معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات هي آخر الإضافات لمجموعة معاهدات حق المؤلف الدولية التي تديرها الويبو. ولهذه المعاهدة بُعد إنساني واضح يرمي إلى تنمية المجتمع، وهدفها الرئيسي هو وضع مجموعة من التقييدات والاستثناءات الإلزامية لفائدة الأشخاص المكفوفين ومعاقي البصر وذوي الإعاقات الأخرى في قراءة المطبوعات.
وتُلزم المعاهدة الأطراف المتعاقدة باعتماد مجموعة معيارية من التقييدات والاستثناءات على قواعد حق المؤلف للسماح بنسخ المصنفات المنشورة وتوزيعها وإتاحتها في أنساق مهيأة بما ييسر نفاذ الأشخاص المكفوفين ومعاقي البصر وذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات إليها، وللسماح للمنظمات التي تخدم هؤلاء المستفيدين بتبادل تلك المصنفات عبر الحدود.
وتوضح المعاهدة أن الأشخاص المستفيدين هم ممن لديه طائفة من الإعاقات التي تؤثر في قراءة المواد المطبوعة بفعالية. ويشمل التعريف العام الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو العاجزين عن القراءة أو الأشخاص العاجزين عن مسك كتاب واستخدامه بسبب إعاقة جسدية.
ولا يدخل في نطاق نظام معاهدة مراكش سوى المصنفات التي تكون (بشكل نص و / أو رمز و / أو صور بيانية معينة سواء كانت منشورة أو متاحة للجمهور بطريقة أخرى في أي دعامة)، ومنها الكتب السمعية.
ومن العناصر المهمة الأخرى الدور الذي تضطلع به الهيئات المعتمدة وهي المنظمات المعنية بالقيام بالتبادل عبر الحدود. ويشمل التعريف الأعم لهذه العبارة العديد من الهيئات غير الربحية والهيئات الحكومية، سواء أكانت هذه الهيئات على وجه التحديد هيئات تعتمدها أو “تعترف بها” الحكومة وهي تضطلع بالعديد من المهام، منها تزويد المستفيدين بخدمات التعليم والنفاذ إلى المعلومات. وتضع الهيئات المعتمدة الممارسات الخاصة بها في العديد من المجالات وتتبعها، ومن هذه الممارسات إثبات أن الأشخاص الذين تخدمهم هم أشخاص مستفيدون، والاقتصار في تقديم الخدمات على هؤلاء الأشخاص، وردع أعمال النسخ غير المصرح بها، ومواصلة إيلاء “قدر كاف من العناية” لتصرفها في نسخ المصنفات.
وبنية معاهدة مراكش واضحة وتنص على قواعد محددة تتعلق بالتقييدات والاستثناءات المحلية وعبر الحدود على حد سواء.
وتُلزم المعاهدة
أولاً الأطراف المتعاقدة بفرض تقييد أو استثناء على قانون حق المؤلف المحلي لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات. والحقوق الخاضعة لهذا التقييد أو الاستثناء هي حق النسخ وحق التوزيع وحق الإتاحة للجمهور. ويجوز للهيئات المعتمدة إعداد نسخة، على أساس غير ربحي، من المصنف تكون قابلة للنفاذ في نسق ميسر ويمكن توزيعها عن طريق الإعارة غير التجارية أو النقل الإلكتروني؛ وتشمل شروط الاضطلاع بهذا النشاط أن يكون للهيئة المعتمدة نفاذ قانوني إلى المصنف، وعدم إدخال تغييرات أخرى غير تلك اللازمة لجعل المصنف قابلاً للنفاذ، وإتاحة النسخ لكي يستخدمها حصراً الأشخاص المستفيدون.
ويجوز أيضا للأشخاص المكفوفين أو ضعاف البصر أو ذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات إعداد نسخة للاستخدام الشخصي في حال كان لهم نفاذ قانوني إلى نسخة في نسق ميسر من ذلك المصنف. وعلى المستوى المحلي يمكن للبلدان قصر التقييدات والاستثناءات على المصنفات التي لا يمكن “الحصول عليها تجاريا في النسق الخاص القابل للنفاذ والميسر وفق شروط معقولة لفائدة الأشخاص المستفيدين في تلك السوق”. وتستلزم الاستعانة بهذه الإمكانية إخطار المدير العام للويبو.
