رحلة طويلة شاقة للأطفال الصم وضعاف السمع أبناء مصر من أرض الفراعنة إلى أراضي القيصر الروسية.. من الحضارة الدافئة إلى برودة أجواء روسيا حيث المشاركة بالأولمبياد الدولى للروبوت World Robot Olympiad (WRO) في الفترة من 21 إلى 23 نوفمبر 2014 بمدينة سوتشي على ساحل البحر الأسود.. مسابقة أكد فيها شباب وصغار الصم أنهم بحق قدرات تحاول الارتقاء في تلك العوالم الفياضة بالمعرفة التكنولوجية.. فكانت القدرات التي اجتازت الإعاقة.
تميز فريقي جمعية أصداء للارتقاء بالصم وضعاف السمع بالإسكندرية في مجال الروبوت بحصولهما على المركز الأول بالأولمبياد الدولى للروبوت بمصر وذلك للفئتين العمريتين Elementary وSenior High وهو ما أهلهما للمشاركة في المسابقة الدولية بروسيا.
وقد حقق فريقا جمعية أصداء تميزًا حقيقيًا في الأداء ورفعوا علم مصر عاليًا وكانت حركات أناملهم في الحوار ومتابعة إرشادات وتعليمات المحكمين وتحاورهم معهم بلغة الإشارة من خلال مترجمي الإشارة قد أبهرت كافة لجان التحكيم ونالوا تقدير واحترام الجميع، خاصة وأنهما الفريقان الوحيدان من الصم المشاركين في فعاليات هذه المسابقة بين أكثر من 390 فريقـًا من السامعين من 47 دولة.
قدم فريقا الجمعية من الصم وضعاف السمع أيضـًا مشاركة إنسانية عبروا فيها عن اندماجهم والشعب الروسي المهتم بحضارتنا الفرعونية.. فعبر جناحهم بالمسابقة قام الصم المصريون بتدوين أسماء كافة الحضور وترجمة أسمائهم إلى اللغة الهيروغليفية على ورق البردى إهداءً لهم، فجمعوا حولهم كافة المشاركين من الدول الأخرى فرقًا من الأطفال والطلائع مع المدربين والمشرفين وأولياء الأمور بل وأعضاء هيئة التحكيم من كافة دول العالم ليبهروهم بهذا الأداء.. فتتحول الأروقة إلى مزيد من الذكريات العزيزة والجميلة بل والحميمة بين شعوب الأرض أبطالها هم الصم ذاتهم!! وليضيفوا إلى أدائهم إبهارًا آخر بحضارة مصر وليؤكدوا أنهم استكمال للرقي الحضاري وأنهم أبناء هذه الحضارة الفرعونية القديمة التي كما أبهرت العالم جاءوا هم ليبهروا العالم بأدائهم وتميزهم.. وليعبروا بحق أن رسالة الحب هى اللغة التي تفهمها كافة شعوب العالم..
لقد كان وجودهم بارزًا ونسجوا بأدائهم نجاحهم وتميزهم وأثبتوا أنه لا مجال للمستحيل فحققوا بأدائهم وتميزهم دمجهم وأثبتوا أن لديهم قدرات اجتازوا بها الإعاقة.. ليؤكدوا للمجتمع بأن ينظروا إلى قدراتهم لا إلى إعاقتهم السمعية وليخترقوا بأدائهم المتميز ونجاحاتهم المتتالية طريقهم إلى الترقي وهزيمة المسحيل.. والإبحار في عالم العلم والمعرفة.. ليتواجدوا بالفعل داخل مدرجات التعليم الجامعي التي تتيحها لهم الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا لتميزهم غير المسبوق ليكون لهم طريقهم الحقيقي في الحياة ويتحقق حلمهم الذي طالما راودهم.
هذه الرحلة كانت بتنظيم وإدارة مركز Ideas Gym بمصر المسؤول عن تنظيم مسابقة الأولمبياد الدولي للروبوت WRO بمصر والذين بذلوا كل الجهد لتفعيل مشاركة فرق جمعية أصداء من الصم بهذه المسابقة إيمانًا بقدراتهم..
وكانت رعاية هذه الفرق للمشاركة بالمسابقة الدولية للروبوت من مؤسسات المجتمع المدني ممثلة في مؤسسة عامر الخيرية في إطار من مسؤوليتها المجتمعية التي تبنت مواهبهم وآمنت بقدراتهم من خلال توفير الدعم المادي الذي حقق مشاركة الفريقين بالمظهر اللائق والصورة المثلى للصم مدعمين بكافة أسباب النجاح بالإضافة إلى دعم مؤسسة مصر الخير..
