إعداد الاختصاصية الاجتماعية / إسراء عبد الكريم بني يونس
يعد التنمر المدرسي من المشكلات السلوكية الخطيرة التي اجتاحت المدارس في الآونة الأخيرة والتي تظهر بين الأطفال والمراهقين ولا يخلو مجتمع منها، وتتسبب في إحداث العديد من الآثار السلبية في كافة الجوانب المعرفية والانفعالية والاجتماعية والشخصية والأكاديمية للطلاب، كما تؤثر على كل من الشخص المتنمر والشخص المتنمر عليه مما يسمى (ضحية التنمر).
اقرأ ايضا: مراجعة أدبيات قضية التنمر في مدارس الدمج -ج2
وتحمل هذه المشكلة في ثناياها أضراراً تتعرض لها نسبة كبيرة من الطلاب في شتى أنحاء العالم فتترتب عليها آثار مدمرة للطلاب والأسرة والمجتمع ككل. حيث شهدت برامج التربية الخاصة للأشخاص ذوي الإعاقة العديد من التطورات إلى أن وصلت إلى تطبيق نظام الدمج. وهي تتمثل بتوفير خبرات التفاعل بين الأشخاص ذوي الإعاقة وأقرانهم من غير ذوي الإعاقة وتؤدي إلى زيادة فرص التقبل الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة، فسياسة الدمج هي الطريقة المثلى للتعامل مع الأشخاص ذوي الاحتياجات التعليمية الخاصة في المدارس ” النظامية”، إذ أن لجميع الأطفال الحق في التعليم دون تمييز.
اعرف المزيد عن وحدة التعليم الدامج في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
وعلى الرغم من ذلك فلا يزال نظام دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المدارس ” النظامية” الذي أقرته وزارة التربية والتعليم يصطدم في طريقة بالكثير من العثرات، حيث أكد المتخصصون والعاملون في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة تعرض الكثير من الطلاب ذوي الإعاقة للتنمر من أقرانهم من غير ذوي الإعاقة داخل المدرسة كما لوحظت إساءة بعض الطلاب من غير ذوي الإعاقة للسلوك خلال التعامل مع الطلاب ذوي الإعاقة في المدرسة مثل ضربهم أو الاستهزاء بهم، والتنمر عليهم وتكرار بعض السلوكيات المتعمدة لترهيب الطلاب ذوي الإعاقة مثل إبداء التعابير الغريبة على الوجه أو التربص بهم وإيذائهم مما يتسبب في إصابتهم بالقلق والخوف وفقدان الأمن النفسي .
إن ضحايا التنمر المدرسي أكثر انتشاراً بين طلاب التربية الخاصة، وخاصة الطلاب ذوي الإعاقات المتوسطة، حيث أن هؤلاء الطلاب أكثر عرضة لسلوك التنمر من أقرانهم بسبب خصائصهم الجسمية والنفسية والاجتماعية مثل: البدانة، الإعاقة الجسمية الظاهرة وتشتت الانتباه، انخفاض تقدير الذات ورفض الأقران لهم، تدني التحصيل العلمي والمعرفي…
المشكلة المطروحة:
بدأ الإحساس بالمشكلة الحالية من خلال زيارة الباحثة لبعض المدارس الدامجة للإشراف على الطلاب المعلمين الملتحقين بكلية التربية، حيث لاحظت الباحثة أثناء الزيارة ظهور بعض السلوكيات غير المرغوبة من طلاب المدرسة من غير ذوي الإعاقة ضد الطلاب ذوي الإعاقة والتي تتسم بالعنف والتنمر.
ومن الجدير بالذكر ان ظاهرة التنمر المدرسي تحمل في طياتها صورتين مهمتين شديدتي الخطورة على المجتمعات وهما مشكلة الضحية الواقع عليها الضرر والفعل الإكراهي المؤلم، ومحاولة الاهتمام بها والتخفيف عنها، ومشكلة المتنمر الذي يتخذ العنف سلوكاً ثابتاً في تعاملاته.
وفي هذا الصدد نحاول إلقاء الضوء على الصورة الأولى وهي ضحية التنمر وخاصة الضحايا من الطلاب ذوي الإعاقة، لذا كان لزاماً علينا طرح هذه المشكلة للمناقشة والتوعية بالمفاهيم الأساسية الخاصة بالتنمر المدرسي والأشخاص ذوي الإعاقة بهدف الوقوف على أسباب هذه المشكلة التي باتت منتشرة بدرجة كبيرة في مدارسنا والعمل على الحد منها، وذلك من خلال تقديم بعض المقترحات التي يجب أخذها بعين الاعتبار للمساهمة في تقليل الضرر الواقع على الأطفال بشكل عام والأشخاص ذوي الإعاقة بشكل خاص وما يتعرضون له من كافة أشكال التنمر داخل المدرسة.
