نظمت وزارة الاقتصاد بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو)، الاثنين 26 فبراير 2018، أول ملتقى من نوعه في الإمارات حول سبل تعزيز تطبيق معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات الفكرية المنشورة لفائدة الأشخاص المكفوفين أو معاقي البصر في قراءة المطبوعات.
شارك في الملتقى الذي عقد في فندق ميدان في دبي، الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، مؤسسة ورئيسة جمعية الناشرين الإماراتيين، واللواء الدكتور عبد القدوس عبد الرزاق العبيدلي، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للملكية الفكرية، وعلا زهران مستشارة في قطاع حق المؤلف في (الويبو)، إلى جانب كتاب وأدباء من دولة الإمارات، وخبراء في قطاع النشر، وممثلين عن الجهات الاتحادية والمحلية ذات الصلة بالجانب الثقافي والقانوني، إضافة إلى مجموعة من الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر.
وقد أتى تنظيم هذا الملتقى ضمن جهود وزارة الاقتصاد للإعلان عن أبرز بنود معاهدة مراكش والتعريف بها، والتي تشكل إضافة نوعية إلى نظام الملكية الفكرية متعدد الأطراف، وتعد جزءاً من مجموعة المعاهدات الخاصة بحق المؤلف والتي تديرها منظمة «الويبو»، حيث اعتمدت في 27 يونيو / حزيران 2013، ودخلت حيز التنفيذ في 30 سبتمبر / أيلول 2016.
سلطت محاور الملتقى الضوء على المعاهدة والالتزامات الدولية التي نتجت عنها، وسبل الاستفادة منها، وأثرها المتوقع في تشجيع وتنمية بيئة الإبداع والابتكار داخل الإمارات، خصوصاً نظراً لكونها تتيح فرصاً متساوية لجميع فئات المجتمع، وتسهم في تعزيز قطاع النشر المحلي، وتسهل عملية دمج وتمكين الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر.
وخلال كلمتها في الملتقى، قالت الشيخة بدور القاسمي: «اليوم وبعد مرور سنتين من التصديق على معاهدة مراكش مازلنا نجد أنفسنا أمام بعض التحديات التي تعيق تنفيذها، فقضايا حقوق التأليف والنشر وخاصةً تلك المتعلقة بالكتب السمعية تمثل تحدياً محورياً خلال هذه النقاشات والمداولات التي ينبغي أن تستمر إلى أن نصل إلى توافق في الآراء».
وأضافت: «يجب علينا أيضاً التغلب على التحديات التي تواجه تبادل تلك المصنفات عبر الحدود لرفع العدد الإجمالي للنسخ القابلة للنفاذ والتوزيع والحد من التعقيدات التي تعيق إيصالها إلى ذوي الإعاقات البصرية، وفي نفس الوقت ينبغي إزالة كل الحواجز البيروقراطية التي تعرقل تنفيذ هذه المعاهدة حيث يجب أن تخطو الحكومات خطوات جادة لتسهيل وصول معاقي البصر إلى الكتب، وهو حق أساسي من حقوق الإنسان وليس عملاً خيرياً، فالمعرفة قوة».
وتابعت: «بينما نتمتع بفرص الوصول إلى المعرفة والمعلومات بأي شكلٍ وفي أي وقت نختاره يوجد ملايين من المكفوفين وضعيفي البصر حول العالم ليس لهم القدرة على هذا الاختيار البسيط، وبالتالي، لا يمكننا التساهل أو التسامح مع هذا الوضع بل علينا أن نفعل المستحيل لتغييره عبر تطبيق مضامين معاهدة مراكش على أرض الواقع وفي أسرع وقت ممكن».
أما المهندس محمد أحمد بن عبد العزيز الشحي، وكيل وزارة الاقتصاد للشؤون الاقتصادية، فقال: «لطالما لعبت الإمارات دوراً رائداً في دعم ومساندة مختلف المبادرات والمعاهدات والاتفاقيات الإقليمية والدولية المعنية بخدمة أهداف التنمية البشرية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وإتاحة حقوق متساوية لمختلف الفئات داخل المجتمع، بالشكل الذي يخدم رؤيتها القائمة على توفير بيئة عيش صحية تحقق رفاه وازدهار الشعوب، سواء على أرضها أو في محيطها الإقليمي والدولي».
وتابع: «إن تنظيم ملتقى معاهدة مراكش لتيسير النفاذ إلى المصنفات الفكرية المنشورة لفائدة معاقي البصر، يأتي ضمن جهود الوزارة في تعزيز وعي الأوساط الأدبية والثقافية بالدولة بهذه المعاهدة، واستعراض الالتزامات والفوائد الناتجة عنها، وإتاحة حوار تفاعلي مع مختلف الجهات المعنية بشأن تعزيز كفاءة استخدام أحكام المعاهدة بما يدعم الأهداف والتوجهات الاستراتيجية للدولة».
