إن من أهم العادات المفيدة التي يجب اتباعها عند شراء المواد الغذائية، هو قراءة تاريخ انتهاء صلاحية المنتج، وذلك لضمان جودة المواد الغذائية التي نحن بصدد شرائها، وحقيقة فإن الامر يحتاج إلى الاهتمام بذلك عدة مرات حتى تصبح عادة صحية مفيدة وملازمة للمستهلك.
ولا أنكر بأنني صرت شغوفاً بقراءة تاريخ صلاحية المنتج قبل شرائه. وأثناء تواجدي في أحد المراكز التجارية، إذ بي اسمع مشادة بين رجل وإمرأة، يعلو صوتيهما حيناً وينخفض أحياناً أخرى، وتبينت من مشادتهما الكلامية أنهما زوجان، وأمام هذا الموقف وجدت نفسي أنظر إلى تاريخ انتهاء صلاحية المنتج الذي بين يدي، ثم أنظر إليهما بتمعن، وتبادر إلى ذهني السؤال التالي: هل لعلاقاتنا الإنسانية تاريخ صلاحية؟!
بمعنى أكثر وضوحاً هل هناك دلالات أو مؤشرات تدلنا على أن هذه العلاقة أو تلك قد قاربت على الانتهاء؟!، لا شك أن الأمر سهل بالنسبة للمنتجات الغذائية فالأمر محسوم بتاريخ واضح تسهل قراءته للجميع، ولكن ماذا بشأن علاقاتنا الإنسانية؟ ما المؤشرات أو الدلالات التي تدلنا على قرب انتهاء صلاحية العلاقة؟!
إن وجود الخلاف لا يعني انتهاء صلاحية العلاقة، ولكن هناك الكثير من المؤشرات التي تدلنا على ذلك، منها كثرة الخلافات والمشاكل المستمرة، والتسلط وعدم تقبل الآخر، والتمسك بالرأي بغض النظر عن مجانبته الصواب أو الخطأ، وعدم تقبل أي حلول قد تطرح، وغيرها من المؤشرات التي تشير إلى “مفترق الطرق”.
ولكن ما الذي يجب علينا فعله إذا أدركنا هذه المؤشرات؟
إن أول شيء يمكن عمله هو التوقف وأخذ خطوة إلى الوراء، والتفكر بتمعن للإجابة عن سؤالين: ما الذي دفع بهذا الوضع إلى هذا الحال؟ وهل وصلت الخلافات إلى نقطة اللاعودة دون إدراك منا بذلك؟ نعم حقيقة لطالما نصل إلى نقطة اللاعودة دون إدراك منا وبلا تقدير بأننا نسير إلى نهاية طريق مسدود.
إن أقل ما يجب عمله هو عدم السماح بتطور الخلافات وتراكمها، ومحاولة معالجتها فوراً. علينا بمعنى أدق أن لا نكون سلبيين في علاقاتنا الإنسانية، وأن نتعامل دائما بإيجابية مع خلافاتنا. وأن نتعلم أسلوب المواجهة الإيجابية الهادئة، الذي يفند أسباب الخلاف ويعمل على إيجاد حلول لها. ولكن كيف؟
اسمحوا لي بالعودة مرة أخرى إلى تاجر المواد الغذائية، فما أن يدرك أن منتجه قد شارفت صلاحيته على الانتهاء، لا نجده يستسلم، أو يتعامل بسلبية مع هذه المشكلة، بل نجده يعرض منتجه في المقدمة، ويقوم بحملة ترويجية، بل وقد يلجأ إلى تقديم تنازلات وعمل تخفيضات وحسومات على سعر المنتجات قد تصل إلى سعر التكلفة، بهدف تسويقها تجنباً لخسارته التي قد يتعرض لها إذا انتهت صلاحية المنتج. لقد أدرك حقيقة مشكلته، وهذه أهم خطوة أن تدرك وجود المشكلة.
وهذا من وجهة نظري ما يجب علينا فعله، إدراك جوانب المشكلة المختلفة، وعدم التسليم بحتمية انتهاء العلاقة، وتسويق أنفسنا بهدف تحسين علاقاتنا الإنسانية والعمل بخطوات إيجابية على حل خلافاتنا، ولا مانع إذا قدمنا بعض التنازلات ـ من أرباحنا ـ لهدف أسمى هو المحافظة على دوام علاقاتنا الإنسانية، ولكن للوصول إلى هذه القناعة علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا، هل لدينا رغبة حقيقة بالمحافظة والاستمرار في علاقاتنا؟! أم أننا استسلمنا وسلمنا بانتهائها، إن كان لدينا رغبة حقيقية في استمرار العلاقة، فما أسهل أن نمد أيدينا لإنهاء خلافاتنا.
إن إدراك انتهاء علاقتنا بشخص ما قد يمثل لنا خسارة نفسية ومعنوية، بل وقد يعكر صفو حياتنا، ويمثل خطأ في تقديرنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين، ولكن الخطأ الأكبر هو محاولة الاستمرار في العلاقة رغم تيقننا بانتهائها.
إن معرفة متى يجب علينا التوقف، يتيح لنا فهم أكبر لجوانب المشكلة ودراستها والاستفادة منها كتجربة حياتية، خلاصتها تجنب تكرار نفس الأخطاء في علاقتنا مع الآخرين.
إن كل منا يسعى إلى حياة أفضل، وإلى علاقات إنسانية متميزة، ولكن يجب علينا أن نعرف متى وكيف وأي طريق نسلك.
الاسم: أحمد شفيق أحمد همام
الجنسية: سوداني
المؤهلات العلمية
- جامعة الإسكندرية ـ كلية الآداب ـ ليسانس اجتماع.
- دورة في إدارة الموارد البشرية.
- دورات إعلامية متنوعة
- دبلوم صحافة إلكترونية.
الخبرات العملية:
- أعمل حالياً بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي.
- إداري ومكلف بالعمل بقسم الإعلام ومسؤول عن نشر أخبار وأنشطة الكلية بالصحف.
- الإشراف على تصميم وإخراج وطباعة كافة مطبوعات الكلية.
- سكرتير تحرير مجلة الكلية العلمية الأعوام 2010 ـ 2012.
- عضو هيئة تحرير مجلة الطلبة (ميلاد فجر), 2013 ـ 2012 وما زلت حتى الآن.
- عضو اللجنة الإعلامية للندوة العلمية الدولية للحديث الشريف (الخامسة والسادسة),.