لماذا يوجد أشخاص لديهم جاذبية قوية وقدرة على جذب الآخرين وإيقاعهم في محبتهم الدائمة على الصعيد الشخصي والمهني؟؟ بينما يجد أشخاص آخرون صعوبة في كسب صداقات أو المحافظة على علاقات لفترة طويلة؟! كيف يمكن لأشخاص تطوير علاقة مع آخرين من كونهم غرباء ليصبحوا أحبة، وقد يكون هؤلاء الآخرين أعداء في مرحلة من مراحل الحياة معهم!! وقد يجد البعض منا أن تكوين العلاقات أمر سهل للغاية، بينما يجده آخرون أمراً غاية في التعقيد. كما أن هناك إحصائيات تدل على أن الأشخاص أصبحوا لا يستطيعون المحافظة على العلاقات الدائمة. فما هي الأسباب في كل ما تم ذكره في السطور السابقة؟؟
إن العلاقة بين الأشخاص مثل أي لغة تحتاج لتعلم قواعدها وفهم استراتيجياتها لكي تفهم الآخرين فتبنيه وأتقويها وقد ترممها إن كانت مهشمة، فقط إن أحسنت التقييم وإيجاد الخلل في خطوات العلاقة بينك وبين الآخرين، وعليه سنتعرف على الخطوات الأربعة المكونة لأي علاقة بين الأشخاص، والتي قد تجعل أحدهم من كونه غريباً عنك ليُصبح صديقاً مقرباً منك أو حبيباً:
الخطوة الأولى / القُرب:
وتعني المسافة بينك وبين الشخص الذي تُريد بناء العلاقة معه، فإن كنت معجباً بأحدهم وتريد التقرب منه حاول الظهور في دائرته ولا بأس من مشاركته نفس المكان إن استطعت وإن لم تُبادر في الحديث واكتفيت بالصمت (مثال: تتواجد معه في المكتبة إن كان يحب القراءة، تتواجد في المقهى إن كان يُحب شرب القهوة)، فرؤيته لك في نفس المكان يُقصر المسافة بينكما وقد يبادر هو في التعرف عليك شريطة ألا يُحس أنه محط أنظارك طوال الوقت والذي قد يتسبب له بالخوف منك أو الشعور بالتهديد والتي تكون نتيجته البعد عنك وتجنبك.
الخطوة الثانية / الكمية:
وتعني عدد المرات التي تتواجد فيها أمام الشخص الذي تُريد بناء العلاقة معه، فكلما زادت عدد مرات ظهورك أمام الشخص دون أن تُشكل له تهديداً زاد فضوله للتعرف عليك.
الخطوة الثالثة / المُدة:
وتعني طول الفترة الزمنية التي تكون فيها قريباً من الشخص الذي تُريد بناء العلاقة معه في كل مرة تتواجد معه (مثال: العلاقة بين الأهل وأطفالهم فكلما زادت فترة جلوسهم مع أطفالهم زاد تأثيرهم عليهم مستقبلاً، كما نلاحظ قوة علاقة الأمهات مع أبنائهم من الولادة حتى عمر 10 سنوات تقريباُ).
الخطوة الرابعة / الجودة:
وتعني كمية أو حجم الاحتياجات التي تم تلبيتها عند الشخص الذي تريد بناء العلاقة معه، وقد تكون الاحتياجات لفظية أو غير لفظية وهي التي تُحدد تطور أو تدهور العلاقة.
من خلال الخطوات الأربع السابقة يستطيع الشخص منا تكوين علاقة دائمة وطويلة الأمد مع أشخاص معينين، أو ترميم علاقة تهشمت لخلل في إحدى هذه الخطوات، وهنا يتوجب علينا تقييم العلاقة للوصول إلى الخطوة المسببة للضرر في العلاقة، وسأطرح مثالاً أكثر انتشاراً في حياتنا لقدرتنا على ترميم العلاقة، وهي لزوجين تزوجا منذ فترة طويلة وبدأت علاقتهما بالتراجع، هنا يتوجب عليهما التفكير بالخطوات الأربعة لمعرفة مكان الخلل من خلال طرح الأسئلة التالية:
- هل يعيش الزوجان في المكان نفسه؟
- كم عدد المرات التي يجلسان فيها مع بعضهما؟
- ما هي المدة / الفترة الزمنية التي يجلسان فيها مع بعضهما في المرة الواحدة؟
- هل يتشاركان نفس الاهتمامات وهل يحققان الإرضاء لاحتياجات بعضهما؟
غالباً يكون الخلل في الخطوة الرابعة (الجودة) أي جودة كل مرة تم التواصل بينهما.. حيث أنهما يجلسان مع بعضهما إلا أنهما لا يتشاركان المواضيع ولا الاهتمامات والسبب في وقتنا الحالي يعود لـ (مواقع التواصل الاجتماعي) فيكون الشخص فيهما منغمساُ في عالمه الخاص المكون بينه وبين أشخاص رسموا المثالية على صفحاتهم في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي ومن السهل الاطلاع على بياناتهم وبدء علاقة معهم والتي تجرفنا بعيداً عن المحيط من حولنا أو شريك حياتنا.
ولترميم هذه العلاقة يجب على الزوجين أو أحدهما الوقوف على الخطوة الرابعة ومحاولة تصحيحها من خلال التقليل من التواجد في مواقع التواصل الاجتماعي ومشاركة الطرف الآخر اهتماماته والمواضيع المهمة بجانب مشاركتهما بعضهما ما يطمحان الحصول عليه من بعضها.
(*) مأخوذة بتصرف من محاضرة الأستاذ محمد عيتاني