التدخل المبكر نقطة البداية للحد من أسباب الإعاقة والتخفيف من آثارها
شهد سمو الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي ولي العهد نائب حاكم الشارقة، (الأحد 10 يناير 2016) في غرفة تجارة وصناعة الشارقة انطلاق فعاليات مؤتمر التدخل المبكر (مكعبات ملونة)، الذي نظمه مركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
حضر الافتتاح إلى جانب سموّ ولي العهد، كل من الشيخ فاهم بن سلطان القاسمي رئيس دائرة العلاقات الحكومية، وعدد من مديري الدوائر والمسؤولين في حكومة الشارقة ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
وقائع حفل الافتتاح
بدأت وقائع حفل افتتاح المؤتمر الذي قدمته الأستاذة هبة عيسى الحمراني مدير إدارة الاتصال المؤسسي؛ مسؤول الموارد البشرية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بعزف السلام الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة، تلا بعدها رامي محمد وسيم المناصر الذاتي والطالب في مدرسة الوفاء لتنمية القدرات وأحد الأطفال الذين استفادوا من خدمات مركز التدخل المبكر آيات من الذكر الحكيم.
كلمة المدينة
ثم ألقت الأستاذة منى عبد الكريم اليافعي، نائب مدير عام المدينة كلمة رحبت في مستهلها بالمشاركين في المؤتمر والحضور وقالت: يسعدني أن أرحب بكم في مدينة الشارقة.. هذه الإمارة الفاضلة التي تسعى بكل ما أوتيت من امكانات وقدرات، وبما وهبها الله سبحانه وتعالى من قيادة حكيمة رشيدة،.. ممثلة بشخص صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.. مجسدة بأقواله وأفعاله،.. وحرصه الواضح على خير الإنسان كما أراده الله عز وجل في أحسن تقويم… والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى، وأقربها: اعتماد منظمة الصحة العالمية مدينة الشارقة مدينة صحية، وإعلان سمو الحاكم في ديسمبر الماضي الشارقة أول مدينة صديقة للطفل عالمياً.
وأضافت: يشرفنا في هذه المناسبة، أن نستذكر باعتزاز وفخر مواقف صاحب السمو حاكم الشارقة التي خص بها أبناءه من ذوي الإعاقة منذ افتتاحه رسمياً لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنة 1979 وصولاً إلى كل النجاحات والتطورات التي شهدتها.. ونخص في هذا المقام مركز التدخل المبكر بالشارقة هذه الدرة المضيئة الأولى من نوعها في المنطقة للحد من أسباب الإعاقة والتخفيف من آثارها وأعبائها بالكشف والتدخل المبكرين.
وقالت: إن مركز التدخل المبكر منذ أن بدأ عمله الفعلي في اكتوبر 1993 وحتى اليوم لم يكف لحظة واحدة عن أداء رسالته تجاه الأطفال المعرضين للخطر بغض النظر عن انتماءاتهم وجنسياتهم.. وبالفعل فقد نجح المركز في أداء رسالته والقيام بواجباته تجاه هؤلاء الأطفال، ولكن دوره لم يقتصر جغرافياً على إمارة الشارقة أو دولة الإمارات،.. ولم يكن محصوراً بالأطفال وأسرهم.. ولم تكن عبارة أول مركز من نوعه في المنطقة مسألة لفظية أو إثباتاً لأسبقية بل كانت توجهاً أصيلاً رسمه صاحب السمو حاكم الشارقة للمدينة والمركز.. عندما كان يؤكد في أكثر من مناسبة أن المدينة ليست للشارقة وحدها أو لدولة الإمارات أو لمنطقة الخليج العربية إنما هي انطلاقة عربية عالمية تقدم الخدمات في جميع المجالات لأصحاب الإعاقة في أي مكان على هذه البسيطة.
موضحة أنه في مجال الأسبقية نسوق شهادة نعتز بها للدكتور رون سايمنسون أستاذ علم النفس بجامعة كارولينا الأمريكية الذي أكد أن البداية الرسمية للتدخل المبكر في أوروبا وأمريكا كانت سنة 1986 أما في الشارقة فكانت في سنة 1992 أي بعد حوالي 6 سنوات.
… وفي مجال توسيع ونشر فلسفة التدخل المبكر وتعميمها فقد أسهم المركز على مدار عقدين من الزمن وأكثر بتطوير وتدريب الكفاءات المحلية والخليجية والعربية، ونظم لهذا الغرض أكثر من 24 ورشة وبرنامجاً تدريبياً في الشارقة وخارجها استفاد منها عدد كبير من الاختصاصيين من 14 دولة عربية،.. بالإضافة إلى الزيارات العديدة التي كانت تقوم بها وفود من داخل الدولة وخارجها لنقل تجربة وخبرات المركز إلى بلدانهم ومراكزهم.. ونذكر على سبيل المثال دور المدينة في تأسيس مؤسسة القاهرة للتدخل المبكر لذوي الإعاقة في مصر وتزويدها بكل المعارف والخبرات اللازمة لانطلاقتها.
