تطورات التعليم الإلكتروني في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
ضمان لحقوق الطلبة من ذوي الإعاقة في التعليم الذكي
الكمبيوتر اللوحي يساعد الطالب المعاق على التركيز ويقوي لديه دافعية التعلم
المدينة بحاجة إلى ما يقارب 1100 جهاز لوحي
في ظل التطورات السريعة لتكنولوجيا المعلومات وما أحدثته التقنيات الرقمية العصرية من متغيرات جذرية على مختلف المستويات في مجال التعليم العصري، ومع تغيير مسار العملية التعليمية في دولة الإمارات العربية المتحدة من التعليم التقليدي إلى التعليم الذكي بتوفير امكانات تعليمية عصرية رفيعة المستوى للنهوض بجيل المستقبل في المجالين العلمي والتقني تطرح تساؤلات عديدة عن أهمية التعليم الذكي لفئة المعاقين بعدما أصبح دمجهم في التعليم العام مستقبلا يتطلب استخدام وسائل عصرية في التعلم.
التعليم التكنولوجي للطلبة من ذوي الإعاقة يعود إلى الثمانينات
تواكب مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية عملية تعليم وتدريب الأشخاص من ذوي الإعاقة بالوسائل التعليمية الالكترونية الحديثة من خلال حرصها الدائم على متابعة كافة التطورات الحاصلة في مجال التعليم وتوفير افضل الخدمات التأهيلية والتدريبية بأحدث الوسائل والبرامج العصرية لمنتسبيها من ذوي الإعاقة على اختلافها (سمعية، بصرية، حركية، ذهنية، توحد.. إلخ)، وذلك تماشيا مع حداثة التعليم الإلكتروني حيث تسعى المدينة الى الارتقاء بطلبتها المعاقين لأخذ حقوقهم في التعليم الذكي كغيرهم من الطلبة غير المعاقين بتوفير الإمكانات اللازمة لهم لإنجاح هذه العملية التعليمية العصرية.
وفي هذا الإطار أوضحت الأستاذة منى عبد الكريم نائب مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أن اهتمام المدينة بالتعليم التكنولوجي يعود الى بداية الثمانينات من خلال توفير أجهزة الحاسوب في الفصول التعليمية وتدريب الطلبة من ذوي الإعاقة على استخدام مهارات وبرامج الحاسوب بشكل عام، مؤكدة على أهمية هذه الأجهزة الإلكترونية في مساعدة الطالب المعاق على التركيز وتقوية دافعية التعلم لديه وتسهيل التواصل البصري الحركي من خلال استخدام آليات الحاسوب وهي مهارات تعليمية يحتاجها الطالب المعاق كغيره من أقرانه الطلبة غير المعاقين في عملية التعلم والتدريب خاصة أن التعليم بوسائل الكترونية يتميز بالتشويق والتحفيز لتحقيق الأهداف المرجوة.
وقالت: “اهتمت المدينة خلال السنوات السابقة بتوفير كافة الامكانيات المساعدة للطلبة من ذوي الإعاقة للارتقاء بمستوياتهم التعليمية، حيث وفرت في جميع فصول مدرسة الأمل للصم السبورات الإلكترونية التي انعكست ايجابا من خلال التقدم الكبير الذي أحرزه الطلبة الصم في تدرجهم التعليمي، وأيضا وضعت المدينة ضمن أولوية خدماتها التعليمية تكثيف دورات التعلم على مهارات استخدام الحاسوب الآلي وسنويا يتخرج دفعات من طلبة المدينة وبنتائج متميزة يحصلون على الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب الآلي وبشهادات معتمدة من شركة مايكروسوفت”.
وفيما يخص رؤية المدينة قالت الأستاذة منى عبد الكريم: “من خلال مبادرات القيادة الرشيدة على تعزيز التعليم الإلكتروني في الدولة، تتجه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية نحو خطة مستقبلية لتوفير جهاز لوحي لكل طالب من ذوي الإعاقة في المدينة حسب نوعية الإعاقة والقدرة على الاستخدام خاصة أن جهاز الآي باد في الفصول الدراسية مهم لعملية التواصل بالنسبة للأطفال غير القادرين على التواصل اللغوي والتعبير، حيث يساعدهم الجهاز اللوحي على تسهيل التواصل من خلال استخدام البرامج الخاصة بالإضافة إلى تسهيل عملية التعليم للطلبة الصم ويساهم في رفع مستوياتهم إلى الأفضل، وفي هذا الإطار نحرص على تهيئة الهيئة التدريسية وتطوير الفصول التعليمية وضبط عملية الاستخدام الصحيح للتكنولوجيا بتوجيه أولياء الأمور وتوعية الطلبة المعاقين وتعزيز ثقافتهم بالاستخدام الإيجابي للأجهزة الذكية لتكون إضافة ايجابية للمنظومة التربوية.
