لوحظ مؤخراً ازدياد معدلات تدخين السجائر وغيرها من المواد المخدرة بين الشباب والمراهقين مما يعرضهم لكثير من المخاطر والأضرار الصحية، والإصابة بالعديد من الأمراض خاصة أمراض الصدر والجهاز التنفسي والأمراض القلبية وأمراض الكلى والضعف العام الذي يصيب صحة الإنسان خاصة المراهقين والنساء والفتيات اللاتي يدخن في سن مبكرة، حيث أن الأرقام التي تم رصدها خلال ثلاثة أشهر فقط بينت إلتحاق اكثر من 70 سيدة سعودية للعلاج من التدخين من خلال برنامج للتحكم في الكشف العشوائي عن المدخنات.
أما الأرقام التي تم علاجها للنساء المدخنات خلال عام فقط فبلغت 100 امرأة معظمهم من الشابات السعوديات، تراوحت أعمارهن ما بين 19 الى 60 سنة من بينهن 30 حالة من المستوى الجامعي والبقية من متوسطي التعليم.
التدخين سلوك سلبي مكتسب
يشير د. سيد احمد مصطفى حبيب أخصائي تغذية علاجية، وعضو اللجنة العلمية بالادارة العامة للتغذية في وزارة الصحة فيقول:
قال تعالى في منزل تحكيمه: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (سورة البقرة 195).
إنه لمن المحزن حقا أن تكون هناك ممارسات يعلم صاحبها بمضارها به وبمن حوله ورغم ذلك يضع لها المبررات بأنها عادة من الصعب التخلي عنها بسبب التعود رغم تأثيراتها السلبية والتي تعود على الصحة بالضرر والإعتلال الصحي وتأثيراتها المادية الوقتية التي ترهق ميزانية الأسرة، وخاصة عندما تظهر مضاعفاتها وتكلفة علاجها والتي ترهق الفرد والميزانيات المقررة لصحة المجتمع ألا وهي عادة ممارسة التدخين.
وهنا ننتهز الفرصة لنوجه دعوتنا لكل مدخن ومدخنة، وبقوة الشخصية والعزيمة لاتخاذ القرار وفي هذا الوقت المناسب والذي لا يتعدى اللحظات بالتخلي عن هذه العادة السيئة لإنقاذ نفسه ومن حوله ونسأل الله التوفيق والعون للجميع.
إن التدخين بأشكاله المختلفة يعد من السلوكيات المكتسبة في مرحلة عمرية هامة وهي مرحلة المراهقة والشباب وربما يكتسب هذا السلوك من خلال تقليد الكثير من الأطفال الآباء والأمهات المدخنين.
الآثار الصحية والنفسية المرتبطة بالتدخين
حسب رأي أحد العلماء في مجال أمراض الصدر (حقا ليس كل مدخن مصاب بسرطان الرئة، لكنني اجزم ان كل مصاب بسرطان الرئة هو مدخن).. ونسبة الوفيات بين المدخنين تمثل 40% مقارنة بغير المدخنين ويحتوي الدخان على 4000 مادة كيميائية مختلفة و60 مادة مسرطنة، اما بالنسبة للمرضى الذين يعانون من داء السكري فان التدخين يساهم وبصورة كبيرة في تعجيل ظهور المضاعفات وخاصة جلطات القلب والمخ والشرايين الكبيرة العلوية والسفلية واعتلال الشبكية ونزيف العين والاصابة بالعمى المبكر.
كما توجد مواد مسببة للسرطان مثل سرطان الرئة والقولون والمعدة والمثانة، كما يزيد التدخين من افراز احماض المعدة، مما يؤدي الى التهاب غشاء المعدة والاصابة بقرحة المعدة وربما سرطانها، والتدخين له اثار نفسية وخيمة تجعل (المدخن قليل النوم سريع الانفعال والقلق وفاقد الشهية للطعام ومترددا في اتخاذ القرار، كما انه يعجل بظهور التجاعيد والشيخوخة المبكرة.
الآثار السلبية للمدخنات على الإخصاب وآلام والجنين
إن التدخين يصاحبه إنخفاض في الحيوانات المنوية، والنوعية الجيدة منها، ويسبب العيوب الخلقية وتشوهات الجنين والسرطانات التي تظهر في المرحلة العمرية الأولى من حياة الانسان، وان وزن الجنين يكون اقل من الوزن الطبيعي عند الولادة.
