إن احتمال معاناة الطفل البدين من مشاكل الطعام لا تقل أهمية عن مشاكل الطفل النحيف البنية كمشكلة قلة الشهية في سنواته الأولى، وفي الواقع إذا دفع الطفل صاحب الشهية القليلة إلى تناول ما يحب من أطايب الطعام ـ كالبسكويت والمشروبات المحلاة ـ وكانت تكفيه حريرات بسيطة للنمو، فمن الممكن أن يصبح بديناً لاستهلاكه كمية حريرات أكبر من تلك التي يحتاجها جسمه ويمكنه حرقها.
ربما وجد الأهل بدانة طفلهم جميلة بادئ الأمر، لكن أصدقاء صفه قد لا يشاطرونهم الرأي، فتكون النتيجة أن يتحول الطفل إلى أضحوكة بين أصحابه فيصبح تعيساً منطوياً على ذاته أو هجومياً بعض الشيء، لذا لابد من مواجهة مشكلة الطفل البدين علماً أن الحل بطيء وليس سهلاً.
أسباب البدانة
عندما يتناول المرء في طعامه حريرات أكثر من تلك التي يستهلكها جسمه يقوم الجسم بتخزين الفائض على شكل دهون مما يؤدي إلى زيادة الوزن، ولا يمكن للأم أن تعرف من خلال مقارنة الكمية التي يأكلها طفلها والكمية التي يأكلها الأطفال الآخرون أو الكميات المدونة على مأكولات الأطفال إن كان طفلها يأكل كثيراً أم قليلاً، فهناك اختلافات هامة في كميات الطعام التي يأكلها الأطفال، فقد يستهلك الأطفال في عمر الشهرين عدد حريرات مماثل للحريرات التي يستهلكونها في عمر السنتين، كما يأكل بعض الأطفال مرتين أكثر من من الأطفال الآخرين بنفس العمر والحجم، ويتضح بالتالي أن نوعية الطعام التي يأكلها الطفل وكميته ليستا العاملين الوحيدين في تحديد وزنه.
تكون كمية الطعام التي يحتاجها الطفل ـ وهي الطاقة المهمة له ـ محددة بحجمه ومعدل نموه ومستوى نشاطه، فمثلاً يتمتع الطفل مباشرة بعد ولادته بمعدل نمو سريع، ثم يأخذ معدل النمو بالتباطؤ بعد ثلاثة أشهر فيخف أرقه، لذا يحتاج إلى عدد حريرات أقل، وعندما يبدأ الطفل بالمشي في النصف الثاني من سنته الأولى، تؤدي زيادة نشاطه إلى تحفيز شهيته ثانية، وبما أن الأطفال يختلفون اختلافاً كبيراً في أحجامهم فإن درجات أرقهم وسرعة نموهم والعمر الذي يبدأون فيه الزحف وحاجتهم إلى الطعام أو إلى الحريرات بشكل أخص تختلف بدورها كثيراً.
وهذا التوضيح وإن كان يفسر لنا لماذا يحتاج الأطفال إلى أكل كميات مختلفة من الطعام للحفاظ على وزن طبيعي إلا أنه لا يفسر لماذا يأكل بعض الأطفال أكثر من حاجتهم فيصبحون بالتالي بدينين، وأما التفسير الشعبي أو الذي تتذرع به معظم العائلات التي يكون عندها طفل بدين هو أن البدانة (شائعة في هذه العائلة) وهي حالة موروثة لا يمكن القيام بشيء حيالها، لكن خبراء البدانة يشيرون إلى أن عدداً قليلاً من الأطفال البدينين يعانون من اضطرابات وراثية مزمنة، وأن معظم الأطفال الذين يعانون من البدانة هم بدينون لأنهم يأكلون كثيراً.
