كانت عندما يُرزق واحدٌ من أقربائها ببنت تقول: (ييييييه بنت !!!يقطع البنات) طبعاً بلهجة محلية، ثم تعود إلى طبيعتها الإنسانية بعد فترة وتتمنى لو أنها أنجبت بنتاً وتقول :(يا ريت اجتني بنت وفصعة) و(الفصعة) باللهجة المحلية تعني العرجاء.
تتنازل أول الأمر بحلمها عن الصبي فترضى بالبنت, ثم تقدم مزيداً من التنازلات، وتقبل بالبنت ولو كانت معاقة ولكن إعاقة بسيطة، وتتوقف عند هذا الحد من التنازلات حتى في أحلامها، ولكنها ماتت ولم تأتها بنت، ولا حتى عرجاء.
في مثل هذا الزمان الأعرج، هذه هي أفكارنا وهذه هي أمانينا، فقدر البنت في هكذا مجتمع أن تعامل بأقل مما يعامل به الذكر، حتى القوانين والأنظمة فرقت بين الرجل والمرأة فكيف إن كانت معاقة أيضا؟.
فالإعاقة: تعني قصوراَ أو عيباَ وظيفياَ يصيب عضواَ أو وظيفة من وظائف الإنسان العضوية أو النفسية بحيث يؤدي إلى خلل أو تبدل في عملية تكيف هذه الوظيفة مع الوسط، والإعاقة موجودة في تكوين الإنسان وليست خارجة عنه، تؤثر على علاقته بالوسط الإجتماعي بكل إبعاده، الأمر الذي يتطلب إجراءات تربوية تعليمية خاصة تنسجم مع الحاجات التي يتطلبها كل نوع من أنواع الإعاقة.
يختلف الوضع الاجتماعي للمرأة من منطقة إلى منطقة أخرى من العالم، وتختلف أيضا باختلاف الظروف والمؤثرات على الواقع المعاش، فكيف إذا ازداد الطين بلة وكانت الأنثى معاقة ؟
ففي البلدان الفقيرة تعيش النساء تجارب صعبة جدا فأقل الاحتمالات أن تحرم من التعليم وبالتالي الحصول على عمل، وهي بالأصل مهمشة لأنها أنثى وتعاني من التمييز ضدها في المجتمع، وتأتي الإعاقة فتؤثر بشكل كبير على حياتها الإنسانية والإجتماعية فلا تعطى حق الأمومة لأنها حسب الاعتبارات السائدة لا تستطيع ان تكون أماً وإن كانت تستطيع أن تؤدي هذه المهمة فيكون مصيرها التهميش، ولا يمكن أن تقبل كزوجة بسبب الموروثات الإجتماعية الكثيرة وبسبب أن كل رجل يريد أن تكون زوجته بأبهى صورة فهو يجد نفسه يستحق كل شيء، وقلة قليلة ممن يقبلون الإرتباط بامرأة من ذوات الإعاقة.
الكثير من العائلات تخفي إعاقة أولادها لاعتبارات عدة منها: الخوف من الأمراض الوراثية فوجود معاق في الأسرة يقلل من الرغبة في الزواج من هذه الأسرة، ومن منطلق أنه ما من أحد يريد أن يكون هو المضحي وكبش الفداء ليقبل أن يأتي بما يؤثر على عائلته وينسى أن العيب يمكن أن يكون به.
أيضا هناك من يدعي أنه يريد أن يحمي شرفه وعرضه ويخاف على ابنته المعاقة من المجتمع المحيط فيمنعها من الخروج وهناك العديد من الحالات التي اكتشفت وفي أماكن متفرقة، قام فيها الأب بحبس ابنته المعوقة لسنوات ثم تم اكتشافها بطريق الصدفة، وهناك حالات تدمى لها القلوب، ومن بينها قيام أحدهم بحبس ابنته مع الكلب لعدة سنوات بعد أن طلق أمها ولم تعد تعرف عن مصير ابنتها أي شيء حتى نسيت الفتاة آدميتها وصارت تقلد الكلب بالطعام والشراب فكيف لا وهي تعيش واقعه نفسه وظروفه نفسها وفي مكان له أربع جدران لا يمكن أن يسمى غرفة وباب مقفل عليها مع ونيسها الوحيد الكلب!!
فتاة أخرى سجنت ثماني سنوات لم تخرج إلا مرة واحدة لتسجل بدائرة الشؤون الاجتماعية على أنها معوقة وعادة وقيدت بالسلاسل المعدنية في مكان معزول أيضا، وقد تعددت الحالات ولم نعد نعرف إن كانت هذه الحالات ستصبح ظاهرة وتسمى ظاهرة السجون المنزلية، فهل الإعاقة هي السبب أم لأنها أنثى أيضاً؟
بالرغم من هذا كله هناك نساء أثبتن قدرتهن على الإندماج بالمجتمع والمضي قدماً في تحقيق بعض الأهداف كالعمل والمشاركة في الحياة الإجتماعية أو بناء أسرة وذلك بالعمل الدؤوب عندما تجد منظمة ترعى هذا الجانب من المجتمع وتلاقي تقّبلاً من أصحاب القرار، فإصرار النساء من ذوات الإعاقة على تخطي هذا الحاجز والتنظيم على الصعيد الوطني والإقليمي والدولي ومنظمات الإعاقة بدأ يكسر حاجز السلبية وأخذ يتزايد في العمل مع هذه الفعاليات إدراكا منها للحاجة إلى احتضان تجارب جميع الأشخاص بغض النظر عن النوع والجنس والإختلافات الإثنية أو الدينية أو العمرية.
تاريخ الميلاد: 13 مايو / أيار 1964
محل الميلاد: تل درة ـ سلمية ـ حماه
رئيسة تحرير موقع زنوبيا الإخباري.
باحثة اجتماعية في قضايا المرأة والمجتمع والبيئة.
كاتبة في عدة مواقع وصحف رسمية, تعاون مع شبكة المعرفة الريفية لحفظ ذاكرة الريف السوري على موقع الريف نت (reefnet),
المسؤولة الإعلامية لمركز دراسات وأبحاث و رعاية المعوقين في سلمية.
كتبت في أكثر من موقع الكتروني منها سيريانوبلز ـ سيريا نيوز ـ نساء سوريا، كلنا شركاء في الوطن، الموقع السوري للدراسات والاستشارات القانونية، جريدة القدس العربي والصحف المحلية السورية.
أعددت تقارير مصورة ومنها بالفيديو والصور مثل دراسة عن النواعير في محافظة حماه لصالح شبكة المعرفة الريفية وحياة البدو أيضا والقبب الطينية في قرية الشيخ هلال بالبادية السورية.
حصلت على الجائزة الأولى لمسابقة سوبر محرر التي قدمها موقع سيريا نوبلز لتشجيع العمل الصحفي واكتشاف المواهب الصحفية في دمشق.