تعتبر تربية المراهقين في وقتنا الحاضر من أصعب الأمور التي تواجه الوالدين وذلك نتيجة للتغييرات الاجتماعية والتكنولوجية الكبيرة والسريعة. فالمراهقون في أيامنا هذه معرضون لأنواع مختلفة من الأنشطة والمعلومات والقيم والتوجهات والمعايير التي يصعب التحكم فيها والسيطرة عليها من جانب الأسرة. ونتيجة لذلك تأثرت العلاقة بين المراهق ووالديه إلى درجة كبيرة وصار من الصعب على الوالدين التحكم في سلوك ابنهم المراهق، وأصبحت الأساليب القديمة والتقليدية ـ التي كانت فعالة في تربية هذه الفئة في السابق ـ غير مجدية في وقتنا الحاضر، وأصبحنا بحاجة إلى تعلم أساليب وطرائق جديدة للتعامل مع المراهقين تكون أكثر فاعلية وتأثيراً وتجنبنا الوقوع في المشكلات.
صحيح أن كثيراً من المشكلات التي تواجه المراهقين اليوم هي من نتاج المجتمع الذي نعيش فيه وتأثيراته، ولكن الصحيح أيضاً أن الوالدين يسهمان ـ وبدون قصد في معظم الأحيان ـ في وقوع هذه المشكلات. فمطالب الوالدين وتوقعاتهم من المراهق كنوع الدراسة ونوعية الأصدقاء ونوعية الألعاب وطريقة اللبس ومعدل التحصيل الدراسي تعتبر من أقوى المؤثرات في حياته، والمراهق يعي ويدرك هذه المطالب وهذه التوقعات كما يدرك ردة فعل الوالدين في حالة عدم مقدرته على الوفاء بها أو ما ينتظره من عقاب. لهذا ينبغي على الآباء والأمهات إعادة النظر في هذا الجانب والتفكير ولو لبعض الوقت في مطالبهم وتوقعاتهم وما تسببه من ضغوط نفسية شديدة على المراهق، ومعرفة ما إذا كانت هذه المطالب واقعية أم لا، وهل تتفق مع امكانات وقدرات واهتمامات وأهداف ابنهم أم لا، وهل يضعون لأبنائهم معايير لا يستطيعون هم أنفسهم الوفاء بها، وليسأل الآباء والأمهات أنفسهم عما إذا كانت هذه المعايير تلبي رغباتهم أم رغبات أبنائهم.
لعل من الأفضل أن نساعد أبناءنا المراهقين لكي يضعوا لأنفسهم معايير وتوقعات خاصة بهم ـ بحيث لا تتعارض مع قيم المجتمع الذي نعيش فيه ـ تتفق مع قدراتهم وامكاناتهم واهتماماتهم وقيمهم، فإذا لم نتح للمراهق فرصة تعلم وضع معايير لنفسه فإننا بذلك نظلمه ونساعده على الاتكالية وعدم التفكير. ونتيجة لهذا فإن هذه النوعية من المراهقين تعتمد على آبائها وأمهاتها وتتعلم كيف تشبع أحلام والديهم وليس أحلامها. ومتى استطاع الوالدان تغيير توقعاتهم ومطالبهم تجاه أبنائهم وعملوا على تعليمهم كيف يضعون معايير لأنفسهم يكونوا بذلك قد تجاوزوا عقبة كبيرة في سبيل تربية أبنائهم وانتصروا على تحد كبير في سبيل تعويد أبنائهم الاعتماد على أنفسهم وتحمل مسؤولية أفعالهم والنضج.
ومن جهة أخرى، فإن علاقة الوالدين بإبنهم المراهق ينبغي أن تبنى على الاحترام والتقدير والمساواة فهذه حاجة أساسية لكل إنسان، والمراهقون يعطون قيمة كبيرة لهذا النوع من العلاقات، فكل مراهق ووالديه يمتلكون قدرات ومسؤوليات مختلفة وهذه الاختلافات لا تعني أفضلية أحدهما على الآخر بل ينبغي أن يعامل الكل على قدم المساواة. صحيح أن كل الآباء والأمهات يريدون أن تكون علاقتهم بأبنائهم المراهقين جيدة، ولكن كثيراً منهم لا يعرف كيف يحقق ذلك، فسوء الفهم ونقص المعلومات والخبرات عوامل تقف حائلاً دون تكوين مثل هذه العلاقة. ويفترض بعض الآباء والأمهات أن المراهقين متمردون بطبعهم ولذلك فإن من المستحيل ـ من وجهة نظرهم ـ التعامل أو العيش معهم. هذه الفئة من الآباء والأمهات يعتقدون أن أفضل سبل التعامل مع المراهقين تكمن في الحزم والشدة والسيطرة التامة عليهم. بينما يعتقد البعض الآخر منهم أن أسلوب القوة هو السبيل الوحيد للجم هؤلاء المراهقين وكبح جماحهم، وبذلك فهم يرون أن تآلف الأسرة لا يتم إلا من خلال إعطاء الأوامر ورفع الصوت واستخدام الضرب والتأكد من تنفيذ المراهق لهذه الأوامر.