مساعدة الطفل على إنقاص وزنه
إن الاهداف الرئيسية لمساعدة الطفل على إنقاص وزنه تتمثل في منع حدوث إي زيادة في وزنه حتى يصبح طوله متناسباً مع وزنه وتعليمه عادات أكل جديدة فإذا كان الطفل يميل إلى الإكثار من تناول الوجبات الخفيفة والصغيرة فيجب ألا يتوقع أن يتم ملء بطنه طوال الوقت بهذه الوجبات، وضرورة إدراكه أنه لن يعاني إن كانت هنالك أوقات في اليوم يشعر خلالها بالجوع وأن ما عليه هو انتظار حضور الوجبة في وقتها.
ليس من الضروري كي ينقص الطفل من وزنه أن يترك الطعام وهو يشعر بالجوع، ولكن عليه أن يعتمد على المأكولات ذات الحريرات القليلة كالخبز والبطاطس والفاكهة والخضار بدلا من الاعتماد على اللحوم الدهنية والأجبان والوجبات السريعة الغنية بالحريرات، وهي ليست مشبعة على الدوام مما يسهل تناول كميات كبيرة منها.
وهنا يمكن للأم أن تقدم بدائل، فمثلاً بدلاً من رقائق البطاطس الهشة يمكن للأم أن تقدم طبقاً من البطاطس المطبوخة مع الذرة أو الحبوب المطبوخة، وهكذا، حيث تجدر الإشارة إلى أن المأكولات التي تحتوي على نسبة عالية من الالياف تتميز بنسبة عالية من الماء، لذا فهي أكثر إشباعاً وأقل من حيث عدد الحريرات.
التمارين
يعتبر تغيير الغذاء أو تعديله طريقة من جملة طرق تساعد الطفل على إنقاص وزنه، وعلى الأم أن تتأكد في الوقت نفسه من ممارسته للعديد من التمارين الرياضية حيث تؤدي زيادة الوزن إلى تباطؤ النشاط الرياضي، لذا كان من الضروري تشجيعه على ممارسة الرياضة والقيام بالتمارين التي يقوم من خلالها بحرق الحريرات والمحافظة على وزنه مناسباً.
ومهما كان النشاط الذي يمارسه الطفل لا بد من مساعدته على تحديد أهداف واقعية قابلة للتحقيق، فيمكن مثلاً أن يحدد هدفاً في الوثب كأن ينتقل من عشرين وثبة ليصل تدريجياً إلى مئة وثبة، أو يزيد تدريجيأً المسافة التي يقطعها على دراجته وتحقيق مثل هذه الأهداف ينعكس إيجابياً على صحته وشكله وخلقه.
تعزيز ثقة الطفل بنفسه
قد يشعر الأطفال البدناء بالخجل من حجمهم، وبما أن إنقاص الوزن يتطلب وقتاً لا بأس به، وجب على الأم أن تساعد طفلها على إيجاد شيء يجعله يستعيد احترام أصدقائه، فإن ظهر عليه الغضب يمكن إن يتم إرساله لتعلم لعبة رياضية (كالجودو أو الكاراتيه) حيث يتدرب على مهارات تجعله واثقاً من إمكانياته الدفاعية، أما إذا كان ميالاً للموسيقى فمن الممكن أن يتم ضمه إلى أحد النوادي الموسيقية لتعلم العزف على إحدى الآلات.
كما ينبغي تشجيع الأطفال وخاصة أولئك الذين يتضايقون من حجمهم أو شكلهم على الافتخار بمظهرهم، فقد لا يميل الأطفال إلى الاعتناء بنظافة وجوههم أو تسريحة الشعر، هنا يمكن للأم أن تناقش أمر الثياب مع الطفل وتساعده في انتقاء الثياب المناسبة له.
ختاماً
من المهم جداً إعطاء المزيد من الوقت للطفل كي يتحدث فالطفل الذي يشعر بالتعاسة أو الارتباك يحتاج إلى المزيد من الدعم، ولا يعني هذا جعله اتكالياً على أهله في كل شيء ولكن إعطاءه الفرصة ليستمع إليه أحد دون مقاطعته وجعله يشعر بالأمان لوجود شخص يهتم لأموره، يجعله واثقاً بنفسه في مواجهة المصاعب بشكل عام .
المصدر:
كتاب (طفلي لا يأكل) لـ جان كليبر
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)