وجدت دراسة جديدة أن الرجال الذين يبقون عاطلين عن العمل لفترة طويلة يشيخون أسرع من غيرهم الذين ينتظمون في أعمال ثابتة ومستقرة، بينما وجدت دراسة ثانية أن البطالة قد تضر القلب أيضاً.
وفي الدراسة الأولى التي أجراها باحثون في جامعة (امبريال كوليدج) في لندن تبين أن عامل الشيخوخة عند العاطلين عن العمل يبرز في حمضهم النووي، ويقول الباحثون إن (التيلوميرات)، وهي تشكيلات حيوية موجودة على أطراف الكروموسومات، تقصر عند العاطلين عن العمل. ومن المعروف أن قصر (التيلوميرات) يشير إلى الشيخوخة.
وتقول الباحثة المسؤولة عن الدراسة، جيسيكا بوكستون، إن (التيلوميرات الأقصر ترتبط بزيادة خطر الأمراض المرتبطة بالشيخوخة مثل أمراض القلب، والنوع الثاني من السكري)، مضيفة: (يبدو أن البطالة طويلة الأمد هي أحدث مثال على تجربة الحياة المجهدة التي قد تؤدي إلى تغييرات دائمة في الحمض النووي للخلية).
وأشارت إلى أن دراسات أخرى كانت أظهرت أن الكثير من العمل يمكن أن يكون مؤذياً كما القليل منه. وفحصت بوكستون وزملاؤها الحمض النووي لما يزيد على 5600 رجل وامرأة ولدوا في فنلندا عام 1966 ونظروا بشكل خاص في طول (التيلوميرات) في عينات الحمض النووي التي جمعت عام 1997 عندما كان المشاركون في الدراسة في عمر 31 عاماً. وظهر أن الرجال الذين كانوا عاطلين عن العمل لمدة زادت عن سنتين كانوا أكثر عرضة لأن تكون (التيلوميرات) لديهم أقصر منها لدى العاملين.
وفي الدراسة الثانية وجد باحثون من جامعة (دوك) الأمريكية أن البطالة قد تزيد خطر الإصابة بأزمات القلب. وذكر موقع (ي واس أيه توداي) الأمريكي أن الباحثين الذين أجروا الدراسة في جامعة (دوك) على 13451 رجلاً وامرأة في سن بين 51 و75 عاماً، وجدوا أن البطالة قد تزيد من خطر الإصابة بأزمات القلب، ويكون الخطر في أعلى مستوياته خلال السنوات الخمس الأولى.
وقد أجريت مقابلات مع المشاركين كل سنتين بدءاً من العام 1992 حتى 2010. وعبر استخدام النماذج الإحصائية، نظر الباحثون في العلاقات بين الأوجه المتعددة لعدم الاستقرار الوظيفي وأزمات القلب، وتبيّن أن خطر الإصابة بأزمات القلب يزيد بنسبة تقارب 35% بين العاطلين عن العمل مقارنة بالعاملين، وظهر أن الخطر يزيد 22% عند من فقدوا مرة واحدة وظيفتهم، و63% عند من فقدوها 4 مرات أو أكثر في حياتهم،÷ وكانت الآثار الضارة للبطالة متساوية عند النساء والرجال والمجموعات العرقية الأساسية.
بالمقابل، يقول مختصون إن التأثير السلبي للقلق الذي يشعر به المرء من احتمال فقدان وظيفته أو مصدر رزقه قد يفوق البطالة نفسها في ضرره على الصحة. وتقول الاختصاصية في علم الاجتماع في جامعة ميشيغان سارة بيرغارد إن (تأثير القلق في هذه الحالة هو في الواقع أسوأ من فقدانك لوظيفتك).
وأضافت (تبين لنا من خلال الكيفية التي قيّم فيها المشاركون صحتهم البدنية والعقلية أن الذين كانوا قلقين بصفة مستمرة على وظائفهم تدهورت صحتهم أكثر من نظرائهم الذين لم تساورهم مثل هذه الهواجس والمخاوف).
ورأت بيرغارد (أن انعدام الأمن الوظيفي المزمن يسبب أذىً يفوق ذلك الذي تسببه أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم أو أضرار التدخين)، موضحة بأن (الإجهاد الناجم عن فقدان الأمن الوظيفي يمكن أن يكون مميتاً ويسبب حالات مرضية قد تقصر العمر).
واستندت الباحثة إلى دراستين أجريتا خلال الفترة ما بين 1986 و1989 والأخرى ما بين عام 1995 و2005 وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن (التغييرات الجذرية التي حدثت في سوق العمل الأمريكية أضعفت الروابط بين أرباب العمل والعمال وغذت الإحساس بافتقاد الأمن الوظيفي).
وتساءلت (لماذا يكون تأثير انعدام الأمن الوظيفي أسوأ على الصحة من البطالة)، مشيرة إلى عدة عوامل تلعب دوراً في هذا المجال مثل (استمرار الغموض حول المستقبل) والخشية من الفقر والبطالة.
وأضافت أن الأمريكيين بحاجة لبعض الطمأنينة وراحة البال مثل توفير التأمين الصحي لهم واستحقاقات التقاعد وغير ذلك وهذا قد يبدد مخاوفهم ويجعلهم يعيشون بشكل طبيعي.
وقد كشفت دراسة أمريكية أجراها فريق من جامعة نيويورك الحكومية في ألباني، أن فقدان الوظيفة أو حتى احتمالات التسريح من العمل، قد تتسبب بمشاكل صحية منها ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والنوبات القلبية والجلطات أو الإصابة بالسكري.
ورجحت الدراسة التي شملت أكثر من 8 آلاف عامل، إصابة 83% ممن فقدوا وظائفهم بسبب الأزمة المالية العالمية التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة بمشاكل صحية جديدة، مقارنة بغيرهم ممن ما زالوا في عملهم.
وقالت المسؤولة عن الدراسة كايت سترولي إن قرابة 10% من الذين فقدوا وظائفهم أصيبوا بعارض صحي جديد مثل الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم فضلاً عن التهاب المفاصل.
وأضافت سترولي (من المهم للغاية أن نتحكم بالضغوط بطرق صحية وأن نحاول الحفاظ على العادات الصحية الجيدة والتأقلم بفعالية مع ما حولنا).
وأكدت الدراسة أن الإجراء الذي يعرف بـ (خض الوظائف) وينجم عنه تسريح أعداد كبيرة من العاملين وإنما ليس ذا تأثير في معدلات البطالة، مثل الدمج أو إعادة الهيكلة، له تأثير سلبي في صحة العاملين الذين لا يشكون من أمراض.
قسم الخدمة الإجتماعية بمركز التدخل المبكر التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية