واقع مجتمعي يتطلب تكاتف الجهود للإرتقاء بالأسرة العربية
من منا لا يعرف أن الأسرة هي المؤسسة الاجتماعية الأولى التي ينمو فيها الطفل ويكتسب من خلالها معايير الخطأ والصواب، ولكن كيف إذا تحولت هذه المؤسسة الهامة إلى ساحة لممارسة مختلف أنواع العنف نتيجة للتصرفات السلوكية بين الزوجين، وبأسوأ الحالات تمتد على الأبناء ما ينتج عنها شخصيات مجتمعية غير إيجابية حيث تشكل هذه الممارسات ظاهرة العنف الأسري وهي من أخطر المشكلات التي تهدد استقرار الكيان الأسري، وأوضحت الدراسات والأبحاث أن ظاهرة العنف الأسري من الظواهر القديمة في المجتمعات الإنسانية وتنعكس أضرارها ليس على الأسرة وحدها وإنما تتعدى ذلك لتشمل المجتمع بأكمله كون الأسرة هي ركيزة المجتمع وأهم بنية فيه.
ومع تسارع التطورات العصرية في كافة المجالات، تفاقمت هذه المشكلات الأسرية بالرغم من وجود القوانين والتشريعات التي تخص شؤون الأسرة والمجتمع، وتهتم الكثير من المنظمات العالمية بتفعيل هذه القوانين لتحسين الوضع الأسري وضمان تطوير الحياة المجتمعية، إلا أن واقعنا الأسري في معظم المجتمعات العربية أصبح أكثر غموضا من خلال حجم المشكلات الإجتماعية المتزايدة والمتمثلة في العنف الأسري بكل ما يتركه من أثار سلبية أصبحت واضحة رغم السعي لحجبها بمختلف الوسائل.
وما يثير الجدل في هذه القضية المجتمعية أنها تعتبر من التابوهات (المحرمات) التي يفضل الكثير التكتم عنها وعدم البوح بها حفاظا على السمعة وطبقا للعادات والكثير من المعتقدات الخاطئة متجاهلين في الوقت ذاته، حجم ضحايا العنف الأسري خاصة عندما تمتد أشكاله لتصل الأطفال ما يتسبب لهم بأزمات عديدة تستمر معهم للكبر وبالتالي تتحول لا إراديا إلى سلوك مستقبلي متوارث وقد يبقى راسخا في أذهانهم مدى الحياة وبذلك تنتقل ظاهرة العنف الأسري من جيل إلى جيل ما يهدد أمن واستقرار المنظومة المجتمعية.
وفي هذا السياق تطرح تساؤلات كثيرة وتختلف الآراء حول مفهوم ظاهرة العنف الأسري وأسبابها وأشكالها ويبقى السؤال الأهم يركز على المعنيين بالأمر في شأن العنف الأسري وعلى من تعود المسؤولية لإيجاد الحلول لوقف هذه الظاهرة والحد من تفاقمها وإصلاح ما يجب إصلاحه.
لقد أثبتت العديد من الدراسات أن العنف الأسري يعتبر من أخطر أنواع العنف، وهو نمط من أنماط السلوك العدواني الذي يظهر فيه القوي سلطته وقوته على الضعيف باستخدام مختلف وسائل العنف سواء كان الإعتداء جسديا لفظيا أو معنويا وليس بالضرورة أن يكون الممارس للعنف في الأسرة هو أحد الزوجين وإنما الأقوى في الأسرة، وليس بالغريب أن يكون أحد الوالدين هو ضحية العنف خاصة العجزة وكبار السن و الأشخاص من ذوي الإعاقة، وفي الغالب تكون المرأة هي الضحية الأولى ويتبعها الأطفال بإعتبارهم الفئة الأضعف ما يترتب على تراكم هذه الممارسات أضرار بدنية ونفسية وصحية واجتماعية.
