صرخَتْ ذات يوم في إحدى الأسواق تنادي بأعلى صوتها وقالت:
أنا لست ُعانسا بالمصادفة…
وكعادة الناس عندما يرون مثل هذه الحالات يبدأ كل واحد منهم بتحليله كأحد المثقفين الكبار أو المستشارين..
كثر اللغط وانتهى الأمر بالفتاة أن ضربت من قبل أهلها..
نشر بعض الشباب فيديوهات تم تصويرها بعدسات هواتفهم المحمولة ونقلوها عبر مواقع الفضائح الاجتماعية، أعني التواصل..
وتتساءل فتاة “عانس” كما يسمّونها:
“هل نحن كذبة من كذبات الحياة؟”
لا أريد أن أقدّم لكِ دفعات معنوية، بل أريد منك أن تفهمي أن سؤالك هذا لا أحد سيجيب عليه، لأنهم لا يشعرون بألمك ولا يفهمون المعاناة التي أحرقت كبدك.
سأجيبُ بنفسي عن سؤالك يا صغيرتي..
أنتِ لستِ كذبة من كذبات الحياة، بل نحن من حولك الأكاذيب.
أنتِ لم تخطئي في صبرك وانتظارك لرجل يقوم برعايتك كباقي صديقاتك اللواتي تزوّجن قبلكِ لكننا نحن ُ المخطئون..
كم مرة تسمعينهم يقولون:
هذا الرجل لا يناسبك ِ، وهذا لا يملك.. وذاك لا قربة له عندنا.. والآخر ليس من بلدنا..
يحاولون إقناعكِ بأنهم ليسوا من نصيبك، ثم ينادونكِ بــ “عانس”
إن عقولهم هي ” العانس ” حين بقيت دون تحوّل أو تغيير..
لكنني هنا لأوجّه لك ِ رسالة قصيرة قُلتُ فيها:
“صغيرتي، لأكون واضحا معكِ لابد أن تفهمي أننا نخطئ في تصرّفاتنا كثيرا ونعبث بسلوكياتنا، وليس كما يقولون لكِ:؛ إن نصيبك تأخر فقط، نعم هذا صحيح لكن لماذا لا تسألي نفسك ِ هل فعلا تأخر نصيبي قدرا فقط؟، لماذا لا تسألين نفسك هل هناك سلوك خاطئ في شخصيتي، استعدّي دون مجاملة لتجيبي على هذا السؤال، لستُ هنا لأمدحكِ أو أثني عليك ِ، يجب أن نحل مشكلة ما..
انظري إلى تصرّفاتك، كلماتك، ربما آن الأوان أن تعترفي بحساسيتك الزائدة، والتي يجب أن تضعي لها ميزانا، فالرجال لا يحبون المرأة الحساسة زيادة فوق القدر المطلوب، ربما آن الأوان أن تعترفي بأنكِ تبثين الكآبة بكثرة الشكوى، وقد آن أن تقصري من هذه الصفة السيئة.. ارجعي وعالجي نفسكِ وتخلّصي من هذه الأمور..
وبالمقابل أقول لك ِ صغيرتي، لا شيء يعيبك، لا تخافي ولا تحزني، إذا تأخّر نصيبك فلن يقدّمه أحد من الناس، وإن كتب لك الزواج فلن يمحو المكتوب إنسٌ ولا جان..
صغيرتي، لديك ما يؤهّلك للزواج، صحيح أن أول شيء في قائمتك أن تتزوجي، لكن لا تجعلي هذه العقبة تحول دون أهدافك، لكِ هدف سام في الحياة فلا تعبثي به لسبب ما، إن كنتِ تدرسين فأكملي دراستك، حققي طموحاتك، وإن كنتِ في بيتكِ تعملين فطوّري مهاراتك، اصنعي لنفسك شخصية قوية، لا تهزّها النوائب، ولا الكلمات الهدّامة ممن حولك، اجعليهم يثقون أنكِ لست ضعيفة وقوّي إيمانك وعالجي سلوكيات خاطئة فيكِ، أنتِ وحدك من يعرف أخطاءه..
استمرّي بالتفاؤل، ولا تسمحي للكآبة أن تسيطر عليكِ فتنهش من حسنكِ وتأكل رونقكِ وسعادتك..