يقدر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في جنوب أفريقيا وفق إحصاء 2011 بـ 7.5% من 2.78 مليون نسمة وهي الدولة الوحيدة في دول جنوب الصحراء التي تقدم منحا للأشخاص ذوي الإعاقة.. وبرنامج التنمية الوطنية 2010 ـ 2030 يكرس جهاز حماية إجتماعية دامج مستهدفاً الهشاشة ويستجيب لحاجات الأشخاص ذوي الإعاقة والأشخاص المسنين والأطفال والأيتام.
تقدم منحة الإعاقة إلى الأفراد ما بعد سن الـ 18 وهي المنحة الوحيدة (خارج إطار التبرع) التي تقدم إلى الأشخاص في سن العمالة في الدولة. كما تقدم للمرضى المزمنين (الإيدز) والذين يشكلون 18% من السكان ما بين سن 15 و 49 سنة (ولكن ذلك لم يقر بالقانون حتى الآن). وتقدر المنحة بـ 112 دولاراً أمريكياً ـ بالعملة المحلية ـ وهي سخية قياساً لجنوب أفريقيا كبلد متوسط الدخل.
تضمن أرضيات الحماية الإجتماعية الوطنية الحصول على الرعاية الصحية الأساسية وضمان الحد الأدنى من الدخل للأطفال والأشخاص في سن العمالة والمسنين.
وقد تبنت 185 دولة توصية منظمة العمل الدولية رقم 202 في مقاربة لإنجاز الحماية الإجتماعية الشاملة وهذه تجربة ناجحة لإحدى الدول في التوسع في الحماية الإجتماعية.
الدروس المستلهمة
- برهنت جنوب أفريقية بأن التوسع في الحماية الإجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة أمر ممكن ومتاح في الدول متوسطة الدخل.
- المنح الإجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة تتعدى المساعدة في تيسير الأعباء المالية المعيشية الإضافية التي تتأتي من الإعاقة ومن أعباء المرض المزمن. إذ أنها توفر دخلا للأشخاص الذين لم يجدو فرص عمل او اللذين يفقدون إنتاجية الدخل بسبب إعاقتهم.
- من الضروري توفر القرار السياسي والإلتزام من الحكومة لزياد نفقاتها على الحماية الإجتماعية. فجنوب أفريقيا تنفق الآن 3.5% تقريباً من الدخل القومي على برامج الحماية الإجتماعية.
مسار المنحة المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة في جنوب أفريقيا
منحة الإعاقة من الإنجازات المحققة منذ العام 1937 من خلال منظومة الضمان الإجتماعي وإستهدفت بالأساس حينها السكان البيض الفقراء وفي العام 1947 تمددت لتشمل كافة السكان ولكن بنسب منافع متفاوتة إعتماداً على العِرق. وبدأت الإضافات المتناسقة في العام 1970 وجزئياً بالنسبة للأعراق تم التوصل إليها عبر قانون المساعدة الإجتماعية لعام 1992. ويغطي الآن البرنامج 1.2 مليون مستفيد. وتدفع للأشخاص المقيمين بشكل دائم وللأشخاص حاملي صفة اللجوء.
توجد في جنوب أفريقيا مؤسستان توفران الحماية الإجتماعية الأولى (مديرية التنمية الإجتماعية) المسؤولة عن رسم السياسات الإجتماعية، والثانية وكالة جنوب افريقيا للضمان الإجتماعي والتي استحدثت عام 2006 وتقدم المساعدات وتشرف على كافة التقديمات الإجتماعية.
وقد تمكنت وكالة جنوب افرقيا للضمان الإجتماعي من توحيد وضبط المنح التي كانت مقدمة سابقاً حيث قررت مستويات المنفعة ومعايير الإستحواذ في تسعة مناطق من جنوب أفريقيا موزعة على مكاتب محاسبة مختلفة.
تقدم وكالة الضمان الإجتماعي خدماتها عبر وحدات متنقلة كاملة التجهيز كجزء من منظومة برامج تسجيل متناسق للوصول إلى البيئات السكانية. وتلك المنظومة تيسر تسجيل المستحقين، وقضايا البطاقات الذكية، وتحتفظ بقاعدة بيانات إلكترونية وترفع الوعي، وترشد إلى موقع القبض، وتنظم الزيارات المنزلية من قبل الأطباء والعاملين الإجتماعيين للتأكد من عدم قدرة الشخص على الذهاب إلى المستشفى أو مغادرة منازلهم من جراء الإعاقة أو المرض وعدم حصولهم على المنافع والخدمات.
وكانت جنوب أفريقيا قد أبرمت الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة CRPD التي تيسر تعزيز حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وتتطلب من الدول الأطراف تحسين ظروف معيشة الأشخاص ذوي الإعاقة وذلك بتقديم المساعدة لهم لبلوغ الحد الأقصى من تمكينهم. وهناك تقديمات أخرى إلتزاماً ببرنامج العمل للعقد الأفريقي للأشخاص ذوي الإعاقة 2010 ـ 2019 وسيلة الإتحاد الأفريقي نحو الإعاقة.
إن إنتشار وباء الإيدز في جنوب أفريقيا يقدر بـ 18% من السكان ما بين سن 18 و49 سنة ونظراً لما يعانيه الأشخاص المصابون بهذا المرض فإنهم يستحوذون على الحق بنيل (منحة الإعاقة) نظراً لمحدودية القدرة على العمل والإنتاج بما أن منحة الإعاقة هي العطاء المالي الوحيد ـ غير تبرعي ـ المتوفر حالياً، وحتى العام 2003 كان 40% من المستفيدين ممن يعانون من أمراض معجزة ومُقعِدة، ـ وغير معدية.