ويؤثر العنف الأسري على روابط الأسرة حيث يفككها وتنعدم الثقة بين أفرادها ويتلاشى الإحساس بالأمان وقد تنهار الأسرة بالطلاق لتتوسع هذه الآثار وتنعكس بتهديد الكيان المجتمعي بأسره.
حماية الطفل ضرورة إنسانية لضمان تنمية مجتمعية خالية من سلبيات العنف
ظاهرة العنف الأسري وجدت في مختلف المجتمعات العربية والأجنبية لكن ما يميز بينهما أن المجتمعات الأجنبية تصرح بالتأثيرات السلبية لهذه الظاهرة لمعالجة المشكل وتجاوزه، غير أن المجتمعات العربية رغم تفعيل القوانين المتخصصة في هذا الشأن تفضل الإحتفاظ بخصوصية المشكل، ولكن آثاره أصبحت تظهر خارجيا خاصة على الطفل العربي الذي يولد وينمو ويعيش في وسط عنف أسري، ولتسليط الضوء على بعض الحقائق حول العنف الأسري وأثره على الطفل في مجتمعنا كان للمنال الإلكترونية عدة مداخلات حول قضية العنف الأسري والتأثيرات السلبية التي تنعكس على حياة الطفل وكيف يكون مستقبل المعنفين أسريا…
سعادة سعيد مصبح محمد الكعبي مدير إدارة منطقة الشارقة التعليمية، أكد أن العنف الأسري كظاهرة أو حالة فردية يعتبر مشكلة إنسانية تهدد الحياة المجتمعية باعتباره من أقوى أنواع العنف خاصة آثاره العديدة على الطفل وقال:” العنف الأسري سلوك موجود في جميع المجتمعات في العالم، سواء العربية أو غير العربية، ويمكن قياس هذا السلوك والعمل على علاجه في المجتمع الغربي نتيجة الاعتراف بوجوده، مما يسهل العمل على معالجته بوسائل عديدة وعلى أساس علمي بعكس المجتمعات العربية التي تعتبرها من الخصوصيات العائلية، بل من الأمور المحظور تناولها حتى مع أقرب الناس مما يسمح بتكرارها مرارا، وكتمان الأمر وعدم البوح به يؤدي إلى نشوء آثار سلبية لدى الأطفال، وبالتالي ينشأ لديهم استعداد وقابلية لممارسة العنف ربما بشكل أوسع ضد الآخرين وتبقى هذه الصراعات الزوجية سببا رئيسيا في نمو الطفل بسلوكيات سلبية ترجع خلفيتها إلى تفكك روابط الأسرة”.
سعادة/ سعيد مصبح محمد الكعبي
وأضاف مدير إدارة منطقة الشارقة التعليمية، أن العنف الأسري وانعكاسه على الأبناء ينتج جيلا يعاني من أزمات كثيرة أغلبها الأمراض النفسية كالإكتئاب والقلق والإنطواء وعدم الثقة في النفس وغيرها من المشاكل المصاحبة والتي تؤدي في غالب الأحيان إلى محاولات الإنتحار والهروب، بالإضافة إلى تدني القدرات الذهنية والمهارات النفسية، واضطراب المستوى التعليمي للطفل وعدم قدرته على التواصل مع الآخرين.