يمكن صياغة المشكلة المطروحة في السؤال الرئيسي التالي:
- ما هي مخاطر التنمر المدرسي التي تهدد الطلاب من ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس النظامية؟
- ما هي الأضرار النفسية والاجتماعية والأكاديمية المترتبة على التنمر المدرسي ضد الطلاب ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس النظامية؟
- ما هي سبل مواجهة ظاهرة التنمر المدرسي ضد الطلاب ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس النظامية؟
الهدف من البحث:
يهدف البحث إلى:
- التعرف على الأضرار النفسية والاجتماعية والأكاديمية المترتبة على التنمر المدرسي ضد الطلاب ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس النظامية.
- التعرف على العوامل التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة التنمر المدرسي.
- تقديم توصيات ومقترحات عملية يمكن أن تسهم في التخلص من ظاهرة التنمر المدرسي ضد الطلاب من غير ذوي الإعاقة والطلاب من ذوي الإعاقة المدمجين في المدارس النظامية.
أهمية طرح البحث للنقاش:
تتمثل في:
- أهمية الموضوع الذي يتناوله والمعني بمشكلة ضحايا التنمر المدرسي من الطلاب ذوي الإعاقة.
- استفادة بعض الأفراد المعنيين برعاية الأشخاص ذوي الإعاقة كمديري المدارس والمعلمين والمرشدين التربويين والاختصاصيين النفسيين وأولياء الأمور وأسر الطلاب من غير ذوي الإعاقة والأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تحديد مظاهر وأضرار وأسباب التنمر المدرسي وسبل مواجهته.
الخلفية النظرية للمفاهيم الرئيسية المطروحة
- مفهوم التنمر لغوياً
التنمر لغوياً من التشبه بالنمر. يقال: نَمر (فلان): أي غضب وساء خلقه، ونمر الشيء لونه بلون النمر (تنمر) أي تشبه بالنمر في لونه أو طبعه، ويقال تنمر لفلان: تنكر له وتوعده بالإيذاء.
- مفهوم التنمر اصطلاحاً شكل من أشكال الإساءة للآخرين، إنه سلوك مقصود لإلحاق الأذى الجسمي أو اللفظي أو النفسي أو الجنسي، ويحدث من طرف قوي مسيطر تجاه فرد ضعيف لا يتوقع أن يرد الاعتداء عن نفسه، ولا يبادل القوة بقوة وكذلك لا يبلغ عن حادثة التنمر للراشدين من حوله وهذا هو سر التنمر على الضحية.
- مفهوم التنمر المدرسي يعرف بأنه أفعال سلبية متعمدة من جانب طالب أو أكثر لإلحاق الأذى بطالب آخر، تتم بصورة متكررة وطوال الوقت، ويقصد بالتنمر المدرسي في هذا البحث سلوك مقصود لإلحاق الأذى الجسمي أو اللفظي أو النفسي أو الجنسي من الطلاب غير ذوي الإعاقة تجاه أقرانهم من الطلاب ذوي الإعاقة في المدرسة.
شروط حدوث التنمر
- عدم التوازن في القوة بين التلميذ المتنمر والضحية حيث يكون المتنمر أكثر قوة.
- التكرار المستمر للأفعال السلبية التي يمارسها المتنمر على الضحية فهي تمتد لعدة أيام أو أسابيع أو شهور أو سنوات.
- لا بد من توفر النية والقصد لإيذاء الشخص المستهدف (الضحية).
محددات سلوك التنمر المدرسي
- عدم التوازن في القوة بين المتنمر والضحية.
- التنمر مقصود وبنية مُضمرةٍ للإيذاء.
- الممارسات السلبية المتكررة.
- يُنفذ من قبل شخص واحد أو مجموعة أشخاص ضد شخص آخر بعينه أو مجموعة أشخاص.
- لا تستطيع الضحية الدفاع عن نفسها.
- قد لا تقوم الضحية باستفزاز المتنمر عليه وحثه على العدوان.
- هناك أشكال مختلفة للتنمر (جسدية، لفظية، عاطفية، إلكترونية).
يتبع ………………..