إن نجاحات هذه الفرق وتميزها وإبهارها للجميع هو ما دفع بكافة المؤسسات إلى دعم مشاركتهم لأنهم بحق يستحقون هذه الفرصة الكاملة وهو ما حقق لهم المشاركة بأعلى مستوى من الأداء واستشعروا بحق أنهم جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع وأنهم يستحقون اهتمام مؤسسات المجتمع المدني بهم..
وقد عبرت مروة سعودي مسؤولة مسابقة WRO بمصر عن سعادتها بهذه المشاركة لمصر عبر فريق من الصم وضعاف السمع فهم دومًا يحققون الإنجازات في هذه المسابقات محليًا ودوليًا وتميزهم هذا لسنوات متتالية يؤكد أنهم يستحقون الفرصة الكاملة وأن إيمان إدارة مـركـز Ideas Gym بقدراتهم هو ما يدفع بالمركز لأن يتيح لهم فرص المشاركة الكاملة والمساواة خاصة وأن هؤلاء المشاركين من الصم وضعاف السمع هم من يسعون دومًا لأن يحققوا دمجهم في المجتمع.
وأكد سامي سعيد مؤسس جمعية أصداء أن الصم وضعاف السمع يؤكدون بتميزهم عامًا بعد عام وفي كافة المشاركات أنهم يستحقون أن يجدوا مكانهم بتعليم متميز في مصر وأن يجدوا لهم مكانًا بمدرجات التعليم الجامعي بالجامعات المصرية لا أن يتم تهميشهم.. فهم من رفعوا علم مصر عاليًا بالخارج بين أبناء مصر وهم من ذوو الإعاقة السمعية.. ألا يستحقون أن تنظر لهم مصر نظرة حقوقية وتؤكد لهم أنهم جزء من هذا الوطن أم دومًا ما يتسبب المجتمع في تأكيد عزلتهم واستشعارهم بأنهم أغراب بين أبناء وطنهم.. ولكنهم بأيديهم وإصرارهم استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم الدمج والوجود وليؤكدوا لكافة المصريين أنهم وسام على صدر كل مصري ولتتحول نظرة المجتمع للصم من نظرة شفقة وعطف إلى نظرة إعجاب وتقدير وإحترام.
كما أن الإعاقة السمعية للفرق لم تكن حائلاً دون تواصلهم مع الفرق الأخرى والمحكمين بل إن إندماجهم وتفاعلهم مع الفرق المشاركة ولجان التحكيم بكافة مستوياتها أذهل لجنة التنظيم ونال إعجاب وتقدير الجميع وذلك للصورة المشرفة التي ظهروا بها وأدائهم المتميز في كافة فعاليات المسابقة، بل واستطاع الصم أن يذهلوا كافة المشاركين من خلال حوارات أناملهم وإشاراتهم وسط دهشة وإعجاب الجميع.. وكان تميزهم وتحديهم واضحـًا مما جعل كافة الفرق تتتبع خطواتهم وأدائهم بالمسابقة.
وقد قدمت فرق الصم وضعاف السمع المتميزة رسالة إلى وزارة التربية والتعليم بمصر ووزارة التعليم العالي للتأكيد على أن هذا التميز الذى برزوا به في مسابقات الروبوت على المستوى الدولي وبين السامعين يؤكد أنهم يمتلكون قدرات عقلية وأكاديمية متميزة بالرغم من أن أعمارهم تراوحت بين 9 و 17 سنة وأن إعاقتهم السمعية لم تكن عائقًا أبدًا دون اكتسابهم هذه المهارات.
وهنا نطرح تساؤلاتهم حول مستقبلهم التعليمي: لماذا لا يحصل الصم على التعليم الأمثل لهم في مدارس التربية والتعليم؟ ولماذا هذا المستوى المتدني لهم في التعليم الأساسي؟ ولماذا حتى الآن لا يجدون مكانـًا لهم داخل مدرجات الجامعات والمعاهد العليا؟ ولم لا يوجد نظام متكامل يحقق لهم الالتحاق بكليات التعليم العالي؟ أليس تميزهم على المستوى التكنولوجي خير دليل وبرهان على تميز قدراتهم!!