بقلم : أ.عبير شوقي الحلفاوي
من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) رواه البخاري.
يظن البعض من الآباء والأمهات أن الأسلوب القاسي والشدة في التعامل مع أبنائهم هو الأفضل لتقويم سلوكياتهم وتنشئة “شباب” يعتمد عليهم، في حين أن القسوة في التربية من أسوأ ما يتعرض له الأبناء من أسلوب أو طريقة تعامل من قبل البعض من الآباء والأمهات والتي ينتج عنها آثار ونتائج تنعكس على الجوانب الاجتماعية والنفسية للأبناء أقلها ضعف في الشخصية والجبن والعنف والكذب و….. والتي قد تصل بالبعض من الأبناء إلى التفكير بالانتحار بسبب هذه القسوة في التربية أو بسبب ضغط بعض أولياء الأمور على أبنائهم ضمن مجالات مختلفة قد تكون غير مناسبة لقدراتهم (كالتفوق الدراسي أو الحصول على علامات دراسية مرتفعة) وخوف الأبناء من الأهل والرعب الأكبر من ردة الفعل المخيفة، وقد يلجأ الابن أو الابنة إلى التفكير بالهروب من المنزل بسبب خوفه من العقاب أو ردة فعل قوية وعنيفة أو لمجرد التفكير في أنه قد خيب أمل والديه فيه بما أنه لم يستطع تحقيق ما يتمنونه
من نتائج القسوة والجفاء والغلظة في التعامل أن يكون لدينا طفل سيطر عليه الخوف والكذب، يحركه قلب قاسي، ومشاعره جامدة وقد يتسبب ذلك في ظهور عدد من السلوكيات والتصرفات غير المرغوب فيها.
من هنا أقول إن التوازن ضروري في التعامل مع الأبناء دون قسوة أو عنف وفي نفس الوقت دون دلال زائد.
من المهم أن نصادق أبناءنا ونتقرب منهم ونكسب ثقتهم ونتعرف على مشكلاتهم ونساعدهم في الوصول إلى الحلول ويكون ذلك من خلال التصرف بتلقائية مع الأبناء كي يكون الأهل لهم معلمين وقدوة، ومن ناحية أخرى، الأسرة هي مصدر الحماية والأمان لأبنائها وهي الملجأ في حال حدوث أي مشاكل مع الأبناء عوضاً عن اللجوء من قبلهم إلى إخفاء مشاكلهم أو البحث عن حلول مع الآخرين.
المشاعر بين الآباء والأبناء هي في النهاية مشاعر فطرية ومن الضروري تقويتها وتعزيزها بالأسلوب الهادئ اللائق والراقي والمميز المعتمد والقائم على الحب والاحتواء والاحترام والتقدير وحفظ المكانة للأبناء منذ مرحلة الطفولة المبكرة.
وعندما يصدر عن الطفل خطأ ما، تتم معالجته والتعامل معه بأسلوب ليّن بنّاء مبني على الحوار والإقناع يتم الابتعاد فيه عن القسوة والتهديد أو العنف والوعيد والتخويف.
خير الأمور أوسطها في تربية الأبناء – في كثير من الأحيان تكون القسوة وعدم وجود رصيد عاطفي بين الآباء والأبناء من أسباب عقوق الوالدين نظراً لما يخلفه ذلك في نفوسهم وأذهانهم من ذكريات سيئة.
صادقوا أبناءكم وامنحوهم الثقة، ولتكن عندنا ثقافة تربوية سليمة وصحية وبيئة أسرية جاذبة
ويمكننا الاستعانة بالتوجيهات الربانية في التربية.
التوجيهات الربانية في التربية:
من أفضل الأساليب التربوية التي يمكن الاستعانة بها في تربية وتوجيه الأبناء التوجيهات الربانية التي تساعدنا بكونها مرجعاً للتعامل مع أبنائنا خلال مختلف مراحلهم العمرية، والتي توجه الوالدين في التربية دون قسوة أو تفريط، حيث أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نامر الأبناء بالصلاة في عمر سبع سنوات (فهو عمر التعليم) وأن نضربهم عليها عند بلوغهم 10 سنوات (ضرب غير مهين وغير قاس وانما لتثبيت التعليم) وأن نفرق بينهم في أماكن النوم.
وعندما نتأمل فكرة الضرب التي أمرنا الله بها في الدين، فالمقصود بها ليس ضرب التعذيب أو الإهانة ولكنه للتنبيه والتذكير بقيمة فرض الصلاة وأهميتها، وكونها فرض مهم لا يدركه أو يقدر الطفل الصغير فائدته وأهميته أو قيمته. والطفل لو ترك بدون توعية سيكون من الصعب عليه تأدية الصلاة والالتزام بها وبالتالي الحفاظ عليها في الكبر.
مصادقة الأبناء من أفضل الأساليب وأجداها في التعامل مع مشكلاتهم ومساعدتهم على إيجاد الحلول لها، فلاستخدام القسوة عواقبه الوخيمة والأفضل أن تكون العلاقة مع الأبناء قائمة على تبادل المحبة والود والخبرات من خلال التجارب وكيف تم التعامل معها، وذلك يتطلب منا جميعاً كآباء وأمهات أن نكون على قدر كبير من المرونة والهدوء واحتواء أبنائنا بالنقاش المتزن.
تمت كتابة الموضوع من منظور اجتماعي وتربوي كاختصاصية اجتماعية وكأم في المقام الأول