرتهم العلمية والمعرفية على مواصلة الدراسة شأنهم شأن أقرانهم السامعين.
ومن بين الأهداف أيضاً: إتاحة الفرصة أمام الصم الكبار للحصول على وظيفة تمكنهم من حياة كريمة آمنة يستطيعون من خلالها إبراز ما يتمتعون به من مواهب وقدرات والتواصل من خلالها مع زملائهم من غير الصم، بالإضافة إلى تمكين المرأة الصماء وتوفير فرص التعلم لها.
وتضيف مديرة مدرسة الأمل: أن دوام الفترة المسائية انطلق فعلياً اعتباراً من يوم الأحد 15 سبتمبر 2013 بعد أن بلغ عدد الطلبة المسجلين (33) طالباً من الأشخاص الصم وسيتم عمل تقييم لهم لتحديد مستوياتهم وتوزيعهم على الفصول الدراسية تبعاً للتقييم حيث سيقوم بتعليمهم طاقم من معلمي وأساتذة المدرسة من الفترة الصباحية وهم على درجة كبيرة من الخبرة في التعامل مع الطلبة الصم ومعرفة جيدة بلغة الإشارة وهؤلاء الأساتذة هم: عفاف الهريدي مديرة القسم، وائل سمير مترجماً للغة الإشارة، أمينة الموسى مدرسة للغة العربية، خنساء محيو مدرسة للعلوم، هناء محمد إبراهيم مدرسة للرياضيات، رحاب خالد مدرسة للغة الإنكليزية، المتولي إبراهيم مدرساً للاجتماعيات، طارق المحميد مدرساً للتربية الإسلامية، سامي عبد الفتاح مدرساً للغة العربية.
ولفتت الأستاذة عفاف إلى أنه ومنذ اللحظة التي تقدمت فيها بمشروع الدوام المسائي إلى سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة جاءت الموافقة عليه حرصاً منها على تقديم كل ما أمكن من خدمات للطلبة الصم لمتابعة تحصيلهم العلمي والمعرفي بإذن الله.
واختتمت بالقول: إن مدرسة الأمل للصم حريصة أشد الحرص على مصلحة هذه الشريحة المهمة، وانطلاقاً من رؤيتها ورسالتها في تمكين الأشخاص من ذوي الإعاقة السمعية، والسعي إلى دمجهم في المجتمع، من خلال المشاركة والمساواة التامة، واستجابة منها للطلبات المقدمة من قبل الأشخاص الصم، سواء من كان منهم قد درس سابقاً في فصول المدرسة، أو من خارجها ممن لم تسنح لهم فرصة اكمال تحصيلهم العلمي لأسباب متعددة، من هنا قررت مدرسة الأمل للصم افتتاح مركز تعليم الصم الكبار خلال الفترة المسائية في المدرسة.
الأستاذة هبة الحمراني مديرة إدارة الاتصال المؤسسي وقسم الموارد البشرية في المدينة أوضحت في السياق نفسه أن السكن الداخلي في المدينة جاهز لاستقبال الطلبة الصم ممن يقطنون في الأماكن البعيدة حرصاً من المدينة على راحة هؤلاء الطلبة وحتى يركزوا في علمهم ودراستهم بدلاً من ضياع الوقت سدى على الطريق الطويلة بين البيت والمدرسة.
وتضيف الحمراني: السكن الداخلي ليس مقتصراً على طلبة الدوام المسائي بل يستفيد منه أيضاً الطلبة المداومون صباحاً وبيوتهم بعيدة عن المدرسة، وسيحرص المشرفون على السكن الداخلي للطلبة الصم أن تكون أوقات الطلبة مفعمة بالدراسة والانشطة الرياضية والثقافية الغنية والمفيدة لهم على الصعيدين المعرفي والشخصي.
كما أشادت مديرة إدارة الاتصال المؤسسي وقسم الموارد البشرية في المدينة بالخطوة الهامة التي اتخذتها مدرسة الأمل للصم هذا العام من خلال تدريسها للغة الإشارة الأمريكية لطلبتها ضمن المنهج بهدف إعداد الطلبة للالتحاق بالجامعات الأجنبية والعربية حيث ستتم الاستعانة في هذا المجال بمجموعة من خريجي جامعة (جالوديت) وهي جامعة أمريكية عريقة توفر الدراسة العليا للطلبة الصم من مختلف أنحاء العالم.
280 ألف درهم تكلفة المشروع
وختمت الأستاذة هبة بالقول: إن مشروع مركز تعليم (الصم الكبار) خلال الفترة المسائية في المدرسة سيكلف 280000 درهم (مائتان وثمانون ألف درهم) خصصت لاحتواء مجموعة من الصم بلغ عددهم 33 طالباً من أبناء المدينة وغيرهم، يطمحون لإكمال دراستهم الجامعية أو الحصول على شهادة الثانوية، كي يحسنوا من أوضاعهم ومستوياتهم، وهؤلاء رفعوا مطلبهم إلى الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، التي لبت المطلب وعملت على تحقيقه، لاحتضان هؤلاء الطلبة وتحقيق حلم من أحلامهم، موضحة أن الدوام المسائي سيكون بين الساعة الرابعة عصراً والثامنة مساء أو من الخامسة إلى التاسعة مساء في مبنى مدرسة الأمل للصم، متمنية لجميع الطلبة النجاح والتوفيق في تحصيل العلم والمعرفة بإذن الله.
جدير بالذكر أن عدد الطلبة الصم الذين تخرجوا من مدرسة الأمل بعد أن انهوا دراستهم الثانوية بلغ مع نهاية العام الدراسي 2012 ـ 2013 الماضي 21 طالباً يواصل 10 منهم دراسته في جامعة الشارقة وتوزعوا على كليات الاتصال والآداب والعلوم الإنسانية والهندسة وهم: رانيا عمر محمد، زينب بنت إبراهيم آل مهدي، لمياء عثمان آل اسماعيل، عواطف علي عبدالله، أسيل بسام عاشور، هند محمد محمد، محمد سيف الدين، عمار دهب حسن، محمود رمضان غنيم، والطالبة فرحانة حافظ عبد الحكيم (في الصورة) التي تخرجت نهاية الفصل الدراسي الحالي.
شارك في الإعداد: حازم ضاحي شحادة