انطلاقا من احترام إنسانية الإنسان وضرورة الإحاطة العلمية بأبعاد الإعاقة السمعية وآثارها العميقة وما يصاحب فقدان السمع من فقدانات أساسية ترتبط بالمهارات وأساليب التواصل والتكيف والاندماج الاجتماعي لا بد من تكثيف الجهود المجتمعية الرسمية منها والاهلية لتعديل الآثار السلبية وتخفيفها وكذلك تأمين الحقوق الإنسانية للمصابين بالإعاقة السمعية وعلى الأخص الاناث منهن واللواتي يعانين في إطار أسرهن ومجتمعهن من ضغوط وصعوبات تحول دون تمكينهن من المشاركة الكاملة والفاعلة في الحياة والعمل والمجتمع.
من هنا لا بد من تحديد احتياجات الإناث اللواتي يعانين من الإعاقة السمعية واقتراح أفضل السبل وآليات العمل للتخطيط في مجال العمل الاجتماعي الذي يلبي الحقوق وتحقيق الطموحات.
– حقوق المرأة الصماء مثل جميع النساء بالحقوق الإنسانية العامة التي نصت عليها الشرائع السماوية وأكدتها المواثيق الدولية وتبنتها الصيغ التشريعية والقانونية في الوطن العربي.لها حقوق كاملة وعليها واجبات كأنسانة وأم وزوجة ومواطنة تساهم في بناء المجتمع ولا تنفصل من حيث المبدأ والمنطلق حقوق المرأة الصماء عن الحقوق التي تتمتع بها النساء في المجتمع العربي ومن أبرز تلك الحقوق والتي تشكل مطلباً حقيقياً لا بد وأن يتحقق في جميع الدول العربية.
-
حق اكتساب العلم والمعرفة والوصول الى المعلومات:
لعل إدراج هذا الحق في مرتبة الأولوية بين باقي الحقوق هو من قبيل إبراز أهمية توفير التعليم للإناث بشكل عام وللإناث الصم وثقيلات السمع منذ مرحلة الطفولة المبكرة في إطار رياض الأطفال ومراحل التعليم ما قبل المرسى مروراً بالتعليم الأساسي والإعدادي والفني ووصولا إلى أعلى المستويات التعليمية العليا،فالقراءة والكتابة تمثل النافذة الأساسية والمدخل الرئيسي لتحقيق التواصل والتخاطب والاندماج الاجتماعي ويعتبر حرمان الإناث من حق التعبير وتعلم أنواع لغات التخاطب والتواصل حرمانا من إنسانية تلك الفئات لأن ذلك يجعلها تحتجز خلف حائط السكون والصمت وتحول دون قدرتها على التعبير عن العواطف والآمال والاحتياجات والطموحات ودون الاستزادة بنور المعرفة والعلم والثقافة والحضارة والتعليم بالنسبة للفتاة الصماء لا يمكن أن يتم بسهولة إذ يتطلب الارتقاء بقدرات فئات الصم وثقيلي السمع عن طريق تدريبات على مهارات خاصة ومعقدة لا بد وأن تكتسب عن طريق الفهم والتكرار والممارسة والشرح والتوضيح منذ السنوات الأولى المبكرة وكذلك التدريب على الانتباه والملاحظة والفهم والإدراك وفهم الأفكار وفك الرموز من الرسالة الصوتية ومن لغة الإشارة ومن الأبجدية الإشارية بالاضافة الى التدريب على النطق وتحقيق النمو اللغوي قدر الإمكان كما ولا بد من فتح آفاق التعليم الى مراحل أعلى حتى المستويات الجامعية والدراسات العليا عن طريق فتح فرص الاستفادة من البعثات والمتابعة في التخصص لأنه لا يوجد ما يحول دون وصول تلك الفئات الى أعلى المستويات العلمية.
