من أجل أن تكون التغذية سليمة، لابد أن تكون المواد الغذائية التي يتناولها كل فرد متكاملة ومتنوعة وبكميات ملائمة بحيث لا يتعرض الإنسان إلى مشاكل صحية كأمراض القلب ومرض السكر وحتى نزيف المخ أو هشاشة العظام وبعض الأنواع من السرطانات، كما أن العادات التي يتبعها الشخص طيلة حياته تبدأ منذ الطفولة ومن الصعب تغييرها في الكبر لذلك لابد من تنشئة الأطفال على عادات غذائية سليمة، يعتقد كثير منا أن الأكل من متع الحياة التي أنعم الله بها علينا وهذا ما لا يشك فيه، لكن في وقتنا الحاضر ومع تعدد المطاعم والمشارب وكون الطعام أصبح من عاداتنا الاجتماعية تبرز إشكالية: هل نراعي في ذلك ما وجهنا إليه ديننا الحنيف ـ قال تعالى: (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) سورة الأعراف.
إن صحة الإنسان تتأثر بأشياء عديدة منها سلوكياته الغذائية والرياضية والوراثة والبيئة وغيرها، ويعتبر الغذاء ضرورياً لاستمرار حياة الإنسان والمحافظة على نشاطات الجسم المختلفة وما نسمعه من أخبار المجاعة وموت آلاف الأشخاص وبخاصة الأطفال في الدول الفقيرة إنما بسبب الجوع ونقص الغذاء كما ونوعا مما يساعد في انتشار الأمراض ويحتاج جسم الإنسان للغذاء للقيام ببناء الأنسجة اللازمة لنمو الجسم وتعويض ما يتلف من الخلايا والأنسجة وإعطاء الطاقة اللازمة لدفء الجسم والحركة وحماية الجسم من الأمراض ورفع المناعة لدى الإنسان كما هو مهم في تنظيم العمليات الحيوية من تنفس ونقل وإخراج وتكاثر وغيرها.
ويعتبر الجلوكوز الوقود الرئيسي لخلايا المخ، ولذلك فإن الطالب أو الطالبة إذا لم يأخذ كفايته منه فإن عمل المخ يتأثر بذلك، وقد يؤدي ذلك إلى توقف الطالب والطالبة عن المذاكرة ويحس بخمول وتعب، لذلك فإن عملية التغذية وخصوصا بداية اليوم بوجبة إفطار جيدة أمر مطلوب ليحصل المخ على حاجته من الجلوكوز كما يعد الحديد من العناصر المهمة والمفيدة في تركيز الدم، ونقصه له تأثير سلبي ينتج عنه فقر الدم، وهو عبارة عن نقص مخزون الحديد في الدم، وهو من أكثر الأمراض الغذائية شيوعا في العالم، وتشير الدراسات إلى أن فقر الدم الناتج عن نقص الحديد ينتشر عند أطفال المدارس بنسبة تتراوح بين 15 ـ 40% وهناك تأثيرات صحية لفقر الدم منها القصور في النمو الحركي، القصور في النمو اللغوي، القصور في التحصيل الدراسي وهناك أسباب رئيسة لحدوث فقر الدم الناتج عن نقص الحديد منها: قلة أو عدم تناول الأغذية التي تحتوي على المواد المساعدة على زيادة امتصاص الحديد خاصة فيتامين (ج) الذي اتضح أن وجوده في الوجبة يرفع من امتصاص الحديد إلى عدة أضعاف، وقلة تناول الأغذية التي تحتوي على الحديد مثل اللحوم والسمك والدجاج والخضروات الورقية.. كل هذه الأغذية لابد أن يتناولها الفرد للحصول على كمية جيدة من الحديد، ووجود مواد تؤثر سلبيا على امتصاص الحديد أي لا يستطيع الجسم الاستفادة من الحديد الموجود في الغذاء بشكل جيد.
دور الأسرة في تحلي أبنائهم بالعادات الصحية السليمة في تناول الوجبات الغذائية
حتى يتبع الابناء العادات الصحية السليمة في تناول الوجبات الغذائية يجب احترام شهية الطفل، فالصغار يميلون إلى تناول الطعام فقط عندما يشعرون بالجوع، وإذا كان طفلك غير جائع فلا تستخدمي القوة أو التهديد لإجباره على تناول الطعام، كما لا تستخدمي الرشوة لإغرائه بتناول الطعام، فقط دعيه يأكل عندما تدعوه شهيته الى ذلك حيث تعتقد بعض الأمهات أن فرض قيود على الأطعمة غير الصحية التي تسبب زيادة الوزن لدى الطفل عين الصواب، لكن الحقيقة أنها فكرة غير صائبة بالمرة، فالممنوع مرغوب كما يقول المثل، وقد تكون شخصية الطفل من النوع المتحدي، فيصمم على تناول هذه الأطعمة من ورائك، كما أن ذلك قد يسبب النفور لدى طفل آخر من أطعمة معينة، كما أن هذه القيود يمكن أن تزيد من بعض الاضطرابات المتعلقة بالأكل في المستقبل مثل: فقدان الشهية أو الشره المرضي.
