إعداد: آمنة ابراهيم الزعابي
الأسرة نظام اجتماعي تربط أفراده علاقات مؤثرة بحيث أن أي خبرة تؤثر في أحدهم تترك تأثيرات تطال الآخرين.
في حديثنا اليوم سنركز على الأسرة وما تواجهه من مشكلات وضغوطات تختلف مصادرها وشدتها وكيف قد تكون هذه الحالة سبباً في تميز ولي الأمر الالأمرمر إذ أن وجود طفل من ذوي الإعاقة ينعكس سلبياً في أغلب الأحيان على آمال ومشاعر وطموحات الوالدين ويسبب لهما نوعاً من الصدمة وعدم القدرة على استيعاب الحدث مما يعطل التوازن الأسري، فوقع هذه الصدمة كثير الشبه بإحساس الأهل عند الفجيعة بإصابة ابنهم في حادث أو مرض عضال، فصورة الطفل المنتظر والتي حلموا بها كثيرا ً لم تعد كما كانت …
يدخل الوالدان في بداية الأمر بعد الصدمة إلى مرحلة الإنكار ويحاولان في هذه الفترة إقامة البرهان على أن هناك خطأ ما (طبي أو في التشخيص) ويتم التركيز في هذه المرحلة على الحركات والأنشطة والتصرفات الطبيعية التي يؤديها الطفل وإغفال الجوانب الأخرى.
وفي هذه المرحلة تتكرر الزيارات إلى مراكز وعيادات الاختصاصيين والاستشاريين على أمل أن يخبرهم أحدهم بأن التشخيص خاطئ، ومع تقدم الوقت وظهور الإعاقة على الطفل بصورة أوضح يدخل أولياء الأمور في مرحلة الخوف والإحباط وعندها يكون مجال الإنكار ضئيلاً جداً وفي هذه المرحلة يتم تقبل الطفل على ما هو عليه .
إلا أنه، وفي بعض الحالات، ظهرت آثار إيجابية جراء وجود طفلٍ ذي إعاقة ضمن الأسرة ومنها ازدياد الترابط والتعاون بين أفرادها نظراً لوجود هدف مشترك هو العناية بهذا الطفل والاهتمام به وبتمكينه.
وكم سمعنا عن أسر انقلبت حياتها رأساً على عقب جراء وجود هذا الطفل من ذوي الإعاقة والذي كان بمثابة الشرارة التي فجرت القدرات والإمكانيات وغيرت المسار حيث وظف من خلالها أحد الأبوين أو الأسرة بشكل عام الإمكانيات والخبرات وبرزوا كأعضاء فاعلين في المجتمع. انتموا لجمعيات وهيئات معنية بهذه الفئة، وغيّر بعضهم مساره الوظيفي ليتخصص في علوم التربية الخاصة.
أسر الأطفال ذوي الإعاقة أسر ذات إمكانيات خاصة وقد تفوق إمكانياتها في بعض الأحيان إمكانيات الاختصاصيين والمستشارين والأطباء لأنهم ببساطة عايشوا التجربة كاملة بتحدياتها وتفاصيلها ونمت خبراتهم وقدراتهم بنمو طفلهم وكانت تجاربهم أبلغ من أي مرجع علمي.
تعرفت خلال مسيرتي المهنية على الكثير من أولياء الأمور الذين قدموا لي معلومات ثرية، والكثيرون منهم على اطلاع بأحدث الدراسات وحريصون على حضور الدورات والملتقيات والمؤتمرات المعنية بقضايا الأشخاص ذوي الإعاقة وعندهم خبرات إذا ما تم توظيفها بالشكل المناسب لساهمت في إثراء ساحة التربية الخاصة.
أسر الأطفال ذوي الإعاقة ليسوا مجرد أبطال وحسب، إنهم مربون، مدربون رائعون، أطباء، خبراء في مواجهة التحديات والتغلب على الإحباطات، خبراء في دعم الآخرين، خبراء في تنظيم الوقت والميزانية، وخبراء في إدارة وتعديل السلوك وذلك غير مقتصر على الأبوين فقد يمتد إلى الأبناء أو أحد أفراد العائلة.
نعم، ضمن أسر الأطفال ذوي الإعاقة أشخاص استثنائيون يجب أن نتعامل معهم بشيء من الحكمة وننهل من خبراتهم وتجاربهم ويجب أن نتعامل معهم بكثير من الحب والمداراة.
وأخيراً الله لا يأتي منه إلا كل خير فتساءل ما الخير يا ترى من وجود هذا الطفل في حياتي وهل هو موجود ليضيف لي قيمة ما؟ ماهي هذه القيمة؟ أم هو موجود كي يعلمني.. ويعلمني ماذا؟
وتذكر دائماً.. هناك من يؤمن بقدراته رغم عجزه، وهناك من يؤمن بعجزه رغم قدراته.
آمنة الزعابي
اختصاصية نفسية
مدرب معتمد في التنمية البشرية من المجلس الكندي الأمريكي
كوتش لايف معتمد من الاتحاد الدولي للكوتشينج ICF