وأوضح الشحي أن الإمارات هي أول دولة عربية تنضم إلى هذه المعاهدة، ومن بين أول 20 دولة تقوم بالتصديق عليها وإيداعها لدى المنظمة، مشيراً لسجل الدولة المشرف في المبادرات التي تخدم احتياجات الأشخاص المكفوفين وضعاف البصر وتضمن حقهم في التعلم والعمل والإبداع.
وبيّن الشحي أنه في ظل رؤية الدولة نحو بناء اقتصاد متنوع مستدام قائم على المعرفة والابتكار، تكتسب هذه المعاهدة أهمية متزايدة، إذ إنها تتيح لأصحاب الهمم من ذوي الإعاقات البصرية الوصول إلى المحتوى المعرفي وضمان حقهم في النفاذ إلى المطبوعات المنشورة، عبر إيجاد السبل اللازمة لنسخ بعض المصنفات بأسلوب أو شكل بديل يتيح لهم سهولة القراءة، وذلك دون الإخلال بحصانة المصنف الأصلي وحقوق المؤلف، عند إدخال التغييرات اللازمة لجعل المصنف ميسراً في النسق البديل لاحتياجات الأشخاص المستفيدين منه.
اعتُمدتْ معاهدة مراكش في 27 يونيو/ حزيران 2013 في مدينة مراكش المغربية، وتهدف إلى وضع مجموعة من التقييدات والاستثناءات الإلزامية لفائدة المكفوفين ومعاقي البصر وذوي الإعاقات الأخرى في قراءة المطبوعات.
ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يوجد في العالم أكثر من 285 مليون شخص كفيف أو معاق بصرياً، يعيش 90 في المئة منهم في البلدان النامية، فيما خلصت دراسة استقصائية أجرتها «الويبو» في عام 2006 إلى أن أقل من 60 بلداً تنصّ في قوانينها الوطنية بشأن حق المؤلف على تقييدات واستثناءات تتضمن أحكاماً خاصة للأشخاص معاقي البصر، مثل إتاحة النصوص المحمية بحق المؤلف في نسق «برايل»، أو في نسق مطبوع بخط مضخم، أو في نسق «سمعي مرقم».
وحسب الاتحاد العالمي للمكفوفين، من بين الكتب التي تنشر كل عام في العالم، ويبلغ عددها زهاء مليون عنوان، تتاح نسبة أقل من 10 في المئة منها في أنساق ميسرة للأشخاص معاقي البصر.
وتشكل المعاهدة إضافة نوعية في هذا الإطار، إذ تُلزم الأطراف المتعاقدة باعتماد مجموعة معيارية من التقييدات والاستثناءات على قواعد حق المؤلف للسماح بنسخ المصنفات المنشورة وتوزيعها وإتاحتها في أنساق مهيأة، بما ييسر نفاذ المكفوفين ومعاقي البصر وذوي إعاقات أخرى في قراءة المطبوعات إليها، وللسماح للمنظمات التي تخدم هؤلاء المستفيدين بتبادل تلك المصنفات عبر الحدود.
وتنظم المعاهدة الإجراءات الخاصة بحقوق المؤلف فيما يتعلق بتوزيع النسخ الميسرة للمستفيدين، والشروط الواجب توافرها في الجهات المسموح لها بإعادة النسخ والتوزيع التجاري للنسق الميسر للمصنف المطبوع، كما تنظم حالات الاستيراد والتصدير وغيرها من الأمور المتعلقة بتداول المصنفات الفكرية بالشكل الذي يحترم حقوق المؤلف من جانب ويخدم احتياجات ذوي الإعاقة من جانب آخر.
بعدها قام الشحي بتكريم الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، تقديراً لجهودها المتميزة ودعمها الدائم لقطاع النشر على المستوين المحلي والدولي. وتم أيضاً تكريم المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) ممثلة بـ علا زهران كشريك استراتيجي لملتقى معاهدة مراكش، وناعمة المنصوري بصفتها مدير مطبعة المكفوفين في مؤسسة زايد العليا للرعاية الإنسانية وذوي الاحتياجات الخاصّة، حيث ساهمت بطباعة اتفاقية مراكش بلغة (برايل)، ووفاء حمد بن سليمان بصفتها مدير إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم في وزارة تنمية المجتمع، حيث ساهمت بمجموعة نسخ من كتاب رؤيتي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي «رعاه الله» مطبوعة بطريقة (برايل).
كما تم تكريم مؤسسة كلمات لتمكين الأطفال، ممثلة بآمنة خميس المازمي مديرة المؤسسة، وشركة الناطق للتكنولوجيا، ممثلة بعودة هزيم المدير التنفيذي، والإعلامي أحمد الغفلي بصفته عريفاً للملتقى وهو من الأشخاص المكفوفين، وعبد الله بليث بصفته قارئ القرآن الكريم وهو من الأشخاص المكفوفين أيضاً.