إعداد: فودة فتوح العسكري
معلم تربية خاصة – مركز الشارقة للتوحد
اقرأ ايضا: اكتساب سلوكيات اجتماعية جديدة – ج2
التعزيز المتقطع Intermittent Reinforcement:
عندما يتم ترسيخ الاستجابة، من المناسب التحول إلى جدول متقطع للتعزيز، ويستخدم هذا النوع من التعزيز للمحافظة على استمرارية السلوك، إذ أن هذا النوع من التعزيزات يجعل السلوكيات المتعلمة (النطق الصحيح للأصوات المستهدفة) أكثر مقاومة للانطفاء من السلوكيات التي تخضع لجداول التعزيز المتواصل، وهناك نوعان رئيسان من جداول التعزيز المتقطع هما:
جداول الفترة: والتي تعتمد على مرور الوقت وتنقسم إلى:
- التعزيز ذو الفترة الزمنية الثابتة: ويقصد به تقديم المعززات بعد فترات زمنية ثابتة أي يتوقف تقديم التعزيز هنا على مرور فترة زمنية محددة. ويقدم المعزز لأول استجابة تحدث بعد مرور تلك الفترة.
- التعزيز ذو الفترة الزمنية المتغيرة: ويقصد به تقديم المعززات على فترات زمنية متباينة، أي يقدم التعزيز للطفل على فترات زمنية متغيرة لا يعلمها، كأن يقدم التعزيز مرة إذا استطاع نطق الصوت المستهدف صحيحًا في خمس دقائق والمرة الثانية يقدم إذا نطقه كل عشر دقائق وهكذا (الخطيب، 1994).
جداول تعزيز النسبة وتنقسم إلى:
- التعزيز ذو النسبة الثابتة: ويقصد به تقديم المعززات بعد عدد معين من الاستجابات، فمثلاً يقوم المعلم بتقديم التعزيز عندما يقوم التلميذ بنطق الصوت المستهدف خمس مرات، أو عشر، وهنا يعرف الطفل أنه بعد كل خمس مرات، أو عشر لنطقه الصوت صحيحًا سوف يحصل على التعزيز، لذا فإن الطفل يزيد عمله ويكتسب السلوك بسرعة. ولكن إذا حجب عنه التعزيز فقد يؤدي إلى الانطفاء التدريجي.
- التعزيز ذو النسبة المتغيرة: ويقصد به تقديم المعززات بعد عدد متباين من الاستجابات، كأن يقوم المعلم بوضع معدل خاص به بتقديم المعزز دون أن يعرف الطفل، فمثلاً إذا نطق الطفل الصوت المستهدف صحيحًا خمس مرات يقوم المعلم بتعزيزه، وفي المرة التي تليها إذا نطقه أربع مرات يعطيه التعزيز، ومرة ثالثة إذا نطقه سبع مرات يعطيه تعزيزًا، وهذا النوع من التعزيز ذو فاعلية لأن الطفل لا يعرف بعد كم مرة سوف يحصل على التعزيز ولذا فإنه سوف يعمل بكل جهده كي يحصل على التعزيز ويعطي الاستجابة المطلوبة (الخطيب، 1993).
أي هذه الجداول أكثر فعالية؟
للإجابة عن هذا السؤال يمكن الإشارة إلى النقاط التالية:
- كلما كان الجدول المطبق أقرب إلى التعزيز المستمر كان التعلم أسرع.
- تعمل جداول التعزيز المتقطع على المحافظة على السلوك المتعلم.
- يختلف مستوى السلوك باختلاف الجداول المستخدمة، حيث:
- تتصف الاستجابة التي تعزز من خلال “جدول النسبة الثابتة” بمعدل عال وتوقف بعد التعزيز.
- يكون معدل الاستجابة أعلى في “جداول النسبة المتغيرة” مقارنة مع الجداول الأخرى.
- سرعة الاستجابة أقل عند استخدام “جداول الزمن”.
- عند استخدام “جداول الفترة الزمنية الثابتة” تكون سرعة الاستجابة بطيئة وتتزايد مع اقتراب موعد التعزيز.
- عند استخدام “جداول الفترة الزمنية المتغيرة” تكون سرعة الاستجابة بطيئة ولكنها مستقرة.
- تؤثر في الجداول واستخدامها مبادئ التعميم والتميز والامحاء.
