الثقافة العالية في مجال الإعاقة والعلم بأحكام قانوني العقوبات والاجراءات الجنائية من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها المحقق
إذا كان الشخص ذو الإعاقة عضواً في كيان المجتمع له ما لأفراده من حقوق وعليه ما عليهم من واجبات، فلا بد من مساءلته عند ارتكاب جرم أو تجاوز القوانين المعمول بها في المجتمع
جلسة التحقيق عبارة مقابلة بين شخصين هدفها جمع المعلومات عن مخالفة قانونية، وتشكل نوعاً من التحدي للمحقق الذي يبدأ المقابلة دون تحيز أو أفكار مسبقة
قد يكون الأشخاص ذوو الإعاقة عرضة كغيرهم من البشر للوقوع في الزلل والخطأ وبالتالي عرضة للوقوع في الجريمة بمختلف مستوياتها نظراً لأن الشخص ذا الإعاقة بالدرجة الأولى إنسان له مشاعر وانفعالات وله رغبات واحتياجات، وتتصارع في داخله قوى الخير والشر ويعيش في بيئات مختلفة ذات مستويات اجتماعية واقتصادية متباينة، الأمر الذي يجعله يتفاعل يومياً مع الأخيار والأشرار، فهو مخير بالدرجة الأولى لانتهاج الطريق الذي يبغيه، وإذا لم يجد من يرشده ويساعده للتعامل مع المتغيرات الاجتماعية المحيطة فقد يكون عرضة للزلل.
استجواب الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن يتم بطرق تتناسب مع قدراتهم العقلية والجسمية وبالشكل الأخلاقي واللائق الذي لا يتجاهل إنسانيتهم وهناك عدة دراسات اهتمت بطريقة استجواب الأشخاص ذوي الإعاقة بطرق تتناسب مع قدراتهم العقلية والجسمية وبالشكل الأخلاقي واللائق الذي لا يتجاهل إنسانيتهم، ويقدر في الوقت ذاته اختلافاتهم عن غيرهم، دون أن يوقع ذلك المحقق في دائرة الشفقة والتعاطف الذي يبرئ الشخص ذا الإعاقة من أي جرم قد ارتكبه، وهذا يتطلب بعض السمات في شخصية المحقق الذي يتعامل مع هذه الفئة والتي من أهمها الثقافة العالية في مجال الاعاقة، والعلم بأحكام قانوني العقوبات والاجراءات الجنائية، وعلى دراية بالعلوم المساعدة للقانون الجنائي، ومنها علم الاجرام وعلم العقوبات،.. فعلم الطبائع الجنائية يهدف إلى تقصي أسباب الجريمة ابتغاء مكافحتها سواء تعلقت تلك الأسباب بطبيعة تكوين الجاني أو نفسيته أو المجتمع الذي يعيش فيه،.. أما علم النفس الجنائي فيدرس الأسباب التي تدفع الشخص ذا الإعاقة لارتكاب جريمة ما من النواحي النفسية كالعواطف والانفعالات،.. وعلم الاجتماع الجنائي يتناول أسباب الجريمة من حيث تعلقها بالمجتمع الذي يعيش فيه الفرد. وكما أن من واجب المحقق الجنائي أن يعرف هذه العلوم جميعاً فلا بد أن تتكون لديه معرفة بالتربية الخاصة، وأين توجد هذه الفئات على منحى التوزيع الطبيعي للذكاء، وهل يستطيع الشخص ذو الإعاقة ارتكاب الجريمة أو التخطيط لها أو التواجد في مكانها.
أما عن أساليب استجواب الأشخاص ذوي الإعاقة فلاشك أن جلسة التحقيق ما هي إلا مقابلة بين شخصين هدفها جمع المعلومات عن مخالفة قانونية، وتشكل المقابلة نوعاً من التحدي للمحقق الذي يخطط لعمله ويبدأ المقابلة دون تحيز أو أفكار مسبقة ليضاعف فرصة الحصول على درجات أعلى من النجاح. وبالتالي لابد من استدعاء المتهم بطريقة مهذبة وأن يكون استقبال المحقق له مريحاً وسريعاً، بشكل يضمن له الاطمئنان ويجنبه التوتر وانفعالات الخوف كما أن الانتظار أمر صعب للشخص ذي الإعاقة، فيجب أن يحرص المحقق على عدم وضع المتهم في الانتظار طويلاً.
ومن أبرز النقاط التي ينبغي مراعاتها في استجواب المتهم ذي الإعاقة التحقيق معه في المنزل إن أمكن ذلك (التحقيق المبدئي) واتصال المحقق بالمتهم قبل البدء بالتحقيق بحيث يلغي المسافة النسبية بينه وبين المتهم حتى يخرجه من مسلك المقاومة الذي يلجأ إليه الأفراد في بادئ الأمر لتخوفهم مما يحيط بهم وفن النقاش الذي يتطلب من المحقق وضوح الرؤية وصفاء الذهن واختيار الوقت المناسب لطرح السؤال.