إعداد المشرف التربوي محمد عبد المنعم
مجلس الاختصاصيين النفسيين والمشرفين التربويين
كيف تُشكل مهارات تنظيم العواطف حياة الطفل اليومية؟
تنظيم العواطف لا يتعلق فقط بالتحكم في العواطف “السلبية” مثل الغضب أو الحزن. بل يتعلق أيضًا بالتنقل بين الفرح والإثارة والمشاعر الشديدة الأخرى بطريقة متوازنة ومناسبة للموقف. قد يظهر الأطفال الذين يواجهون صعوبة في تنظيم العواطف وكأنهم يستجيبون بشكل مبالغ فيه أو غير كاف لمختلف المحفزات، مما يؤدي إلى تحديات في العلاقات الشخصية والإعداد الأكاديمي والأنشطة اليومية.
اقرا ايضا: استراتيجية المهارات التنفيذية ومساعدة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم – ج1
ترتبط السيطرة على الدوافع ارتباطًا وثيقًا بتنظيم العواطف. الدوافع، بطبيعتها، هي سريعة وقد تكون مدفوعة بالرغبات الفورية أو العواطف. الأمر لا يتعلق بقمع هذه الدوافع، ولكن بتعليم الأطفال المهارات اللازمة للتوقف وتقييم واختيار الرد الأكثر ملاءمة.
ولا بد أن نشير إلى أهمية القدرة على التحكم بالنفس، وهي القدرة على المراقبة والتحكم في سلوكياتنا وعواطفنا وأفكارنا، وتغييرها وفقًا لمتطلبات الوضع. الطفل القادر على التحكم بنفسه قد يعترف بمشاعر الإحباط أثناء واجب منزلي معقد، ولكن بدلاً من الاستسلام أو التصرف بطريقة سلبية، قد يستخدم استراتيجيات لتهدئة نفسه وتقسيم المهمة أو طلب المساعدة.
ولا بد أن ندرك أهمية المهارات التنفيذية، حيث يعتبر تنظيم العواطف من أهم العناصر. يقدم المقال استراتيجيات عملية لدعم الأطفال في تطوير هذه المهارات الحيوية. وكما يوحي العنوان، من خلال فهم وتعزيز تنظيم العواطف، نمهد الطريق للأطفال لتحقيق أقصى إمكاناتهم في جميع جوانب الحياة.
كيف يساعد الحل المشترك في تعزيز إمكانيات الأطفال ؟
استراتيجية الحل المشترك كأسلوب أساسي ينبغي أن يعتمده الوالدان والمربون ومقدمو الرعاية في جوهره يتعلق بالعمل مع الطفل، وليس ضده. بدلاً من فرض الحلول أو استخدام نهج توجيهي من الأعلى إلى الأسفل، يركز على فهم وجهة نظر الطفل وإشراكه في البحث عن حلول للتحديات التي يواجهها. هذا الجهد المشترك يغرس شعورًا بالمسؤولية لدى الأطفال.
الحلول العامة قد لا تكون فعالة لكل طفل. يمكن للوالدين حصر التحديات الخاصة وتكييف التدخلات بحيث تلبي احتياجات ونقاط قوة الطفل. وهذا يضمن الحصول على نتائج أكثر فعالية واستدامة.
يعزز الحل المشترك بيئة من الاحترام المتبادل. عندما يشعر الأطفال أن آراءهم مُقدرة ومفهومة، يبني ذلك الثقة بينهم وبين البالغين. هذه الثقة أساسية للتواصل حيث يشعر الطفل أنه آمن لمشاركة مخاوفه وصراعاته.
تعزيز المهارات التنفيذية: من خلال إشراك الطفل بنشاط في عمليات حل المشكلات، لا يجدون حلاً فقط للمشكلات الحالية ولكن أيضًا يشحذون مهاراتهم التنفيذية. يتعلمون تقييم الحالات ووزن الإيجابيات والسلبيات وتوقع النتائج المحتملة، وكلها أمور حيوية لتطورهم المعرفي العام.
اقرأ ايضا: وحدة التعليم الدامج تحتفي بشهر التعليم الدامج
يتضح من كل ما سبق أهمية تمكين الأطفال للتحكم في حياتهم. وهذا بالضبط ما يفعله الحل المشترك. يمنحهم الأدوات والثقة والدعم لمواجهة التحديات، مما يجعلهم أكثر مرونة وقدرة على التكيف في مواجهة المصاعب.