شروط التعزيز
هناك مجموعة من العوامل، أو الشروط ذات العلاقة الوثيقة بفاعلية التعزيز وأثره في معدل التعلم ومستوى الأداء المطلوب، وقد تناول بعض علماء النفس دراسة ثلاثة من هذه الشروط، مبينين أثرها في التعزيز، وهي مقدار المثير المعزز (حجم الإثابة)، وإرجاء المعزز (تأجيل تقديم الإثابة)، وتواتر المعزز (معدل تكرار تقديم الإثابة)، ونتناول فيما يلي شرح هذه الشروط وأثرها في معدل الأداء بشكل مختصر:
حجم المثير المعزز، أو مقداره
تعتبر كمية المثير المعزز (الإثابة) متغيرًا مهمًا من متغيرات التعزيز، إذ يعتقد أن قوة الارتباط تزداد بازدياد حجم المعزز، هذا إذا اعتبرنا أن معدل الأداء دليل على هذه القوة. وتبيّن أيضًا أن إدراك ذلك يؤثر في معدل الأداء، بغض النظر عن الحجم الفيزيائي الواقعي له. فالكمية الواحدة من الطعام تؤثر في الأداء، بغض النظر عن الحجم الفيزيائي الواقعي له.
فالكمية الواحدة من الطعام تؤثر في الأداء على نحو متباين، نتيجة لتباين الشكل الذي يأخذه هذا الطعام عند تقديمه، حيث أسفرت بعض الدراسات عن نتائج مفادها أن الفئران التي تتلقى كميّة من الطعام على شكل كريات متعددة، تتفوق من حيث الأداء على الفئران التي تتلقى كمية الطعام ذاتها، ولكن على شكل كرية واحدة.
وقد يعود السبب في ذلك إلى كون الحجم المادي للمثير المعزز ليس مكافئًا للحجم المدرك (أي كما تدركه العضويّة)؛ فقطعة الشوكولاتة التي تزن (50) جرام مثلاً، تبدو أقل حجمًا من خمس قطع تزن كل منها (10) جرامات. كما قد يعود السبب أيضًا إلى طبيعة النشاط السلوكي الذي يجري تحت شرطين تعزيزيين مختلفين، أي إلى أنماط الاستجابات الاستهلاكية التي يتناول الحيوان من خلالها الطعام المقدم له.
وأيًا كانت الأسباب، أو العوامل التي تؤدي إلى هذه الظاهرة، أو تساهم في ظهورها – ظاهرة تغير الأداء بتغير كمية المعزز وطريقة إدراكه – فإن حجم المثير المعزز، أو مقدار الثواب، أو المكافأة، يؤثر في فاعلية المثير التعزيزية ويؤدي إلى تباين في مستوى الأداء، لذا يجب الانتباه في ميدان التعلم الإنساني، إلى هذه الظاهرة، وتزويد المعلمين بمعززات ذات مقادير وأشكال تناسب الأنماط السلوكية المرغوب في تقويتها، أو تعزيزها (الروسان، 2010).
إرجاء المعزز
إن الفترة الزمنيّة التي تفصل بين الاستجابة وتقديم المثير الذي يعززها تشكل متغيرًا مهمًا من المتغيرات التي تؤثر في فعالية التعزيز. وتشير مجموعة من الدراسات إلى وجود علاقة ذات طبيعة عكسية بين قوة الارتباط (أو التعلم) وفترة الإرجاء، فكلما طالت فترة إرجاء تقديم المثير المعزز كان مستوى الأداء أدنى.
ولكن إلى أي حد يمكن إطالة فترة الإرجاء والإبقاء على خاصيّة التعزيز للمعزز؟
حاول عدد من الباحثين الإجابة عن هذا السؤال تجريبيًا، وذلك بتدريب الفئران على القيام ببعض الاستجابات في شروط تتفاوت فيها الفترات الزمنيّة بين حدوث الاستجابة وتقديم المعزز، وقد تراوحت مدة هذه الفترات (أي مدة فترة الإرجاء) بين صفر وثلاثين ثانية. وتبين أن أفضل مستوى للأداء يحدث عندما تقترن الاستجابة بالثواب، أو التعزيز، أو عندما لا تتجاوز الفترة الزمنيّة التي تفصل بينهما نصف ثانية. كما تبين أن التعلم يمكن أن يحدث، ولكن بمستوى أداء أضعف عندما تبلغ فترة الإرجاء عشر ثوان في حين يندر أن يحدث التعلم عندما تصبح هذه الفترة (30) ثانية.
وتشير هذه النتائج إلى أن المثيرات التي تتزامن من حيث حدوثها مع تقديم المعزز (الثواب)، تكتسب خصائص المعزز ذاته، فإذا كان هذا المعزز قادرًا على استثارة بعض الاستجابات، فستكتسب تلك المثيرات القدرة على استثارة هذه الاستجابات ذاتها. وهنا يجب الانتباه إلى أمرين أساسيين:
الأول: وهو إمكانية اكتساب عدد من المثيرات لخاصية التعزيز، إذا تزامنت في حدوثها مع عملية التعزيز، لذا يجب على المعلم أن يحدد الاستجابات التي يرغب في تعزيزها فعلاً، بحيث يجعل المتعلم قادرًا على تمييزها من بين المثيرات الأخرى التي يمكن أن تتوافق معها.