وأشار سعادة سعيد مصبح الكعبي إلى أهمية الحوار الأسري وبحث مشكلات نفسيات الأطفال والمراهقين والعمل على حلها وذلك بتكثيف برامج التوعية، وتثقيف المجتمع بجميع أطيافه وأعمار أفراده للتحدث عن مشكلاتهم، وما يتعرضون له من عنف أسري، وقال:” إن أهم خطوة للحد من ظاهرة العنف الأسري هي العمل على إعداد أمهات وآباء المستقبل إعدادا صحيحا وايجابيا وذلك بتهيئتهم لخوض الحياة الزوجية بنجاح وتوجيههم بالتعامل الصحيح مع أبنائهم وذلك بتعزيز التوعية المجتمعية بمختلف الوسائل والتركيز على الإعلام كونه المؤثر الأول على الأفراد بالإضافة إلى عقد ندوات ومحاضرات في هذا الشأن ، كما ينبغي تطبيق قوانين ردعية لكل من يتسبب في العنف وفرض الرقابة على الأسر التي يتعرض أطفالها إلى العنف بإعتبار حماية الطفل ضرورة إنسانية لضمان تنمية مجتمعية خالية من سلبيات العنف، وذلك للحد من توسع وتفاقم هذه المشكلات والحد من أثرها على أمن وإستقرار المجتمع وحفاظا على تركيبة جيل المستقبل.
الأستاذة/ هبه محمد عبد الرحمن
وفي السياق نفسه أوضحت الأستاذة هبه محمد عبد الرحمن موجهة الخدمة الإجتماعية بمنطقة الشارقة التعليمية، أن المتغيرات التي تحيط بنا والضغوطات المختلفة أفرزت أنماطا مختلفة من الشخصيات ما أثر على أسلوب التنشئة الاجتماعية لدى الأبناء وقالت:” من المفترض أن الزوجين لديهما من الأساليب للتعامل مع النعمة التي انعم الله عليهما وهي نعمة الأبناء والإهتمام بها من كافة الجوانب الصحية والنفسية والإجتماعية لبناء شخصية قادرة على التكيف مع ذاتها ومع الآخرين ولكن نجد في المجتمع المدرسي تفاوتا كبيرا لظاهرة العنف الأسري وآثاره على الأطفال وتظهر خارجيا من خلال آثار الكدمات على الوجه والجسم وكسر في بعض الأطراف، وأيضا من خلال سلوكيات متعددة ومنها الإنحرافات الجنسية ويرجع السبب الرئيسي غالبا للوالدين كونهما المسؤول الأول في تنشئة وتربية الأطفال”.
وأضافت موجهة الخدمة الإجتماعية، أنه تم البحث في بعض السلوكيات المرفوضة داخل المجتمع المدرسي منها:( العنف مع الزملاء بالمدرسة، تكسير الممتلكات، ألفاظ غير لائقة بحق العاملين في المدرسة، إهمال، عدم الإلتزام بالقوانين، التدخين، الإنحرافات الجنسية بصورها المختلفة) وذلك عند الإناث والذكور على حد سواء، وأيضا وجود حالات متعددة من الإعتداءات على الأطفال منها إعتداءات جسدية وجنسية، الإهمال العاطفي بالإضافة إلى حالات الإستغلال التجاري للطفل حيث اتضح ان الطالب يتعرض للإساءة من داخل الأسرة ومن خارجها.
تدني التحصيل الدراسي للطلبة له ارتباط وثيق بظاهرة العنف الأسري ومشكلاته
وعن متابعة هذه الحالات قالت الأستاذة هبه عبد الرحمن:” هناك ملاحظات في محيط المجتمع المدرسي ومتابعات من خلال معلمة الصف والإختصاصية الاجتماعية ويعتمد في ذلك على مؤشرات معينة قد يكون منها الخجل، عدم تقبل اللمس من الآخر، الإنطواء، التعلق الشديد بأحد الطلاب أو المعلمات، الخوف الشديد بالإضافة لتكرار الغياب والهروب من الحصص وغيرها، وأيضا التغيرات المفاجئة مثل حدة الإنفعال في مواقف لا تتناسب معها وغالبا نجد تعاطي بعض الأقراص المخدرة، ومن هنا تتجه الإختصاصية الإجتماعية بدراسة الحالة وتحديد الأسباب والبرنامج العلاجي لها بالتعاون مع الإختصاصي النفسي وممرضة المدرسة وقد يتطلب الأمر إستدعاء أولياء الأمور والتحقيق معهم وتدخل مؤسسة مجتمعية مثل الدعم الإجتماعي أو نجدة الطفل”.
