الطفل المريض مرضاً مزمناً غالباً ما يشعر بالإنفصال عمن حوله ممن هم في مثل سنه، حيث يشعر بعضهم بالإنطوائية لأنه لم يعد قادراً أن يمارس حياته العادية، وأن يذهب إلى المدرسة مثل أقرانه، أو أن يلعب معهم اللعب الجماعية، كما يدرك هؤلاء الصغار المرضى بأنهم ليسوا كغيرهم وأن هناك ما يعيق اندماجهم مع من هم في مثل سنهم والتنافس معهم.
وقد كانت الألعاب توفر دائماً للأطفال ملجأ يمتعهم ويعلمهم ويخفف عنهم، وهناك ارتباط وثيق بين شكل الدمية والطفل الذي يختارها وشعوره بأنها مثله أو تمثله، فمثلاً الأطفال من أصل إفريقي يختارون الدمى ذات اللون الداكن والتي تشبههم عندما يمنحون حق اختيار دماهم، وكان للألعاب والدمى على الدوام دور تعليمي وتثقيفي مباشر وغير مباشر.
ومن المعروف أن الأطفال الذين يعانون من مرض السرطان يتساقط شعر الرأس لديهم نتيجة العلاج الكيميائي، وهذا يجعلهم خجولين ويقلل من ثقتهم بأنفسهم، ولعلاج هذا الوضع كان هناك دور لدمية باربي الشهيرة والتي تم تصنيع أول مجموعة منها عام 1959، ومع مرور الوقت ضغطت جماعات الحقوق المدنية على شركات صناعة الألعاب والدمى ليكون لها دور فاعل وإيجابي، ومن ضمن تلك الشركات الشركة التي تصنّع دمية باربي، إذ اضطرت الشركة المنتجة لها تغيير شكلها ومنحها شخصيات تعبر عن أعراق مختلفة من البشر والثقافات، حتى أنها أنتجت باربي بنية لون الجلد وباربي ترتدي الحجاب، والآن تم انتاج دمية باربي صلعاء، لكن هذه المرة لسبب خيري في غاية الأهمية.
أعلنت شركة ماتيل التي تصنع دمى باربي بأنها ستوزع دفعة من الدمى الصديقة لباربي على الأطفال الذين يعانون من مرض السرطان الموجودين في المستشفيات الأمريكية والكندية، وستكون الدمى صلعاء لا شعر لها، سيتم توزيعها على الفتيات الصغيرات اللواتي فقدن شعر رؤوسهن نتيجة الإصابة بمرض السرطان.
جاء هذا القرار بعد أن قامت امرأتان بإنشاء صفحة على الفيسبوك عنوانها (من أجل صناعة باربي صلعاء وجميلة! دعونا نرى إن كنا نستطيع أن نجعلهم يصنعوها)، وإذا بعداد إشارة الموافقة “لايك” يرتفع بالآلاف في عدة ساعات قليلة من إنشاء الصفحة.
السيدة الأولى التي ساهمت بإنشاء هذه الصفحة أسمها (بيكي سايبرين) لها ابنة تبلغ من العمر 12 عاماً، كانت قد فقدت شعر رأسها أثناء العلاج الكيميائي، وقد قالت سايبرين لقناة إيه بي سي الإخبارية “أهدف من هذه الحملة ومن خلال دمية باربي الصلعاء، مساعدة الأطفال الذين فقدوا شعر رؤوسهم نتيجة الإصابة بمرض السرطان وأمراض أخرى تتسبب في فقدان الشعر مثل مرض الثعلبة وتساقط الشعر نتيجة الترايكوتيللومانيا وغيرها من الأمراض ومساعدتهم على مواجهة أمراضهم”.
بينما قالت شريكتها في الحملة المصورة الفوتوغرافية (جين بينغهام) التي كانت قد فقدت شعرها أثناء تلقي العلاج بعد إصابتها بسرطان الغدد اللمفاوية “أحد الأسباب الرئيسية لقيامنا بالحملة يعود إلى محاولتنا التقليل من شعور النساء والأطفال بالخجل نتيجة فقدانهم شعر رؤوسهم، وشعورهم بأنهم لم يعودوا محبوبين أومقبولين، وليتمكنوا من مواجهة الناس من دون الاضطرار إلى تغطية رؤوسهم بالباروكة أو الشعر الصناعي أو غطاء الرأس أو شيء من هذا القبيل، لأن هناك جمالاً وقيمة للشخص بغض النظر عن وجود شعر من عدمه.
كانت شركة ماتيل قد صنعت في الماضي دمية باربي صلعاء واحدة كطلبية خاصة لفتاة تمر بفترة العلاج الكيميائي في مدينة نيويورك، ولكن عندما اقترحت الحملة على الشركة بأن ينتجوا دمية صلعاء للتسويق، قالت شركة ماتيل في البداية بأنهم لا يستقبلون اقتراحات من خارج شركتهم، ولكن بعد عدة أشهر، غيرت الشركة موقفها، والآن صنعوا كمية محدودة من الدمى الصلعاء التي سترفق ببعض الإكسسوارات مثل القبعات ومناديل الرأس، لتوزيعها على المستشفيات العام القادم 2013 وسيتم التبرع ببعضها للمؤسسة الوطنية لمرضى الثعلبة، والآن تحاول بينغهام إقناع الشركة بأن توفر دمى صلعاء للبيع في الأسواق ليتسنى للجميع اقتناءها.
صفحة الفيسبوك شجعت ظهور حملات أخرى طالبت بدمى مماثلة، مثل حملة للصبيان الذين يعانون من فقدان الشعر، وفي شهر فبراير قامت الشركة المنافسة إم. جي. إيه للترفيه، بإعلان أنها ستفتح خطي انتاج لدمى من ماركة :”براتز” و “موكسي غيرلز” تحت عنوان ” الأمل الحقيقي” لتصنيع دمى لصالح شركة تويز آر أس، وعن كل دميه سوف تباع ستتبرع شركة إم. جي. إيه بقيمة دولار لمركز أبحاث السرطان في مدينة الأمل لأبحاث السرطان في كاليفورنيا.