وأضافت نائب مدير عام المدينة أن المدينة كمؤسسة أهلية غير ربحية، تواجه تحديات مادية لتوفير الامكانيات اللازمة والأجهزة المتخصصة لذوي الإعاقة، حيث يتطلب توفير جهاز لوحي لكل طالب معاق ميزانية كبيرة والمدينة بحاجة إلى 1100 كمبيوتر لوحي لطلبتها من ذوي الإعاقة، وقالت: “إن هذا التحدي لا يشكل حاجزا أمام جهود المدينة لمواكبة تطورات التعليم الإلكتروني في فصولها الدراسية وضمان حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة في التعليم الذكي من أجل تسهيل دمجهم مستقبلا في منظومة التعليم الإلكتروني العام الذي تهتم دولة الإمارات بتطويره لبناء الإنسان وتعزيز قدراته المعرفية والعلمية والوصول بجيل المستقبل إلى أفضل المستويات العالمية”.
مدرسة الأمل للصم تهتم بتوجهات دولة الإمارات نحو التعليم الذكي
وفي السياق ذاته أكدت الأستاذة عفاف الهريدي مديرة مدرسة الأمل للصم، أن إدارة المدرسة وبتوجيهات الإدارة العليا في المدينة تحرص على متابعة التطور التكنولوجي والاطلاع على أحدث الأجهزة المستخدمة في العملية التعليمية التي تفيد الطلبة الصم لإيصال المعلومات إليهم بطريقة أسرع وأسهل، خاصة أن الطلبة الصم يعتمدون على المشاهدة بالدرجة الأولى، ومن هذا المنطلق اهتمت المدينة بتزويد الفصول الدراسية للصم بالسبورات التفاعلية الإلكترونية.
وقالت الهريدي: “إن التعليم بالوسائل الإلكترونية الحديثة يساعد الطلبة من ذوي الإعاقة بشكل عام على سهولة التعلم باعتبارها وسائل تفاعلية تساعد على تنمية المهارات والقدرات المعرفية من خلال البحث وجمع المعلومات واكتشافها، ومواكبة للتطورات الحديثة في المنظومة التعليمية تم ادخال نظام التعليم بالكمبيوتر اللوحي (آي باد) عام 2011 حيث تم توفير21 جهازا بواقع جهاز لكل فصل دراسي وساهمت هذه العملية في تحقيق الوظائف والأهداف التعليمية بالنسبة للطالب والمدرس”.
وأضافت الهريدي أن مدرسة الأمل للصم تهتم بتوجهات دولة الإمارات نحو التعليم الذكي وعليه تسعى إلى توفير أجهزة الكمبيوتر اللوحي لكل طالب أصم لتحقيق الأهداف المعرفية والتعليمية لهم بأسلوب عصري وفعال وضمان دمجهم في التعليم العام.
وتعتمد مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بتوجيهات سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام المدينة وبالتعاون مع قسم نظم المعلومات وكافة اقسام وفروع المدينة على دراسة الاحتياجات وتوفير الخدمات والأجهزة المساندة للطلبة من ذوي الإعاقة على مستوى المدينة وفروعها من خلال سعي إدارة المدينة إلى توفير الإمكانيات لكافة الطلبة المعاقين وأيضا لذوي الإعاقات الشديدة كالشلل الدماغي والحركي بتوفير أجهزة إلكترونية متخصصة حسب طبيعة وشدة الإعاقة مثل لوحة مفاتيح الحاسوب بمفاتيح كبيرة والماوس التي تركب على جبهة الرأس وهي وسائل مساندة ومساعدة على استخدام الحاسوب لذوي إعاقات الشلل الدماغي والحركي.
الجهاز اللوحي وسيلة مهمة لتعليم الطفل في سن مبكر
وبدوره أوضح الأستاذ محمد فوزي مدير مركز التدخل المبكر بالإنابة أهمية تعليم الأطفال من ذوي الإعاقة بجهاز الآي باد ومميزات استخدامه حيث يسهم في تنمية ذكاء الطفل ليس كوسيلة للترفيه أو اللعب وإنما كوسيلة مهمة للتعلم، وقال: “إن الطفل في سن 4 سنوات يستطيع أن يتلقى تعليما ذكيا ويحقق تفوقا ملحوظا، وقد وفرنا هذه السنة 10 أجهزة كتجربة مبدئية ونطمح إلى تزويد جهاز لوحي لكل طفل لتحقيق الأهداف التعليمية المرجوة”.
وأشار إلى أن التعليم باستخدام الأجهزة اللوحية يساعد على تنمية المهارات عند الأطفال من ذوي الإعاقة من خلال توفير البرامج المتخصصة لعملية التعلم لكل طفل حسب إعاقته وقال: “نواجه تحديات في توفير الإمكانات اللازمة لتحقيق عملية التعليم الذكي ونسعى إلى توفير الأجهزة وتكوين الهيئة التدريسية وتوعية الأهالي بأهمية استخدام الوسائل التعليمية العصرية التي ترفع مستوى التعلم عند الطفل وفي سن مبكر”.
