تزداد نسبة الطلاق في كـل بلاد العـالم، سواء في العـالم الإسلامي أو العالم الغربي، ولكنها تختلف من بلد إلى آخر، باختلاف الأسـباب والظروف والعوامـل، أو باخـتلاف التغـيرات الفكـرية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية، والنظر في الدراسات الاجتماعية والإحصاءات الخاصة بالطلاق يعطى مؤشرا على تفاقم هذه الظاهرة وازديادها عاما بعد عام في كل المجتمعات، ويجب الإشارة الى ان حالات الطلاق فى المجتمعات الإسلامية باتت امرا خطيرا للغايه، اذ ان تلك الحالات تعتبر فى الأساس بعدا عن سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وترك لتعليماته فهو القائل الذي لا ينطق عن هوى: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعد ابدا، كتاب الله وسنتي).
حالة طلاق كل ست دقائق!
أكدت إحصاءات عربية حديثة أن الأسرة العربية في خطر مع تزايد حالات الطلاق خلال عامي 2002 – 2003م، ففي مصر ذكرت تقارير جهاز التعبئة والإحصاء أنه تم خلال عام 2003م فقط وقوع 70 ألف حالة طلاق، والأكثر غرابة هو أن نصف حالات الطلاق المشار إليها كانت زيجات لم يمر عليها 10 سنوات، فوفق إحصائية حديثة في مصر تقع عشر حالات طلاق في الساعة الواحدة، مما يعني وقوع حالة طلاق كل ست دقائق!، وهذا يعني مؤشرا خطيرا على تراجع الرباط الأسري في المجتمعات العربية عامة وفي مصر خاصة.
الجميع يتساءل ما هي الأسباب؟
من واقع السطور السابقة يجب علينا جميعا أن نتساءل عن أسباب ارتفاع معدلات الطلاق في السنوات الأخيرة بهذه الصورة الكبيرة، وبالأخص أن عدد كبير من حالات الطلاق يقع في السنة الأولى من الزواج، حيث ظهر أن أسباب الطلاق كثيرة ومتنوعة ولا يمكن حصرها في أي مطبوعة، لكونها تختلف من حالة إلى حالة ولأنها نتيجة لأسباب تراكمية في أغلبها. وأن ما قد يدفع البعض للطلاق مع بعض الأشخاص أو في بعض الحالات هو ذاته قد لا يكون مبررا للطلاق في حالة أو حالات أشخاص آخرين، فعندما تحدث الرسول عليه الصلاة والسلام عن الخطبة وصفات الخاطب والمخطوبة، قال في شأن الخاطب: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبر) رواه الترمذي.
وقال عليه الصلاة والسلام في شأن المخطوبة في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: (تنكح المرأة لأربع، لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك) وبذلك يتضح لنا أن هذين الحديثين هما القانون الذي كان ينبغي لكل أمة محمد عليه الصلاة والسلام أن تتبعه ولا تخالفه لهوى في نفس البعض، ولما انحرفت الأمة عن أوامر رسولها عليه الصلاة والسلام ولم تجتنب نواهيه، وقعت فيما وقعت فيه من أزمات ومشاكل كالتي نعيشها اليوم وعلى رأسها كثرة حالات الطلاق.
البعد عن الدين والبحث عن المال
إن من أهم أسباب الطلاق المنتشر خلال الأعوام الأخيرة، هو اختلال الموازين التي يتم على أساسها انتقاء واختيار شريك الحياة، فالأصل أنه بعد التثبت والتأكد أولا من الالتزام الديني أن يبحث المرء عن صفات الشخص المناسبة له، لا أن يكون الاختيار عشوائي بناء على الهوى دون النظر في مآلات الاختيار، ولقد برزت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة في غاية السوء وهي البحث عن المال.
فوالد الفتاة لا يبحث لها عن ذي الدين والخلق والسمعة الطيبة والذي يتصف بالرجولة وبما يجعله أمينا على ابنته، بل يبحث لها عن ذي المال الوفير والدخل الكبير، حتى ولو لم يكن مناسبا لها من بقية الأوجه، وحينها تكون الفتاة عبارة عن سلعة اشتراها ذلك الشاب بماله الوفير، ومن هنا يبدأ أول مسمار في نعش تلك الأسرة، التي ستدب فيها المشاكل فور حدوث الخلاف، حيث سيدرك كل طرف أنه قد تورط في زيجة لم يقدرها حق قدرها ولم يحسب حسابها جيدا، وأن الخلاف بينه وبين شريكه بات كبيرا للغاية، لا يمكن معه الوصول إلى الحد الأدنى من التفاهم المطلوب بين أي زوجين.