وتؤكد موجهة الخدمة الاجتماعية بمنطقة الشارقة التعليمية، أن التحصيل الدراسي للطلبة له إرتباط وثيق بظاهرة العنف والمشكلات الأسرية ويظهر ذلك في التأخر الدراسي والرسوب المتكرر والهروب من المدرسة أو المنزل، كما يؤثر العنف الأسري على القدرات العقلية للطفل وتدهورها تبعا لأساليب العنف الجسدي والعاطفي والجنسي الممارس تجاهه ومع استمرار هذه الظاهرة نصل إلى شخصيات لديهم الكثير من النزاعات الاجرامية.
الأستاذ/ روحي عبدات
ويؤكد الأستاذ روحي عبدات إختصاصي نفسي بوزارة الشؤون الإجتماعية، أن الكثير من الناس يتبادر إلى أذهانهم أن العنف الأسري هو العنف الجسدي لكن من أثار العنف الأسري خاصة على الطفل هو العنف النفسي والذي تكون أثاره مستمرة على المدى البعيد، وتكمن خطورة العنف النفسي حيث لا تكون آثاره مرئية وواضحة وبالتالي عملية إكتشافها تكون صعبة وتمتد تأثيراته السلبية إلى مراحل بعيدة المدى خاصة إذا تعرض الطفل إلى العنف الأسري في السنوات الأولى من نموه إلى مرحلة 6 سنوات، وتظهر هذه الآثار في قدراته الإدراكية والعقلية وتفاعله في المدرسة ومع الآخرين، كما تظهر عند الطفل مشكلات لغوية وعدم الطلاقة في الكلام ويفقد ثقته في نفسه غالبا، ويصبح الطفل غير قادر على التفريغ والتعبير عن ذاته ويعاني من حالة الإنطواء ويفضل العزلة كما يكتسب سلوكيات عدوانية ويمارس أنواع العنف مع الآخرين أو مع إخوانه داخل الأسرة.
وأضح الأستاذ روحي، أن اكتشاف العنف نقطة مهمة وجوهرية للعلاج وتكون عملية التشخيص صعبة عندما يكون العنف نفسيا ويصعب تفريغه عن طريق الكلام لذلك يعتمد الإختصاصي النفسي على أسلوب التشخيص والعلاج باللعب وبالرسم حيث يمكن للطفل أن يرسم الحالة التي يعيشها أو تعرض لها أيضا عن طريق لعب الادوار لإكتشاف الحالة في المدارس حيث يتقمص الطفل دور الشخص الذي قام بالعنف وذلك لتفريغ الإنفعالات والصراعات الداخلية الموجودة في اللاشعور وتبدو على الطفل الذي يتعرض للعنف الأسري آثار جسمية ولا شعورية كالتبول اللاإرادي ومص الأصبع وقضم الأضافر، ولأنه يشعر دائما بحاجة للأمان فهو يتقمص شخصية أطفال صغار للفت الإنتباه فهو بذلك يرجع إلى مرحلة نمائية سابقة كان يحاط فيها بالآمان أكثر، كما توجد آثار تظهر في سلوكيات الطفل وتظهر غالبا في ألعابه مع الأطفال الآخرين حيث يستخدم ألعاب العنف مع أصدقائه أو إخوانه للتعبير عن معاناته الداخلية.
وأشار الأستاذ روحي إلى خطورة هذه الظاهرة وأكد على أن الوالدين تقع عليهما كامل المسؤولية لتدارك مثل هذه المشكلات التي قد تؤثر سلبيا على أطفالهم والتحول مع استمرارها إلى مشاكل وآفات مجتمعية مستقبلا وعليهما ايجاد الحلول لمشاكلهما بأسلوب بعيد عن العنف وبعيد عن الأطفال وايجاد الحلول السريعة لعلاج الأطفال خاصة من الناحية النفسية والمعنوية.
