يعتبر تأهيل الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد وتدريبهم على اكتساب المهارات المعرفية والمهارات الاجتماعية والسلوكيات الصحيحة، موضوعات في غاية الأهمية في عملية التأهيل، ولكن من أكثر المهارات صعوبة في عملية التأهيل، هى كيفية تدريب البنت من ذوات اضطراب طيف التوحد على كيفية الاعتناء بنفسها في فترة البلوغ. وذلك بسبب أن الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد لديهم مشكلات في التواصل ومشكلات في اللغة والكلام والتفاعل مع الاخرين، لذلك يصعب تدريبهم على اكتساب هذه المهارات الهامة.
ولذلك سنحاول تقديم بعض الإرشادات لأسر الفتيات ذوات اضطراب طيف التوحد، والتي قد تساعدهم على تدريب بناتهم.
عند سن المراهقة يتغير جسم الفتاة، سواء من الداخل أو الخارج، ويعد هذا الأمر جزءاً من النمو الطبيعي الذي يطلق عليه اسم البلوغ، ويحدث البلوغ لكل الفتيات بما في ذلك ذوات اضطراب طيف التوحد.
وهذه بعض النصائح لأسر الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد قبل البلوغ أو الفتيات ذوات اضطراب طيف التوحد عند سن البلوغ، وكيفية تعليم الفتاة الاعتناء بنفسها عند سن البلوغ؟
ما هو المقصود بالبلوغ؟
البلوغ هو انتقال الشخص من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة، فالفتيات يصبحن نساء، والصبيان يصبحون رجالاً، وتحدث تغيرات البلوغ ببطء، عندها يمكن أن يشعر الشخص ببعض الخوف، لكنّ معرفة ما يمكن توقعه يمكن أن تساعد على الشعور بالتحسن، وعندما تكون لدى الفتاة أسئلة، يمكنها أن تسأل أمها أو والدها أو طبيبها أو أي شخص بالغ موثوق آخر. الفتاة من ذوات اضطراب طيف التوحد قد يصعب عليها ان تستوعب أو تسأل عن هذه التغيرات.
ملاحظة التغيرات التي تحدث على جسم الفتاة البالغة:
تعتبر التغيرات خلال فترة البلوغ تغيرات طبيعية وصحية على جسم الفتاة مثل:
- ظهور شعر على بعض أجزاء الجسم كنمو الشعر تحت الإبطين، وأسفل البطن (العانة)، وعلى الساقين.
- مجيء الدورة الشهرية (الحيض).
- انبعاث رائحة كريهة من العرق الذي يفرزه الجسم وخاصة تحت الإبطين.
- يصبح الجلد دهنياً أكثر، وتظهر البثور (حبّ الشباب).
- ينمو الثديان في الصدر بأشكال وأحجام عديدة.
- تصبح الفتاة أطول.
ملاحظة هامة:
كل هذه التغيرات تحدث للفتاة من ذوات اضطراب طيف التوحد، تماماً كما تحدث للفتاة التي ليس لديها توحد، ولكن ما يزيد المشكلة تعقيداً، هو أن الفتاة التي لديها توحد، قد يصعب عليها استيعاب هذه التغيرات الفسيولوجية، ولذلك على الأم أن تشرح لابنتها أن هذه التغيرات عادية، لأنها أصبحت كبيرة تماماً مثل أمها.
تعليم الفتاة أن تعبر عن مشاعرها
نتيجة لبعض التغيرات الفسيولوجية، يمكن أن يولد البلوغ مشاعر قوية ومختلطة، مثل الشعور بالغضب والحزن والفرح، وقد تكون لديها مشاعر أخرى أيضاً مثل:
- قد تشعر بالسعادة لدقيقة واحدة وتحزن في اليوم التالي.
- قد تشعر أنها بدأت تعي أعضاءها الخاصة فتلمسها.
- قد تعتقد أن شخصاً لطيفاً، وآخر غير ذلك.