كما لا بد من الإشارة الى ضرورة توجيه مساعي المجتمع العربي حاليا الى الاهتمام بمحو الأمية للكبار من الفتيات الصم واللواتي يعانين من نقص السمع واللواتي فاتتهن فرص التعليم في السنوات الاولى لأسباب عديدة منها ما يتعلق بالموقف الاجتماعي من تعليم الاناث الصم ومنها ما يخص عدم توفر فرص العليم في بعض المناطق في بعض المجتمعات في مراحل زمنية سابقة.الأمر الذي يستلزم تكثيف الجهود لاستدراك النقص والغبن الذي لحق بهن وتعويضهن عن طريق توجيه الجهود الرسمية والأهلية لتوفير المعرفة وسبل التخاطب والتواصل الحضاري .
ولا شك أن تأمين الحقوق الكاملة في مجال التعليم للإناث الصم لا يمكن أن يتحقق الا بالسعي إلى تحقيق ما يلي:
- السعي لتوسيع افتتاح رياض الأطفال وتشجيع الأهالي على إرسال أطفالهم ذكوراً وإناثا الى رياض الأطفال الخاصةبذوي الإعاقة السمعية /الرسمية منها والأهلية.
- افتتاح المزيد من المدارس والمؤسسات النموذجية لتعليم الصم في جميع المدن والمناطق وفي الريف،وفي حال عدم التمكن من توفير تلك المدارس الخاصة بتعليم الأطفال الصم في الريف أو في بعض المناطق أن يتم افتتاح صفوف خاصة بتعليم الصم في المدارس العادية وتشجيع الاهالي على إرسال بناتهن اللواتي يعانين من الإعاقات السمعية الى تلك الصفوف والمدارس.
ولا شك أن معظم الحالات التي تبين فيها إحجام الأهالي عن إرسال بناتهم الى المدارس تتمثل في بعد المدارس والمعاهد والمؤسسات فيخشى الأهل على البنات حرصا وإشفاقا وحذرا الامر الذي يؤدي الى أميتهن في القراءة والكتابة والتخاطب وحجزهن ضمن جدار الصمت والسكون حتى بين أسرهن وأقرانهن ومجتمعهن وهذا يمثل أحد أقسى أنواع الظلم الاجتماعي والقهر الإنساني.
ويتضاعف ذلك القهر والغبن في حال الفتيات من التعليم ناتجا عن النظرة الاجتماعية التي ترى عدم ضرورة تعليم الفتاة الصماء وعدم لزوم التعليم من منطلق انه انثى وصماء ولا حاجة لها في التعليم حسب رأي بعض الفئات الاجتماعية التي تتبنى المولقف الاجتماعية التي تنظر للانثى بشكل عام للمعاقة بشكل خاص نظرة دونية رغم ان الأنثى المعاقة لها الحق الكامل في ان تستفيد من نور المعرفة ومن حق التعليم والتعبير والتخاطب والتواصل الاجتماعي والإنساني مثلها مثل الذكر على حد السواء من منطلق الحق والعدل والدور الاجتماعي والإنساني.
أما الحق في الوصول إلى المعلومات فقد أصبح لزاما على المجتمع بجميع مؤسساته الرسمية والشعبية تأمين فرص الوصول إلى المعلومات عن طريق المدارس ومكتباتها وعن طريق المكتبات العامة وقاعات الإنترنت والتي تتوفر في المكتبات وفي المراكز الثقافية وتخصيص فئات الصم بشكل عام بتدريبات خاصة لتعليم استخدام أجهزة الحاسوب والتمكن من استخدام الإنترنت في الوصول إلى جميع المعلومات كونها النافذة الأوسع بالنسبة للصم للتعلم والاطلاع واكتساب المعارف والتي لا تحتاج إلى لغة التخاطب وانما تعتمد على حاسة الرؤيا مما يجعلها الوسيلة الأنجح في تعليم الصم وتثقيفهم ودمجهم في الحياة الفكرية والثقافية العامة.