سعادة مريم أحمد سعيد: “إقضية العنف الأسري في المجتمع الإماراتي
لم تشكل ظاهرة مقارنة بالمجتمعات الأخرى…”
سعادة مريم أحمد سعيد الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، أكدت أن دولة الإمارات العربية المتحدة بتوجيهات قياداتها الرشيدة أولت اهتماما متزايدا بمختلف القضايا التي تهم شؤون الأسرة في كل المجالات كما وضعت الدولة هذه القضايا ضمن أولويات السياسات التنموية وقد انعكس هذا الإهتمام على المستويين المجتمعي والوطني، وذلك من خلال تهيئة كافة القوانين التي تضمن حقوق الأفراد في المجتمع، وأضافت أن الأسرة احدى ركائز المجتمع الرئيسية المساهمة في الهوية والتنمية الوطنية وقد جاءت التشريعات والقوانين الوطنية والدولية لدعم الأسرة في كافة شؤونها كما تهتم كافة المنظمات والمؤسسات المحلية العاملة في شؤون الأسرة برفع الوعي الأسري والتركيز على دعم المرأة والطفل لضمان وحماية حقوقهم وقالت:” إن قضية العنف الأسري في مجتمع الإمارات لم تشكل ظاهرة حقيقية بالمقارنة مع المجتمعات الأخرى وإنما هي حالات فردية ينبغي تعجيل دراستها للحد من تفاقمها كي لا تصبح ظاهرة، وتعود حالات العنف الأسري الحاصلة في المجتمع المحلي إلى تعدد الثقافات والجنسيات والإنفتاح الزائد والبعيد عن الهوية المحلية ما أدى إلى ظهور أخلاقيات جديدة لاتتناسب مع أخلاقيات المجتمع المحلي وأيضا المتطلبات العصرية أدت إلى ظهور مشكلات واسعة.
ومن الأسباب الرئيسية عدم التهيئة الصحيحة للزواج والفوارق بين الطرفين من ناحية المستوى الثقافي والتعليمي والمستوى المادي وغيرها، وبالتالي عدم الإتفاق بين الطرفين يؤدي إلى صراعات متواصلة تنتهي أغلبها بالإنفصال ويكون ضحيتها الأطفال”.
وأوضحت أمين عام المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، أن المجتمع المحلي كباقي المجتمعات الأخرى معرض لحدوث ممارسات العنف الأسري وعلى المؤسسات الإجتماعية والأمنية تعزيز أدوارها لإيجاد الحلول من جذورها ومعالجتها من كافة جزئياتها للحد من تزايد هذه السلوكيات وتوسعها حيث تقع آثارها السلبية على التركيبة المجتمعية، كما أن دور الإعلام مهم في نشر الوعي الأسري، بالإضافة إلى دور الجهات المعنية بشؤون الأسرة في توطيد الجهود وتكثيف البرامج والأنشطة التي تساهم في توعية الأفراد والأسر.
الأستاذة/ خولة عبد الرحمن الملا
الأستاذة خولة عبد الرحمن الملا مدير إدارة شؤون الفتيات التابعة لمجلس الأعلى لشؤون الأسرة قالت:” إن أنواع العنف الأسري عديدة منها المادي المحسوس والملموس والواضح على الضحية ومنها المعنوي الذي لا تظهر آثاره على الضحية وإنما تكون آثاره في نفسية الضحية”، وقالت:” إن الأسرة من أهم المؤسسات المجتمعية وأي خللا في الأسرة يشكل خلل على المجتمع ويحدث العنف الأسري نتيجة أسباب عديدة أهمها ضعف الوزاع الديني وسوء الاختيار وعدم التناسب بين الزوجين في مختلف الجوانب بما فيها الفكرية وبالتالي عدم الفهم بين الزوج والزوجة، وأيضا عوامل سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة وغياب ثقافة الحوار والثقة داخل الأسرة، ومن بين الأسباب أيضا ظروف المعيشة الصعبة كالفقر والبطالة وكثرة متطلبات الحياة الزوجية والأسرية وعدم القدرة على تلبيتها بالإضافة إلى العقليات المتفاوتة بين الزوج والزوجة في تقييم الأمور الأسرية”.