ملاحظة هامة:
هذه المشاعر طبيعية وهي جزء من النمو، لذلك لا داعي للقلق بشأنها، وغالباً الفتاة من ذوات اضطراب طيف التوحد تشعر بنفس المشاعر، وتمر بنفس الأحاسيس من الغضب والحزن والفرح أيضاً، ولكن قد تكون هذه المشاعر مصحوبة ببعض السلوكيات غير المرغوب فيها، كالصراخ أو الغضب او العنف، والحقيقة أن هذه الفتاة لا تقصد العنف، ولكن نظراً لعدم استيعابها لهذه المشاعر، ونظراً لعدم فهمها لماذا يحدث ذلك لها، وعدم قدرتها على التعبير عن مشاعر الغضب أو الحزن، قد تتصرف بهذه التصرفات غير المرغوب فيها.
ولذلك على الأم أن تتفهم أن الفتاة لديها هذه المشاعر والأحاسيس، وتحاول أن تشرح لها على قدر استيعابها وبشكل مبسط، وعليها أن تساعدها على التغلب على هذه المشاعر، بمحاولة عمل بعض الأنشطة الحركية، أو الترفيهية المحببة إليها، أو الخروج للتنزه، وغالباً ما تختلف هذه الأنشطة من فتاة إلى أخرى.
تعليم الفتاة طريقة للتواصل:
لدى الأشخاص من ذوي اضطراب طيف التوحد مشكلات في اللغة والكلام والتواصل، فمع الفتيات اللاتي يستطعن التحدث تحاول الأم تعليمها كيف تعبر عن مشاعرها، وأيضاً تعلمها بعض الكلمات التي تعبر عن السعادة مثل: (أنا مبسوطة) أو (أنا زعلانة) وغيرها من المشاعر.
أما الفتيات اللواتي لا يستطعن التعبير بالكلام، فتحاول الأم استخدام بعض الصور التي تعبر عن المشاعر المختلفة مثل صورة بنت مبسوطة، أو صور بنت زعلانة أو حزينة، حيث تحاول الأم أن تعلم ابنتها أن تشير إلى صورة البنت المبسوطة عندما تكون مبسوطة، وصورة البنت الزعلانة عندما تكون زعلانة، وذلك للتعبير عن مشاعرها، وهكذا.
تعليم الفتاة مفهوم الخصوصية:
يعتبر مفهوم الخصوصية من المفاهيم الهامة، التي يجب أن يتعلمها كل الأطفال قبل سن البلوغ، فيجب على الأم تعليم معنى الخصوصية، مثل الآتي:
- المكان الخاص والمكان العام، غرفتي الخاصة: تعني أن هذه هى غرفتي الخاصة، يمكن أن أجلس في غرفة نومي، وهذه الغرفة التي يمكن أن أخلع ملابسي فيها، أو أدخل الحمام بمفردي، والحمام هو المكان الذي أستطيع أن أخلع ملابسي فيه وأقضي حاجتي، ولكن هناك أماكن عامة لا يمكن أن نخلع فيها ملابسنا.
- جسمي الخاص بي: وأن هناك أجزاء خاصة من جسمنا ستحدث فيها بعض التغييرات في سن البلوغ، ما يعني الاحتياج للمزيد من العناية بهذه الأجزاء ولكن على انفراد.
- لا بأس أن يلمس الشخص أعضاءه الخاصة عندما يكون وحيداً في الحمام أو غرفة النوم، بعد إغلاق الباب لتنظيف هذه الأجزاء مثلاً، ولكن يجب عدم لمس الأعضاء الخاصة في الأماكن العامة، مثل قاعة الدراسة أو المطعم أو الملعب.
- في بعض الأحيان قد تحتاج الأم أو الطبيب (باستئذان الفتاة والأهل) إلى فحص هذه الأعضاء الخاصة، وأنه لا ينبغي لأحد أن يلمس الأعضاء الخاصة بها، ويجب ألا يقترب أي أحد أبداً من المجال الخاص لأي شخص آخر (يجب أن نكون دوماً على بعد 30 سنتيمترا من أي شخص على الأقل).
- تعليم الفتاة أن تقول: (لا) إذا لمس أي شخص الأعضاء الخاصة بها، وعليها أن تبلغ أمها أو والدها أو أي شخص بالغ موثوق آخر بذلك.
روتين العناية اليومية
للبقاء على رائحة الفتاة منعشة ونظيفة، يجب عليها القيام بما يأتي:
- تنظيف أسنانها مرتين على الأقل يومياً، وهذا سيساعد على التخلص من رائحة الفم الكريهة وتجويف الأسنان.