-
الحق في الاستفادة من فرص التدريب والتأهيل:
إن الأنثى الصماء أو التي لديها إعاقة سمعية هي أحوج ما يكون الى الاستفادة من فرص التأهيل والتدريب من أجل أن تتمكن في المستقبل من تأمين دخل مناسب لها يحول دون أن تكون عالة على أسرتها ومجتمعها.فهي قادرة على التعلم واكتساب المهارات والعمل وتوفير الدخل وكسب عائديه علمها من إنتاجها.وملئ وقت فراغها بما فيه خير لها ولأسرتها ومجتمعها من هنا لا بد من التوسع في افتتاح معاهد التأهيل والتدريب كمياً والعمل على تطوير تلك المعاهد وتزويدها بأحدث التقنيات التي تخفف الوقت والجهد وترتقي بمستوى الإنتاجية والأداء.ولا شك أن التطور التكنولوجي الحديث يفتح أفاقاً جديدة للعمل والتدريب المناسب لذوي العاقات السمعية وكما سبق وذكرنا.
فقد شهد العالم في العصر الحديث تقدماً هائلا وشاملاً في ميادين العلوم والتقنيات الحديثة،وقد ركز العلماء جهودهم لتسخير الإنتاج العلمي في خدمة الإنسان وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة فارتقت المعينات السمعية وتطورت التجهيزات والاختراعات في مجال الكومبيوتر والإنترنت وفي مجال التجهيزات الإلكترونية التي تحول النص إلى صوت والصوت إلى نص مكتوب الأمر الذي يسهل عملية التخاطب والتعبير والتواصل،ولا شك أن من حق كل من حرم من نعمة التعبير اللغوي ان يستفيد من تلك الخدمات وبتكاليف مقبولة تتحمل فيها المجتمعات جزءا من العبء المادي وذلك بتخفيض ثمنها لذوي الحاجات الخاصة او إلغاء الجمارك عليها وتوفيرها بين أيدي من يحتاجها تحقيقا للبعد الإنساني واستناداً إلى مبادئ الخير والحق والعدالة بين أبناء الشعب.
-
حق العمل والاستفادة من فرص التشغيل
عديدة هي الدول العربية التي سعت في إطار خططها وبرامجها إلى توفير فرص عمل لذوي الحاجات الخاصة وحددت نسب معينة للتعيين في الهيئات الرسمية في الدولة ومنها الجمهورية العربية السورية التي حددت نسبة فرص العمل لذوي الإعاقات والحاجات الخاصة ب4% إلا أن تشغيل التوجيهات الكلامية المعقدة ويعود سبب تدني نسب مشاركة الإناث من ذوي الإعاقات السمعية في العمل الى تردد بعض الأهالي وإحجامهن عن إرسال بناتهن و زوجاتهن إلى العمل خوفا عليهن وحرصاً على حمايتهن من التعرض لصعوبات أو حوادث في الطريق أو تعرضهن لمشكلات اجتماعية نتيجة النظرة الاجتماعية الخاطئة لدى بعض الفئات والتي تحترم حق الفتيات ذوات الإعاقات السمعية في ممارسة أعمالهن وحياتهن بشكل عادي مثلهن مثل جميع النساء القادرات على العمل والعطاء.
-
حق الاستفادة من الخدمات الصحية:
يتجسد ذلك الحق منذ الطفولة المبكرة في ضرورة توفير الكشف المبكر على سمع الأطفال ذكورا وإناثا حيث يحظى الذكور من الأطفال في بعض المجتمعات والفئات الاجتماعية بحظ أوفر في الرعاية الطبية وفي الاهتمام بالكشف المبكر والمعالجة الطبية والاستعانة بالمعينات السمعية بينما تهمل الفتيات الصغيرات من ذوات الإعاقات السمعية الى مراحل متأخرة او الى أجل غير مسمى فلا تتوفر لهن الرعاية والخدمات الصحية اللازمة.
