بمعية الشيخة جميلة القاسمي
مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
لم تسعفهم الكلمات في وصف سعادتهم الغامرة، فعبرت تقاسيم وجوههم عن هذا الحبور، وانتقلت المشاعر إلى الحضور، فكانت الكلمة التي أجمعوا عليها أن رحلة العمرة كانت بالنسبة لهم (رحلة العمر)، وأنهم لن ينسوا الأيام التي أمضوها في الأراضي المقدسة فقد حققوا من خلالها واحدة من أهم أمانيهم واكتسبوا فيها خبرة دينية واجتماعية وثقافية متوجهين بالشكر الجزيل إلى سعادة الشيخة جميلة القاسمي على إتاحتها هذه الفرصة الطيبة متمنين لها دوام النجاح والتوفيق بإذن الله.
وهي بدورها شكرت أبناءها الطلبة من ذوي الإعاقة وأكدت أن هذه الرحلة كانت بالنسبة لها أيضاً (رحلة العمر) لأنها كانت بصحبتهم، كما أكدت أنه من العصي على الوصف التعبير عن الشعور بعد هذه الرحلة والنقاشات والأحاديث التي كانت تشهدها الاجتماعات معهم، وأنها فخورة بهم وبأخلاقهم قبل الرحلة وأثناءها وبعدها.
كما شكرت سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية كلاً من الأستاذة منى عبد الكريم والأستاذة نوال عطية والأستاذ حازم أحمد والأستاذ أحمد الحمادي، وأولياء الأمور ومركز العون ومركز الأمير سلطان بن عبد العزيز وجمعية الأطفال المعاقين والمتطوع (محمد هديان) الذي بذل الكثير من الجهد في تقديم أقصى ما باستطاعته من أجل راحة الطلبة هناك منذ وصولهم إلى مطار جدة وأدائهم مناسك العمرة وحتى مغادرتهم الأراضي المقدسة وتوجهت بالشكر إلى سفارة الدولة في المملكة العربية السعودية وإلى الخطوط الجوية السعودية على تعاونهم وكل التسهيلات التي تم تقديمها للمعتمرين.
جاء ذلك في المؤتمر الصحفي الذي نظمته مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (الأحد 20 يناير الماضي) في المجلس الأعلى لشؤون الاسرة بالشارقة حول (رحلة العمرة) التي قام بها طلبة المدينة في الفترة من (5 ولغاية 10 يناير) 2013، بمعية سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي نائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة مدير عام المدينة، والأستاذة منى عبد الكريم مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات وعدد من أولياء أمور الطلبة وأخوتهم والمعلمين في المدينة.
في بداية المؤتمر رحبت الأستاذة منى بالحضور وعبرت عن سعادتها بوجودهم، ثم تركت طلاب مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية الذين أدوا فريضة العمرة أن يتحدثوا عن رحلتهم تحت إدارتها وجميعهم من ذوي متلازمة الشلل الدماغي وهم: محمد سراج الدين، عبد الرحمن محسن، سارة عبد العزيز، ياسمين سليمان، مؤمن الطيب، محمد خلفان، وكانت البداية مع الطالب عبد الرحمن الذي عرف بزملائه وأوضح أن هذه الرحلة كانت في البداية عبارة عن طلب خطي تقدم به الطلبة معبرين عن رغبتهم بالقيام ب (رحلة العمرة) فما كان من المدينة ممثلة بمديرها العام سعادة الشيخة جميلة القاسمي إلا أن حققت لهم هذه الأمنية مشكورة جزيل الشكر.
ومع عرض مجموعة من صور الرحلة وفق الترتيب الزماني والمكاني الذي سارت به تابع عبد الرحمن شرحه لصور الطلبة وهم في الطائرة فقد أحرموا عند وصول الطائرة إلى ميقات وقالوا لبيك اللهم عمرة، وهنا تابع الطالب محمد سراج الشرح وقال إنهم طافوا سبع أشواط، وسعوا بين الصفا والمروة وشربوا من ماء زمزم ثم صلوا خلف مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، ثم تحللوا بحلاقة الشعر، وهنا ظهرت صورة لمحمد خلفان مع (المطوف) وهما يتحادثان، فقال محمد خلفان إن المطوف كان يقول له: لا تنسنا من طيب الدعاء.
