الحياة تجربة، وصناعة الذات فكرة تخلق الأمل، والأمل لا بد أن يحذوه العمل، وبذلك نستطيع أن نكون ونستطيع أن نحقق ذواتنا… لن أنسى كلمةً أخيرة قرأتُها منذ فترة في أحد الكتب قال فيها مؤلفُ ذاك الكتاب:
ما احترق لسانٌ بقوله نار، ولا اغْتَنى فقيرٌ بقوله ألفَ دينار،،، نعم،، قُل ألف دينار إلى الأسبوع القادم لن تجد في جيبك ولا حتى ديناراً واحداً، قل نار إلى الشهر القادم لن يحترق لسانك، ولكن قل فِكرتك بعد أن تُعمِلها في ذِهنك، تحدَّثْ بها، ثم اكتُبها، ثم خطِّط لتنفيذِها، ثُم انطلق بعزيمة، ستُحقِّق ذاتك، سَتصِل إلى ما تُريد وستكون كما تُريد، وذلك ما تُريدون، وذلك ما أُريد، فاسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا كما نطمح وكما نأمل وكما نُريد أن نكون.
دعونا نبحر معا في قصة فريدة لبطلة تجعلنا نقف اجلالاً لها، بطلة هذه القصة نراها دائماً، بطلة هذه القصة أعرفها تماماً وكل واحد منكم يعرفها تماماً، هذه البطلة نراها في بعض المرات تمشي على الجدار تتسلق بعزيمة وبطموح وبقوة وبأمل، ترى هدفها بعيداً، قريباً من السقف، ربما يكون هدفها نقطة أو حبة سكر وربما يكون هدفها شيئاً حلواً يسيل على طرف الجدار،.. وربما يكون هدفها أن تعود إلى مسكنها في ثقب أحد مفاتيح الكهرباء في الجدار وهي تحمل على كتفها حبة أرز قطعت بها مشواراً طويلاً، تصعد إلى الجدار فيأتي أحد العابثين ويضربها بيده فتسقط على الأرض، ومع ذلك تقوم بسرعة وبنشاط وبطاقة عالية تحمل حبة الأرز وتعود لتصعد من جديد لأنها هي المسؤولة عن الوصول وليس الذي ضربها…
تلك البطلة المحترمة هي النملة..!! من منكم سبق له وأن وطأ نملةً بقدمه، حرام عليه عزيزتنا النملة لا تطؤوها بأقدامكم، النملة إذا سقطت على الأرض تعرف أنها هي المسؤولة عن النجاح الذي تريد أن تحققه ولو استجابت لك وأنت تلاحقها بأطراف أصابعك أو بأطراف أصابع المكنسة لما حققت هدفها يوماً من الأيام.. تلك النملة علّمتنا كيف نتحمل المسؤولية وعلّمتنا كيف يكون الذي يتحمل المسؤولية محترماً مقدراً لدرجة أنه ذكر في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى: (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ) (النمل: 18).
لقد قرأنا جميعا تلك الآية فأستأذنكم لنبحر معا في قصتها،، سليمان عليه السلام يسير وخلفه الجيش الكبير يسيرون سراعاً، أمامهم من بعيد مجموعة من النمل يسعون في طلب الرزق حول بيتهم، النمل ينظر مذهولاً للجيش القادم من بعيد، من بين النمل الذي أطال النظر إلى الخطر القادم نملة واحدة كانت مبادرة راحت تصرخ: أيها النمل ادخلوا مساكنكم،.. راحت تحذرهم. تلك النملة هل كانت مديرة النمل هل كانت قائدة النمل؟ ربما كانت الشغالة وربما كانت السائق الله أعلم، لكنها هي التي ذكرت في القرآن لأنها هي التي تحملت المسؤولية وهي التي راحت تصرخ محذرةً النمل: اهربوا، عودوا إلى مساكنكم.. احذروا من الخطر القادم، تلك النملة كانت جديرة بأن نحترمها وأن نقدّرها.
هل سبق لأحدِنا أن كان ماراً في الطريق وشاهد زجاجةً منكسرة على الأرض فتركها وقال هذه مسؤولية البلدية، لو كان ذلك الشخص يمتلك مبادرة النملة لجمع قطع الزجاج وقال ليست المسؤولية مسؤولية البلدية وإنما نحن جميعاً نتحمل المسؤولية، تلك المسؤولية على الأقل من باب إماطة الأذى عن الطريق.
ويحضرني هنا موقف حقيقي حصل معي منذ وقت قريب.. في إحدى الأيام كنت عائدة من العمل بسيارتي متجهة إلى المنزل، وعند وصولي داخل المنطقة السكنية القريبة من منزلنا كانت سيارة أخرى تسير أمامي وكنت خلفها،.. وفجأة شاهدت كيساً يرمى من تلك السيارة على الأرض وتبعثرت محتوياته وطار منها كأس من البلاستيك، لحظتها دار بفكري أن أصحاب السيارة استمتعوا بأكل ما لديهم من طعام وحال انتهائهم منه رموا مخلفاتهم في الطريق لأن همهم أن يحافظوا على نظافة سيارتهم فلا يتركوا مخلفاتهم داخلها!! ولكن ماذا عن هذه الأرض المسكينة التي تتحمل ثقلنا ومخلفاتنا بصمت وبدون كلل ولا ملل!! لا يهم لديهم رمي المخلفات عليها طالما أن هناك من سينظف مخلفاتهم بعدهم وأن ذلك مسؤولية البلدية..!!
