هناك مشاكل تواجه الشفافية.. ويحتاج تطبيقها إلى العديد من المقومات والجهود لمواجهة هذه المشاكل بهدف تحقيق الشفافية ومن أهمها:
- إن الصعوبات التي تواجه المنظمات عند تحديد أولويات الأهداف والسياسات التي تسعى إلى تحقيقها تعتبر من أهم المقومات التي تواجه الشفافية، وإن الأهداف تحتاج إلى الوضوح والسهولة والموضوعية وكثرتها وتداخلها يقف حائلاً أمام المنظمة في وضع أولويات التنفيذ الأمر الذي يعيق تطبيق الاستراتجية.
- إن الروتين والتعقيد والغموض في الإجراءات يشكل عائقاً أمام تطبيق الشفافية.
- عدم التنسيق بين الإدارات في المنظمات والازدواجية في العمليات الإدارية والغموض في عمليات التحديث والتطوير يشكل أيضاً عائقاً.
- تعارض المصالح بين الأهداف الشخصية وأهداف المنظمة وبين الأطراف.
وهناك عدة أساليب واجراءات الواجب مراعاتها عند تطبيق الشفافية لتحسين ورفع مستواها في أداء الإدارات والاقسام والوحدات الإدارية طالما توافرت الإرادة الحقيقية لتحقيق ذلك لدى الجهات المعنية، ونبرز أهمها فيما يلي:
- تنمية القيم الدينية والتركيز على البعد الأخلاقي في محاربة الفساد، فلا شك أن القيم الدينية في جميع الديانات السماوية تدعو إلى الفضيلة والالتزام بالأخلاق في جميع نواحي السلوك البشري، ويقوم جوهر تلك القيم على فرض رقابة ذاتية على الفرد في كل أعماله، ففي حال التزام كل فرد بهذه الرقابة الذاتية والتي تقوم على الخوف من الله سبحانه وتعالى فإن ذلك يعد الأسلوب الأمثل لمنع حدوث الفساد بكل صوره وأنواعه.
- تهيئة بيئة عمل صحية حيث تقوم بيئة العمل الصحية على ثلاثة محاور:
أولاً ـ إرضاء العاملين، ثانياً ـ المتابعة الموضوعية، وثالثاً ـ بث روح الجماعة، فلا شك أن الموظف الذي يتحقق له الرضا الوظيفي سوف يكون أكثر حرصاً من غيره على الالتزام بالممارسات الإدارية السليمة والابتعاد عن الممارسات الفاسدة، كما أن المتابعة المستمرة لأداء العاملين في المراحل المختلفة تساعد على اكتشاف الانحرافات أولاً بأول قبل تفاقم تلك الانحرافات، وكذلك التزام العاملين داخل مؤسسة معينة بروح الجماعة والعمل معاً كفريق واحد يكون من الصعب معه انتشار الفساد فيما بينهم.
- تنظيم برامج تثقفيه للعاملين الجدد تتركز على ضرورة توعية الموظف وزيادة إلمامه المعرفي بالإبعاد الإدارية والتنظيمية وتعريفه بحقوقه وواجباته وإعطائه صورة واضحة عن أهداف وأنشطة برامج التنظيم والمستويات الإدارية بالمنظمة.
- إعداد الأدلة التنظيمية للأنظمة والقوانين والتعليمات الخاصة ببرامج العمل والأفراد العاملين بالمنظمة ووضعها بين أيدي المسؤولين والموظفين للإطلاع عليها والرجوع إليها من أجل التعرف على حقوقهم وواجباتهم تجاه المنظمة حتى تكون العلاقة واضحة بين الموظف والمنظمة مع مراعاة تطبيق الأدلة بما يتلاءم مع التغيرات والتطورات التي تحدث في البيئة.
- البلاغات والتعاميم حيث يجب استخدام أسلوب التعليمات والتعاميم التي لها علاقة بسياسات الموظف والإجراءات الخاصة بالعمل لتغطية التعديلات والتغيرات التي تطرأ على القوانين والأنظمة أو إلغاءها اوايقافها.
- تنمية وعي موظفي المؤسسة والمتعاملين معها بمختلف أشكال الفساد ومعرفة الأدوات والأساليب اللازمة لمكافحته، وأهمية بناء الشفافية في الأنظمة الإدارية والمالية وكذلك فوائد تطبيق قيم الشفافية ونظم المحاسبة في محاربة الفساد وذلك فى قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها).. (وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد).. (وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)… وهذه النصوص تصلح لصياغة نصوص دستورية تمنع الفساد وتحاربه وتعاقب عليه، وكذلك تصلح لأن تكون نصوصاً دستورية تعالج مسألة التنمية والإستثمار وإعمار الأرض.
الأعزء القراء والقارئات اسمحوا لي أن نبحر معاً في التعرف على الاهتمامات الدولية بالشفافية ومكافحة الفساد حيث يشكل الفساد الإداري واحداً من أكبر التحديات التي تواجه العالم فهو يشوه السياسة العامة ويؤدي إلى سوء تطوير القطاعات العامة والخاصة معاً، وأن مراقبته لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال تعاون عدد كبير من المساهمين في نظام الشفافية والنزاهة بما فيهم أهم الأطراف وهم الدولة والمنظمات وأفراد المجتمع.