وقد يعود نقص الخدمات الصحية والكشف المبكر أو الكشف الطبي في مراحل متأخرة الى فقر الأسر وتدني مستوى المعيشة وبعد المراكز الطبية المتخصصة وخاصة في حال ترافق تلك العوامل مع الجهل والتخلف وعدم ادراك النتائج التي تترتب عن التقصير والإهمال في الرعاية الصحية ونقص الخدمات الطبية على مجمل حياة الأطفال في حاضرهم ومستقبلهم ولا شك ان تعميم المراكز الطبية كالمستوصفات وتوعية الأهالي إلى ضرورة الاهتمام بالكشف المبكر والمعالجة الطبية السريعة توفر آلاما ومعاناة إنسانية وتحقق تقدما ملموساً في حياة الإنسان الذي يتلقى الرعاية ومدركاته وأدواره الاجتماعية.
كما لا بد من التأكيد على ضرورة تركيز دورات للتوعية في مجال الصحة الإنجابية وفي مجال الصحة الوقائية للتوعية حول الأسباب المؤدية للإعاقة السمعية للحيلولة دون زيادة أعداد تلك الفئات في المستقبل وهنا يتجسد دور المنظمات الشعبية والمؤسسات الرسمية والاهلية في نشر التوعية الصحية.
-
الحقوق الاجتماعية والإنسانية
ان ما تقره الشرائع السماوية والقوانين المدنية والرسمية تغيبه في بعض الأحيان العادات والمواقف والاتجاهات الاجتماعية التي أنتجتها الترسبات التاريخية التي سادت في مراحل تاريخية سابقة وظروف اجتماعية الا أن آثارها ما تزال تفعل فعلها حتى وقتنا الحاضر.
ومن اهم الحقوق هي حق الإناث من ذوي الإعاقات السمعية في الحب والزواج والإنجاب والحضور الاجتماعي والحضور الأدبي والفكري والفني والاجتماعي وتحقيق الذات والمشاركة في الحياة الاجتماعية وحق الترويح وممارسة الهوايات وتحقيق الطموحات كل ذلك مسموح نظريا الا انه ممنوع ادبيا واجتماعيا نتيجة النظرة الاجتماعية التي ظاهرها الشفقة وباطنها الظلم والغبن والرغبة في الضبط والانغلاق والحجز وعدم الاعتراف بتلك الحقوق وتتمثل تلك النظرة في استنكار فكرة زواج الإنسان الذي لديه أو ليس لديه إعاقة سمعية من معاقة سمعيا والتخوف من قدرتها على إدارة أسرتها وتربية أطفالها وتحقيق ادوراها الطبيعية التي منحها اياها الله والشرائع السمحة في تكوين الأسرة وإنجاب الأطفال والمشاركة في الحياة الاجتماعية وممارسة الهوايات وتحقيق المساواة بينهما وبين اية انثى اخرى ممن ليس لديهن إعاقات سمعية.
وحتى في حال قبول المجتمع للأنثى المعاقة سمعيا بالزواج والإنجاب فإنها تحاط بنظرة استنكار مغلفة بعطف او شفقة او توقع للفشل نتيجة النظرات الدونية لها والاستعلاء عليها من اقرانها علما ان المعاقة سمعيا تمتلك من القدرات الذهنية والذكاء والعواطف والاحاسيس والمشاعر والطموحات مثلها مثل غيرها ضمن ذات الفروق الفردية بين مثيلاتها ممن يسمعن الا ان المجتمع يقف موقف المشاهد المراقب ولا يقف موقف المشجع المتقبل والمتحمس للمبادرات البناءة والايجابية وللنماذج الناجمة الرائدة الا حين تثبت ذلك بتصميم وتفوق باهر يفرض نفسه فيبدأ المجتمع بالاعتراف بذلك مؤخرا بدل أن يكون هو حامل الموقف المدافع عن الفئات والمساند للخطوات الإيجابية.
