الأيدز داء عضال، وبجدارة دعي قاتل العائلات Killer of Families فما هو؟
إنه مرض ينجم عن فيروس يدعى فيروس نقص المناعة البشرية، وهذا الفيروس يعتبر من المخلوقات الضعيفة حيث أن المنظفات البسيطة تقضي عليه ولذلك فإن انتقاله يحتاج لتماس صميمي وشديد كما يحصل عبر التماس الدموي أو بواسطة الجنس، ويؤدي عند استيطانه الجسم لمرض منهك للمناعة، ومن هنا سمي المرض (مرض نقص المناعة المكتسب). هذا الداء يعتبر من المشاكل الصحية الكبرى في عصرنا الحاضر وربما سيبقى كذلك لفترة نرجو الله ألا تطول. لقد عرف الداء لأول مرة عام 1981 وسجلت إصابة أول طفل عام 1983.
* أين ينتشر؟
يوجد الأيدز في كل أنحاء العالم ولكن بنسب مختلفة. لقد أصبحت حالاته تعد بمئات الآلاف بينما الذين يحملون الفيروس يعدون بالملايين، وللأسف فإنه في بعض بقاع أفريقيا أصبح ربع النساء الحوامل وعشر أطفال المشافي يحملون فيروس الأيدز. وفي الولايات المتحدة هناك الآلاف من الأطفال المصابين والذين يموتون أو في طريقهم للموت ويشكلون حوالي 1.5% من حالات الايدز هناك، والحالات عند الولدان الجدد تزداد بشكل خطير هذه الأيام و57% من الأطفال المصابين انتقل إليهم المرض من أمهاتهم، إذا كانت الأم حاملة للفيروس فإن احتمال إصابة ابنها تتراوح من 20 ـ 35%، وتتضاعف نسبة إصابة الحمل الثاني. وعندما نتكلم عن المصابات لا ننسى أن نذكر أن لديهن غالباً مشاكل أخرى مثل نقص العناية الصحية والثقافة المحدودة وفقر الدم وتعاطي الكحول والتدخين والمخدرات وانتشار الأمراض المنتقلة بطريق الجنس كالزهري والسيلان البني وكذلك التهاب الكبد وكلها مشاكل تفاقم معاناة الوليد. إن 80% من المصابات في الولايات المتحدة هن في سن الإنجاب (13 ـ 39 سنة) ولقد أصبح الأيدز في تلك البلاد السبب التاسع المؤدي للموت عند الأطفال بعمر 1 ـ 4 سنوات والسبب السابع بعمر 15 ـ 42 سنة.
* كيف ينتقل الأيدز؟
ينتقل بسوائل البدن كالدم، مباشرة أو عبر نقل الدم أو أحد مشتقاته أو بواسطة المني وحليب الأم وهناك خطر قليل لانتقاله بالدموع أو بالعض. وقد يوجد الفيروس في البول. إن الإصابة قد تحدث قبل الولادة داخل الرحم أو أثناء الولادة أو بعدها.
* ما هي أعراض وعلامات المرض؟
بعد دخول الفيروس البدن يبقى فترة طويلة قبل ظهور علاماته، وتصل الفترة لأشهر أو سنين، وهي عموماً أقصر عند الأطفال منها عند الكبار. ويؤدي الأيدز إلى تحطيم الجهاز المناعي ولا يسلم منه عضو أو جهاز في الجسم وهو يستوطن داخل صبغيات خلايا الإنسان التي هي جوهر الخلايا وهناك بالتالي مجموعة واسعة من المظاهر الناجمة عن الداء، فالنمو يتضاءل ويحدث التهاب في الرئة وضخامة في الكبد واسهال مزمن وضياع وزن وحمى غير مفسرة وتحدث انتانات جرثومية خطيرة ومتكررة مثل انتان وتجرثم الدم والحمى الشوكية والتهاب العظم والمفاصل والخراجات وتتراجع ملكات الجملة العصبية ويحدث اعتلال في الدماغ يؤدي للعمى واضطرابات الحركة والتشنجات والاختلاجات وصغر الرأس وصعوبات اللغة والكلام ونقص الإدراك والتأخر العقلي والنعاس والترنح في المشية واعتلال الأعصاب وتورم الغدة النكافية فضلاً عن السرطانات.
أيضاً تكثر الإصابة بفطور المبيضات البيض (الكانديدا) والفطور الأخرى بأنواعها المختلفة وتستفحل انتانات الفيروسات بأشكالها وينتشر مرض السل (الدرن) في البدن وتكثر الاضطرابات الهضمية واعتلال القلب وأمراض الكلى والجلد والأكزيمات.
أما الذي يولد مصاباً فقد تكون له سحنة وجهية مميزة حيث تتباعد العينان وتنحرفان وتكون شقوق الأجفان طويلة وصلبة العين (البياض) تكون زرقاء وتبرز الجبهة ويتسطح جذر الأنف ويكون قصيراً والشفاه متهدلة ومنتصف العليا يكون على شكل مثلث والرأس يكون صغيراً والوزن ناقصاً فضلاً عن المظاهر التي ستتبدى لاحقاً.
* هل من علاج؟
إن الدواء الرئيسي الذي يستخدم للأطفال المصابين هو دواء الأزيدوثميدين وله نفع كبير نسبياً بالإضافة إلى العلاجات الداعمة العديدة والمضادات الحيوية لمعالجة الانتانات والالتهابات. ولكن كل ذلك يحسن الحالة ولا يشفي من المرض. ويحتاج هؤلاء الأطفال للعناية التمريضية الماهرة والرعاية الاجتماعية والدعم النفسي والمعنوي كما أن علاج ما قد يتعرضون له من أمراض له بعض الخصوصية من حيث نوعية الأدوية وجرعاتها والمدة التي يجب أن يعطى الدواء خلالها.
* هل من لقاح؟
لا. ولكن التطعيمات الروتينية التي تعطى للأطفال عادة تعطى للمصابين بالأيدز وفق برنامج خاص حيث يتم حذف أو استبدال بعضها.
* ما هي نتيجة الإصابة؟
باختصار: الوفاة حتى إشعار آخر. ففي دراسة كبيرة تبين أن هؤلاء الأطفال يعيشون بعد بدء المرض فترة ما بين شهرين ونصف و10 سنوات والوسطي أقل من سنتين.
وفي الختام:
الأيدز مرض فتاك طالت شروره أنحاء المعمورة ومجتمعنا من المجتمعات النظيفة والحمد لله وهذا يدعونا أكثر للحفاظ على نقاء البيئة الصحية لدينا وذلك بالتمسك بالأخلاق الفاضلة والعادات الصحيحة السليمة والابتعاد عن مواطن الشبهات والرذيلة المنتشرة في المجتمعات الأخرى. كما أن مكافحة المخدرات تسهم في ابعاد شبح الايدز كذلك فإن الاختبارات التي تجرى على الدم قبل نقله هامة جداً.
إن الإنسان المصاب ينقل المرض لزوجته وبالتالي لأولاده وكل إصابة تعني مأساة بحد ذاتها وبالتالي يكون الذنب أكبر وحجم الكارثة أعظم.. إن الطفل بريء وعلينا أن نصون براءته وبسمته وألا نسمح ـ بعون الله ـ لوحش مفترس اسمه الأيدز أن يدمر هذه البراعم.