ومن جانب آخر فإن تساهل بعض الآباء والأمهات مع أبنائهم يدل على عدم قدرتهم اتخاذ موقف حازم تجاه ما يؤمنون به فهم يضعون أنفسهم موضع الجانب الضعيف الذي يتحمل هجوم الطرف الآخر ولا يمتلك القوة الكافية للتعبير عن رأيه ومطالبه، وفي حالة التعبير عنها فإن من السهل تجاهلها، ويتجنبون الوقوع في خلاف مع الطرف الآخر الأقوى. وهذا النوع من الآباء والأمهات يرى نفسه ضعيفاً غير قادر على التعامل مع مشكلات الأبناء السلوكية: كعدم احترام الآخرين، وإدمان المخدرات وعدم احترام السلطة، وعدم إطاعة الأوامر.. وغيرها من المشكلات التي تواجه الإنسان في هذه المرحلة العمرية.
ويعتقد بعض الآباء والأمهات أن هذه السلوكيات الخاطئة هي أمور طبيعية في هذه المرحلة وأن من المناسب عدم الاهتمام بها أو تجاهلها لأنه ليس بامكانهم منعها. وتعتقد هذه النوعية من الآباء والأمهات أن وضع الضوابط والحدود لسلوكيات أبنائهم يضر بنموهم وهذا غير صحيح، بل على العكس من ذلك فالمراهق ينظر إلى هذه الضوابط كدليل على اهتمام الوالدين به ورعايته والحفاظ على سلامته.
إن التدليل الزائد هو إحدى المشكلات التي تؤدي إلى عدم احترام المراهق لوالديه، كما أن تدليل المراهق وتوفير جميع مطالبه ورغباته والقيام بجميع الأعمال عنه حتى الصغيرة منها كايقاظه من النوم مع توفر منبه لديه، وتذكيره بالوقت كأنه لا يستطيع معرفة ذلك بنفسه، والتحدث على لسانه، واختيار ملابسه وشرائها وعدم تكليفه بأي عمل من أعمال المنزل.. كل هذا يفقده الثقة بنفسه ويشعره بعدم نضجه وعدم كفاءته وبحاجته إلى الرعاية والمساعدة المستمرة. صحيح أن هذه الأعمال تدل على الاهتمام ولكنها في الوقت نفسه لا تشجع المراهق على تحمل المسؤولية والاعتماد على نفسه.
وعلى العكس من ذلك الآباء المتشددون الذين يعتقدون أنهم هم فقط الذين يعرفون كل ما هو صالح للآخرين، ولذلك فهم يحاولون إجبار الآخرين على التصرف وفق أهوائهم ورغباتهم وكما يريدون، ويفترض هذا النوع من الآباء والأمهات أن المراهقين لا يمكن أن يتصرفوا بطريقة ملائمة، ولا يمكن أن يكونوا عند حسن الظن بهم لذلك فإن تصرفاتهم تتسم بالشدة والقسوة ويظهر ذلك جلياً من خلال حساسيتهم الشديدة تجاه تصرفات أبنائهم المراهقين وتوجيه الانتقاد المستمر لهم حتى في أبسط الأمور، وكثرة مطالبهم وأوامرهم وتهديداتهم، وكثرة استخدام العقوبة البدنية، وكثرة التنبيه والتذمر، وتدخلهم المستمر في كل الأمور، وعدم ثقتهم واحترامهم لأبنائهم، والتمسك بآرائهم ووجهات نظرهم. وبناء على هذه المعاملة القاسية فإن ردة فعل المراهق تتراوح بين الغضب والشعور بالإحباط والشعور بالنقص والذنب والدونية، كما تؤدي بهم هذه المعاملة إلى القيام بسلوكيات غير سوية ـ خاصة في الجوانب التي لا يستطيع الآباء والأمهات التحكم فيها ـ كمصاحبة الأشرار، والتدخين، وعدم أداء العبادات، وضعف التحصيل الدراسي، والإدمان، والتورط في العمليات الإجرامية كالسرقة، والخضوع التام لأوامر الوالدين تجنباً للانتقاد والعقاب والخسارة في هذه الحالة تعود على الطرفين الآباء والمراهقين على حد سواء.