وأضافت مدير إدارة شؤون الفتيات، أن العنف الأسري خاصة الموجه ضد النساء والأطفال يحدث خللا كبيرا في الحياة الإجتماعية بشكل عام واستمرار صراعات العنف الأسري يؤثر على الأطفال من كلا الجنسين وتظهر هذه الآثار من خلال بالإنطوائية والعدوانية وضعف الشخصية والإنحرافات الإجتماعية كالسرقة وتعاطي الممنوعات وتدني التحصيل التعليمي وغيرها من السلوكيات التي تشكل ضررا على الجميع، وأخطر ما في الأمر أن آثار العنف الأسري تبقى راسخة من الصغر إلى الكبر.
وللحد من هذه القضايا ولحماية الطفل والأسرة عامة يجب رفع درجات عالية من الثقافة الأسرية والوعي وتقوية الوزاع الديني، وإعتماد أساليب الإرشاد والتوجية للزوجين ودراسة المشاكل الأسرية وإيجاد الحلول وأيضا الإهتمام بعلاج الأطفال لتجاوز آثار العنف الأسري وفرض قوانين ردعية على كل من يسبب الأذى داخل الأسرة ويبقى الطلاق الوسيلة الأخيرة لإنهاء الخلاف الزوجي في حالة استمرار الحالة ولم تنفع الوسائل السابق ذكرها.
قضية العنف الأسري مشكلة اجتماعية …
لها امتدادات بالغة الخطورة لإنعكاس آثارها السلبية على الأجيال المستقبلية
ونقتبس في هذا المجال ما نشرته صحيفة الإمارات اليوم، حيث أوضح الأستاذ جاسم محمد المكي رئيس قسم التوجيه والإصلاح الأسري في دائرة محاكم رأس الخيمة، أن قضايا العنف الأسري غالبا ما تكون قيام الأزواج بضرب زوجاتهم، بسبب خلافات أسرية لا ترقى إلى اعتبارها مشكلات اجتماعية معقدة، مضيفا أن بعض الزوجات يأتين إلى المحكمة لتقديم شكوى بحق أزواجهن فيحال ملف القضية في بداية الأمر إلى قسم التوجيه والإصلاح من أجل توجيه الطرفين والاصلاح بينهما بشكل ودي وفي حال رفض الطرفان الإصلاح يحال ملف القضية إلى المحكمة المختصة للنظر في القضية، وإصدار حكم قضائي فيها، وأوضح أن معظم حالات العنف الأسري تنتج بسبب تراكم مشكلات أسرية، وعدم قبول الزوجين لبعضهما البعض.
الأستاذ/ جاسم محمد المكي
وشرح المكي، أن من أسباب وقوع العنف الأسري أن يكون الزوج غير مهيأ لتوفير طلبات زوجته الخاصة، وتوفير الاحتياجات المنزلية، وغير قادر على الاستماع إلى زوجته، فضلا عن تراكم المشكلات الأسرية بسبب وجود مشكلات مالية أو وظيفية ضاغطة، بالإضافة إلى انتقاد الزوجة الدائم للظروف المالية الصعبة لزوجها، وتذكيرها له بأنه لا يستطيع تلبية الطلبات المنزلية، يجعلانه غير مستقر نفسيا، وغاضباً منها ومن طلباتها المتزايدة، ما يؤدي إلى تطور الخلافات الاسرية بين الطرفين، وصولاً إلى التحدث بصوت مرتفع، وتبادل الشتائم، وقيام الزوج بضرب زوجته انتقاما منها، وبسبب حالته النفسية السيئة.