الطالبتان سارة وياسمين أيضاً تحدثتا عن الزيارة التي قام بها الطلبة إلى مركز (العون) بجدة الذي قدم لهم كل التسهيلات الممكنة خاصة فيما يتعلق بالمواصلات، واستمتع طلاب المدينة بالفقرات التي تم تقديمها لهم في المركز حيث شكر الطلبة القائمين على المركز جزيل الشكر، كما شارك الطلبة هناك بورشة للرسم باستخدام أجهزة خاصة بالأشخاص ذوي الشلل الدماغي، شاركت ياسمين بورشة التدبير المنزلي، حيث تعلمت صنع نوع جديد من الفطائر ستقوم بصنعه لزملائها في المدرسة كما وعدتهم، بالإضافة إلى أن الطلبة شاركوا بالتمارين الرياضية ، وفي ختام زيارتهم قام طلبة المركز بتكريمهم وتقديم الهدايا لهم.
في حديثه عن الصورة التي يظهر فيها الطالب مؤمن الطيب وهو يصلي إماماً مع زميله محمد خلفان ومحمد سراج قال مؤمن إن هذه الصلاة كانت في المطار وكانوا يستعدون للانطلاق بعدها إلى المدينة المنورة ثم أنشدوا جميعاً مع حضور المؤتمر الصحفي أنشودة (طلع البدر علينا)، وتحدثوا عن زيارتهم لمعالم المدينة المنورة ومنها (جبل أحد) ومسجد قباء الذي تعادل فيه الصلاة أداة عمرة كاملة، كما زاروا المسجد النبوي أيضاً.
وفي زيارتهم لجمعية الأطفال المعاقين في المدينة المنورة استمعوا إلى شرح عما تقدمه من برامج وخدمات وأنشطة وشاركوا في بعض المسابقات الترفيهية هناك، كما ألقى الطالب عبد الرحمن أبياتاً من قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي (قم للمعلم وفّه التبجيلا….كاد المعلم أن يكون رسولا).
وهناك اجتمعت سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مع الطلبة وشكرتهم على أخلاقهم الرفيعة معبرة عن سعادتها بهم، ووجهتهم أن يكونوا متعاونين مع الطلبة كافة وأن يهتموا بالتعليم وعدم الخجل عند السؤال والاهتمام بتطوير النفس، والاهتمام بالدين والصلاة والتركيز على مهارات الكومبيوتر واللغة الإنكليزية ومعرفة عادات وتقاليد الدول الأخرى وإثراء الثقافة الذاتية، وحثتهم على روح المبادرة تجاه تطوير المدرسة وتكوين مجلس طلبة على مستوى المدينة.
من جانبه توجه السيد علي الطيب (ولي أمر الطالب مؤمن) بالشكر والعرفان والتقدير إلى صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة الذي يحيط هذه الشريحة من أبناء المجتمع بحرصه واهتمامه ورعايته، كما توجه بالشكر والتقدير إلى سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي التي وصفها بـ (أم المعاقين) نظراً لما تقدمه في سبيل الارتقاء المستمر بأوضاعهم علمياً واجتماعياً واقتصادياً.
أخيراً أوضحت الاستاذة صالحة غابش مدير إدارة المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة أن اللحظات التي عاشها الحضور مع حديث الطلبة من ذوي الإعاقة عن رحلة العمرة التي أدوها لحظات لا تنسى وقد كان التفاعل معهم كبيراً إلى الحد الذي شعر به الجميع أنهم كانوا برفقتهم هناك في الأراضي المقدسة، متمنية لهم دوام النجاح والتوفيق.