وفي العام 2004 استحدثت الحكومة توفير العلاجات لحاملي الأمراض الفيروسية المزمنة مجاناً مما أسهم في تحسين أوضاع المصابين بالإيدز وأخرجهم من قائمة المستفيدين من (منحة الإعاقة) مما أدى إلى الخفض التدريجي في أعدا المستفيدين من (منحة الإعاقة) منذ العام 2007.
ما هي المنافع التي تقدمها المنحة؟
إن كل شخص لديه إعاقة جسدية أو ذهنية والتي تحول دون توظيفه لمدة 6 أشهر أو أكثر يمكنه أن يقدم طلباً اللحصول على (منحة إعاقة) بشكل مؤقت أو دائم. أما أحَقِية الحصول على المنحة فتتحدد عبر فحص طبي، يجريه أطباء إما من وزارة الصحة أو من وكالة الضمان الإجتماعي.
إضافة إلى أمور أخرى يجري أخذها بعين الإعتبار ترتكز على وسائل تحديد الدخل ووثائق إثبات الشخصية والهوية. ويمكن أن تدفع (منحة الإعاقة مؤقتاً لفترة تمتد من 6 إلى 12 شهر أو بصورة دائمة. أما قيمة المنحة فهي ما يعادل 112 دولاراً أمريكياً من العملة المحلية وتتوقف بعد وفاة المستفيد. كما أن عدم المطالبة بـ (منحة الإعاقة) لمدة 3 أشهر متعاقبة أو إلتحاق المستفيد بمؤسسة رعائية يؤدي إلى تخفيض المنحة إلى 25% من مجمل المنحة لمدة 4 أشهر أما في حال خرج المستفيد من المؤسسة الرعائية فتتم إعادة الإستفادة بشكل منتظم.
يجري تقويم وضع المستفيد بشكل دوري للتحقق من أحقية الشخص على الإستفادة من (منحة الإعاقة). وقد تزايدت أعداد المستفيدين من 611.325 عام 2000 إلى مليون و240 ألف عام 2015. إضافة إلى منافع إضافية كالرعاية الصحية وأحقية الشخص للحصول على منحة (السكان الأصليين) للإستفادة من التسهيلات الإسكانية وتغطية نفقات الماء والكهرباء والمعيشة الكاملة.
ويقدم (برنامج التنمية وإعادة البناء) بيوتاً مزودة بمزايا تيسيرية (مؤهلة هندسياً) لأي مواطن ذي إعاقة في جنوب أفريقيا وإلى كل من يقل دخلهم عن 288 دولاراً أمريكياً في العملة المحلية.
وهناك عطاءان إضافيان يتاحان للمستفيدين من (منحة الإعاقة): (منحة في المساعدة) للأشخاص ذوي الإعاقة الذين تتطلب حالتهم مساعدة شخص آخر نظراً لإعاقتهم الجسدية أو الذهنية. كما تتاح مساعدة للمستفيدين من (منحة الإعاقة) لكبار السن أو لقدماء المحاربين. ويمكن الإستفادة من برنامج (الإنعاش الإجتماعي للأزمات) لمساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة على الخروج من الضائقة المالية وذلك على مدى 21 يوماً. كما أن هناك منافع إضافية إذا ما كانت الإعاقة مكتسبة عن طريق عدد من الصناديق منها (صندوق حوادث الطرق) و(صندوق البطالة) أو (صندوق التعويضات عن حوادث العمل والمرض).
ولكن حكومة جنوب أفريقيا لا تزال تعجز عن معالجة بعض الأمور المالية إزاء التقديمات المالية للمستفيدين.
ما هي التأثيرات على معيشة المستفيدين؟
تشمل البطالة 24% من الأشخاص ذوي الإعاقة الذين يواجهون بالوصمة والمعيقات الجدية التي تحول دون إلتحاقهم بسوق العمل. وتقدم (منحة الإعاقة) بعض المساعدة لتسهيل إندماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل. ولكن هذه الإجراءات تحتاج إلى إستكمال في إيجاد فرص عمل، إضافة إلى حملات لتوعية أرباب العمل في مجال عدم التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.
إن الدراسات في تحديد تبعات (منحة الإعاقة) لاتزال محدودة. 77% من المستفيدين يصرحون أن التغذية تشكل أولويات مصاريفهم، و59% أعلنوا أن الطعام يندرج في سلم أولوياتهم. بالإضافة إلى فواتير الماء والكهرباء التي تتفاوت في حجمها بين منطقة وأخرى بناء على مستوى النمو في المناطق التي يقطنها الأشخاص ذوو الإعاقة. وهناك مصاريف أخرى مثل كلفة الملابس أو كلفة الجنائز أو كلفة الأقساط المدرسية أو كلفة سداد الديون، أو كلفة إيجار المنزل.
إن المستفيدين من (منحة الإعاقة) كما المستفيدين الآخرين من المنح توفر الإندماج لهم، لأن المستفيدين من (منحة الإعاقة) يستحوذون كغيرهم على بطاقات تعريف إلكترونية تيسر لهم الدفع.
ماذا بعد للمستقبل؟
يجب العمل الحثيث على بناء العلاقات مع أرباب العمل وتطوير سياسات التشغيل لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل لتمكين الأشخاص المستفيدين من (منحة البطالة) من الخروج من وضعية العوز والفقر. وهذا يندرج في (برامج التنمية الوطنية لعام 2030) كما أنها مطلوبة وفق نصوص الإتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وعلينا من أجل إزالة العوائق التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة مع توفر السياسات العمل على إيجاد إجراءات تطبيقية لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل والنهوض بالتوعية الإجتماعية إزاء حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.