وللمصادفة كانت على بعد خطوات من سيارتهم حاوية البلدية لرمي المخلفات،، لا أخفي عليكم في تلك اللحظة وبدون شعور مني ضغطت على زر التنبيه في السيارة فأحسوا أن التنبيه لهم فخففوا سرعة السيارة واقتربت منهم وأوقفت سيارتي إلى جانب سيارتهم وانزلت زجاج سيارتي وسلمت عليهم كان في السيارة رجلان في مقتبل العمر فألقيت عليهما السلام وقلت لهما: كان بإمكانكما رمي مخلفاتكما في تلك الحاوية ـ وأشرت لها ـ وهي على خطوتين من سيارتكما.. فرد أحدهما علي بإستغراب وبملامح إستهزاء: هل هذا شغلك؟ فابتسمت له بابتسامة عريضة وأجبته: عفوا اخي لا هذا ليس شغلي ولا شغلك، ولكن هذه هي مسؤوليتي ومسؤوليتك،..
فجأة تغيرت ملامح وجه الرجل الجالس على المقود وأنحنى برأسه وأحس بالخجل الشديد من جوابي، ثم رفع رأسه وأشار بكفه بعلامة التأييد لجوابي،، ثم فتح باب السيارة وترجل وجمع المخلفات التي رماها وتوجه للحاوية ورمى فيها المخلفات وخلال توجهه للسيارة رفع كفه مرة أخرى بعلامة تأييد وبادلته الإشارة نفسها تعبيرا مني على شكري أيضا لهذا التصرف والتجاوب البناء منه، ثم انصرف كل منا إلى سبيله.
وبعد عودتي إلى المنزل جلست في وقفة مع الذات أستعيد الموقف الذي كان محض الصدفة وما بدر مني من تصرف تجاهه دون شعور مني أو ردة الفعل من الطرف الآخر، ايقنت لحظتها أنه الإيمان بالمسؤولية في كل ما يصدر منا من قول أو فعل يصبح جزءاً من أخلاقنا وسلوكياتنا ومبادئنا وينعكس ذلك على تصرفاتنا دون شعور منا.
نعم الذي يتحمل المسؤولية سيجد مائة مبرر لكي يحملها وأول تلك المبررات أن السبيل الوحيد نحو النجاح هو تحمل المسؤولية، بإمكاننا أن نبقى طويلاً داخل خيمة الفشل ونرمي على عاتق الآخرين كل ما يُصيبنا وكل ما يُعيقنا وكل ما يقف في طريقنا، وبإمكاننا أن نفكر كيف يمكننا أن ننطلق برغم الظُّروف التي نحن فيها، كيف يمكننا أن نكون أفضل برغم ما نحن عليه الآن؟ شيءٌ واحد هو الذي يجعلك تندفع نحو إيجاد الحل لأي مشكلة تواجهك في طريق رحلتك لصناعة ذاتك ذلك الشيء هو أن تفكر بأن هناك العديد من الحلول هناك العديد من الأشياء التي يمكنك أن تصل إليها بمجرد أن تراها، فالله در الهمة العالية إذا ولجت قلبا هدته إلى المكارم، وقادته إلى معالي الأمور.
ما من تحد أكثر لإثارة من أن تتحدى لتحسين ذاتك، ويقول أبي هانئ الأندلسي:
- مسؤول التخطيط والمتابعة، والمشرف العام لبرنامج العلاج بالموسيقى ، والمشرف للفريق البحثي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، ورئيس رابطة التوعية البيئية في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حتى الآن
- حاصلة على بكالوريوس من جامعة بيروت العربية ، وعلى العديد من الدبلومات المهنية والتخصصية العربية الدولية في مجالات التخطيط والجودة والتميز والتقييم والتدريب
- اختصاصي في التخطيط الاستراتيجي والاستشراف في المستقبل – LMG – جنيف ، سويسرا
- مدرب دولي معتمد من الأكاديمية البريطانية للموارد البشرية والمركز العالمي الكندي للتدريب وجامعة مانشستر وبوستن
- خبير الحوكمة والتطوير المؤسسي المتعمد من كلية الإدارة الدولية المتقدمة IMNC بهولندا
- مقيم ومحكم دولي معتمد من المؤسسة الأوربية للجودة EFQM، عضوة مقيمة ومحكم في العديد من الجوائز المحلية والعربية والدولية خبيرة في إعداد تقارير الاستدامة وفق المبادرة العالمية للتقارير – GRI
- مدقق رئيسي في الجودة الإدارية أيزو 9100 IRCA السجل الدولي للمدققين المعتمدين من معهد الجودة المعتمد بلندن – CQI
- أعددت مجموعة من البحوث و الدراسات منها ما حاز على جوائز وقدم في مؤتمرات
- كاتبة و لديها العديد من المقالات المنشورة في الصحف و المجلات وبعض الإصدارات
- قدمت ونفذت العديد من البرامج والمشاريع والمبادرات الهادفة والتطوعية والمستدامة لحينه
- حاصلة على العديد من الجوائز على المستوى المحلي والعربي منها : جائزة الشارقة للعمل التطوعي ، جائزة خليفة التربوية ، الموظف المتميز ، جائزة أفضل مقال في معرض الشارقة الدولي للكتاب
- حاصلة على العديد من شهادات الشكر والتقدير على التميز في الأداء والكفاءة.
- شاركت في تقديم العديد من البرامج التدريبية في مختلف المجالات الإدارية والجودة والتميز
- عضوة في العديد من الهيئات و المنظمات التربوية والتدريبية والجودة والتميز والتطوعية داخل وخارج الدولة