بدايات رحلة العمرة
أتت هذه الرحلة انسجاماً مع رؤية مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ورسالتها في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص المعاقين حيث استجابت المدينة لتطلعات طلبتها من المناصرين الذاتيين في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات وخصوصاً من ذوي متلازمة الشلل الدماغي ومعظمهم من مستخدمي الكراسي الممتحركة الذين أبدوا رغبتهم في أداء مناسك العمرة كجزء من التزاماتهم وفهمهم العميق لواجباتهم الدينية هذا الالتزام الذي تجلى بتفوقهم في مجالات حفظ القرآن الكريم وفوزهم بالعديد من المسابقات المحلية كجائزة الحساوي للقرآن الكريم والمسابقات العربية كجائزة الأمير سلمان بن عبد العزيز لحفظ القرآن الكريم.
وكان هذا مضمون الرسالة التي وجهها مجلس الطلبة في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات التابعة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية إلى سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة التي تجاوبت مشكورة مع مطلبهم هذا وبما ينسجم مع رؤية وتوجه المدينة لضمان حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة، وتفعيل مبدأ المناصرة الذاتية قولاً وممارسة يومية بهدف تدريب طلبتها من ذوي الإعاقة الذهنية على المطالبة بحقوقهم والعمل المشترك مع أسرهم على ترسيخ ذلك المبدأ ليصبحوا قادرين على المطالبة بحقوقهم واختيار قراراتهم وممارستها أسوة بغيرهم من أفراد المجتمع غير المعاقين.
وبالفعل تم التحضير لأداء مناسك العمرة بمعية الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي وبالتنسيق مع سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في المملكة العربية السعودية وبالتعاون مع عدد من المتطوعين في المملكة على رأسهم المتطوع محمد هديان الذين حرصوا على توفير احتياجات الطلبة المعتمرين ومرافقيهم من استقبال وحجوزات ووسائل نقل مجهزة للأشخاص المعاقين.
وبعد ظهر السبت 5 يناير 2013 وضمن أجواء مفعمة بالسعادة الغامرة التي نطقت بها وجوههم قبل ألسنتهم غادر وفد مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية مطار الشارقة الدولي متوجهاً إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة وضم الوفد 6 من طلبة المدرسة من المناصرين الذاتيين ومن حالات الشلل الدماغي 5 منهم يستخدمون الكراسي المتحركة، والطلبة هم:
مؤمن الطيب رئيس مجلس الطلبة، محمد خلفان نائب رئيس المجلس، محمد سراج، ياسمين قدورة وسارة عبد العزيز من مدرسة الوفاء لتنمية القدرات وعبد الرحمن محسن من قسم التأهيل المهني في المدينة، ويصبحهم في رحلة العمرة كل من الأستاذة منى عبد الكريم مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات وأحمد الحمادي ضابط علاقات عامة في المدينة، وحازم أحمد مدرس تربية رياضية والمتطوعة المهندسة مي محمد مأمون.
كما رافقهم أيضاً عدد من ذويهم وأقاربهم وهم: أم سارة عبد العزيز وشقيقتها ومرافقتها، سيف خلفان أخو محمد خلفان، والدة مؤمن الطيب، أبو محمد سراج وأبو عبد الرحمن محسن.
وكانت بادرة تستحق الشكر مظاهر الاهتمام والمتابعة الحثيثة التي لقيها وفد مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من قبل قسم العلاقات العامة لمطار الشارقة الدولي منذ لحظة وصول المعتمرين من طلبة المدينة ومرافقيهم تباعاً إلى قاعة المغادرة في المطار وحتى احرامهم وصعودهم إلى الطائرة متوجهين إلى الأراضي المقدسة بحفظ الله ورعايته، وهي مناسبة توجه فيها السيد أحمد الحمادي ضابط العلاقات العامة في المدينة إلى القائمين على مطار الشارقة الدولي وخص قسم العلاقات العامة وكلاً من: علي أحمد، سعيد علي، خالد خليل ونبيل حسن على حسن تعاونهم والتسهيلات التي قدموها للطلبة المعتمرين وذويهم ومرافقيهم.