كما أن المواقف التي تهمش مكانة الإناث من ذوي الإعاقات السمعية وأدوارهن تتمثل في ندرة الدورات التدريبية التثقيفية والندوات العلمية والفنية الموجهة إلى الفتيات ذوات الإعاقات السمعية حيث نجد انه من النادر أن تتوجه الندوات التثقيفية في ميادين البيئة والقانون والصحة والأدب والفنون وحلقات البحث العلمية والاجتماعية والندوات السياسية والإدارية الى إناث ذوات الإعاقات السمعية وكأنها فئات لا تحتاج اة لا تستحق برأي المجتمع أن تكثف الجهود لتوعيتها في مجالات علمية هي أحوج ما تكون الى معرفتها والاستزادة منها كما أن ندرة الدورات التدريبية في مجالات الفن والرسم والتصوير والخياطة والتطريز والسباحة والرماية والرياضة تحرم تلك الفئات من مهارات قادرة على اكتسابها والتفرد فيها والتفوق في أدائها وقد آن الأوان أن يهتم المجتمع بتركيز جهود خاصة لمن هن من ذوي الحاجات الخاصة تأمينا لحقوقهن وتوفير لاحتياجاتهن في العلم والعمل والحياة والسعادة.
-
الحق في الدمج الاجتماعي والتواصل الإنساني:
لعل أهم مطلب للإناث من ذوي الإعاقات السمعية ان يتوفر لهن مكان خاص ليكون ناديا يجمعهن ويحقق تواصلهن مع مثيلاتهن ومع باقي الاناث في المجتمع تحقيقا للتواصل الانساني والدمج الاجتماعي الحقيقي وليكون الشرط الموضوعي والمجال الفعلي لممارسة الهوايات الفنية والرياضية وتبادل الأفكار والمعارف والمهارات وتمتين العلاقات والترويح وملئ وقت الفراغ فيما ينفع ويفيد.
توجيه البحوث والدراسات لرصد احتياجات الإناث اللواتي يعانين من الإعاقة السمعية
لقد أشار العالم باركلي الى أن للعالم من حولنا خمسة أبعاد فاذا فقد الانسان حاسة السمع فمعنى ذلك أنه يفقد من الأشياء البعد الذي تحدده وظيفة السمع كإدراك الأصوات والموسيقى وبذلك يعتبر ادراك الأصم لما حوله إدراكا ناقصا وتصبح الأشياء لديه معروفة بأبعادها من خلال ما تنقله الحواس وتصبح مضامين مدركاته خالية من العناصر السمعية فقط.
فاذا تم توجيه البحوث والدراسات لرصد طبيعة الإعاقة السمعية ومتطلبات تعويض الفقدانات التي تصاحبها وفهم طبيعة آثار ومنعكسات ذلك على شخصية تلك الفئات بشكل علمي مدروس ومتخصص أمكن اقتراح أفضل السبل وآليات العمل التي تلبي احتياجات فئات الصم وهذا يتطلب إعداد دراسات نفسية واجتماعية وتربوية تعتمد مناهج علمية معمقة من أجل التمكن من تعميم النتائج واستخدامها في اقتراح صيغ العمل المستقبلي.
ولقد شهدت أدبيات العلوم الإنسانية على وجود جهود مخلصة تمثلت في دراسات علمية قام بها متخصصون رصيدا واقع احتياجات فئات الصم بشكل عام والمرأة الصماء بشكل خاص واعتمدت النتائج لتكون وحيدا معرفيا يدعم العمليات التربوية والتأهيلية مثل أبحاث (بنتر) و(برنشوج) وأبحاث (سيرنجر) و(وروسلو) وكيرك وليفين روشاخ وغيرهم.