ومن ذلك أيضا المغالاة في كل ما يتعلق بالزواج بدءا من المهور واشتراطات الجانبين التي لا يوافقها شرع، ولا يقبلها عقل ولا منطق والتي إن قبلها الشاب مضطرا ترتبت عليها أعباء وديون تثقل كاهله بعد الزواج، وتقتطع أجزاء من راتبه، فينشب الخلاف بين الزوجين وتتراكم المشاكل، ويتبادلان الاتهامات فهو يتهمها بأنها وأهلها سبب تلك الديون، وهي تتهمه بأنه مقصر في توفير متطلباتها، وتصل المشكلة إلى الحد الذي يكون الانفصال هو أحد أفضل الحلول المطروحة.
السعوديه فى الصدارة
كشفت إحصائية لوزارة العدل السعودية تصدر المملكة العربية السعودية البلدان العربية والخليجية في نسبة الطلاق وذلك لعدة أسباب أهمها رغد العيش والترف، وقصور دور التوعية لوسائل الإعلام وغياب الزوج عن المنزل، ونزول المرأة إلى سوق العمل، وأفادت وزارة العدل السعودية أن مجموع حالات الطلاق الواردة إلى المحاكم العام الماضي بلغت 9233 حالة مقابل 707 حالات زواج في الفترة نفسها، وذلك بمعدل 25 حالة طلاق مقابل حالة زواج يوميا.
وقد أشار التقرير الذي نشرته صحيفة (عكاظ) السعودية إلى تصدر منطقة مكة المكرمة المناطق السعودية، حيث سجلت 2518 حالة طلاق شكلت ما نسبته 27 بالمائة من إجمالي المناطق مقابل 334 حالة زواج بنسبة 47 بالمائة من مجموع حالات زواج.
فيما جاءت المنطقة الشرقية في المرتبة الثانية بـ 1970 حالة طلاق بنسبة 21 بالمائة من المجموع، وذلك مقابل 53 حالة زواج بنسبة 7.5 بالمائه تليها منطقة المدينة المنورة التي شكلت قضايا الطلاق في محاكمها 1198 حالة بنسبة 13 بالمائة في مقابل 63 حالة زواج شكلت نسبة 8.9 بالمائة.
واحتلت منطقة القصيم المرتبة الرابعة بـ 928 حالة طلاق بنسبة 10 بالمائة مقابل 31 حالة زواج شكلت ما نسبته 4.4 بالمائة، ثم منطقة تبوك التي وصلت فيها حالات الطلاق إلى 632 بنسبة 6 بالمائة مقابل ست حالات زواج تشكل ما نسبته 0.8 بالمائة، وبلغت حالات الطلاق بمنطقة حائل 492 حالة مقابل سبع حالات زواج بنسبة 1 بالمائة، ثم تلتها منطقة الرياض بـ 421 حالة طلاق مقابل 23 حالة زواج شكلت ما نسبته 3.2 بالمائة من مجموع الحالات الواردة في كل محاكم المملكة.
تجاهل المستويات الاجتماعية والعلمية
يعتبر تجاهل المستويات الاجتماعية والعلمية أمرا خطيرا، فهو يهدد كيان أي أسرة ناشئة، حيث أن الكفاءة العلمية تعد أمرا مهما للغاية في الزواج، فلا ينبغي أن يتزوج الرجل بمن هي في مستوى أعلى منه، كأن يتزوج ذو المؤهل المتوسط ممن هي ذات مؤهل جامعي لأنه مع مرور الزمن وبدء ظهور الخلافات، قد ترى الزوجة أنه لا يجب عليها النزول عند رغبة الزوج لأنها أكثر منه علما وثقافة أو أرفع منه مكانة اجتماعية، فتارة قد تتعلل بأنها الأصح وأنها تفهم أكثر منه فهو لم يصل إلى مستواها العلمي بعد، وأنه بمقدار الفارق العلمي بينهما وهناك فارق في الذكاء والفهم لصالحها، وهذا لا يقبله الرجل بأي حال من الأحوال.
