كغيرهم من شرائح المجتمع تبقى للأشخاص ذوي الإعاقة حصتهم من التنمية والتطوير والإعلام والحقوق التي نصت عليها الأديان والشرائع والأعراف، وبعيداً عن حصصهم المهدورة التي هي حقوق لا مراء فيها ـ رغم أنهم قد يتلقونها كشفقة أو إحسان ـ فإن للحصة الإعلامية تأثيراً كبيراً ما زال ناقصاً وهذا النقص يؤثر سلباً على الجهود الرامية للوقوف مع الأشخاص ذوي الإعاقة في نضالهم لإقرار حقوقهم.
لقد نالت السياسة والثقافة والطفل وقضايا وفئات المجتمع كافة مساحاتها الكاملة والوافية من الطرح الإعلامي على حساب الأشخاص ذوي الإعاقة الذين تم إغفالهم عمداً أو عن غير عمد ربما بسبب الجهل بأعدادهم وقضاياهم، ولولا مبادرات قليلة لهيئات ومؤسسات تدافع عنهم تجد لها مكاناً في مجتمعاتنا، لبقي المجتمع غافلاً عن هذه القضية.
أرقام مرعبة كثيرة عن تزايد حالات الإعاقة تطالعنا بها إدارات المرور ووسائل الإعلام، والسبب العدد المهول من حوادث السير، والصراعات الدامية في مختلف بقاع الأرض، وتفشي الأمراض ونقص الغذاء والدواء وغيرها الكثير مما يدمي القلب ويحزنه.
في مجال الإعلام المقروء نكاد لا نلحظ صحفاً أو مجلات تعنى بفئة الأشخاص ذوي الإعاقة مقارنة بغيرهم من الفئات، كذلك الأمر في الإعلام المسموع، أما في الإعلام المرئي ورغم الغزو المكثف للفضائيات العربية ودخولها البيوت بلا استئذان فإنها فضلت عن عمد تجاهلهم وهي تدخل بيوتهم.
صحيح أن بعض الفضائيات أدخلت لغة الإشارة على نشراتها الإخبارية، لكن غالبية القنوات أهملتها، وبعيداً عن مجال الأخبار فإن الخطط البرامجية كلها تجاهلتهم رغم أهميتهم كجمهور لوسائل الإعلام تجبرهم أوضاعهم الجسدية على الجلوس في المنزل فترات طويلة ما يؤهلهم ليكونوا فئة مستهدفة إعلامياً، لكن يبدو أن العكس هو ما يحصل، وللتدليل على أهمية هذه الفئة يكفي أن نعرف أن غياب الترجمة بلغة الإشارة يحرم ما لايقل عن مليون شخص من التفاعل مع الإعلام في الوطن العربي.
قضية الأشخاص ذوي الإعاقة مبنية على اتجاهين أفقي ورأسي وهي في الاتجاهين تواجه إعاقة تحد منها، ففي الاتجاه الرأسي نجد الشخص ذا الإعاقة المغيب عن عالمنا وفي الاتجاه الأفقي نجد المؤمنين بالقضية والمدافعين عنها، وهم من يتم التركيز عليهم إعلامياً، فتغيب عن الإعلام الإصدارات والبرامج التي تتوجه للشخص ذي الإعاقة وتجعله يتفاعل معها وينفعل بها.
إن إعلام الأشخاص ذوي الإعاقة الموجه للمجتمع والذي نطالب به كإعلاميين متخصصين هو إعلام يدرك ضرورة وضع برامج تخاطب تلك الفئة بعينها بدل أن تحابي المتعاطفين معها، وهو ما يحدث الآن ويحول هذا الإعلام لمونولوج نحتكره لأنفسنا ونحرم أصحاب الشأن والمصلحة من المشاركة به، فالمسألة تتعلق بدمقرطة إعلام الأشخاص ذوي الإعاقة وجعله معبراً عن أصحابه لا عن القائمين عليه وإنجازاتهم المؤسسية، كذلك لا بد من صنع حوار بين المستويين الأفقي والرأسي بما يسهم في حل تعقيدات هذه المسألة، وأخيراً نناشد المعنيين بالنظر في إمكانية بلورة مشاريع إعلامية تتمثل في مطبوعات وقناة فضائية تسهم في إرجاع جزء من الحصة لأصحابها.