ولقد بينت الدراسات السابقة على تنوعها عمق تأثير الإصابة باصمم أو نقص السمع على العديد من فئات الصم وثقيلي السمع في المراحل العمرية المختلفة وأشارت نتائجها بشكل عام الى عمق أثر الإصابة بالصمم أو نقص السمع على مجمل نفسية تلك الفئات وشخصيتها وطبيعة علاقاتها من خلال قياس مؤشرات تتعلق بقضايا عديدة مثل مسألة الاتزان والنضج العاطفي والتكيف الاجتماعي وبروز بعض السمات الخاصة كالميل للعنف او القسوة او الانطواء ومن الجدير بالذكر ان هذه الدراسات وغيرها لم تركز على واقع الإناث من الصم وثقيلات السمع بشكل خاص ولم تظهر الفروق التي يمكن ا، تظهر الفروق التي يمكن أن تظهر بين الجنسين نتيجة الموقف الشخصي أو الموقف الاجتماعي الذي لا بد وان يكون له الإثر الكبير على شخصية الإناث الصم واتجاهاتهن وقد كانت هناك دراسة قد طبقت على عينة خاصة من الإناث وهن 20امرأة كن قد نجحن في التغلب على الإعاقة بشكل ملحوظ فبينت الدراسة أنهن كن متساويات في معظم نتائج الاختبارات مع زميلاتهن ممن يسمعن.
وعلى الإجمال فان هنالك حاجة ماسة الى إجراء المزيد من الدراسات والمسوح العلمية في المجتمع العربي لتقصي طبيعة احتياجات فئات الصم وثقيلي السمع ذكوراً وإناثا ومتطلبات النهوض بواقعهم والتي لا بد وان تأخذ بعين الاعتبار خصوصية مجتمعنا وثقافته ومواقفه واتجاهاته وان تطرح آليات عمل مستقبلية استنادا الى النتائج العلمية وهذا مطلب أساسي تتحمل مسؤولياته المؤسسات التعليمية الأكاديمية وكذلك المؤسسات الاجتماعية الرسمية منها والأهلية
دور العمل التطوعي في مجالات توعية المرأة الصماء وتمكينها من حقوقها:
يجسد وضع النساء اللواتي يعانين من الإعاقات السمعية صورة من صور التهميش الاجتماعي من خلال النظرة الاجتماعية لهن والتي لا تعبر عن احترام قدراتهن على المشاركة الفاعلة وأداء أدوارهن في الأسرة والمجتمع ولا شك أن إنكار حقوقهن الإنسانية كحق اختيار الشريك وتنظيم أمور الحياة وحق التعلم والعمل تحتاج الى وقفة صادقة مع الذات لأن منعكسات تلك المواقف الاجتماعية تمس المرأة الصماء او التي تعاني من ثقل السمع وصعوبات النطق نفسيا وتبعدها اجتماعيا عن التواصل والتكيف واحتلال المكانة التي تستحقها كإنسانة لها الحق في أن تحقق طموحاتها وترتقي بموقعها في الحياة.
وإذا كانت الدول والحكومات تهيئ في المستوى التشريعي والقانوني تأمين نسبة من فرص العمل وتفتح مؤسسات التعليم والتدريب فإن جهود الحكومات وحدها لا تكفي لمعالجة آثار النظرة الدونية والمواقف الاجتماعية التي لا تحترم إنسانية تلك الفئات وحقوقها ولا بد هنا من تكامل دور الهيئات الأهلية والخيرية بمؤسساتها ومنظماتها الشعبية مع دور الحكومات في جهودها الرسمية لتغطية الاحتياجات الفعلية لتلك الفئات في الريف والحضر وفي نطاق الأسرة والمجتمع فالحكومات تفتح المدارس والمؤسسات الا أنها لا تتمكن من حصر ومتابعة جميع الفئات من المعاقين سمعيا وتوعيتهم وجذبهم للاستفادة من تلك الخدمات والدولة تؤمن المناهج والكتب واليات العمل الا انها لا تتمكن من متابعة الحالات الفردية وما يمكن أن يحيط بكل حالة من أبعاد نفسية وتربوية واقتصادية واجتماعية لذلك يأتي دور العمل الاجتماعي ليحيط بهذه المسائل ويوفر المعلومات وينشر الوعي ويجتذب الأهالي ويدعوهم لإرسال فتياتهم الى تلك المؤسسات والاستفادة من خدماتها.