انطباعات الطلبة
وقبل انطلاقتهم في رحلة العمرة الموعودة أعرب المناصرون الذاتيون من حالات الشلل الدماغي في مدرسة الوفاء عن سعادتهم الغامرة بتلبية سعادة الشيخة جميلة القاسمي لمطلبهم ومصاحبتها لهم ووجهوا لها جزيل الشكر على ما تبذله من جهود متواصلة لخدمة الأشخاص من ذوي الإعاقة وتحقيق مطالبهم وضمان حقوقهم في جميع المجالات، وقال مؤمن الطيب رئيس مجلس الطلبة: أنا أعتز كثيراً بهذه الرحلة مع أصدقائي المناصرين الذاتيين وأتمنى أن يكون ما تقوم به المدينة من أجلنا أسوة للجميع وحافزاً لهم لتقديم الأفضل للأشخاص من ذوي الإعاقة.
وقالت الطالبة ياسمين قدورة: أنا أعتز كثيراً بما تقوم به مدينتي ومدرستي وكنت أتمنى زيارة بيت الله وتحققت أمنيتي وأشكر الشيخة جميلة القاسمي على كل ما تقوم به من أجلنا وأدعو الله عز وجل أن يجعل المدينة دائما رائدة بما تقدمه للأشخاص من ذوي الإعاقة.
وقالت الطالبة سارة عبد العزيز وابتسامتها العريضة تزين وجهها: إنها رحلة العمر.. حلم جميل تحقق.. كنت أمني النفس بزيارة الأماكن المقدسة وكان والدي قد وعدني بمثل هذه العمرة والحمد لله ها هي تتحقق الآن.
أما الطالب عبد الرحمن محسن في قسم التأهيل وكان طالباً في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات والأسرع بين زملائه لارتداء ملابس الاحرام منذ وصوله إلى قاعة الشرف في مطار الشارقة الدولي فقال باختصار: شعوري لا يوصف في هذه اللحظة.. هي أول مرة لي وأشكر مدرسة الوفاء على تحقيق أمنيتي وادراج اسمي ضمن المعتمرين.
وبدورها قالت الأستاذة منى عبد الكريم مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات إن طلبة المدرسة يشعرون بالفخر والاعتزاز لأن كل مطالبهم تتحقق سواء في المدرسة أو المدينة، مضيفة أن تنظيم رحلة العمرة يأتي بهدف تفعيل دور مجلس الطلبة من أجل تطبيق مبدأ المناصرة الذاتية وتحقيق مطالب الطلبة ورغباتهم شأنهم شأن أقرانهم من غير المعاقين وقالت: ليس جديداً على الطلبة من ذوي الإعاقة الذهنية وذوي متلازمة الشلل الدماغي أن يطالبوا بحقوقهم ويتبنوا اختياراتهم الشخصية، خاصة أنهم تدربوا على ذلك، وعندما تم إبلاغهم بالرحلة كانوا سعداء جدا وكذلك أولياء أمورهم حيث تحققت رغبة أبنائهم من ذوي الإعاقة وهذه الرحلة ستعطيهم دافعاً أكبر وثقة بالنفس لتحقيق طموحاتهم في مختلف المجالات التعليمية والمهنية والحياتية.
وأكدت مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات أن المناصرة الذاتية هي بالدرجة الأولى عمل جماعي ولا بد من مساندة الأشخاص من ذوي الإعاقة عن طريقها ليأخذوا زمام المبادرة ويطالبوا بحقوقهم مع الوعي الكامل للواجبات المترتبة عليهم ومن ضمنها الالتزامات الدينية، موضحة أن المناصرة الذاتية هي أن يعرف الشخص المعاق من هو وماذا يريد مع العمل الدؤوب كي يكون أكثر استقلالية وسيطرة على حياته.
ووجهت الأستاذة منى عبد الكريم باسمها وباسم جميع الطلبة والمرافقين جزيل الشكر والتقدير لسعادة الشيخة جميلة القاسمي على دعمها المتواصل لفئة ذوي الإعاقة وأيضا وجهت الشكر الجزيل لكافة القائمين على مطار الشارقة الدولي وما يقدمونه من خدمات وتسهيلات للأشخاص من ذوي الإعاقة لتيسير سفرهم بدون ضغوطات، داعية الله عزوجل أن يوفق وفد مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في رحلة العمرة والعودة إلى أرض الوطن سالمين غانمين إن شاء الله.