رغم حرصي الشديد على الاستمتاع بإجازة الصيف في ربوع بلادي الغالية والاستمتاع بذكريات الطفولة والأهل والأصدقاء إلا أن حبي الشديد لمجال الأشخاص المعوقين يجرفني دون سابق موعد إلى البحث عنهم في كل مكان ومعرفة قضاياهم والوقوف على أحوالهم بكل حب سواء بالمطالعة فيما تنشره وسائل الإعلام؛ الصحف، التلفزيون والإذاعة، أو مقابلات شخصية من خلال مراكز عملهم وتجمعاتهم.
ومن ضمن القضايا التي استوقفتني ونالت اعجابي قضية حل مشاكل المعوق والتي تصادفه يومياً. ففي مصر الآن أكثر من 4 ملايين معوق غالبيتهم من الشباب وطلاب الجامعات يبحثون يومياً عن حقوقهم ووسائل رعايتهم دراسياً واجتماعياً وكذلك تعيينهم بعد التخرج ليصبحوا جزءاً من نسيج المجتمع فيتجاوزون آلامهم بدلاً من استمرارهم كعبء ثقيل على أسرهم دون وجود بارقة أمل لحل مشاكلهم. فما هي هذه المشاكل؟ وكيف يمكن حلها؟
-
المشكلة الأولى
تجاهل بعض المسؤولين في الجامعات وخاصة الاقليمية منها وفروع جامعة الأزهر التي يوجد بها أكبر نسبة من المعوقين وغير المبصرين وعدم توفير رعاية خاصة تناسب ظروف وامكانات المعوق وتراعي حالته النفسية خاصة وأن المعوق في هذه المرحلة التعليمية وفي ذلك العمر يكون أكثر حساسية ولا يريد أن يرهق أحداً معه، فعلى الجهات المعنية أن تفتتح مراكز لرعاية المعوقين فيها تكون تابعة لإدارة رعاية الشباب بالجامعة أو الكلية أسوة بافتتاحها لمراكز الفنون واللياقة البدنية للأصحاء فالمعوق أحق بالرعاية ويجب توفير الامكانات اللازمة للقيام بدورها بتوفير تسجيل صوتي للمناهج الدراسية أو بطريقة برايل وتخصيص موظفين على كفاءة عالية يتفهمون ظروف وطبيعة المعوق للقراءة له ومساعدته في الاستذكار واستغلال أوقات الفراغ بين المحاضرات في الذهاب إليها وتزويد هذه المراكز بمكتبة ثقافية وقسم لتعليم الحرف والمهن لمساعدة المعوق على زيادة دخله وزيادة فرصة حصوله على عمل مناسب له بعد التخرج.
-
المشكلة الثانية
نقص الأجهزة التعويضية وعدم توفرها.. ويمكن للجامعات العامة وللكليات أيضاً وفق عدد المعوقين المقيدين بها أن تقوم بدور أفضل مما هو عليه الآن، فالامكانات متوافرة ولكن غير منظمة أو مستغلة عن طريق صندوق رعاية الطلاب وإدارة رعاية الشباب لشراء احتياجات المعوق كالعصا المعدنية والجهاز الخاص للمصابين بشلل الأطفال والسماعات الطبية الحديثة والنظارات الطبية سواء بشرائها أو بمراسلة الجهات المسؤولة والمنظمات الدولية العاملة في المجال والتي يمتد نشاطها لرعاية المعوقين وكذلك تخصيص حجرة بكل كلية للمعوقين للجلوس فيها والمذاكرة وتخصيص موظف لمساعدتهم وزيادة عدد الموظفين خلال أوقات الامتحانات بصورة كافية وممن يقدرون الخدمة العامة وظروف المعوقين بدلاً من حضورهم متأخرين بعد انتهاء نصف الوقت واضطرار الكلية للبحث كل يوم عمن سيساعد المعوقين في الامتحان لأدائه إلى جانب زيادة الوقت المخصص لكل مادة، حيث يقوم بالتفكير والإملاء مما يستغرق وقتاً أطول.
-
المشكلة الثالثة
مشكلة المواصلات وارهاق المعوق بها، وعدم قدرته على ركوب الاتوبيسات المزدحمة، واقترح قيام الجامعة باستخراج بطاقات لركوب المعوقين لحافلات موظفي الجامعة، أو بتخصيص حافلة تذهب يومياً مرتين على الأقل لأحد الميادين الرئيسية أو محطة القطار لاحضار المعوقين للجامعة وتوصيلهم عقب انتهاء اليوم الدراسي وذلك لحل مشكلة انتظار المعوقين لساعات وأيام حتى يحضر زميل له أو يقوم أحد أفراد الأسرة بتوصيله، وهذه مشكلة يعاني منها بشدة المعوقون من أبناء الريف. وقد تكون هناك مشكلة أخرى وهي أن بعض محصلي التذاكر في خطوط الأقاليم الرئيسية والداخلية لا يعترفون ببطاقة المعوق في ركوب المواصلات وقيام إدارة النقل الداخلي بإلغائها.
-
المشكلة الرابعة؛ المشكلة الأساسية
توظيف الأشخاص المعاقين.. وأعتقد أنها المشكلة الأم وأكبر مشكلة تؤرق المعوق وتقلق راحته وتواجهه.. تلك المشكلة المتمثلة في رفض عدد كبير من المصالح والهيئات الحكومية استكمال نسبة 5% التي نص عليها القانون في التعيينات الجديدة للمعوقين بحجة عدم ملائمة ظروف المعوق بطبيعة العمل وقيام عدد منها بانهاء عمل المعوق خلال فترة الـ 6 شهور الأولى وتفضيلها لتعيين المعوقين في وظائف الخدمات المعاونة كالسعاة والفراشين وهذا لا يتوافر إلا لغير حملة المؤهلات، بالإضافة إلى ضرورة استمرار مظلة التأمين الصحي على المعوقين حتى يتم تعيينهم لعلاجهم بمراكز التأمين الصحي مراعاة لظروفهم، ومن الأفضل وجودها منذ سنواتهم الأولى تخفيفاً من الأعباء المالية على أسرهم وكذلك تطوير مراكز التأهيل الاجتماعي التابعة للشؤون الاجتماعية فهي ليست على المستوى المطلوب وتصر على التدريب على حرف صناعية وغذائية وأعمال مكتبية لا يكون هناك اقبال عليها أو وظائف مناسبة لها عند التعيين وقيامها بدورات شكلية على الورق فقط لإعداد المعوق إلى جانب ضرورة زيادة عدد مراكز رعاية المعوقين وتشجيع جمعيات تنمية المجتمع على إقامتها وبخاصة لقبولهم وتعليمهم منذ بداية مرحلة الحضانة وحتى نهاية المرحلة الثانوية.
ويبقى سؤال.. هل تتكاتف الجامعات ووزارة الصحة والشؤون الاجتماعية للاهتمام بالأشخاص المعاقين أم تتركهم لخدمات الصدفات؟!