ميل الطفل إلى العزلة ودور الأسرة في تنمية تفاعله الاجتماعي
يعرّف الإنسحاب الإجتماعي بأنه الميل إلى تجنب التفاعل الإجتماعي و الإخفاق في المشاركة في المواقف الإجتماعية بشكل مناسب والإفتقار إلى أساليب التواصل الإجتماعي ويتراوح هذا السلوك بين عدم إقامة علاقات إجتماعية وبناء صداقة مع الأقران إلى كراهية الإتصال بالآخرين والإنعزال عن الناس والبيئة المحيطة وعدم الإكتراث بما يحدث فيها، وقد يبدأ في سنوات ما قبل المدرسة ويستمر فترات طويلة وربما طوال الحياة.
ولأن هذه المشكلة تعكس آثارها السلبية طويلة المدى على شخصية الطفل مستقبلاً وتحد من تواصله الإجتماعي مع البيئة المحيطة، وتفقده الحصول على فرص عديدة، فلا بد للوالدين من اتباع مجموعة من التعليمات من أجل الوقاية من هذه المشكلة وتفادي تفاقمها إن ظهرت بوادرها على الطفل، وذلك باتباع ما يلي:
-
تعريض الطفل لخبرات تفاعل إجتماعي جديدة:
من الضروري توفير خبرات تفاعل إجتماعي ايجابية مع الآخرين للأطفال وخصوصاً في المراحل العمرية المبكرة، حيث أن طبيعة المهارات الإجتماعية والتدريب عليها غالباً ما تتطلب تدريب الطفل في مواقف إجتماعية حية، وتبين الدراسات أن بالإمكان زيادة مستويات التفاعل الإجتماعي بين الأطفال الصغار في السن من خلال تنظيم الأبعاد البيئية المختلفة وتجدر الإشارة إلى أهمية مراعاة مدى مناسبة هذه التفاعلات لعمر الطفل النمائي وعلى ضوء ذلك فأنت توفر للطفل خبرات التفاعل الإجتماعي حتى يعرف كيف يستطيع أن يقيم علاقات إيجابية مع الآخرين.
ويشير بعض الباحثين إلى أن الأطفال في هذه المرحلة المبكرة من العمر مرحلة الطفولة المبكرة، قد لا يكونوا قد تعلموا مهارات التفاعل والتعامل مع الآخرين لذا يجب العمل على توفير أكبر قدر ممكن من التفاعلات الإجتماعية الإيجابية.
إنه من الممكن أن تنشأ المشكلات عندما يلعب الأطفال الصغار دون إشراف، إذ أن كثيراً من الخبرات السلبية مثل الإغاظة أو التخويف أو الإحراج قد تؤثر على الطفل فتجعله يحاول تجنب الآخرين، إن خوف الطفل من الآخرين قد يسبب العزلة الإجتماعية، فالطفل الخائف يرغب في الهروب من مشاعر الخوف و الإحراج عن طريق تجنب الآخرين لأن التفاعل مع الآخرين يكون مرتبطاً بالشعور بالألم.
أيضاً فإن وجود السلطة الوالدية المتوترة أو الغاضبة غير العطوفة قد تولد رغبة لدى الطفل في الإنسحاب. لذا يجب على الأب أن يتواجد ما أمكن في هذه الفرص حتى يشعر الطفل بالأمن أثناء التفاعل الإجتماعي مع الآخرين كما أن هذا الوجود يساعد الأب في تحليل طريق لعب الطفل ويكتشف المشكلات في حال وجودها ويتدخل فوراً، كما أنه يجب أن تبدأ بتوفير مجموعات اللعب في البداية بشكل صغير ثم تبدأ بزيادة عدد أفراد هذه المجموعات بالتدريج.
-
توفير نماذج تفاعل إجتماعي
غالباً ما يتعلم الأطفال من خلال النمذجة لذا احرص على توفير نماذج تفاعل إجتماعي إيجابية من خلال القصص والتحدث عن خصائص الآخرين الإيجابية واحرص على تعليم الأطفال كيف يكونون على وفاق مع الآخرين وكيف يتجنبون الشجار والشكوى المستمرة.
ويؤكد بعض المختصين في المجال على أهمية التوضيح، فبإمكانك توضيح النماذج السلبية للأطفال المضطربين كأن تخبر طفلك عن الأطفال غير المحبوبين وما هي السلوكيات التي يقومون بها كإغاظة الآخرين و إهانتهم وغير ذلك، ولابد بأن تخبر طفلك عن الأطفال المحبوبين وما هي خصائصهم لأن ذلك ينمي الشعور بالأمن والثقة بالذات وبالتالي يزيد من قدرة الطفل على المشاركة في التفاعلات الإجتماعية.
-
احترام الطفل وتقبله وتقبل أقرانه ذوي السلوك السوي
عليك أن تقنع الطفل بأنك تهتم به وترغب به ليس فقط من خلال الكلمات الطيبة بل ومن خلال الفعل فالأسرة هي نموذج قوي وواقعي لتقبل الجماعة للفرد. فالأطفال الذين لا يشعرون بالإنتماء والتقبل في البيت يجدون صعوبة كبيرة في المشاركة مع جماعة غير مألوفة.
إن العلاقات الأسرية يجب أن يتم تحسينها باطراد في مجالات الدفء العاطفي الأسري والدعم والإنفتاح في التعبير عن المشاعر ويجب تشجيع الأطفال الكبار على مناقشة علاقاتهم مع الرفاق، وعليك كولي أمر أن تصغي بتعاطف وتقدم إقتراحاتك ومساعدتك، وفي الوقت نفسه عليك أن تعبّر عن وجهة نظر إيجابية ومتفائلة حول عضوية الطفل في مجموعة الرفاق، إذ يمكنك أن تبدي تعاطفاً عندما يتحدث طفلك عن مجموعة من الأطفال لا يسمحون لغيرهم بأن يشارك باللعب معهم، حيث يمكن مناقشة هذا الأمر مع الطفل وتبيان الأسباب المتوقعة له كحب هذه الجماعات للبقاء في مجموعات صغيرة.
كما يجب أن تبين للطفل أن هناك تدرجاً في التنقل بالنسبة للمراكز في الجماعات يعتمد على معايير عدة كالذكاء والمهارات الرياضية بحيث يمكن أن يفهم الطفل ذلك. وعلى ضوء ذلك يجب أن تنمي في طفلك الثقة بالنفس عن طريق حرية التعبير عن الرأي وغير ذلك.
-
تنمية ثقة الطفل بنفسه وحب المغامرة:
تؤكد العديد من البحوث التربوية على أهمية تعليم الأطفال المهارات الرياضية ودورها في تنمية مهارات التفاعل الإجتماعي، لذا علّمهم مهارات قد يعتبرها الآخرون مهمة كالمهارات الرياضية فهي تعتبر ذات قيمة عالية عند الأطفال الأقران، إذ أنه قلما يكون الرياضيون المتميزون معزولين، كما أنه يجب أن تشجع الأطفال على الإهتمام بهواية أو أكثر بحيث توفر إمكانيات ممارسة هذه الهواية وعززهم على ذلك وبالتالي سيشعر الأطفال بالثقة بالنفس وحب المغامرة ومن ثم سيصبحون قادرين على تحمل النبذ، وقد يزول أي خجل محتمل أن يكون لديهم إذ أنه ثبت أن الخجل يحول دون التفكير والحديث والتعبير عن وجهة النظر، ويفقد الطفل فرصاً حياتية كثيرة وبالتالي يؤثر على جوانب النمو الإجتماعي لديه.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011