والثاني: وهو الإسراع في تعزيز الاستجابات المرغوب فيها، فعندما يقوم المتعلم بأداء استجابة ترغب فيها، يجب تعزيزه مباشرة، بالمديح، أو الاستحسان… إلخ لكي نضمن مستوى أداء أفضل في المستقبل (الزريقات، 2007).
تواتر المعزز، أو تكراره
لا يتأثر السلوك في الأوضاع التعليمية بحجم المعزز وفترة إرجائه فحسب، بل يتأثر بتواتر المعزز، أو تكراره أيضًا، وتشير وقائع الحياة اليوميّة إلى أن التعزيز لا يحدث بشكل مستمر، بحيث يتم تعزيز كل استجابة يقوم بها الفرد، بل على النقيض من ذلك، إن بعض الاستجابات يتم تعزيزها، في حين استجابات أخرى من النمط ذاته، لا تلقى مثل هذا التعزيز؛ فالصياد مثلاً، لا يحصل على السمك (تعزيز) في كل مرة يلقي بشباكه في البحر (استجابة)، والمزارع قد لا يجني ثمار (تعزيز) زرعه باستمرار (استجابة).
تسمى هذه الظاهرة بالتعزيز الجزئي، أي تعزيز بعض الاستجابات دون البعض الآخر، ويبدو من غير العادي أن يتم تعزيز كل استجابة، إلا في حالات تعليمية محددة على نحو شديد، وتناولت دراسات عديدة جدًا بحث هذه الظاهرة لبيان أثر تكرار التعزيز في مستوى الأداء، وقام الباحثون من أجل الوقوف على هذا الأثر بدراسات تجريبية عززوا فيها بعض الاستجابات على نحو منتظم، كتعزيز إحدى الاستجابات وإهمال الأخرى، أو على نحو عشوائي، كتعزيز الاستجابة الأولى فالثالثة فالرابعة فالسابعة فالثامنة… إلخ (العزة، 2001؛ الشناوي، وعبد الرحمن، 1998).
العوامل المؤثرة في فاعلية التعزيز
ثمة مجموعة من العوامل التي تؤثر على عملية التعزيز ومن بين هذه العوامل ما يلي:
- ثبات التعزيز
عندما يستخدم المعلم التعزيز ينبغي أن يستخدم وفقًا لقواعد معينة يتم تحديدها قبل البدء في تنفيذ البرنامج العلاجي، إذ يجب ألا يتصف التعزيز بالعشوائية، فمن المهم تعزيز السلوك بطريقة مستمرة في بداية تعلم الطفل النطق الصحيح للأصوات ثم ننتقل إلى التعزيز المتقطع في مرحلة المحافظة على ما تم تعلمه من النطق الصحيح.
- درجة صعوبة السلوك
ينبغي على المعلم وخاصة في بداية الجلسات العلاجية أن يلجأ إلى التعزيز الفوري أي تقديم المعزز عقب السلوك مباشرة إذ أن التأخر في تقديم المعزز قد ينتج عنه تعزيز سلوكيات غير مستهدفة لا يريد تقويتها، قد تكون حدثت في الفترة الواقعة بين حدوث السلوك المستهدف وتقديم المعزز.
- فورية التعزيز
يجب أن ينتبه المعلم إلى تتدرج المعززات المقدمة تبعًا لتعقيد السلوك فكمية التعزيز التي تقدم للطفل عند نطق الصوت المستهدف في الجمل والكلام الحواري يجب أن تزيد عن تلك التي تقدم عند نطق الصوت المستهدف في مقاطع، أو كلمات.
- كمية التعزيز
تحديد المعززات الطبيعية يزيد من احتمال تعميم السلوك المكتسب والمحافظة على استمراريته.
فوده فتوح العسكري
الجنسية: مصري
الاقامة: الشارقة، دولة الامارات العربية المتحدة
متحرك: 009715266926
- معلم تربية خاصة بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- حاصل على دبلوم مهني فى التربية الخاصة.
- حاصل على O.T في التربية الخاصة، إعداد كوادر من مؤسسة inter act السويدية باعتماد كلية طب قسم الأمراض النفسية، جامعة المنصورة.
- حاصل على دبلوم عام فى اضطرابات اللغة والتواصل كلية علوم الإعاقة والتأهيل، جامعة الزقازيق.
- حاصل على دبلوم تدريبي إعداد أخصائي تخاطب جامعة عين شمس.