الدين هو مجموعة المثل والقيم والمبادىء والتعاليم التي توجه حياتنا. والشعائر التي نمارسها هي البشرى لنا بالجنة. والأشخاص المعوقون هم الفئة التي حباها الله بحبه ووعدهم بالجنة جزاء صبرهم واحتسابهم، وهم من يعايشون تناقضات الحياة من فرح وألم وقوة وضعف.. وأداء الشعائر يزيد من قوتهم ويزيد من صلتهم بالله عز وجل،. شعائر تؤدى بشكل منفرد أو جماعي يجتمع فيها القلب بالجسد أولاً وتتلاحم أجساد الآخرين معاً لدعم الشعور بالألوهية والاستجابة لنداء الرحمن.
المسلم يتعلم منذ الصغر فضل الصلاة ويحرص والداه على تعليمه الصلاة ومشاركة الجماعة في الصلوات المفروضة.
واسمحوا لنا أن نعرض لبعض المواقف التي مرت بإخوة لنا من ذوي الإعاقة.
(إسلام) شاب معاق سمعياً.. بفضل من الله وبرعاية من أسرته الكريمة وبعون من مدرس المعهد حفظ بعضاً من سور القرآن الكريم ووصل إلى قلبه الآذان وتعلق قلبه بالمسجد وحرص على أن يكون رفيق والده إلى المسجد. واليوم هو على موعد مع والده لمرافقته إلى صلاة الجمعة.. وهنا نتوقف عند موضوع الخطبة التي يخصص لها وقت قبل الصلاة وتختم بالدعاء ويتصافح بانتهائها المسلمون.. نعم إنها يوم عيد أسبوعي للمصلين.. تمنى إسلام لو كانت هناك طريقة تصل فيها معاني الخطبة الإيمانية إلى قلبه وتتسلل كلماتها إلى عقله كما تسللت إلى قلوب وعقول إخوته غير المعوقين.. وأن تترجم إلى لغة الإشارة.
(أحمد) معاق حركياً أسعده قرار تأهيل المباني والمرافق العامة وهو يتابع إنشاء المنحدر القريب من سكنه.. نعم سوف يكون بإمكانه مرافقة والده وإخوته إلى المسجد.. وسوف تنتهي تلك الأيام التي كان يغبطهم فيها على دخولهم المسجد بكل راحة.. ومع وجود المنحدر سوف يكون حراً في الدخول إلى بيت الله وقد يكون أول الداخلين إليه.
لدى أحمد إحساس أتى من خبرته بأن هذا المنحدر الذي تم إنشاؤه حاد وقد يعرض من يستخدمه لخطر الإنزلاق.. حاول أن يوصل هذه الملاحظة إلى العاملين على تنفيذه ولكنه لم ينجح.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. عقد العزم على استخدامه وتمنى أن تكون ظنونه في غير محلها.. واليوم هو على موعد مع الحرية التي تدخله إلى بيت الله.. سبق الجميع إلى المسجد.. تخيل أنه سيكون مفاجأة سارة عندما يتوافد المصلون ويرونه أول من حضر.
تهيأ عند بداية المنحدر مستنفراً كل قوته الجسدية لصعوده.. لكن هذا هو كرسيه المتحرك ينزلق إلى الخلف وتفشل كل جهوده في دفعه إلى الأمام.. وبفضل تركيزه وخبرته تحكم بتراجع الكرسي بأمان.. إلا أنه شعر بألم عميق في نفسه فحلمه بدخول المسجد منفرداً معتمداً على نفسه لم يكتمل ولا زال بحاجة إلى من يساعده رغم وجود المنحدر!
ومع ذلك حمد الله أن البداية تحققت بإنشاء المنحدر ومن واجبه متابعة ما جرى معه وإبلاغ المسؤولين بإعادة بناء المنحدر بحيث يكون آمناً للاستخدام..
انتظر قرب المنحدر وحضر بعض المصلين الذين أسعدهم أن يروه قبلهم يهم بدخول المسجد ولكنهم في هذه المرة لن يضطروا لحمله وسيكتفون بدفعه على المنحدر.
أما ناصر فهو شاب كفيف كل أمنياته أن يستطيع سلوك طريق المسجد ودخوله بأمان وفيه يستطيع أن يجد المصاحف وكتب التفسير مدونة بطريقة برايل لينعم كغيره بروحانية القراءة في المسجد.
إسلام وأحمد وناصر وغيرهم إخوة جمعتهم الإعاقة هم يحملون في قلوبهم أمنية التمتع بالحرية في أداء الشعائر ويتطلعون إلى حق يتساوون في أدائه مع غيرهم من المعوقين؟