-
دور الاتحادات والهيئات النسائية
إن الدور الأول والأساسي في تنفيذ مهمة التوعية والعمل الاجتماعي في ما يخص النساء الصم والارتقاء بواقعهن يقع على الهيئات والمنظمات النسائية التي تمتلك وحدات وروابط ومراكز تنتشر في جميع المناطق في كل دولة وتصل الى الريف وتتمكن من النفاذ والتغلغل في المجتمع والأسر لتقوم بدورها الإنساني في تعريف الأهالي حول وجود الخدمات والمؤسسات وتأكيد ضرورة تعليم الفتيات الصم ومدى حاجتهن للتعليم كأحد أهم المداخل لتنمية القدرة على التعبير والتواصل الاجتماعي والترقي كما تتمكن الهيئات والمنظمات النسائية من المساهمة بدورها في افتتاح صفوف خاصة للفتيات الصم واقامة دورات تدريبية لهن في إطار برامجها التدريبية التي تخصصها للمرأة وفي إدماجهن في دورات التثقيف القانوني والصحي والاجتماعي وكذلك في دورات محمو الأمية للكبار منهن واعادة تأهيلهن وفتح الفرص أمامهن بإقامة مشاغل ومشاريع صغيرة يتم دراستها وتنفيذها بما يتوافق مع قدراتهن وإمكاناتهن وان تحفيز هذه المنظمات هي من أهم المطالب التي يمكن أن تتحقق اذا ما أدرجت في التوصيات في هذا المؤتمر لتعميمها ومتابعة تحقيقها مستقبلا في الوطن العربي.
-
دور الجمعيات الخيرية والأهلية
إن التطور التقني والتحديث والتقدم الذي شمل العالم اجمع والوطن العربي يحتم إعادة النظر في مضامين واعمال الجمعيات والهيئات الأهلية لتوسيع نطاق خدماتها لتتجاوز تقديم المساعدات المحدودة والى تدريب على أعمال ومشاريع وتقنيات أصبحت متاحة للجميع فالجمعيات الخيرية يمكنها بدلا من تقديم المعونات المالية او دورات الخياطة والتريكو والتطريز والأعمال الزراعية البسيطة ان تدريب النساء والفئات من الصم منهن على إقامة مشاريع خاصة وان توفر لهن قروضا وتوفر اليات العمل وادواته وان توسع افاق تلك المشاريع لتتوافق مع التطور التقني العالمي فتوفر اجهزة الحاسوب وتقيم دورات تدريبية تمكنهن من استخدامه ومن النفاذ اللى شبكة الانترنت للارتقاء بمعلوماتهن والتمكن من توسيع مجالات العمل لهن ضمن مشاريع جديدة
كما يتمثل دور الجمعيات في توفير سبل الترفيه والرحلات والراحة عن طريق اقامة منتديات خاصة بالنساء الصم وترتيب لقاءات وندوات تثقيفية ترتقي بمعرفتهن حول حقوقهن القانونية والانسانية وتعزز قدراتهن وثقتهن بأنفسهن وبأمكانتهن في تسيير امور حياتهن بكفاءة في اطار الاسرة والمجتمع
-
دور المؤسسات الصحية
لعل المرأة الصماء هي الأكثر حاجة للمعارف الأولية الطبية الوقائية منها والعلاجية واكثر حاجة لمعرفة أساسيات قضايا الصحة الإنجابية وهذا يتمثل في دور جمعيات تنظيم الاسرة والمراكز الطبية والجمعيات الأهلية