وقالت في كلمتها إن ما نشهده اليوم في هذا المؤتمر مع وجود كل هذه الخبرات العربية والأجنبية هو استمرار وتجسيد للرسالة والأمانة التي حمل صاحب السمو حاكم الشارقة لواءها وتشرفنا بأن نكون في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ومركز التدخل المبكر جزءاً منها.. وكلنا أمل بأن يحقق المؤتمر بورشه وجلساته وأوراق العمل والتجارب التي ستعرض فيه أهدافه في اكساب العاملين في المجال مهارات ومعارف جديدة لرفع مستوى الخدمات المقدمة للأطفال من ذوي الإعاقة، وأن يفتح آفاقاً جديدة للمؤسسات والأفراد على حد سواء للتعاون وتبادل الخبرات في هذا المجال الهام لمرحلة الطفولة المبكرة.
وختمت بتوجيه كلمة شكر وامتنان لسمو ولي العهد ونائب حاكم الشارقة على حضور وافتتاح فعاليات المؤتمر.. كما شكرت كل المتحدثين وكل الرعاة ووسائل الإعلام وكل من شارك في المؤتمر وأسهم في الإعداد له وتنظيمه.
تجربة الموظفة إيمان عبد اللطيف
بعد ذلك تابع الحضور فيلماً قصيراً للموظفة إيمان عبد اللطيف التي سبق لها أن التحقت بمركز التدخل المبكر وهي اليوم موظفة مجدة تعمل في قسم السكرتاريا بإدارة المدينة.. ومع انتهاء الفيلم ظهرت الموظفة ايمان على المسرح وحيت الحضور.
كلمة يوسف القريوتي
بعد ذلك ألقى الدكتور يوسف القريوتي المدير السابق لمكتب منظمة العمل الدولية لإقليم شمال أفريقيا وأحد مؤسسي مركز التدخل المبكر في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية كلمة قال فيها:
أقف أمامكم اليوم للمشاركة في افتتاح مؤتمر التدخل المبكرالذي ينظمه مركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية؛.. هذه المناسبة الطيبة أعادتني الى الوراء ردحاً من الزمن لا لأتذكر جهدي المتواضع في الإسهام بخبرتي الفنية في إنشاء هذا المركز بل لأقدم لكم شهادة صادقة عن الجهود المخلصة التي قدمتها مدينة الشارقة للخدمات الانسانية ممثلة بالشيخة جميلة بنت محمد القاسمي من أجل إنشائه والرعاية الكاملة التي أولاها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة للمشروع آنذاك من ألفه الى يائه.
وأضاف: لم تكن فكرة التدخل المبكر فكره مألوفة في المنطقة العربية لا بل في منطقة الشرق الأوسط كافة، كان واضحاً للعاملين في مدينة الشارقة للخدمات الانسانية أن هنالك كثيراً من الحالات التي تستقبلها تعاني من صعوبات كان يمكن تحاشيها أو التقليل من آثارها على الأطفال لو توفرت لهم رعاية وتدريب أبكر، كما لوحظ أن كثيراً من الأهل لا تتوفر لهم الدافعية لمتابعة التدريب الذي تقدمه المدينة بمراكزها المختلفة أو أنهم فقدوا الأمل بامكانية تحسن أطفالهم.
وقال: في ظل هذا الواقع برزت أهمية أن توفر المدينة خدمات للأطفال الذين لديهم صعوبات معينة أو هم عرضة للإصابة بها منذ مرحلة الولادة وحتى سن الخامسة وتتمثل هذه الخدمات في الكشف المبكر عن هذه الحالات وتقديم الخدمات الوقائية والعلاجية والتدريبية لهم ولأسرهم.
مضيفاً: عندما طُرِحَتْ فكرة إنشاء المركز التي تبنتها الشيخة جميلة بكل حماس كانت الموارد المادية المتاحة للمدينة محدودة بينما التكلفة التقديرية لإنشاء المركز بمبانيه وتجهيزاته وكلفته التشغيلية عالية وتتجاوز الامكانات المتاحة. ولكن رد الشيخة جميلة كان (الله بيرزق المهم يكون شيء يخدم الناس ويبيض الوجه).
وتابع القريوتي: عندما أعدت مخططات البناء طلب صاحب السمو حاكم الشارقة الاطلاع عليها وبعدها بأيام سافر في إجازة قصيرة وفوجئنا بعد أيام باعادته للمخططات وعليها التعديلات التي أجراها سموه بنفسه. والأهم من هذا، كان سموه يتابع مراحل البناء في زيارات متعددة، مما أعطانا الثقة بأن نمارس نوعاً من الضغط على المكتب الهندسي والمقاول المشرف عندما نرى تباطأ في العمل أو نرغب في تعديلات والقيام بكذا وكذا وإلا فعليكم تحمل المسؤولية أمامه. ولم تتوقف متابعة سموه هنا بل كان يطلب من معاونيه الاتصال بجهات مختلفة يسمّيها لحثهم على المساهمة في دعم المشروع.