إن منظمة الشفافية الدولية تدرك المسؤولية المشتركة في جميع المناطق إزاء الفساد وينصب تركيزها على العمل الوقائي وعلى إصلاح الأنظمة وليس على كشف الحالات الفردية من بين الأسباب التي جعلت الفساد ينمو ليصبح سائداً تتمثل في أن كثيراً من الجهود التي بذلت لعلاج المشكلة بدلاً من فهمها.
من هنا فقد أسست الشفافية الدولية كمنظمة غير ربحية وغير حكومية تعمل على محاربة كافة الإجراءات التي بدورها تبين مظاهر الفساد،.. وعلى هذا الأساس فإن مهمة الشفافية الدولية هي مكافحة الفساد،.. وتعد منظمة الشفافية الدولية التي أنشئت في برلين بألمانيا عام 1993 من أهم المنظمات غير الحكومية التي تعمل على مكافحة الفساد وفي نفس الوقت تعمل على وضع وتوسيع نطاق برامج لمكافحة الفساد من قبل الدولة والمنظمات الدولية. وقد وقامت المنظمة بتطوير مؤشر لقياس مدى تفشي الفساد في مختلف دول العالم، ومؤشر الفساد العالمي هو مؤشر مركب يعتمد على 14 استطلاعاً لآراء الخبراء ورجال الأعمال وبعض المحللين السياسيين في مجال الإدارة ومناهضة الفساد وبعض الآراء العامة عن انطباعهم حول الفساد في 180 دولة حول العالم.
وقد بلغ عدد الدول التي شملتها الدراسة في 1998 بعد مضي خمس سنوات من أنشاء المنظمة (85) دولة ويتم الاعتماد على الدول التي قامت عنها أربع دراسات حول مظاهر الفساد وجاءت الدانمارك في المرتبة الأولى بوصفها الأفضل على المستوى العالمي من حيث الشفافية في التعامل في حين احتلت الكاميرون المرتبة الأخيرة.
أما دلوة الإمارات فأتت الثانية إقليمياً و28 عالمياً في مؤشر الشفافية جاء ذلك في الخبر المنشور بجريدة البيان الإقتصادي ديسمبر 2011 ونصه: (في التقرير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2011 لمؤشر مدركات الفساد احتلت الإمارات المركز الثاني إقليمياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واحتلت المرتبة 28 على المستوى العالمي متقدمة درجة واحدة عن ترتيبها لعام 2010، من بين 183 دولة ضمتها القائمة. وبلغت حصيلة النقاط التي جمعتها دولة الإمارات 6.8 نقاط، متقدمة على 6.3 نقاط في 2010، و 6.5 نقاط في 2009، و 5.9 في 2008. ما يعد مؤشراً على تحسن صورة الإمارات عالمياً على مستوى الشفافية والنزاهة.
وجاءت قطر في المرتبة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، غير أنها تراجعت عن ترتيبها السابق عالمياً وهو 19 لتحتل المرتبة 22 في قائمة العام 2011.
وفي المرتبة الأولى في قائمة مدركات الفساد جاءت نيوزيلندا الأولى، تلتها الدانمارك في المرتبة الثانية، وفنلندا في المرتبة الثالثة، والسويد في الرابعة، وسنغافورة في الخامسة.
وقد أشارت منظمة الشفافية العالمية في مستهل تقديم التقرير إلى أن مؤشر مدركات الفساد العالمي يوضح أن الدول المتطورة والنامية في العالم تتحملان معاً مسؤولية انتشار الفساد في المؤسسات.
وأوضحت (هوجت لابيل) رئيسة منظمة الشفافية العالمية (إن الدول التي تتأخر على مؤشر الفساد الدولي يجب عليها أخذ نتائج التقرير بجدية والعمل لتعزيز المسؤولية في المؤسسات العامة).
الحكم الصالح يبدأ من البيت..
توضح تقارير منظمة الشفافية الدولية بأن ضعف المؤسسات العامة في الدول وغياب الشفافية في الإدارة العامة والمالية، وضعف القدرة على الحد من المسؤولين الفاسدين، وغياب النظام القضائي النزيه المستقل الذي يحد من حصانة المنصب، ونفوذ المسؤول، هو ما يتسبب في انهيار ترتيب دولة ما على سلم الشفافية. وحيث نبهنا عز وجل إلى خطورته بقوله سبحانه: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم 41).
كما نهى الله سبحانه وتعالى عن الإفساد في الأرض بقوله جل وعلا: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف 56).
وأخيراً من خصائص منهج الإسلام في محاربة الفساد هو تميزه منذ قرون عديدة بما نسميه اليوم الرقابة المجتمعية والوقاية المجتمعية من الفساد، فالإسلام يدعو إلى بل يأمر بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ويقول جل من قائل في كتابه العزيز: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران 104).
وفي الحديث النبوي الشريف: (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا علي سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا..!! فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً) (رواه البخاري عن النعمان بن بشير).
ولهذا: تجب مقاومة الفساد والمفسدين بكل وسيلة عاقلة حكيمة ممكنة. ووفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه.
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة