يتناقل بعض أفراد المجتمع عدداً من المفاهيم بطريقة لا تخلو من الغرابة والايلام، فتجد بعضهم يقلب حروف بعض الكلمات ليغير من معناها على سبيل السخرية في معظم الوقت.
لا اعتراض على ذلك طالما أنه يدخل ضمن الترفيه البريء، ولكن، يصدم الفرد ـ وبألم ـ عندما يسمع من جراء هذا المزاح سخرية وتجنياً في الوقت نفسه.
ولعل كلمة (متقاعد) من أكثر الكلمات سخرية لدى البعض ـ وللأسف الشديد ـ فقد انتهينا إلى تقسيم الكلمة إلى كلمتين: مت ـ قاعد! ووصلنا إلى اختصارها لتصبح: مقعد!!
ولا إدري كيف يحكمون، وبأي منطق يتحدثون أم هو غرور الشباب والفتوة! وكيف ربطوا بين التقاعد والصحة دون علم أو معرفة!
وحرصاً على إيضاح الأمر نعرض في هذا المقال للعلاقة بين التقاعد والصحة لعل هؤلاء البعض يعيدون النظر فيعرفون أن التقاعد مرحلة جديدة في الإشراق والضياء ومرحلة النضج والخبرة والشكر والتقدير، وأن سن التقاعد الحالي ليس إلا إجراء تنظيماً أخذت به معظم المجتمعات، بل أن بعضها أعاد النظر به وزاده عدة سنوات أخرى نتيجة للتطور الصحي الذي يعيشه العالم اليوم. فالتقاعد عن العمل هو ظاهرة اجتماعية معقدة تمس حياة كل شخص تقريباً، وفي دراسات علم الشيخوخة كانت ظاهرة التقاعد من أكثر الظواهر إثارة للجدل والنقاش.
فيرى البعض أن التقاعد الإجباري هو نوع من السلب لحقوق الفرد، إذ أن اجبار الفرد على التخلي عن عمله، وعن دور هام في حياته، وتقبل مستوى منخفض من الدخل بسبب وصوله لسن الستين لا أكثر ولا أقل، كل هذا إنما يشكل واحداً من أقسى صور عدم العدالة في وقتنا الحاضر، وعندما يتم هذا فإن المرء يصنف بشكل أو آخر كموطن من الدرجة الثانية بغض النظر عن قدراته.
ويعد التقاعد بالنسبة للكثيرين أول مظهر من مظاهر الإهانة التي يلحقها التقدم في السن بالإنسان، كما يمثل إشارة واضحة إلى أن الإنسان قد أصبح في حكم الآخرين ضعيفاً، فالتوقف عن العمل في مجتمع يقوم أساساً على العمل إنما يشكل حدثاً هاماً في حياة الفرد. كما يمكن اعتبار التقاعد بمثابة نقطة تحول في عملية نمو الراشد، طالما أنه يميز أو يحدد الانتقال من مرحلة أوسط العمر إلى مرحلة الشيخوخة، وعندما يتم التقاعد عن العمل فإنه ينبغي إجراء عملية إعادة التكامل الوظيفي إذا كان للحياة أن تستمر بشكل مفيد وفي نوع من الانسجام، وذلك بمساعدة المتقاعد في مواجهة المشكلات المختلفة التي قد يواجهها في مرحلة التقاعد ليتمكن من التوافق الايجابي في هذه الفترة المهمة من حياته.
إذن، للتقاعد ـ كنظام اجتماعي طبق في معظم المجتمعات، وكمرحلة عمرية سيمر بها معظم الأفراد إذا أمد الله بأعمارهم ـ مشكلات وآثار في مختلف جوانب حياة الإنسان، قد يحتاج جانب منها للبحث والدراسة لمحاولة ايجاد الحلول الملائمة لها.