في الختام الفكرة التي تقول إن فهم وتعزيز المهارات التنفيذية هو المفتاح لتعزيز إمكانيات الطفل، ليست مجرد طريقة ولكنها عقلية. يغير السرد من أطفال مشكلة إلى أطفال لديهم مشكلات، ويحث البالغين على العمل جنبًا إلى جنب معهم لتجاوز العقبات وتحقيق أفضل ما في نفوسهم.
دمج تمارين بناء المهارات بسلاسة في روتين الطفل اليومي. وفيما يلي نظرة مفصلة
هذه مجموعة من الاستراتيجيات التي يمكن دمجها بسلاسة في حياة الأطفال اليومية ويمكن من خلالها جعل هذه التقنيات جزءًا من روتينهم اليومي، بشكل يدعم تطوير المهارات التنفيذية للطفل مما يمهد الطريق أمام النجاح في الحياة. من تلك التقنيات :
جداول الروتين: يزدهر الأطفال في بيئة ثابتة. قم بتصميم جداول روتين جذابة تظهر المهام الصباحية، وبعد المدرسة، ووقت النوم. ذلك يساعد في تعزيز الاستقلالية وتطوير مهارات التخطيط والتنظيم.
المؤقتات: استخدم المؤقتات لتعليم الأطفال قيمة الوقت وكيفية إدارته بكفاءة.
التأملات اليومية: اختتم اليوم بدردشة سريعة حول النجاحات والتحديات، لتعزيز الوعي بالنفس والتفكير الذاتي.
تحديات محددة للمهارة: إذا كنت ترغب في تعزيز مهارة تنفيذية معينة، قدم تحديات يومية.
المنظمات البصرية: استخدم الرسوم البيانية وقوائم المهام لمساعدة الأطفال في تنظيم أنفسهم.
استخدام التكنولوجيا بحذر: في عصرنا الرقمي، هناك العديد من التطبيقات التي يمكن أن تساعد في بناء المهارات التنفيذية.
التطبيقات العملية: حاول دائمًا البحث عن الحالات الحقيقية التي يمكن من خلالها تدريب الأطفال.
التقوية الإيجابية: دائمًا كن مستعدًا لتقوية ومكافأة جهود الطفل.
حل المشكلات بالتعاون: عندما تواجه تحديًا، شارك الطفل في إيجاد الحلول.
مراجعات دورية: خصص وقتًا كل أسبوع لمراجعة ومناقشة المهارات التنفيذية التي تم التركيز عليها.
كيف يمكن للآباء والمعلمين مواجهة التحديات في رحلة بناء المهارات؟
تتخلل رحلة مساعدة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم العديد من التحديات هناك مجموعة من التكتيكات التي يمكن استخدامها لمواجهة العقبات والتحديات في هذه الرحلة. دعونا نستعرض بعضاً منها:
فهم السبب الجذري: الخطوة الأولى في مواجهة أي تحدي هي فهم أصله. من الضروري معرفة ما إذا كانت الصعوبة ناتجة عن نقص في الدافع، أو سوء فهم، أو نقص حقيقي في المهارات التنفيذية
الاستفادة من الأخطاء كفرص للتعلم: الأخطاء حتمية. بدلاً من النظر إليها كفشل، يجب اعتبارها فرصًا للنمو. فيجب تشجيع الطفل على التفكير في ما أخطأ وكيف يمكن معالجته في المستقبل وذلك يعزز القدرة على التعافي.
تقديم التغذية الراجعة بانتظام: التحقق المستمر والمناقشات حول التقدم يمكن أن يوفروا وضوحًا حول أين يتفوق الطفل وأين قد يواجه تحديات. هذه التغذية الراجعة المستمرة تسمح بتعديلات في الاستراتيجيات والتدخلات في الوقت الحقيقي.
ضبط البيئة: في بعض الأحيان، قد تلعب البيئة دورًا كبيرًا في تفاقم التحديات. من خلال التأكد من أن بيئة الطفل مواتية للتعلم وخالية من التشتتات غير الضرورية، يمكننا تقليل المشكلات المحتملة.