- استخدام مزيل العرق كل يوم، وذلك للتخلص من رائحة العرق والرائحة الكريهة التي تفوح من تحت الإبطين.
- الاغتسال أو الاستحمام بمفردها، حيث يمكنها غسل جميع أجزاء جسمها وشعرها.
- غسل اليدين والوجه كل يوم بالصابون والماء، واستخدام منشفة للتنشيف.
- ارتداء ملابس داخلية نظيفة وتغيير الملابس المتسخة كل يوم.
مساعدة الفتاة على التعود على الروتين الجديد:
إن وجود روتين يومي جديد قد يستغرق بعض الوقت للتعود عليه، وفيما يلي بعض الطرق الممتعة لتساعد الفتاة على تذكر ما يجب فعله:
- علميها عن اللوازم التي تستخدمها في النظافة، مثل الصابون والشامبو ومزيل العرق، وعليها أن تعرف ما يجب أن تستخدمه أولاً، وما يأتي بعد ذلك.
- استخدمي صوراً توضح خطوات وضع الفوط الصحية، ومعرفة كيفية التخلص منها.
- ساعديها على وضع جدول زمني لغسل وجهها، أو تنظيف أسنانها، أو الاستحمام.
التدريب على ارتداء حمالة الصدر
بمجرد نمو الثديين في صدر الفتاة، فإن استخدام حمالة الصدر أمر جيد، حيث أنّ هذه الحمالات تدعم الثديين حتى لا تشعر الفتاة بالألم عند المشي أو الركض أو القفز، والفتاة التي ترتدي حمالة الصدر لأول مرة قد تشعر بعدم الارتياح، ولكن مع القليل من الوقت، سوف تعتاد على ذلك.
هناك بعض الفتيات من ذوات اضطراب طيف التوحد، قد يعانين من مشكلات فرط في حاسة اللمس، أي انها قد لا تتحمل لبس ارتداء حمالة الصدر، لذلك قد تحتاج تلك الفتاة للتدريب على ارتدائها لفترات قصيرة في البداية، ثم نزيد هذه الفترات تدريجياً، ولذلك ننصح الأمهات بالاستعانة بأحد الاختصاصيين في مجال التكامل الحسي أو من المتخصصات في مجال التوحد للمساعدة في هذه المشكلة.
كيف تعتني الفتاة بنفسها أثناء الدورة الشهرية؟
علمي ابنتك أهمية وكيفية تغيير فوط الدورة الشهرية الخاصة بها، عندما تكون ممتلئة، وعلميها أن تغيير الفوطة هو أيضاً أمر خاص يجب أن تقوم به على انفراد، وتأتي الدورة الشهرية مرة واحدة في الشهر لكل فتاة، وعادة ما تستغرق حوالي 3 إلى 5 أيام، ويمكن أن تحدد الفتاة التقويم الخاص بها كل شهر عندما تأتيها الدورة الشهرية، وبهذه الطريقة، ستعرف متى يمكن أن تتوقع متى ستأتيها في الشهر التالي.
ويمكن للأم أو أي فتاة أخرى بالغة موثوق بها أن تعلمها كيفية استخدام الفوط الصحية، وبشكل عام، ولوضع فوطة جديدة يجب إزالة الورق من الجزء الخلفي للفوطة، ثم وضع الجانب اللاصق للفوطة في الملابس الداخلية، مع التأكد من أنها ثابتة في مكانها، ثم تغيّر الفوطة كل 4 ساعات، أو عندما تكون مليئة بالدم، ويجب تغيير الملابس الداخلية عندما تتسخ، ووضع فوطة جديدة بدل القديمة.
وقد يكون تعليم الفتاة من ذوات اضطراب طيف التوحد هذه المهارات صعباً، وخاصة مع الحالات الشديدة، ولكن هناك الكثير من الفتيات من ذوات اضطراب طيف التوحد، قد تم تدريبهن على الاعتناء بأنفسهن أثناء الدورة الشهرية، وحققن نجاحاً كبيراً، ولذلك ففي الحالات الشديدة يمكن للأسر الاستعانة ببعض الاختصاصيين الذين لديهم خبرة في هذا المجال.