يقدر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم بحوالي مليار شخص ذي إعاقة، أو 15 في المائة من سكان العالم. من بينهم أكثر من 70% لديهم إعاقات غير مرئية، مثل الإعاقة السمعية أو الذهنية.
قد يكون من السهل فهم الحواجز والصعوبات التي تواجه الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة أو ضعاف البصر ومساعدتهم، أما بالنسبة للأشخاص من ذوي الإعاقة غير المرئية كالإعاقة السمعية أو الذهنية أو التوحد، فغالباً ما يكون الأمر مختلفاً، حيث وجد استطلاع أميركي أن 74% من الأشخاص ذوي الإعاقة لا يستخدمون كرسياً متحركاً أو أي شيء قد يشير بصرياً إلى إعاقتهم أمام العالم الخارجي، بما يجعل إعاقاتهم من الإعاقات غير المرئية.
وتؤكد المادة 30 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة على حق الأشخاص ذوي الإعاقة بالتمتع والمشاركة في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والتسلية، دون عوائق أو تحديات تحول دون وصولهم إلى المصادر الثقافية والفنية.
ومن أبرز تلك الوجهات الثقافية دور السينما، إذ أن الحواجز التي تمنع الأشخاص ذوي الإعاقة من الاستمتاع بفيلم في دور السينما هي متعددة، ولكن مع بعض التعديلات المعقولة يمكن لدور السينما أن تجعل تجربة مشاهة الأفلام السينمائية متاحة ومريحة.
وتفتقد الجهات التي تقوم بترخيص دور العرض السينمائي قدرتها على توجيه الدعم والمشورة لجعل التجربة السينمائية تجربة شاملة ومتاحة لكل الأشخاص، كما أنها تفتقد للمعايير التي يقوم الترخيص بناء عليها أو إجازة الأفلام للعرض بحيث تكون ملائمة للأشخاص ذوي الإعاقة، مع جملة المحاذير والمعايير التي تحرص عليها الجهات الرقابية.
وبهذا يفقد الأشخاص من ذوي الإعاقة عموماً فرصتهم في التمتع بمشاهدة الأفلام بشكل مناسب، ولعل الإعاقات الأكثر تعرضاً لحرمانها من المشاركة في التجربة السينمائية:
- الأشخاص ذوو الإعاقة البصرية بمختلف درجاتها.
- الأشخاص الصم وضعاف السمع بما في ذلك أولئك الذين يستخدمون مجموعة من تقنيات التواصل مثل قراءة الشفاه ولغة الإشارة والمعينات السمعية الأخرى من سماعات أو قوقعة.
- الأشخاص ذوو اضطراب طيف التوحد.
- الأشخاص ذوو الإعاقة الحركية بما في ذلك مستخدمو الكراسي المتحركة، أو الأشخاص الذين يستخدمون معينات حركية أخرى مثل الأطراف الصناعية أو غيرها أو ممن لديهم صعوبات في المشي.
لا تعتبر هذه الإعاقات هي قائمة شاملة، ولكن من المفيد النظر في الحواجز المحتملة التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في تجربتهم السينمائية، ووضع ذلك في عين الاعتبار عند التصميم لتلك التجربة السينمائية، منذ لحظة الدخول إلى الموقع الالكتروني أو التطبيق الذكي لدار السينما، وحتى انتهاء تجربة عرض الفيلم والخروج من السينما، مروراً بالوصول والاستمتاع بالمأكولات أو الخدمات التي تقدمها دور العرض، والتفكير في كل مرحلة من (رحلة العميل)، والتأكد من أن الوصول إليها ممكن بقدر الإمكان من خلال مراعاة التنوع في الجمهور بشكل عام، والنظر في كافة السياسات والإجراءات والخدمات التي تقوم عن غير قصد بتقييد أو إعاقة أو ممارسة التمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة.
ومن هنا فإن الحصول على تجربة سينمائية شاملة تتطلب مجموعة من الخطوات التي من شأنها جعل التجربة السينمائية متاحة وممكنة للجميع:
- على الجهات الرقابية والترخيصية أن تقوم بتوفير خدمة لتقديم المشورة في الخدمات المقدمة للأشخاص ذوي الإعاقة، بحيث تكون هذه الخدمة متاحة على حد سواء للعملاء والموظفين.
- اتاحة فسح وعرض الأفلام بناء على مضمونها من قبل الجهات الرقابية، وفرض توفير ترجمة للأفلام غير الناطقة باللغات الرسمية، وبناء عليه من الممكن أن تقوم هذه الجهات باتاح العروض بحيث تكون متأكدة من توفر ترجمة مناسبة للأشخاص الصم وضعاف السمع.
- قد تكون بادرة مميزة أن تقدم تذكرة مجانية لحاملي بطاقة الإعاقة، أو الوثيقة الصادرة من الجهات المعنية باثبات إعاقة الشخص، ولكن ما يجب أخذه بعين الاعتبار هو عدم رفع قيمة التذكرة على الشخص ذي الإعاقة مقارنة بسعر التذكرة المعلن عنه.
