على مدار الساعة، ونظراً للنمو السكاني والعمراني، فإن حركة السير في شوارعنا لا تهدأ، ومع ازدياد شدة تلك الحركة، فإن مخاطر الوقوع في المخالفات المرورية، غالباً ما تكون نتيجة غياب الوعي بـ «الثقافة المرورية» والتي تعتبر من الأمور المهمة والضرورية بأن يكون أغلب أفراد المجتمع ملمين بها.
والحقيقة أن هذه الثقافة، تكاد تكون مغيبة لدى الكثير من أفراد المجتمع، وخاصة فئة السائقين الذين يحملون مسؤولية كبرى في الحفاظ على سلامة السير، وانسياب الحركة في الشوارع العامة والتي هي حق للجميع. ولكن وبرغم وجود قانون العقوبات، فإن هناك بعض السائقين المستهترين بالقوانين والذين لا يدركون، بل يتجاهلون معنى تلك المسؤولية، فتراهم يتجاوزون ولا يتقيدون بقوانين المرور المعمول بها، خاصة في أوقات الذروة، في الفترتين الصباحية والمسائية، وقت الذهاب والرجوع من وإلى الأعمال، وتلك التجاوزات تنعكس مخاطر كبيرة على الفرد والمجتمع.
عدم الالتزام بقوانين ونظم السير يُعتبر من أكبر المشاكل التي تعاني منها مختلف المجتمعات البشرية، وفن القيادة السليمة، والالتزام بقوانين السير، يحتاج إلى المهارة، والصبر وحسن التصرف، في كل الأحوال، وهو في الأساس من الأخلاق الفاضلة التي أمرنا أن نتحلى بها ديننا الإسلامي الحنيف. والقيادة من دون الالتزام بإرشادات هذه القيم، غالباً ما تكون في حالة من الضياع وفقدان المسؤولية. كما أن الالتزام الفردي والجماعي بنظم وقواعد السير يُعتبر من المظاهر الحضارية التي تتمتع بها المجتمعات الواعية والتي تلتزم قدر الإمكان بالنظم والقوانين المرورية، وتعتبر من صميم الثقافة المرورية التي من الواجب الإلمام بها والحرص على المحافظة عليها لتفادي المخاطر، والابتعاد عن الوقوع في المخالفات المرورية.
إن نشر الثقافة المرورية بين كافة أفراد المجتمع لا تقتصر على الجانب التوعوي الإعلامي، من خلال إقامة حملات التوعية المرورية بين حين وآخر، بل يجب أن نبدأ في ترسيخها منذ الصغر، حيث يجب التركيز على الناشئة في توصيل المعلومات عن القوانين والنظم المرورية بشكل مبسط، وذلك من خلال إدخال هذه القوانين في مناهجنا الدراسية في مراحلها الأولى. وبهذا سنتمكنُ من تأهيل أبنائنا الطلبة منذ الصغر للحصول على المعرفة المطلوبة بقوانين المرور، والوعي الجيد «بالثقافة المرورية» بأبعادها ومؤثراتها الإيجابية.
همسة قصيرة:
قيادة السيارة ذوق وأخلاق.
صالح بن سالم اليعربي رجل عصامي قَدِمَ من عمان إلى إمارة أبوظبي عام 1975، وعلى الرغم من تعرضه للشلل في العشرين من عمره، نتج عن حركة رياضية، لكن هذه المحنة لم تزده إلا إقبالاً على الحياة، وبعد أن انقطع عن الدراسة ما يقارب 27 سنة، ولم يكن في حوزته وقتها إلا الشهادة الابتدائية، والكثير من العزيمة والإصرار على الدراسة وحفظ القرآن ما قوى لغته وإرادته، وأثمرت جهوده مقالات ومؤلفات ومحاضرات لامست القلوب والعقول وأوقدت جذوة التحدي والتغلب على المصاعب لدى الكثيرين في المجتمع.
واصل تعليمه وحصل على شهادة الثانوية العامة من عمان مسقط رأسه، ثم عاد إلى مقر إقامته في أبوظبي مرة ثانية، ليسير على خطى النجاح فانتسب إلى جامعة الحصن وحصل على بكالوريوس إدارة نظم المعلومات بدرجة امتياز، ثم ماجستير إدارة أعمال، وتوج مسيرة كفاحه بفوزه بجائزة أبوظبي للإبداع 2010 (في دورتها الخامسة).
له عدة إصدارات:
- لا إعاقة بل إرادة وانطلاقة
- خواطر وقراءات (من إصدارات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية)
- فيض المشاعر (من إصدارات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية)
- إشراقة وانطلاقة
- رحلتي مع الصبر
- إعجاز وإنجاز
وأحدثها كتابه: صدى المشاعر