وان نشر المعلومات حول الوقاية من الإصابة بالصمم كنشر لقاحات الحميرة الألمانية لدى الفتيات قبل الزواج والدعوة إلى فحص دم ألام الحامل للتأكد من عامل ال(RH) السلبي والإيجابي والدعوة إلى الابتعاد عن زواج القربى ما أمكن ودراسة الاحتمالات الوراثية للصمم في حال وجود أقرباء من الصم الذين تنتقل أصابتهم وراثيا كل ذلك يعتبر من المهام التي يمكن للجمعيات العلمية والخيرية ان تساند الدولة بجهودها في إيصال تلك المعلومات الى جميع الفئات في الريف والحضر الامر الذي يحقق في المستقبل تفاديا حقيقيا لحالات الإصابة بالصمم او الإعاقات السمعية
-
دور المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة:
تتحمل وسائل الإعلام أدوارا هامة وخاصة المسموعة منها والمرئية حيث لا يخلو منزل في المجتمع العربي من وجود المذياع او التلفزيون وهذا بدوره يؤكد ان الإعلام يصل الى كل منزل ولا بد من تخصيص برامج خاصة للصم عن طريق لغة الإشارة او التمثيليات او الإضاءات التي توظف لإيصال الأفكار بسهولة لتلك الفئات وما زال التركيز في وسائل الإعلام ينحصر في إيصال الأخبار وبعض البرامج الثقافية الا ان دوره لا بد وان يتسع ليشمل قضايا التوعية الصحية والحقوقية والتنموية الشاملة
-
دور قادة الرأي في تأييد التوجهات الإنسانية
ان المطلب الملح في وقتنا الحاضر أن يتم توظيف جهود قادة الرأي من رجال الفكر ورجال الدين والأشخاص اللذين يتمتعون بمكانة اجتماعية تجعلهم روادا في مجتمعاتهم من اجل تعزيز الاتجاهات والإنسانية التي هي أساسا في مضمون وجوهر عقائدنا الدينية التي تحترم إنسانية الإنسان وحقوقه في العيش الكريم وتؤكد على ضرورة التعاون والتكاتف لما فيه خير الإنسان والمجتمع حيث لا فرق بين انسان وآخر الا بالتقوى هذا الدور الرائد يمكن ان يتحقق الكثير في مجال تغيير النظرة الاجتماعية وفي ايصال الخدمات والحقوق لجميع الفئات من ذوي الحاجات الخاصة وعلى الاخص النساء من الصم بهدف الارتقاء بتعليمهن وتدريبهن في المجتمع.
مقترحات وتوصيات
- تكثيف جهود جميع البهيئات العلمية في الوطن العربي لاعداد الدراسات والاحصاءات حول واقع فئات الصم واحتياجاتهم وتخصيص دراسات حول واقع المرأة الصماء ومتطلبات النهوض بواقعها وتلبية طموحاتها.
- ادراج قضايا رعاية الصم وخاصة النساء منهن في برامج التخطيط والمشاريع الصحية والتعليمية والاجتماعية.
- توسيع آفاق التدريب والتأهيل وفتح فرص عمل وتشغيل لتلك الفئات في اطار التقدم التقني الحديث.
- تضمين مشاريع الهيئات الخاصة بقضايا الصحة الانجابية وبرامج خاصة تتوجه للمرأة الصماء لتوعيتها صحيا ووقائيا وانجابيا
- التأكيد على ضرورة توسيع آفاق العمل في المؤسسات الاعلامية لتشمل فئات الصم في برامجها التنموية والتثقيفية وان تخصص حيزا من اعلامها ليتجه الى المرأة الصماء
- اقامة مزيد من الدورات لاهالي الصم لتعليمهم لغة الصم من اجل تلقي الفتيات بشكل خاص في اسرهن المعاملة الحسنة والتواصل الاجتماعي
- افتتاح مزيد من النوادي المجهزة بأدوات للترفيه والرياضة والتثقيف مخصصة للفتيات الصم تحقيقا لانسانيتهن وتنظيم رحلات ومشاريع وأنشطة ترويجية كحق من الحقوق الانسانية للمرأة الصماء.