وأضاف: ونظراً لفرادة المشروع وأهميته وافقت منظمة اليونيسيف وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي ومنظمة العمل الدولية على تقديم الدعم المادي والفني له، وكان مفاجئاً لي أن تقوم هذه المنظمات بتقديم دعم مادي لإمارة خليجية ولكن أهمية المشروع ومتابعة ورعاية صاحب السموحاكم الشارقة لاتفاقية التعاون مع هذه المنظمات كانت من أهم الدوافع وراء الحصول على هذا الدعم.
وقال القريوتي: أذكر ان المدير الاقليمي لمنظمة اليونيسيف في حينه قال لي: (إن صاحب السمو لا يعمل على جعل الشارقة منارة ثقافية وحضارية بل أيضاً منارة انسانية وإن انشاء مثل هذا المركز في الشارقة سيكون نموذجاً تستفيد منه الدول العربية الأخرى). وبالفعل وبعد سنوات قليلة على انشاء المركز وتقديمه لخدماته المتميزة بادرت العديد من الدول بانشاء مراكز مماثلة، ولكن يحق للشارقة ولصاحب السمو الحاكم وللشيخة جميلة أن يفخروا بأن معظم هذه المراكز من دول الخليج وغيرها أرسلت كوادرها للاطلاع والتدرب في مركز التدخل المبكر بالشارقة.
ولخص القريوتي سرده لتجربته مع المركز: ما أود قوله إن هذا المركز جاء واستمر بمبادرة كريمة من الشيخة جميلة وبرعاية وأبّوة حانية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي… وكم من طفل تم انقاذه من أن يصبح شخصاً ذا إعاقة وكم من أسرة تمت مساعدتها وتعليمها كيفية التعامل مع أطفالها الذين يواجهون صعوبات نمائية، وكم من طفل لديهم صعوبات تم العمل مبكراً معهم وتم ادماجهم مع اقرانهم في المدارس والصفوف العادية.
وختم القريوتي بقوله: أعتقد أنها كلها ألسنة تدعو للشارقة ولحاكمها ولمدينة الشارقة للخدمات الانسانية وللشيخة جميلة بنت محمد القاسمي بالدعاء بالخير والمحبة ومواصلة العطاء. وإذ اشاركهم الدعاء لأتمنى لدولة الإمارات وإمارة الشارقة دوام التقدم والازدهار ولمدينة الشارقة للخدمات الانسانية العزيزة على قلبي مزيداً من الانجازات المتميزة.
فيلم وتقرير عن مركز التدخل المبكر
بعدها قدمت الأستاذة هبة الحمراني لفيلم وتقرير لمركز التدخل المبكر قالت فيه إن المركز أيقونة من أيقونات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، وهو نقطة البداية للحد من أسباب الإعاقة والتقليل من آثارها والحيلولة دون تطور الضعف إلى إعاقة أو تحول الإعاقة إلى عجز..
وهذا ما أوضحه الأستاذ محمد فوزي مدير المركز بالتفصيل وبين أنه وحسب آخر الاحصاءات فقد استفاد من خدمات المركز في السنوات الماضية 2763 طفلاً، وقدم قسم العلاج الطبيعي والوظيفي خدماته منذ بداية عمل المركز لـ 1576 طفلاً، وفي العام 2014 ـ 2015 قدمت خدمات التدريب الأسري لـ 160 طفلاً وأسرة، وانتظم في فصول المركز الدراسية 46 طفلاً، وقدم قسم الإعاقة البصرية خدماته لـ 33 طفلاً، كذلك بادر المركز سنة 2006 إلى إجراء حملات المسح والكشف المبكر عن الصعوبات والمشكلات لدى الأطفال في 37 روضة ودار حضانة بالشارقة شملت 4710 أطفال منذ بداية عمليات المسح وحتى اليوم، وقد تم توسيع الحملة العام الماضي لتشمل الأطفال حديثي الولادة واستفاد منها 52 رضيعاً.
تكريم رعاة المؤتمر
بعد العرض قام سمو ولي العهد ونائب حاكم الشارقة بتكريم رعاة المؤتمر وداعميه وهم:
مؤسسة الشارقة للإعلام، وتسلمت التكريم الأستاذة فاطمة بن صندل، مدير إدارة التسويق والاتصال الحكومي في المؤسسة، دائرة الموانىء البحرية والجمارك في الشارقة، وتسلمت التكريم السيدة صفاء سلطان مدير الاتصال الحكومي بالدائرة، مؤسسة الإمارات للاتصالات (اتصالات)، وتسلم التكريم السيد نائب الرئيس لشَراكات الأعمال وخدمة العملاء، وشركة فاست لمقاولات البناء، وتسلم التكريم السيد نعيم عفنة المدير الإداري للشركة.
وبدورهم قدم طلبة ومنتسبو مركز التدخل المبكر درعا تذكارية لسمو ولي عهد الشارقة تعبيرا عن امتنانهم وتقديرهم له وتثمينا لعطائه وتقديراً لحضوره وتشريفه المؤتمر.