ومن جهتها أوضحت الأستاذة فريدة أحمد مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات أن التعليم الذكي للطلبة من ذوي الإعاقة حق من حقوقهم التعليمية كغيرهم من الطلبة غير المعاقين بعيدا عن التمييز في عملية التعليم، مؤكدة أن الشخص المعاق قادر على استخدام الأجهزة العصرية على اختلافها وهي تساعده في عملية التواصل بشكل أسهل وتحقق استقلاليته الذاتية في عدة جوانب وقالت: “إن استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة كالجهاز اللوحي يساعد الطلبة المعاقين على التعلم، كما يسهم في تنمية ذكائهم حيث أصبح الجهاز اللوحي أداة مهمة للتعلم، وهو من أفضل أساليب التعلم ومن أهم العوامل التي تساعد الطالب المعاق خاصة ذوي الإعاقات الذهنية غير القادرين على التواصل والتعبير على احتياجاتهم مما يسهل عملية تواصلهم بشكل أفضل”.
وأضافت أن مدرسة الوفاء لتنمية القدرات أطلقت تجربتها في التعليم الذكي العام الدراسي الماضي بتوفير 10 أجهزة لوحية على مختلف الفصول الدراسية، وحققت التجربة نجاحا ملحوظا سهل على الهيئة التدريسية والطلبة المعاقين عملية التعليم وقالت: “إن مدرسة الوفاء لتنمية القدرات اعتمدت التعليم (بجهاز الآي باد) في الفصول الدراسية ليس بهدف الترفيه وإنما لتطوير العملية التعليمية للطلبة المعاقين وأخذ الأحقية في استخدام الأجهزة المتطورة والمساندة للتعليم الذكي كغيرهم من الطلبة غير المعاقين ولتحقيق نتائج أفضل يتطلب توفير الأجهزة اللوحية لكل طالب بما يقارب 220 جهازاً لوحياً، وأيضا توفير البرامج المناسبة لعملية التعلم للطلبة المعاقين وباللغة العربية بالإضافة إلى تدريب الهيئة التدريسية على التعليم باستخدام وسائل حديثة وأيضا توعية الأهالي بالأساليب الصحيحة في متابعة أطفالهم من ذوي الإعاقة في استخدام الأجهزة اللوحية” .
توفير الأجهزة اللوحية للطلبة من ذوي الإعاقة يضمن حقوقهم في التعلم الذكي
وأكدت مديرة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات أن التعلم الذكي أحدث نقلة نوعية في مسار التعليم في دولة الإمارات، والمدينة تفتخر بتوجهات القيادة الرشيدة في الدولة نحو الارتقاء بقطاع التعليم بموصفات عالية كما تثمن مبادرة سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة باستخدام الأجهزة الذكية في تعليم اللغة العربية في المدارس، وتوزيع سموه ما يقرب 5000 جهاز على الطلبة دافع كبير لتحقيق الرؤية المثالية في تطوير المنظومة التعليمية، وتسعى المدينة إلى مواكبة كل التطورات الحاصلة وتوفير الإمكانيات اللازمة للطلبة من ذوي الإعاقة وتوفير الأجهزة اللوحية لهم لأخذ حقوقهم في التعليم العصري وضمان دمجهم في الحياة المستقبلية بأعلى المستويات.
الأستاذة نجوى أبو النصر مشرفة تربوية بمدرسة الوفاء لتنمية القدرات أكدت أن التعلم الذكي للطلبة من ذوي الإعاقة يساعدهم على تجاوز كثير من العقبات والصعوبات التي تحول دون استقلاليتهم الذاتية، كما تيسر عملية تواصلهم الاجتماعي وترفع من قدراتهم على استيعاب وتطبيق مهارات الحياة اليومية، وأيضا هي حافز للتفوق على الإعاقة، حيث أن الوسائل التعليمية العصرية ترتقي بقدرات الطلبة المعاقين وتنمي لديهم مهارات وآفاق جديدة.
وقالت: “إن توفير الأجهزة اللوحية غير كاف وإنما يتطلب توفير البرامج المتنوعة والمفيدة والتي تتماشى مع قدرات الطلبة من ذوي الإعاقة حسب مختلف الإعاقات ليكون التعليم الذكي فعالاً ويحقق نتائج إيجابية في المنظومة التعليمية لذوي الإعاقة”.
وأخيراً، فإن جهود مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية تتواصل لإبراز أهمية الارتقاء بالقدرات التعليمية والمعرفية للأشخاص من ذوي الإعاقة، حيث استحدثت مركزا للتكنولوجيا المساندة للأشخاص من ذوي الإعاقة بهدف دعم حقوقهم في التعلم الذكي الذي أصبح أهم متطلبات العصر الحالي وهو مشروع علمي ومعرفي يستدعي الفخر والتقدير لتوجه الإدارة العليا في المدينة على اهتمامها الدائم في ضمان حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة وبفاعلية.