- عرض معلومات العروض بشكل واضح ومتاح للأشخاص ذوي الإعاقة، بان تكون المواقع الالكترونية مهيأة للأشخاص المكفوفين وضعاف البصر، ومن السهل التعامل معها بحيث تكون مهيأة ومتاحة.
- وﺟود ﺷﺧص ﻣﺳؤول ﻋن ﺿﻣﺎن وﺟود ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣﻌدات (ﻣﺛل اﻟﺳﻣﺎﻋﺎت والأنظمة اﻟﺻوﺗﯾﺔ) وضمان عملها بشكل مناسب.
- عدم وضع افتراضات أو قواعد أو طرق محددة لـ (تصنيف) ما هي احتياجات الشخص المعاق. إذا لم تكن متأكداً مما يجب أن تفعله أو تقوله، ما عليك سوى سؤال الشخص إذا كان بحاجة إلى مساعدة، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي تفضيلاته.
- اترك الأشخاص ذوي الإعاقة يتحكمون بما يحدث لهم ولا تقوض كرامة الفرد وحريته في الاختيار.
- على فريق الاستقبال الانتباه للغة الجسد، والتحدث مع الشخص ذي الإعاقة مباشرة في حالة وجود مرافق أو مترجم.
- عند التحدث إلى شخص لديه ضعف في النطق أو شخص ضعيف السمع أو فرد لديه صعوبات في التعلم، على الموظف ان يكون مستعداً لتكرار الجملة أو البحث عن وسائل بديلة للاتصال.
- كما هو الحال في معظم حالات التفاعل المباشر مع الجمهور، لا تلمس الشخص ذا الإعاقة أو أحد معيناته مثل الكرسي المتحرك أو العكاز بدون إذنه إلا إذا كان بهدف جذب انتباهه أو منع وقوع حادث.
- لا تسأل عن إعاقة شخص ما. وإذا كنت بحاجة إلى معلومات حول كيفية مساعدته، فمن الأفضل أن تسأل عن تأثير الإعاقة في الطريقة التي تساعده بها، على سبيل المثال، في حالة مساعدة شخص كفيف، بدلاً من السؤال عن (ما هو مدى رؤيتك؟) اسأله بشكل مباشر عن رأيه بالخطوات المتبعة، فهو أدرى بحاجاته.
- التأكد من أن اللافتات الخارجية واضحة، وأن هناك مواقف للسيارات يمكن الوصول إليها وأن مواقف السيارات المخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة مبينة بوضوح ومراقبة.
- التأكد من سهولة الوصول إلى المبنى ومناطق البيع بالتجزئة وأكشاك التذاكر اليدوية والآلية والمرافق الصحية والقاعة ومقاعد الأشخاص ذوي الإعاقة من جميع المستويات.
- تحديد سياسة واضحة للإخلاء تشمل جميع حالات الأشخاص ذوي الإعاقة.
- الالتفات إلى ان رواد السينما من مستخدمي المعينات السمعية يحتاجون إلى أنظمة صوتية مناسبة بحيث لا تسبب تشتتاً أو إزعاجاً بسبب الضوضاء المفرطة.
- توفير نسخ معينة من الأفلام مرفقة بترجمة إلى اللغتين العربية والإنجليزية، ويبين ذلك في شرح الأفلام عند الترويج لها.
- توفير عروض صديقة للتوحد بحيث تجعل دور السينما أكثر ملاءمة لمرتاديها من ذوي اضطراب طيف التوحد، إذ تحتوي القاعات على مستويات إضاءة منخفضة، وخفض مستوى الصوت، ويجب ألا يكون هناك مقاطع ترويجية للأفلام قبل عرض الفيلم او إعلانات تجارية. وتتيح السينما الصديقة للأشخاص من ذوي اضطراب طيف التوحد تناول طعامهم ومشروباتهم الخاصة والانتقال إلى السينما إذا لزم الأمر.
- توفير وصف صوتي للجمهور ضعيف البصر، وهذه الخاصية تساعد رواد السينما المكفوفين وذوي الرؤية الجزئية في معرفة ما يحدث على الشاشة.
• كاتب أردني مقيم في الشارقة
• . مسؤول العمليات الفنية في مدينة الشارقة للخدمات الفنية
• يعمل في مجال الإعاقة والمؤسسات غير الربحية منذ أكثر من عشرين عاماً، شغوف بتعزيز حق القراءة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وترسيخ الصورة الحقوقية عنهم في كتب الأطفال واليافعين.
• لديه العديد من المفالات منشورة في عدد من الدوريات العربية الالكترونية والورقية تحمل مراجعات نقدية للكتب، والسينما والحقوق الثقافية لللأشخاص ذوي الإعاقة.
• لديه خبرة في المسرح مع الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة لديه مشاركات عديدة في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح.
صدر له:
• عن رواية تمر ومسالا – لليافعين عام – 2019 – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• قصة خياط الطوارئ – للأطفال عام 2020 ( تحت الطبع) – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• حاصل على المركز الأول في جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال سنة 2020 عن قصته “غول المكتبة”