من المقرر أن تنطلق بين الأول والتاسع عشر من شهر تشرين ثان / نوفمبر 2014 الحملة السنوية الرابعة لحماية الأطفال من كل أشكال الإساءة والعنف، وتشارك فيها 240 منظمة من منظمات المجتمع المدني في نحو 90 دولة، وقد اعتمدت (منظمة القمة العالمية للمرأة) التي تنسق هذه الحملة (الإدمان وتعاطي المخدرات) ليكون موضوع هذا العام، خاصة أنه يهدد الأطفال والشباب في كثير من أنحاء العالم، ويؤدي إلى عواقب وخيمة تصيب الفرد والأسرة والمجتمع.
في مجتمعنا العربي، نجد أن العنف واستغلال الأطفال يكاد يصبح حدثاً يومياً في البيت والمدرسة والحي، وهو بالتحديد ما يدفعنا إلى عدم التوقف عن الدعوة إلى ثقافة تحمي الأطفال من العنف والاستغلال، بل إلى تمكين هذه الثقافة وتأصيلها والاستثمار فيها.
حرب خفية:
منذ عقود قليلة، كنا نسمع عن حالات الإدمان وتعاطي المخدرات والإتجار فيها، وكأنها تأتي من عالم آخر لا يخصنا، وبسبب نقص التوعية وضعف برامج الرصد والمكافحة، وانتشار الفقر المدقع، وتدني الوازع الديني والأخلاقي، وظهور تجار الأزمات من اللاهثين وراء الربح بأي ثمن، أخذت ظاهرة الإدمان وتعاطي المخدرات في الانتشار خاصة أن بلادنا ومنذ سنوات طويلة تشكل منطقة عبور لتجارة المخدرات.
في الآونة الأخيرة، ومع استفحال النزاعات المسلحة، وارتفاع أعداد اللاجئين والنازحين والعاطلين عن العمل بشكل هائل، وضعف أو انعدام ضبط مناطق واسعة من الحدود، توقعت كما الكثيرين، أن يشكل ذلك تربة خصبة يقتنصها تجار الأزمات الذين ينشطون بعيداُ عن قصف المدافع في تهريب المخدرات وصناعتها وترويجها بين أطفالنا وشبابنا، إنها حرب خفية وخبيثة كثيرا ما نخشاها لأنها تستهدف الإنسان في الحاضر والمستقبل، وها نحن نشاهد انتشار ظاهرة تعاطي المخدرات في كثير من مجتمعاتنا رغم تزايد ضبط كميات منها في لبنان والأردن وسورية والعراق والسعودية والإمارات والكويت وغيرها.
لقد زاد قلقي وأنا أتابع التقارير السنوية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، (تقرير وضع المخدرات في العالم)، فقد وجدتها خالية حتى من إشارة عن الوضع في سورية والعراق واليمن وليبيا والتي تشهد نزاعات مسلحة وما لذلك من تداعيات على قضية انتشار المخدرات في المنطقة، رغم الكثير من الدلائل وحوادث عديدة لضبط الاتجار بالمخدرات، وكذلك الحال في مكتب الأمم المتحدة الإقليمي المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومكاتبه، والذي تُعهد إليه ولاية مساعدة الدول الأعضاء في كفاحها ضد المخدرات والجريمة والإرهاب، ويعمل بالتعاون مع مجلس وزراء الداخلية العرب.
كذلك هو الحال عند متابعتي فعاليات اليوم الدولي لمكافحة تعاطي المخدرات والاتجار غير المشروع الموافق لـ 26 حزيران / يونيو من هذا العام، فلم أجد إشارة إلى ذلك، مع استمرار غياب برامج توعوية مجتمعية قوية في مخيمات اللاجئين وباقي مدننا وقرانا، وكافة الدول المجاورة، وانشغال وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية بأحداث القتل والاقتتال هنا وهناك.
في انتظار خطة طوارىء إقليمية:
مع توافر كل عوامل الخطورة المذكورة وتزايد الأخبار عن ضبطيات كبيرة في أكثر من مكان في المنطقة، لابد من وضع خطة طوارىء إقليمية يقودها مكتب متخصص أو لجنة عمل تسعى إلى المباشرة حكومياً ومجتمعياً وإعلامياً في رصد ومعالجة وتقييم ومتابعة هذه الأزمة قبل استفحالها أكثر وأكثر، وهو أمر أشرت إليه في أكثر من مناسبة، فلاشك أن التأخير في مواجهة هذه القضية في الحاضر يتعذر استدراكه في المستقبل.
حرب على المستقبل:
إن خطورة الإدمان وتعاطي المخدرات في المجتمع، لاسيما على الأطفال والشباب، لا تقل أهمية عن تدمير الأبنية والمصانع والمرافق الحيوية الأخرى، لأنها تدمير للإنسان عماد الحاضر والمستقبل، ففي حين يمكن إعادة بناء ما دمر خلال سنوات معدودة، يتعذر إعادة بناء المجتمع الذي سقط في براثن الإدمان وتعاطي المخدرات لسنوات طويلة وطويلة بعد صمت طبول الحرب.
حقاُ، (ليس المجتمع السليم الذي لا يعاني من مشاكل وأخطار المخدرات فحسب، بل هو المجتمع الذي يعمل على أن يظل أبناؤه في مأمن منها).
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/