أصبحت المشروبات الغازية جزءاً هاماً من ثقافة الكثيرين من أفراد المجتمع الذين لا يستطيعون الاستغناء عنها تحت أي ظرف! وهناك من يستفتح يومه بالمشروبات الغازية قبل قهوة الصباح، ولا شك أن للمشروبات الغازية تأثيرات جانبية على الكبار والصغار، وبالرغم من مخاطرها أصبحت هذه المشروبات من أساسيات الكثير من الأسر يتناولونها على الافطار والغداء والعشاء ويزداد العجب حينما يقوم بعض الآباء بترويض أطفالهم على تناولها رغم أن الأطباء يجمعون على الأضرار الصحية الكثيرة التي تسببها هذه المشروبات خاصة على نمو الأطفال حينما تصبح روتيناً يومياً لا يمكن الاستغناء عنه.
ويؤكد البرفيسور الأمريكي جوستن نايلنود أستاذ بكلية «نورث ليك» أن للمشروبات الغازية أضراراً صحية عديدة على صحة الإنسان كبيراً كان أم صغيراً ومنها مرض السكر وتسوس الأسنان ونقص الكالسيوم المؤدي إلى هشاشة العظام خاصة على الأطفال، بالإضافة اضطراب الشهية وأمراض القلب والأمراض المتعلقة بالأعصاب والسرطان.
وتؤكد العديد من الدراسات والأبحاث أن الأطفال الذين يستهلكون الكثير من المشروبات الغازية يتعرضون لعدة أضرار صحية تشمل السمنة وتسوس الأسنان وإدمان الكافيين وضعف العظام، حيث وجد أن السكر المكرر المضاف للمشروبات يشكل نسبة أكبر من السكريات المضافة للبسكويت والحلويات والمثلجات، وفي ظل الهجمات الإعلانية المنظمة من مصانع المشروبات الغازية التي تروج وترغب في تناول أنواع المشروبات الغازية قام عدد من المسؤولين في قسم الصحة في إدارة الزراعة الأمريكية بمراجعة آخر ما توصل إليه الباحثون بخصوص الإتهامات التي تؤكد أن المشروبات الغازية تؤدي الى تلك المخاطر فأوضحوا أن دراسة حديثة أظهرت وجود علاقة قوية بين استهلاك المشروبات الغازية والإصابة بالبدانة، ولم يتم بعد إثبات الميكانيكية التي يؤدي فيها استهلاك المشروبات الغازية إلى السمنة وإن كانت العلاقة بينهما قوية، والمرجح أن الطفل يشرب المزيد من السعرات الحرارية في كل مرة يتناول فيها المشروب.
وذكرت المجلة الطبية البريطانية أن مجموعة من العلماء وجدوا في دراسة استمرت سنتين أن الأطفال الذين يبلغون الثانية عشرة من العمر ويتناولون المشروبات الغازية بانتظام يتعرضون للإصابة بالسمنة أكثر ممن هم في أعمارهم ولا يتناولون المشروبات الغازية بانتظام، فكل إضافة من السكر في المشروبات الغازية تزيد خطر الإصابة بالسمنة بمقدار 1 إلى 6 مرات، وأوضح المختصون أن السبب يكمن في المخ حيث لا يسجل السعرات الحرارية التي يتم شربها بنفس الطريقة التي يسجل فيها السعرات التي يتم أكلها (أي التي تأتي من الطعام وليس من الشراب)، وبالتالي المرور السريع للمشروبات المليئة بالسكر لا يرسل إشارة شبع إلى المخ فيجعله يرسل إشارة اكتفاء.
أيضا أشارت أغلب الدراسات إلى أن استهلاك المشروبات الغازية يعتبر أحد عوامل الإصابة بتسوس الأسنان أو نخرها كما أن السكر ليس وحده المسؤول عن الإصابة بنخر الأسنان فالمشروبات الغازية تحتوي على أحماض تسبب حك مينا الأسنان مما يؤدي إلى الإصابة بالتسوس، كما يؤكد المهتمون بالصحة أن استهلاك الأطفال للكافيين الموجود في المشروبات الغازية يمكن أن يؤدي إلى نوع من الإدمان عند الكبر، وأن استهلاك الاطفال المنتظم للكافيين يمكن أن يؤثر سلبا على نمو المخ، والمشكلة في الكافيين أن كميته لا يتم ذكرها ضمن ملصق معلومات التغذية على علب المشروبات الغازية، ولكن المستهلك المستنير يعرف أن علبة الحجم العادي (360 جراما) تحتوي على 35 إلى 38 مليجراما من الكافيين، ونفس حجم علبة المشروب الغازي الخاصة بالحمية تحتوي على مقدار أكبر من الكافيين، اي حوالي 42 مليجراما! هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن الشركات تتفاوت في مقدار وضع الكافيين في مشروباتها، لذلك من الصعب جداً معرفة كمية الكافيين التي يتناولها الأطفال، ولم يتم التأكد من تأثير الاستهلاك المنتظم للكافيين على مخ الطفل في طور النمو، إلا أن المؤكد أن الاعتماد على أي نوع من المؤثرات يؤدي إلى إفساد التوازن الكيميائي العصبي للمخ.
