بعض الأهل لا يرغبون في اصطحاب طفلهم ذي الاعاقة الذهنية إلى أي مكان خارج المنزل.. فهم لا يأخذونه إلى اللقاءات العائلية والمناسبات، لأنهم يخجلون منه أو لأنهم يعتقدون أن الأقارب والجيران لا يرحبون بوجوده في بيوتهم أو أن الأهل يخافون من أن يتصرف الطفل بشكل غير مرض.
وقد لا يأخذ بعضهم الطفل ذي الاعاقة الذهنية إلى التسوق للسبب نفسه، أو لأن الناس قد يهزؤون به، والخوف من اصطحابه خارج البيت، قد يؤدى بالأهل أنفسهم إلى البقاء في البيت والانعزال والوحدة أكثر فأكثر.
هذا خطأ كبير جداً، بل على العكس يجب أن يخرج الطفل ذي الاعاقة الذهنية مع الأهل، ليتعود الناس على رؤيته والتعامل معه.. ويمكن من خلال ذلك أن يتعلم الطرق المألوفة للحياة بين الناس، ويكتسب ثقة في نفسه ويعتمد عليها بنسبة كبيرة، كما قد يمكن أن تساعد على تغير نظرة المجتمع وفهمه للإعاقة الذهنية..
ومن واجب المدرس أن قوم بتدريب الطفل ذي الاعاقة الذهنية عملياً على أسلوب التعامل مع الغير في كافة المجالات والمواقف، وأن يدربه على محاورة الناس وتبادل الحديث معهم، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للآخرين للجلوس معه وتبادل الحديث.. ويتدخل المدرس فقط عند الضرورة لتصحيح أي أخطاء قد تصدر عن أي من الطرفين (الطفل ذي الاعاقة الذهنية والمحاور من الناس).
وهذا بالفعل ما حدث معي شخصياً.. عندما أخذت بعض الأطفال ذوي الاعاقة الذهنية، وجلست معهم في العديد من الأماكن العامة والمطاعم.. فمن خلال مشاهدة الناس لهم وهو يعملون (كنت أقوم بتأهيلهم على بعض الأعمال) ويتحدثون.. كان هناك دهشة وإعجاب شديد.. ولم يصدق بعض الناس أن هؤلاء الأطفال من ذوي الإعاقة الذهنية لما لمسوه من أريحية في الحوار والأداء.. الأمر الذي جعل بعض مديري المطاعم الشهيرة يعرض عليّ أن يقوم بتشغيل أحد الأشخاص ذوي الاعاقة الذهنية..
وأذكر هنا أن أحد رجال الأعمال الأفاضل عندما شاهد عمل أبنائنا ذوي الإعاقة الذهنية داخل أحد المعامل أو الورش المخصصة لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية على الأعمال المكتبية والسكرتارية واستخدام الكمبيوتر بشكل ممتاز.. عرض عليّ تخصيص مكان لتشغيل ابنه وبعض من زملائه من ذوي الإعاقة الذهنية مع وجود مشرف لهم.. وعرض آخر الفكرة ذاتها والاستعداد الطيب ذاته لتوظيفهم.. وبدا واضحاً أن الكل يريد أن يساعد ولكن علينا نحن أن نوجه ونحسن من صورة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية.
إن كثيراً من الناس لا يعلمون شيئاً عن الإعاقة الذهنية.. وتعتبر مسؤولية تحسين صورة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية أمام العامة (الرأي العام) هي مسؤولية الأسرة والمدرسين والاختصاصيين والمتعاملين مع هذه الفئة.. فهم أعلم الناس.. عن مفهوم الإعاقة الذهنية.. وعن حالة الطفل من ذوي الإعاقة.