وثانياً تلزم المعاهدة الأطراف المتعاقدة بالسماح باستيراد نسخ قابلة للنفاذ في نسق ميسر وتصديرها بشروط معينة. فأما بالنسبة إلى الاستيراد، فإذا أُعدت نسخة قابلة للنفاذ في نسق ميسر إعمالاً للقانون الوطني، جاز أيضاً استيراد نسخة دون تصريح من صاحب الحق. وأما بالإشارة إلى الاستيراد، فإذا أُعدت نسخ في نسق ميسر بموجب تقييد أو استثناء أو إعمالا لقانون آخر، كان من الممكن أن توزعها أو تتيحها هيئة معتمدة لفائدة شخص مستفيد أو هيئة معتمدة في طرف متعاقد آخر. ويستلزم هذا التقييد أو الاستثناء المعين أن يقتصر استخدام المصنفات على الأشخاص المستفيدين، كما توضح المعاهدة أنه يجب أن تكون الهيئة المعتمدة، قبل توزيع النسخ أو إتاحتها، لا تعلم أو ليس لديها أسباب معقولة كي تعلم أن النسخة القابلة للنفاذ المعدّة في نسق ميسر ستُستخدم لفائدة أشخاص آخرين.
وتمنح المعاهدة الأطراف المتعاقدة الحرية في تنفيذ أحكامها مع مراعاة الأنظمة والممارسات القانونية لدى هذه الأطراف، ومنها الأحكام المتعلقة “بالممارسات أو المعاملات أو الاستخدامات المنصفة”، شريطة أن تتوافق مع التزاماتها بمعيار الخطوات الثلاث بناء على المعاهدات الأخرى. ومعيار الخطوات الثلاث هو عبارة عن مبدأ بسيط مستخدم لتحديد إن أمكن فرض استثناء أو تقييد بموجب القواعد الدولية الخاصة بحق المؤلف والحقوق المجاورة. ويشمل هذا المعيار عناصر ثلاثة على النحو التالي: أي استثناء أو تقييد: “1” يجوز في بعض الحالات الخاصة فقط؛ “2” ويجب ألا يتعارض مع الاستغلال العادي للمصنف؛ “3” وألا يسبب ضررا بغير مبرر للمصالح المشروعة لأصحاب الحقوق.
ولا تشترط المعاهدة العضوية في أية معاهدة دولية أخرى بشأن حق المؤلف للانضمام إليها؛ فالعضوية مفتوحة للدول الأعضاء في الويبو والجماعة الأوروبية. إلا أن الأطراف المتعاقدة التي تحصل على نسخ قابلة للنفاذ في نسق ميسر وليست ملزمة بالامتثال لمعيار الخطوات الثلاث بناء على المادة 9 من اتفاقية برن، عليها أن تضمن ألا يعاد توزيع هذه النسخ خارج أراضيها. ولا يُسمح للهيئات المعتمدة بنقل النسخ عبر الحدود ما لم يكن الطرف المتعاقد الذي أعدت فيه النسخة طرفا في معاهدة الويبو بشأن حق المؤلف أو إذا طبق معيار الخطوات الثلاث على التقييدات والاستثناءات التي تُنفذ المعاهدة.
وتُلزم المعاهدة الويبو بوضع “منفذ إلى المعلومات” يسمح بالتشارك الطوعي للمعلومات بما ييسر تعارف الهيئات المعتمدة فيما بينها. والويبو مدعوة أيضا إلى تشارُك المعلومات بخصوص عمل هذه المعاهدة. وعلاوة على ذلك تتعهّد الأطراف المتعاقدة بمساعدة هيئاتها المعتمدة المشاركة في ترتيبات التبادل عبر الحدود.
وتنشئ المعاهدة جمعية للأطراف المتعاقدة تكون مهمتها الرئيسية تناول المسائل المتعلقة بالمحافظة على هذه المعاهدة وتطويرها. كما أنها تسند إلى أمانة الويبو المهام الإدارية المتعلقة بالمعاهدة.
وقد اعتمدت المعاهدة في 27 يونيو 2013 في مراكش. ولكي تدخل حيز النفاذ يلزم أن تودع الأطراف المؤهلة 20 وثيقة تصديق أو انضمام.