تقسيم المهام إلى خطوات: قد تكون المهام الكبيرة مُرهقة. من خلال تقسيمها إلى شرائح أصغر وأكثر إدارةً، يمكن للأطفال مواجهتها بمزيد من الثقة وانخفاض القلق.
استخدام الوسائط المرئية: يمكن أن تساعد الأدوات مثل الرسوم البيانية والقوائم والرسوم التوضيحية في تبسيط المفاهيم المعقدة وجعل عملية التعلم أكثر واقعية.
إقامة الروتين: الروتينات التي يمكن التنبؤ بها يمكن أن تقلل من المقاومة وتخلق إطارًا آمنًا يمكن الأطفال من التجاوب والنمو فيه.
تشجيع الدعم الذاتي: من خلال تزويد الأطفال بالمهارات التي تمكنهم من التعبير عن مخاوفهم، وطرح الأسئلة، وطلب المساعدة عند الحاجة إليها.
حل المشكلات بالتعاون: من خلال إشراك الأطفال في عملية البحث عن حلول للتحديات يمكّنهم ويجعلهم مشاركين نشطين في رحلتهم نحو النمو.
البحث عن دعم خارجي: أن تعرف متى قد تكون الخبرة الخارجية ضرورية، سواء كان ذلك من خلال مدرسين خصوصيين، أو معالجين، أو مستشارين. في بعض الأحيان، يمكن أن توفر وجهة نظر موضوعية و رؤى لا تقدر بثمن.
أمثلة عملية لـ كيفية تطبيق المهارات التنفيذية في الحياة اليومية:
تنظيم الوقت والمهام
قم بإنشاء جدول يومي لتحديد أوقات العمل والراحة والأنشطة الشخصية.
استخدم تطبيقًا لإدارة المهام لتتبع المهام المفتوحة والمهل الزمنية.
التخطيط والتحضير
قبل اجتماع أو مهمة، قم بتحديد الأهداف والخطوات اللازمة لتحقيقها.
قم بإعداد قائمة مهام للتسوق قبل الذهاب إلى المتجر.
التركيز والتحكم في الانفعالات
عند العمل على مشروع، قم بإيقاف تشغيل الإشعارات والتركيز على المهمة.
تعلم كيفية التعامل مع الضغط والتوتر بشكل صحيح.
المرونة والتكيف
عند تغيير الخطط أو مواجهة تحديات غير متوقعة، كن مرنًا وابحث عن حل جديد.
تعلم كيفية التكيف مع التغييرات في البيئة أو الظروف.
التحكم في الدوافع والهدف
حدد هدفًا واضحًا واعمل نحو تحقيقه بإصرار.
تذكير نفسك بالأهمية الشخصية للهدف والمكافأة المتوقعة.
التواصل والتعاون
تطوير مهارات التواصل الفعّال مع الزملاء والأصدقاء.
العمل ضمن فريق وتبادل الأفكار والمعلومات.
التفكير النقدي وحل المشكلات
تحليل المشكلات والبحث عن حل منطقي
استخدم تقنيات التفكير الإبداعي للتغلب على التحديات.
تذكر دائما أنه قد تكون الرحلة مليئة بالعقبات ولكن السعي المستمر والاطلاع على آراء الخبراء والاختصاصيين وبوجود الاستراتيجيات المناسبة، يمكن تحويل هذه التحديات إلى تجارب تعلم حاسمة
المراجع :
- دانييل جي. غولمان “المهارات التنفيذية للأطفال كيف تساعد في تحقيق النجاح الأكاديمي والاجتماعي”
- لورين كينيدي “تطوير مهارات الأطفال دليل للآباء والمعلمين”
- أسلوب المهارات التنفيذية الثوري لمساعدة الأطفال على تحقيق إمكاناتهم ” كتاب ذكي ولكن مشتت ”
- المؤلفان: ريتشارد جوار وبيج داوسون 1994 ، كتاب: “المهارات التنفيذية للأطفال: كيف تساعد في تحقيق النجاح الأكاديمي والاجتماعي”
- المؤلف: دانييل جي. غولمان 2004 ، كتاب: “تطوير مهارات الأطفال: دليل للآباء والمعلمين”
- المؤلف: لورين كينيدي Photos generator by AI
.