مساوؤه على صحة الفم والأسنان
يسبب التدخين تصبغ الاسنان وتغيير لونها لاحتوائه على مادة النيكوتين، ويؤدي التدخين الى أمراض اللثة وفقدان الاسنان والتعرض للكسور لدوره في تكلس الاسنان والعظام.
كما أن مضادات الأكسدة، ونقصها لدى المدخن / المدخنة يعتبر أحد المشكلات الغذائية الناتجة عن التدخين مثل نقص فيتامين ج، وتناول الأطعمة والخضروات والفواكه الطازجة مفيد وقائيا، وهنالك بعض العناصر الغذائية الأخرى بجانب فيتامين ج تحتوي وبقدر كبير على كمية من مضادات الأكسدة، ومن هذه الفيتامينات مثل فيتامين هـ وE والسلنيوم وفيتامين أ والتي تساعد في الوقاية من السرطان.
الآثار السلبية الاقتصادية
يعد التدخين أحد الممارسات الحياتية الخاطئة التي لها نواتج غير صحية، ولها أعباء إقتصادية ترهق الميزانية الخاصة بالأسرة، كما أن مضاعفاته المرضية تحتاج لميزانيات ضخمة لعلاجها، مما يؤثر ذلك على ميزانية صحة المجتمع، والخلاصة أن الداء ما تم ذكره أما الدواء فهو الإستعانة بالله وقوة العزيمة لترك ما هو ضار بالروح والجسد، وقال الله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) سورة النساء الآية 29.
الأبحاث خير برهان
أما د. عبدالرحمن محمد العيسوي فيرى في تجارب حقن الحيوانات بمادة النيكوتين خير برهان حيث يشير بقوله: لقد تبين من خلال الدراسات التي أجريت على بعض حيوانات التجارب ان ذلك يخفض من معدلات العدوان لدى الحيوانات، ولا يبدو من التجارب بأن مادة النيكوتين تعوق أو تعرقل الوظائف العقلية كالتفكير والتخيل والإدراك والتعلم والتذكر، ولكنه يعرقل ويعوق ويضر بصحة المدخن.
وشركات صناعة التبغ تحاول أن تمنع ظهور مثل هذه الدراسات والأبحاث وتحاول كذلك عزل أو فصل المواد ذات القدرة على تكوين الإدمان من السجائر، لكن النقاد يقولون بأن الشركات تزيد ولا تنقص مادة النيكوتين في السجائر حتى يصبح تدخينها إدماناً، وبذلك ترغم المدخن على الإستمرار في التدخين ويمثل ذلك الكسب أحد ظواهر الفساد الأخلاقي في المجتمع المتقدم فهناك قضايا غير أخلاقية تؤثر في سلوك البشر ولقد أدى ظهور نتائج هذه الأبحاث الطبية التي تؤكد الأضرار الصحية للتدخين إلى صدور التشريعات التي تحذر وتمنع صدور الإعلانات التي تشجع وتحض على شراء السجائر، وتدخينها وذلك على الشراء من خلال الراديو، والتلفاز وتقضي بأن يدون فوق علب السجائر تحذير بآثارها المهلكة أو المميتة أو المسببة للوفاة.
وفي الأيام الأخيرة زادت الحملات المنادية بمنع التدخين وكذلك صدرت التشريعات التي تحظر الإعلان عنه أو التشجيع عليه. فهناك حظر للتدخين في المسارح ودور السينما والمحلات التجارية والمصالح والدواوين ووسائل النقل والمواصلات، وهناك تشريعات لتقليل كمية النيكوتين من السجائر وكذلك كمية القطران ووضع قيود صارمة على توزيع السجائر وخاصة لعدم بيعها للمراهقين صغار السن.
التدخين في مجتمعاتنا العربية والإسلامية
وفي مجتمعاتنا العربية والإسلامية هناك كثير من أصحاب المحال التجارية الذين يرفضون طواعية بيع أو شراء التبغ سواء للكبار أو للصغار على اعتبار أنه شيء مكروه ومحرم، وبالطبع تقاوم شركات صناعة التبغ هذه التشريعات التي تحظر بيع واستعمال السجائر، ويقولون إن الحظر سوف يفتح السوق السوداء لبيعها، ويقول أصحاب الشركات الكبرى إن السجائر ليس لها خواص إدمانية، لكنهم عندما سئلوا: هل توافقون على أن يدخن أبناؤكم أجابوا جميعا: لا!! ومنطقي عندما يقال لهم هل ترغبون فقط في بيع السجائر لأبناء وبنات الناس الآخرين؟ أن يكون جوابهم للأسف: نعم!!