يقول المولى تبارك في محكم آياته: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة). صدق الله العظيم
وقال رسولنا الكريم : «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء». صدق رسول الله
شرع الله تعالى الزواج لعمارة الكون والحفاظ على النسل وهناك مقومات خاصة وضعت للزواج لضمان زواج ناجح وحياة مستقرة وفق ما تقتضيه نصوص الشريعة الاسلامية والديانات السماوية الثلاث للحفاظ على كيان الأسرة وضمان استمرارية الجنس البشري.
ومن المعروف أن الزواج هو عماد بناء الأسرة وهو النواة الأولى في المجتمع الإنساني وبقدر ما تبنى الحياة الزوجية على أسس سليمة بقدر ما يحفظ ذلك لها الاستمرارية والتماسك والتجانس والتفاعل وكلما كان بناء الأسرة أشد تماسكاً وترابطاً وقوة أدى ذلك إلى استقرار الحياة ودوامها واستمراريتها.
والزواج يختلف من مجتمع لآخر حسب المعتقدات الدينية والقيم والعادات والتقاليد والأعراف. فعادات الزواج تختلف من بلد لآخر ومن قطر لآخر وحتى داخل حدود البلد الواحد.
وهذا التحقيق يلقي الضوء على قضية زواج المعاقين ذهنياً بين الشريعة والقانون التي تهم شريحة واسعة في وطننا العربي من الآباء والأمهات وأولياء الأمور وأثارت جدلا طويلاً حولها بين مؤيد ومعارض؟!
تعريف الزواج:
هو اقتران الذكر بالأنثى وفق إطار وثيقة شرعية تكفل لهما كافة الحقوق والضمانات القانونية والشرعية ويترتب عليها الميراث وفق ما تقتضيه الديانات السماوية.
الغرض من الزواج:
شرع الله الزواج من أجل تنظيم عمارة الكون وعدم اختلاط النسب وهو رسالة حملها الإنسان دون سائر الكائنات حتى قيام الساعة. بالإضافة إلى الحفاظ على الجنس البشري.
الشروط الواجب توفرها في الزوج الشرعي والقانوني بالنسبة للأشخاص المقبلين على الزواج:
لابد أن يكون مسلما وبالغا وعاقلاً وقادراً إذا كان يريد أن يتزوج من امرأة مسلمة حسب نصوص الشريعة الإسلامية كما يحق للمسلم أن يتزوج من كتابية أي (مسيحية أو يهودية).
رأي علماء الدين في زواج المعاقين:
اختلف رجال الدين حوله فمنهم من طالب بزواج المعاقين لاعتبارات إنسانية فهم بشر ولهم حقوق وعليهم واجبات ولكن لابد أولاً من استشارة الطبيب والحصول على موافقته أولا، ومنهم من رفض زواجهم رفضاً قاطعاً لأنهم برأيه أشخاص عديمو الأهلية لا يستطيعون تحمل أعباء ومسؤوليات الزواج ولذلك فإن زواج المعاق ذهنياً غير جائز طبقاً لأحكام الشريعة والقانون.
رأي أولياء الأمور:
أجمعت الغالبية العظمى من أولياء الأمور على رفض زواج أبنائهم لأن الزواج مسؤولية كبيرة ورعاية ابن واحد متعبة فكيف برعاية أسرة مكونة من شخصين ثم يزداد العدد تباعاً أما البعض الآخر فقد أجمع على الموافقة على مثل هذا الزواج لكن بشروط معينة منها أن تكون درجة الإعاقة بسيطة وأن يتم الزواج تحت إشراف جهة علمية مختصة وموثوق بها بالإضافة إلى إشراف ومتابعة الأسرة وأخصائيين يتابعون الزواج ويوجهونه من خلال جلسات الإرشاد الاجتماعي والنفسي والأسري والتربوي، وطالبت كثير من الأسر بضرورة توفير المرشد الديني المؤهل علمياً ودينياً للإرشاد الديني لأسر المعاقين وأيضاً للمعاقين أنفسهم بحيث يبسط لهم مفهوم الزواج ويشرح لهم تكاليف الزواج وأعباءه ومسؤولياته.
وهذا النداء توجهه أسر المعاقين لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وعلماء الأزهر بالإضافة إلى ضرورة توفير مكاتب الإرشاد الأسري الخاصة بزواج المعاقين، ومن هنا طالب العديد من ذوي المعاقين بضرورة توفير مرشد ديني ومرشد نفسي ومرشد اجتماعي ومرشد تربوي مؤهل علمياً وتربوياً ودينياً واعياً بقضايا الإعاقة والمعاقين لتوجيه وإرشاد أسر المعاقين.
رأي علماء الاجتماع:
يرى علماء الاجتماع أن الشخص المعاق ذهنياً إعاقة بسيطة يمكن له الزواج، أما الأشخاص المعاقون ذهنياً بشكل كبير فلا يحق لهم الزواج لأن الزواج له مسؤوليات وتبعات لا يستطيعون تحمل عبء القيام بها وهم غير قادرين على إعالة أنفسهم وبالتالي غير قادرين على إعالة الآخرين.
رأي علماء النفس:
يؤكد علماء النفس أن الأشخاص المعاقين ذهنياً بشكل بسيط يستطيعون الزواج تبعاً لمقدراتهم العقلية أما أصحاب الإعاقات الشديدة فلا يحق لهم الزواج نظراً لما له من تبعات نفسية لا يمكن لهم تحمل أعبائها وتبعاتها.
رأي رجال القانون:
يرى رجال القانون أن الزواج في مثل هذه الحالات جائز إذا تم حسب نصوص الشريعة الإسلامية ووفقاً لتقارير طبية تحددها الجهات المعنية.
رأي خبراء التربية الخاصة:
يقول خبراء التربية الخاصة أن الزواج مسؤولية كبيرة لا يستطيع الإنسان المعاق ذهنياً أن يتحملها لأنه يحتاج شخصياً لمن يرعاه بالإضافة إلى كثير من المشكلات الأخرى يأتي في مقدمتها ميلاد طفل لهذا الإنسان المعاق فمن سيتحمل مسؤولية تربية هذا الطفل خاصة بعد وفاة والديه لذلك يشترط خبراء التربية الخاصة أن تكون الحالة الوحيدة التي يسمح فيها للمعاق ذهنياً بالزواج ألا تكون إعاقته مؤثرة على درجة عمل وكفاءة المخ ومقدراته العقلية لأن رسولنا الكريم قال: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الطفل حتى يبلغ الحلم وعن المجنون حتى يفيق).. والشخص المعاق ذهنياً هو الحالة الثانية فمقدراته العقلية كمقدرات الطفل الصغير.
وقد طالب الكثيرون من أولياء أمور الأشخاص المعاقين ذهنياً علماء النفس والإجتماع وعلماء الدين ورجال التربية الخاصة بضرورة إيجاد بدائل يستطيع المعاق ذهنياً تفريغ طاقاته الجسدية من خلالها ما دام الزواج لا يصلح من وجهة نظر الغالبية العظمى من الخبراء، وبذلك نجد أنفسنا أمام سؤال ملح ألا وهو هل نستطيع توفير بدائل لعدم زواج المعاقين ذهنياً تتناسب معهم ومع ظروفهم؟
سؤال يبحث عن إجابة والمجال مفتوح لمشاركة القراء في الإجابة عن هذا التساؤل وإرسال الأجوبة أو المقترحات على عنوان مراسل المنال بالقاهرة لنشر الأجوبة والآراء التي ترد إليه في صفحات المنال.