وقد اختلف العلماء في تحديد مدى الأثر الذي يمكن أن يتركه التقاعد على الحالة الصحية والجسمية للمتقاعد الذي يبلغ السن النظامية المحددة للتقاعد، حيث يرى البعض أن الحالة الصحية والجسمية ـ وخاصة الأخيرة ـ مرتبطة بالتقدم في العمر وقرب بلوغ الفرد مرحلة الشيخوخة، بينما يراها آخرون مرتبطة بالتقاعد وضعف أو انعدام النشاط الحركي الذي يبذله الفرد في مرحلة التقاعد، كما أن هذه المشكلات مرتبطة بالمشكلات النفسية والاقتصادية التي يعاني منها الفرد في هذه المرحلة.
فعندما يبلغ المرء الستين أو قبلها بقليل، يبدأ في ملاحظة التدهور الجسمي والتغيرات الخارجية على صحته وجسمه، والتي تبدأ في مظهر الجسم ونشاطه كتغير لون الشعر من الأسود إلى اللون الرمادي فاللون الأبيض، وظهور التجاعيد وجفاف الجلد والضعف العام، وغيرها من المظاهر الخارجية، وجميعها يتفق الباحثون على أنها فطرية وضعها الله عز وجل في البشر، إلا أن الطب الحديث قد يستطيع التأخير في حدوثها، كما يواجه الفرد في هذه المرحلة تغيرات في وظائف الأجهزة الرئيسية في الجسم، كالجهاز الهضمي والعصبي وضعف وظائف أعضاء الجسم عامة.
إذن، التقدم في العمر هو الذي يحدث التغير الجسمي في الفرد، والذي تنجم عنه بعض المشكلات الصحية. ولكن، ما هو التأثير المباشر أو غير المباشر للتقاعد في حدوث هذه المشكلات؟
نجد أن التأثيرات الاقتصادية للتقاعد لها دور فعال في زيادة حدة الأمراض ومشكلات الحالة الصحية للفرد في مرحلة التقاعد، فضعف الامكانات المادية أو انخفاضها قد يؤدي بالمتقاعد إلى الإقامة في مسكن غير صحي أو عدم الاهتمام بالتغذية الصحية السليمة أو عدم القدرة على دفع نفقات العلاج والدواء.
وبالتالي، يؤدي هذا إلى تدهور الحالة الصحية للمتقاعد، بل يبكر في دخوله مرحلة الشيخوخة الفعلية ويصبح ضحية للأمراض التي عادة ما تأتي دفعة واحدة في هذه المرحلة، كما أن انكفاء المتقاعد على نفسه وانسحابه من الحياة الاجتماعية؛ لشعوره بعدم القيمة في مجتمعه وشعوره بالعزلة وأنه أصبح غير مقبول اجتماعياً من الآخرين يؤدي به إلى التمركز حول الذات والعيش في الأوهام والمخاوف التي تؤثر في الإصابة الأمراض التي قد تكون وهماً في البداية، ثم ما تلبث أن تصبح حقيقة واضحة قد تؤدي إلى الجنون أو الانتحار.
كما أن عدم تقبل مرحلة التقاعد وعدم التكيف السليم معها قد يؤديان بالفرد إلى إهمال تكوينه الجسمي والنفسي مما يجعله يقوم بتصرفات للظهور بمظهر الفتوة والشباب قد تضر بصحته، كالأكل بكميات كبيرة والسهر والخروج المستمر وعدم إراحة العيون.
وتدل الدراسات على اختلاف تأثير التوافق مع مرحلة التقاعد على الحالة الصحية للمتقاعد، حيث أن أمراض القلب والأمراض العصبية تتناقص مع كبر السن في حالة الرجال الذين ينجحون في التوافق مع هذه المرحلة، في حين أنها تزيد في حالة الذين يفشلون في هذا التوافق، كما أن الرجال الذين ينجحون في ذلك يصبحون أكثر قدرة على تقبل كبر السن وبالتالي لا يشعرون بالاكتئاب نحوه.
وفي ضوء ما سبق، نجد أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام تؤثر على صحة الفرد في كل مرحلة، ويزداد تأثيرها في مرحلة التقدم بالعمر لتزامنها مع تغيرات جسمية يواجهها الإنسان، فالشخص الذي يعاني من قصور اجتماعي واقتصادي أقل قدرة على تحمل ما يحدثه التقدم في العمر من تغير، فتوفر الأمن الاقتصادي والاجتماعي عامل مهم للحفاظ على ارتفاع الروح المعنوية بين الكبار.