أخيراً يمكن القول إن مفتاح الوالدية الناجحة والفاعلة تكمن في المساواة والمعاملة الحسنة بين الطرفين. فالمساواة تعني عدم التعالي وعدم التهديد باستخدام السلطة باستمرار، والمعاملة الحسنة تعني الاحترام والتقدير والتقبل والتعاون والثقة والاهتمام والتعاطف والرعاية المتبادلة، كما تعني أيضاً رغبة الطرفين في الاستماع إلى بعضهما، والتعهد بالتعاون والمساعدة في حل المشكلات، والمشاركة بالأفكار والمشاعر، والتعهد المشترك بانجاز أهداف محددة مع إعطاء فسحة للأهداف الخاصة. هذا النوع من العلاقة يمنح المراهق فرصة للنمو السليم والتمتع بخصائص وسلوكيات ايجابية أساسها المرونة وتفهم الآخرين وتجنب الصراعات والخلافات والمشكلات.
وكيل قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
المعلومات الشخصية
الجنسية سعودي
تاريخ ومكان الميلاد: 1378هـ الطائف ـ المملكة العربية السعودية.
مكان الإقامة: الرياض ـ المملكة العربية السعودية.
اللغات التي يجيدها: العربية والإنجليزية.
المؤهلات العلمية
شهادة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض عام 1401 هـ.
شهادة الماجستير في الخدمة الاجتماعية تخصص العلاج الاجتماعي social treatment منWMU بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1988م.
العديد من الشهادات في مجال التعليم والتدريب المستمر.
التاريخ الوظيفي
معيد بقسم الخدمة الاجتماعية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية من عام (1401 إلى عام 1408 هـ).
محاضر بنفس القسم من عام (1408) وحتى الآن.
مستشار غير متفرغ بدار (إعلام) للدراسات والاستشارات الإعلامية (1424هـ).
المشرف العام على موقع الفريق الاجتماعي social-team.com (1427 هـ).
مستشار الخدمة الاجتماعية بالإدارة العامة للصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة.
المشرف العلمي على الدورات الاجتماعية التي تنظمها الإدارة العامة للصحة النفسية والاجتماعية بوزارة الصحة 1427 ـ 1428هـ.
معد حقيبة (أساليب تطوير الذات وتحقيق التفوق) برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي 1428هـ.
وكيل قسم الاجتماع والخدمة الاجتماعية بجامعة الامام 1429 هـ .
الخبرات التدريسية
تدريس المقررات التالية من سنة 1409هـ وحتى الآن:
المدخل لدراسة الخدمة الاجتماعية.
الأسس العامة لطريقة العمل مع الجماعات.
مهارات العمل مع الجماعات في الخدمة الاجتماعية.
الأسس العامة لطريقة العمل مع الأفراد.
الإرشاد والتوجيه الاجتماعي.
أساليب العلاج الاجتماعي.
الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي.
مصطلحات ونصوص أجنبية في الخدمة الاجتماعية.
حالات تطبيقية في طريقة العمل مع الجماعات.
العلاج الجماعي.
مهارات العمل مع الأفراد والجماعات في الخدمة الاجتماعية (دورة الخدمة الاجتماعية الطبية التي نظمتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالتعاون مع وزارة الصحة خلال الأعوام الجامعية 1412 و 1413).
التدريب الميداني (الإشراف الميداني على مجموعات من طلاب القسم في مؤسسات مختلفة منها مستشفى الرياض المركزي، ودار الملاحظة بالرياض، ودار التوجيه الاجتماعي، وثانوية الملك فيصل، والمستشفى العسكري، ومستشفى الأمل بالرياض، ومستشفى الملك فهد التابع للحرس الوطني، ومستشفى صحاري، ورابطة العالم الإسلامي، ومؤسسة الحرمين الشريفين).
شارك في العديد من الندوات والمؤتمرات وله العديد من البحوث العلمية فضلاً عن نشاطاته وعضوياته في العديد من المجالس والجمعيات العلمية.