أما عن المستوى الاجتماعي فكم من زيجة فشلت في مهدها بسبب اختلاف المستويات الاجتماعية، فقد اعتبر بعض العلماء أن الكفاءة في النسب أي الكفاءة الاجتماعية من الكفاءة المعتبرة شرعا في الزواج، والكفء هو المثيل والشبيه أو المثيل والنظير لذلك، كما أن الكفاءة تكون في المهنة أو الوظيفة وليس الحديث هنا من الناحية الشرعية بقدر الإشارة إلى أن اهتمام الشرع بها دليل على أهميتها، وبالتالي فإن تجاهل هذا الجانب عند اتخاذ قرار الزواج أو الخطبة، لهو أمرا يؤدي إلى مشاكل لا حصر لها.
الإختلاف فى التفكير
كما لوحظ أن أسباب ظاهرة الطلاق تنجم عن إختلاف كل شخص عن الآخر في تفكيره وفي منطلقات التفكير، وبالتالي ينبغي أن يبحث الشخص جيدا عن شريك حياته، بحيث تكون منطلقات تفكيرهما واحدة، وإلا فإن الاختلاف بين الطرفين سيكون كبيرا للغاية، ويزداد اتساع نطاق ذلك الخلاف مع الوقت، ويصعب فهم كل طرف لطريقة تفكير الطرف الآخر، وبالتالي تفسير تصرفاته بطريقة مختلفة عما يراد منها، وهو أحد أهم أسباب المشاكل وتفاقمها، علما أن تلك النقاط السريعة تعتبر أموراً خطيرة للغاية وتتسبب في هدم أسر بكاملها، على الرغم من أنه يمكن من البداية تجنبها، ولهذا فإنه ينبغي التأكيد على أن قرار الزواج قرار مصيري في الأساس يرتبط به مستقبل أسرة بكاملها، ولذا يجب دراسة الأمر من كل جوانبه، وصولا إلى القرار الصحيح مع استخارة رب العالمين، واستشارة أهل الرأي من أهل الثقة والعلم.
شخصيات الشباب قابلة للكسر
وفي ذات السياق أرجع الكاتب السعودي (خالد سليمان) ارتفاع نسب الطلاق فى المجتمعات الإسلامية بالأخص إلى ما أسماه الضعف والهشاشة في شخصيات شباب وشابات هذا الجيل، والتي تجعلهم أكثر قابلية للكسر والتهشم عندما ينتقلون من مرحلة الحياة المكفولة برعاية الوالدين إلى مرحلة الاستقلال بحياة اجتماعية يعتمد فيها النجاح على قدرة التواصل وفهم مبدأ الأخذ و العطاء والحقوق والواجبات، ودعا ايضا إلى ضرورة إدراك أن العلاقة بين الزوجين لا تولد ناضجة، وإنما هي أشبه بالبذرة أو حبة النوى التي يجب العناية بها حتى يخرج برعمها وحتي تتفتح أوراقها ويشتد عودها.
المصادر
http://www.almoslim.net/node/146157
http://www.gulfkids.com/vb/showthread.php?t=8561
http://www.alwaei.com/site/index.php?cID=502
http://woman.islammessage.com/article.aspx?id=6998
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=298820
الاسم:
رضا ابراهيم محمود عبد الرازق
السن:
40 سنة
الاسم:
رضا ابراهيم محمود عبد الرازق
السن:
40 سنة
الجنسية
:
مصري
الهواية:
قراءة المجلات ـ الرسم ـ الكتابة ـ المراسلة.
الوظيفة الحالية:
مشرف عمليات بترسانة السويس البحرية (هيئة قناة السويس),.
المجلات التى ينشر لي فيها:
مجلة جند عمان (سلطنة عمان),
مجلة الجندي (دبي، الإمارات العربية المتحدة),
مجلة الحرس الوطني (المملكة العربية السعودية),
مجلة المسلح (ليبيا),
مجلة (درع الوطن), الإمارات العربية المتحدة
مجلة العين الساهرة (الإمارات العربية المتحدة),.