إن استغلال الأشخاص ذوي الإعاقة عموماً من قبل بعض أفراد المجتمع في أعمال مشينة هو هدر لكرامتهم وتحقير لذواتهم وإهانة بحق إنسان لديه إعاقة جعلته يعيش في جانب ضيق من مجتمعه زاده ضيقاً واختناقاً انتزاع الرحمة والعطف من قلوب قاسية انعدم فيها الضمير الحي فلم تعد تبالي في جر هذه الفئة لتلك الأعمال المشينة بل تسعى بكل ما أوتيت من قوة أن تبحث عن هذه الفئة لتسخرها لتحقيق أهدافها الخبيثة.
في الزمن القديم أيام اليونان والرومان وحتى بدايات عصرالنهضة الأوربية كانت الدول تعتبر أن الأشخاص من ذوي الإعاقة يشكلون خطرا على أبناء مجتمعهم وأنه يجب حماية المجتمع منهم ومن شرورهم وتلك نظرةً دونية تجاه هؤلاء الأشخاص تبدلت لظروف استجدت في العالم أملتها عوامل التغيير في فكر وسلوك الإنسان، وفي زمننا هذا كنت أردد دوما بأن على الأسر أن تحتوى وتحمي أبناءها ذوي الإعاقة ـ خاصة ذوي الإعاقة العقلية ـ تحميهم من أفراد المجتمع غير الصالحين، وذلك بأن لا تغفل عنهم أو تجعلهم لقمة سائغة في أفواه انتهازيين يسعون إلى اصطيادهم ليكونوا وسيلة لترويج المخدرات أو بيعها أو السرقة أو السطو أو ممارسة أعمال الرذيلة، وبذا فهم يستخدمونهم غطاء لترويج سمومهم الخبيثة للكسب المادي من وراء تلك النفوس الطيبة.
ذات يوم بينما كنت أتصفح إحدى الصحف المحلية قرأت عن قصة شاب ذي إعاقة استغل أحدهم اسمه وسمعته وشرفه لإلصاق تهمة هو بريء منها… وفي التفاصيل أن إحدى الفتيات أقدمت على اتهامه بالاعتداء عليها، وقد حضر والد الفتاة إلى والد الشخص ذي الإعاقة وقال له: إن ابنكم جلب لنا الفضيحة وأن ابنتنا حبلى وهناك ضرورة لتلافي الفضيحة بعقد قرانهما!!
في بادىء الأمر ساور الأب الشك والخوف من أن ابنه قد فعل هذا لأنه قاصر وأنه قد لا يعي تصرفاته السلوكية والغرائزية، فوافق وتم عقد قرانه، وبعد أشهر ولدت الفتاة طفلة، ولكن الفتاة كانت ترفض الحضور للعيش مع أسرة زوجها ذي الإعاقة، وبعدها توالت أخبار عن سوء سلوك تلك الفتاة، فساورت الأب الشكوك مرة أخرى ثم بدء التحقق من ابنه فأوضح الابن أنه لا يعرف عنها شيئاً، وبعد أن تأكد من براءة ابنه رفع دعوى قضائية ببطلان نسب الطفلة، ولكن الفتاة تمسكت بادعائها أن الطفلة ابنة زوجها ذي الإعاقة!! ومع تطور الأحداث وعرض الشاب ذي الإعاقة على الأطباء أثبتت التقارير أن الشاب لديه إعاقة شديدة منذ الولادة وليست لديه القدرة على الزواج! وهكذا ظهرت الحقيقة المؤلمة للشاب وأسرته.
من هنا، يجب علينا التصدي لهؤلاء الذين يريدون إعادة هذه الفئة إلى عزلتها القديمة وتعميق غربتها في مجتمعها ليحرموها من الانصهار والتعايش الشريف مع أفراد المجتمع لجعلهم أفراداً هامشيين لا قيمة لهم، ومن هنا أيضاً يأتي دور الوقاية بأن لا تغفل الأسرة عن ابنها ذي الإعاقة وأن ترافقه في تحركاته وتوجهه للمسالك الصحيحة وتحرص عليه من الهيام على وجهه في الشوارع والحواري، حتى لا يكون مطمعاً سهلاً.
إذن، تقع على عاتق الأسرة مسؤولية كبيرة في حماية ابنها ذي الإعاقة من المنحرفين في المجتمع الخارجي، ولا نغفل دور المجتمع بأن يمد يد حانية لهذه الفئة التي تعيش في سياجه الاجتماعي فلا نحرمها حقوقها أو ننتهك كرامتها بل نجعلها تعيش بعز وشرف وهذا تدعيم لعملية دمج الأشخاص من ذوي الإعاقة في الحياة الاجتماعية والتي تنادي وتعمل بها أغلب دول العالم.