إعداد : أحمد صبري عبد الرحمن
بينما أنا جالسٌ في غرفتي أُنجز بعض المهام الدراسية سمعتُ حواراً بين ابنتي الصغيرة التي لا يتجاوزعمرها خمس سنوات وبين والدتها، وبكل صراحة أعجبت بحديث ابنتي على الرغم من أن زوجتي كانت منزعجة جداً من حديثها، وهنا أخذت زوجتي للحديث بعد أن تركنا طفلتنا تلعب وتلهو في عالمها، وبحكم دراستي لعلم النفس الاجتماعي، بدأت أوضح لها دورنا الكبير في تنشئة طفلتنا تنشأة اجتماعية سليمة من خلالها تنمو شخصيتها بشكل متزن وسوي، وبدأت في توضيح الآتي:
اقرا ايضا: فهم نفسية الأشخاص ذوي الإعاقة ودور الدعم في تعزيز الرفاهية الشخصية والاجتماعية
ماهي التنشئة الاجتماعية ؟
هي عملية يتم من خلالها تحويل الكائن البشري (الطفل) من كائن بيولوجي إلى عضو صالح في المجتمع، متشبع بعادات وتقاليد وقيم وثقافة هذا المجتمع، ومن هنا يكون للأسرة دور كبير في هذه التنشئة.
وعند ذكر الأسرة ودورها في هذه العملية لابد من ذكر الأساليب التي تسهم في تنشئة الطفل اجتماعياً بالإضافة إلى معرفة مدى تأثير هذه الأساليب في بناء شخصيتة.
أجريت بعض الدراسات لمعرفة أساليب تعامل الوالدين مع أبنائهم فأظهرت النتائج الأساليب التالية:
السيطرة:
وتعني تحكم الوالدين المبالغ فيه، بما لا يدع للابن حرية الاختيار حتى في أموره الشخصية، وينتج عن هذه السيطرة ابن (مطيع، سهل الانقياد، يشعر بالنقص)
الرفض:
أسلوب آخر سلبي في تعامل الوالدين مع ابنهما، يظهر في اللامبالاة وعدم الاهتمام بمتطلبات الابن وما يشعر به، كما يظهر في مطالبة الطفل بأشياء وأمور فوق طاقتة، وإن لم يحقق هذه المطالب تظهر معاملة الوالدين في صورة عدائية نحوه إما (بالشتم، التوبيخ، وربما الضرب) وينتج عن هذا الأسلوب ابن (يشعر بالعجز والإحباط) وقد يتطور هذا التعامل إلى عدوان نحو الآخرين وخاصة الأضعف منه.
الحماية الزائدة :
المبالغة في حماية الطفل، على سبيل المثال، لا يسمحان له بالخروج كي يشتري من متجر في نفس العمارة التي يقطنان فيها، ولا يتيحان له الفرصة كي يؤدي واجبه المدرسي بمفرده، وهذا الأسلوب، وهذه التصرفات ينتج عنها ابن (اعتمادي، غير واثق في نفسه، ولا يتحمل المسؤولية مستقبلاً)
المحاباة أو التفرقة :
تعني ميل الوالدين أو أحدهما إلى ابنٍ بعينه من الأبناء، كالولد الوحيد على حساب أخواته البنات أو العكس، فيكون هناك مزايا لا تتوفر لبقية الأخوة مثل زيادة المصروف وغيرها وينتج عن هذا الأسلوب علاقات متوترة بين الأشقاء أو بين الأبناء والوالدين مما يخلق جواً نفسياً غير مريح داخل الأسرة.
التساهل:
ويعني عدم قيام الوالدين أو أحدهما بوضع حدود أو قيود تفرضها الأسرة العادية في الحياة، مثل عدم الإسراف في المصروفات أو التأخر في العودة إلى المنزل أو ضرب أحد الزملاء.. وينتج عن هذا الأسلوب ابن (متهور، لا يقدر العواقب، لا يتحمل المسؤولية).
التذبذب:
يعني عدم وجود أسلوب متزن في التعامل مع الأبناء، مرة يُعاقبُ لأنه لم يؤدي واجبه المدرسي ومرة أخرى لا يتم إظهار حتى عدم الرضا عن ذلك، وينتج عن هذا الأسلوب ابن (قلق، ومتردد قبل فعل أي شئ ).
القبول:
هو أفضل الأساليب على الإطلاق وأكثرها توازناً، ويتميز بالاهتمام الواعي بالطفل في كل أموره، والتدخل في الوقت والظرف المناسبين بكل ود ومحبة ودفء. ينتج عن هذا الأسلوب ابن (سوي ذو شخصية متزنة).
هذا بالنسبة لأساليب معاملة الوالدين بصورة عامة، أما المجتمعات الغربية فتتبنى ثلاثة أساليب
في المعاملة هي (السلطة – التساهل – الحزم).
الأب المتسلط:
صارم يعاقب على كل الأخطاء، لديه معايير ثابتة لابد أن يسير الابن عليها، يعيق الاستقلال، يشجع على الطاعة، لديه برود وتحفظ في التعامل.
هذا الأسلوب ينتج عنه ابن (خجول، انطوائي، لا يثق في الآخرين بسهولة)
الأب المتساهل:
الانضباط لديه قليل جداً، يسمح لأبنائه بحرية كاملة في التصرف، ينتج عن هذا الأسلوب ابن (عنيد، غير ناضج، يميل لإنهاء المهمة بمجرد مواجهة صعوبة).
الأب الحازم :
عقلاني، متزن في علاقته مع أبنائه، يعمل على إكسابهم مهارات التعامل الحياتية وتحمل المسؤولية، يشجعهم على الاستقلالية، هذا الأسلوب ينتج عنه ابن (ناجح في تطوير نفسه اجتماعياً).
أما في المجتمعات العربية فأجريت دراسة في مصر انتهت إلى وجود ثلاث أساليب تمارسها الأسرة المصرية في عملية التنشئة وهي:
التسامح :
تشجيع الابن أن يكون له رأي مستقل، له حرية اختيار الأصدقاء، حرية اللعب دون قيود، التعامل مع الابن بروح الصداقة.
التشدد :
قيام الوالدين بفرض سيطرتهم على الابن، عليه السمع والطاعة لكل ما يأمران به دون نقاش، لا يسمحان له بالتعبير عن وجهة نظره، ودائماً ما يذكرانه بجميل الوالدين عليه.
التذبذب:
وهذا الأسلوب كما ذكرناه سابقاً يتلخص في أن الوالدين ليس لديهما أسلوب مستقر في التربية، وأن الأب والأم غير متوافقين في أسلوب التربية.
ومن خلال هذه الأساليب الثلاثة تبين أن أسلوب التسامح هو الأفضل.
المرجع/
أحمد حسين الشافعي (2007)،علم النفس الاجتماعي .طبية التفاعل الاجتماعي وآلياته ومظاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية.
أحمد صبري عبد الرحمن
معلم تربية خاصة في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية فرع كلباء