ويأكل الأطفال ما هو متاح أمامهم، لذا من الضروري أن تشتمل الوجبات على أكبر قدر ممكن من الخيارات الصحية اجعلي طبق السلطة الذي يحتوي على الأوراق الخضراء والمزين بالألوان المختلفة طقسا يوميا على مائدة الطعام، كما أن وضع الفواكه في وعاء على الطاولة أمام الطفل أفضل من دفنها في أدراج الثلاجة، مع ملاحظة عدم إجباره على تناولها فوجودها أمامه سيجعله يتناولها آجلا أو عاجلا وبدلا من وصف الأطعمة بأنها سيئة أو جيدة، تحدثي مع طفلك بأسلوب بسيط وبعيد عن الوعظ والأوامر عن كل الخيارات، وضحي له أنواع الطعام الصحي التي يؤدي تناوله إلى صحة جيدة في ممارسته للألعاب الرياضية وتمنحه تركيزا أفضل في المدرسة مثل منتجات الألبان، وشجعيه على اختيار الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون، واشرحي له أنها تحتوي على المواد المضادة للأكسدة التي تمنح جلده وشعره البريق.
إن كنت تريدين لأطفالك أن يتناولوا الطعام الصحي فيجب أن تكوني قدوة لهم أولا فمن غير المعقول أن تتناولي أمامهم الأطعمة غير الصحية كالحلوى ورقائق البطاطا وتطلبي منهم في الوقت نفسه أن يفعلوا العكس، أطفالك مرآة لتصرفاتك حتى في عادات تناول الطعام الجيدة كما احرصي على أن تتناول الأسرة وجبات الطعام في موعدها، فالتفاف الأسرة حول مائدة واحدة يترك في ذهن الطفل معاني دافئة وجميلة، ولا تنسي اختيار الوجبات الخفيفة الصحية مع الإكثار من الخضروات والفاكهة وعدم تخطي الوجبات لكي لا يقلدوك، وتذكري أنهم سيحذون حذوك عندما يشاهدونك تتناولين الطعام الصحي.
إن وجود الأطفال في المطبخ يمثل لهم الكثير من المتعة، لكن الأهم السماح لهم بمساعدتك على القيام ببعض المهام في المطبخ مثل غسل الخضروات والفاكهة أو التحريك تمنحهم الشعور بأنهم شاركوا في عملية إعداد وجبة صحية، الشعور بالفخر سيجعلهم يشعرون بالحماس لمشاركة بقية أفراد الأسرة في تناول الطعام الصحي.
ومن المشاهد الشائعة والخاطئة في بيوتنا تقديم الطعام للأطفال وهم يشاهدون التلفزيون أو يجلسون أمام شاشات الكمبيوتر أو خلال اللعب، هذه العادة السيئة لا تعود الطفل على طرق غير صحية في تناول الطعام فقط، إنما تساهم أيضا في زيادة وزنه، فهو يتناول كمية كبيرة من الطعام دون أن يشعر وقد أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث أن الأطفال الذين يتناولون طعامهم بعيدا عن التلفزيون والكمبيوتر تنخفض لديهم نسبة الدهون في الجسم.
إن العلاقة بين التغذية الصحية والقدرة على التعلم علاقة وثيقة وتبادلية حيث أن التغذية السليمة أساس الصحة كما تعتبر وسيلة تمكن من الحضور المنتظم إلى المدرسة وكذلك المواظبة، كما أن المدرسة تعتبر أيضاً وسيلة لتعزيز الصحة من خلال المناخ والتنظيم والادارة والظروف البيئية الاجتماعية كذلك من خلال المناهج وطرق التعليم وطرق تقويم وتطوير التعليم، كما تؤثر المدرسة تأثيراً مباشراً على تنمية الاعتزاز بالنفس وتحقيق الانجازات التعليمية، وكذلك نشر الوعي الصحي والغذائي.