ونقتبس أيضا مما نشرته جريدة البيان، حيث أوضحت الأستاذة فاطمة الكندي رئيس قسم الإلتماسات الإنسانية في إدارة التظلمات في الإدارة العامة للرقابة القانونية والنظامية في شرطة دبي، أن أبرز أنواع العنف الأسري هي العنف اللفظي والجسدي والعنف المادي والجنسي وتعتبر المرأة والطفل أكثر ضحايا هذا النوع من العنف، وتكمن أسبابه في معاناة الشخص مقترف العنف من مرض نفسي، ومرافقة أصحاب السوء وتقليدهم، وتعاطي الممنوعات كالمخدرات كما تأخذ الأسباب عدة دوافع حيث يمكن تصنيفها إلى دوافع شخصية ودوافع اجتماعية ودوافع مادية، بينما ابرز ملامح شخصية الرجل العنيف تتمثل في أنه يعاني من قلة احترامه لذاته لأنه قد يكون إنسانا ناجحا في عمله ألا انه غير راض عن نفسه، وينظر للمرأة على أنها أقل منه ولا يطالعها بعين المساواة، وهو شخص قد يكون واقعا تحت ضغط نفسي أو أحد متعاطي الكحول أو آفة المخدرات.
ومن السمات الشخصية الأخرى التي يتصف بها هي الغيرة الشديدة وسرعة الغضب، وتطرقت الكندي إلى العنف على الأزواج، حيث توجد حالات لتعرض أزواج للعنف من قبل زوجاتهن وغالبا ما تكون المرأة التي تقدم على ممارسة العنف ضد زوجها من النساء اللاتي يؤمن بكل ما تأتي به المنظمات الحقوقية المعنية بالمرأة والتي تطالب بالمساواة المطلقة بين المرأة والرجل دون مراعاة طبيعة المرأة وتكوينها.
تعزيز التوعية والتثقيف لهما أهمية في حماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري
من خلال ماسبق ذكره من المداخلات والآراء، تبقى قضية العنف الأسري مشكلة اجتماعية لها امتدادات بالغة الخطورة لإنعكاس آثارها السلبية على الأجيال المستقبلية، وتقع مسؤولية الحد من تفاقم هذه القضية على جميع أفراد المجتمع بمختلف فئاته ومؤسساته وخاصة تلك المؤسسات والهيئات العاملة في مجال الأسرة والمجتمع والناشطة في مجال الحقوق الإنسانية، وأيضا يقع الدور المهم على عاتق الإعلام بإعتباره المسؤول الأول في كشف قضايا العنف الأسري ومسبباته ومبرراته المرفوضة دينيا وانسانيا، بالإضافة إلى دور المؤسسات الدينية في نشر ثقافة التعامل الصحيح والإيجابي مع المشكلات الأسرية وتعزيز الوعي المجتمعي بحجم الآثار السلبية لقضية العنف الأسري حيث أن الوعظ والإرشاد الديني له أهمية في حماية المجتمع من مشاكل العنف الأسري وقد جاءت تعاليم الدين الإسلامي لتوضح أهمية التراحم والترابط الأسري، كما أن تطبيق القوانين الردعية مهم جدا لوقف إستمرار ممارسة العنف الأسري وذلك عندما لا تنفع الوسائل التوعوية والإرشادية…
وأخيرا تستدعي قضية العنف الأسري عمل دراسات بحثية واسعة في هذا المجال ومتابعة الإحصاءات لتقييم حجم القضية، بالإضافة إلى أهمية إنشاء مراكز متخصصة لمساعدة المعنفين خاصة الأطفال وإعادة تأهيلهم خاصة في الجانب النفسي لضمان إستقرار حياتهم المجتمعية ونموهم مستقبلا.