وفي السياق نفسه تشير الأبحاث التي تجرى على الفئران في المعامل إلى أن الفوسفور يعتبر مكوناً عاماً في المشروبات الغازية يؤدي إلى استنزاف مخزون الكالسيوم من العظام، والفوسفور الذي يوجد بشكل طبيعي في بعض الأطعمة والذي يستخدم أيضاً كمادة مضافة يؤدي إلى نقص الكالسيوم وضعف العظام، وعلى الرغم من أن شركات المشروبات الغازية تؤكد أن كمية الفوسفور في مشروباتها قليلة ولا تؤثر على العظام إلا أن المشكلة تستفحل عندما يستهلك الأطفال المشروبات الغازية في ذروة نمو عظامهم حين يحتاجون إلى كل ما يمكن من كالسيوم، وتنقص هذه المشروبات نسبة الكالسيوم بالدم فيقوم الجسم بتعويض هذا النقص من خلال سحب الكالسيوم من العظام فتصبح عظام الجسم بالتدريج عظاما ضعيفة وهشة، وما يزيد الأمر سوءاً أن الاطفال يستعيضون بالمشروبات الغازية عن المشروبات الأكثر فائدة لصحتهم مثل الحليب والعصائر الطبيعية والماء.
ومن الجدير بالذكر أن الاقلاع عن تناول هذه المشروبات هو الحل الوحيد لتجنب مضارها فهي مشروبات لا يحتاجها الجسم و يمكن استبدالها بالماء أو العصائر الطازجة دون أي تردد.
ويسبب الانقطاع عن المشروبات الغازية مرة واحدة صداعاً رهيباً وعصبية وهياجاً أو حدة في السلوك، وغيرها من أعراض الانقطاع فالكافيين الموجود في كثير من المشروبات الغازية يسبب إدماناً شديداً ، وهو أصعب شيء يمكن التغلب عليه عند محاولة الانقطاع عن المشروبات الغازية، ويفضل الانقطاع بالتدريج وذلك بالتقليل من عدد العبوات التي تستهلك في اليوم.
ويعتقد الكثيرون أن مشروبات الدايت أقل ضررا غير أن عواقب شربها على الصحة أكثر وخامة من المشروبات الغازية العادية هذا لأنها تحتوي على مادة الأسبارتيم، والتي يتم أيضها داخل الجسم إلى عدد من الكيماويات السامة، أكثر هذه الكيماويات هي مادة الفورمالدهيد، وهي المادة المستخدمة في حفظ أعضاء الجسم وعينات التشريح من التحلل، وقد ارتبط الأسبارتيم بعدد من الاضطرابات العصبية، مثل الشقيقة (الصداع النصفي)، الدوار، الارتعاد والارتعاش والتشوش الذهاني وتعكر المزاج وآلزهايمر، وربما يصل الأمر إلى عمى دائم.
ويعتبر الماء وشاي الأعشاب وعصائر الفواكه بلا إضافات من السكر بدائل رائعة، ولعل أفضل خيار كبديل هو الحليب منزوع الدسم حيث يساعد في ترسيب الكالسيوم في العظام ويصلح ما أصابها من عطب، وممارسة التمرينات الرياضية هي الحل الأمثل للإقلاع عن المشروبات الغازية، فهي تهون أعراض الانقطاع عنها، وتسهم في ضبط المزاج كالمشي والتنزه وتمرينات الإيروبيك واليوغا وقيادة الدراجات، وأفضل تمرين يمكن أن يقوم به مدمن مشروبات غازية سابق هو رفع الأثقال، فالضغط الواقع على العظام يساهم في زيادة كثافة العظام، واستعادة الفاقد من الكالسيوم والشفاء من الأعطاب التي لحقت بها بسبب استنزاف المعادن منها.