إذن، هناك فرق بين التقاعد والشيخوخة، فليس كل متقاعد شيخ كبير عليل الصحة قليل الحيلة.. بل تلك مرحلة وهذه أخرى.. والله من وراء القصد.
المؤهلات التعليمية
- دكتوراه الفلسفة في علم اجتماع 1423هـ مع مرتبة الشرف .
- ماجستير الآداب في الخدمة الاجتماعية تخصص التأهيل الاجتماعي 1415هـ بتقدير ممتاز.
- دبلوم في علم التربية 1411هـ بتقدير جيد جداً .
- بكالوريوس الخدمة الاجتماعية 1410هـ بتقدير جيد جداً .
- الشهادة الثانوية (القسم الأدبي), مدرسة هوازن في محافظة الطائف (1404هـ), ومدرسة أبي تمام في مدينة الرياض (1405هـ / 1406 هـ), بتقدير جيد جداً .
- الشهادة المتوسطة مدرسة أبي محجن القفي في محافظة الطائف (1401هـ / 1403هـ),.
- الشهادة الابتدائية مدرسة على بن أبي طالب في محافظة عفيف (1395هـ / 1400هـ),.
العمل الحالي
- أستاذ علم الاجتماع المشارك بقسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بكلية العلوم الاجتماعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
- المشرف العام على الإدارة العامة للسلامة والأمن الجامعي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
- عضو مجلس معهد البحوث والخدمات الاستشارية بالجامعة .
- عضو مجلس إدارة الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية بالخارج.
- مستشار غير متفرغ بوزارة الداخلية منذ عام 1/12/1425هـ وحتى الآن .
- عضو اللجنة الدائمة للاحتفالات بالجامعة، وعضو اللجنة الدائمة لإسكان أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
- عضو اللجنة الدائمة للسلامة والأمن الجامعي .
- محاضر غير متفرغ في المعهد العالي للدراسات الأمنية بكلية الملك فهد الأمنية بالرياض .
- عضو فريق مشروع الحماية الاجتماعية ممثلاً لوزارة التعليم العالي .
- مستشار خيري في المؤسسة السعودية للتعليم والتدريب .
رتبة الأستاذية
حصل الدكتور عبد العزيز على رتبة أستاذ (بروفيسور), في علم الاجتماع بتقدير ممتاز بإجماع هيئة التحكيم وذلك عن نتاجه العلمي الذي قدمه للترقية المتمثل في ثماني دراسات هي:
- بعض التغيرات البنيوية للأسرة السعودية: دراسة ميدانية لعينة من الأسر في محافظة الخرج بمنطقة الرياض. العدد (4),، مجلة العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 2007.
- القبول الاجتماعي للمدمن المتعافي: دراسة ميدانية لعينة من أفراد المجتمع السعودي. العدد (38),، مجلة البحوث الأمنية، كلية الملك فهد الأمنية، 2008م.
- الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والثقافية لأسر الأطفال المتعرضين للإساءة في المجتمع السعودي. العدد (34),، مجلة الطفولة العربية، جمعية الطفولة الكويتية، 2008م.
- آراء الطلبة الجامعيين السعوديين نحو الزواج من الأقارب. العدد (2),، مجلة الآداب، جامعة الملك سعود، 2008م.
- موقف الشباب الجامعي نحو الإصلاح الاجتماعي والسياسي في المملكة العربية السعودية. العدد (3),، المجلد (36),، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، 2008م.
- التفضيل الترويحي لدى كبار السن في المجتمع السعودي. العدد (132),، مجلة دراسات الخليج والجزيرة العربية، جامعة الكويت. 2009م.
- آراء معلمي مقررات علم الاجتماع بالمرحلة الثانوية بالمملكة العربية السعودية في دور تلك المقررات في تدعيم القيم الاجتماعية لدى الطلاب. مجلة العلوم الاجتماعية، المجلد (1),، العدد (1),، جامعة أم القرى 2009م.
- دور مصادر المعلومات الصحيحة في تشكيل الوعي الصحي للمرأة السعودية. العدد (37),، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، 2009م.