المطلوب وقف مخاطر آثارها السلبية على تنشئة الأجيال المستقبلية
المرأة العصرية! تخلت عن دورها الأساسي كأم وزوجة بعد أن أولت المسؤولية الكاملة للخادمات
من الظواهر الإجتماعية التي أصبحت مخاطرها تهدد كيان الأسرة وتؤثر سلبياً على تنشئة الجيل المستقبلي في المجتمع الإماراتي خاصة والخليجي عامة، مشكلة الإعتماد الكلي على الخادمات في البيوت والشؤون المنزلية وقيامهن بكافة الأعمال خاصة في تربية الأطفال والتكفل بهم في غياب دور الأمهات الأساسي والمهم سواء كن عاملات أو ماكثات في البيوت.. وما يثير الحيرة في هذا الأمر هو الإتكالية المتزايدة على الخادمات فيما يتعلق برعاية الأطفال وباقي الأعمال التي تهم أفراد العائلة، وقد يجد الكثير من الأفراد الراحة والتفاخر والمباهاة بهذه الظاهرة التي أصبحت متفشية إلى حد تجاوز المعقول، غير أن عواملها السلبية وإن كانت مخفية أصبحت إنعكاساتها ظاهرة للعيان وتشكل مخاطر واضحة على تنشئة الجيل المستقبلي.
وتعتبر قضية استقطاب الخادمات إلى المجتمع المحلي، قضية مثيرة للجدل لما لهذه الظاهرة من آثار سلبية تعود على الأسرة بشكل عام.. ومع متغيرات الحياة العصرية أصبح تزايد اعتماد أسر المجتمع المحلي على الخدم في كافة الشؤون المنزلية مطلبا أساسيا وقد يكون ضروريا في بعض الحالات وفي حالات أخرى وسيلة للتباهي والتمظهر، وأصبح وجود خادمة في البيت يعتبر عند الكثير من ربات البيوت (برستيج) يرفع من شأن الأسرة ومكانتها..
والإشكالية في الموضوع تكمن في حجم الآثار السلبية من وجود خادمات غير مهيئات ينتمين لبيئات وجنسيات وديانات مختلفة لا تتماشى مع مبادئ وقيم وهوية الأسرة العربية المسلمة، خاصة إذا كان الإعتماد عليهن بشكل كامل! وما يشد الإنتباه تلك الأخبار اليومية التي تنشرها وسائل الإعلام عن تفاقم الأحداث والمشكلات والجرائم التي ترتكبها تلك الخادمات والتي يكون أبرز ضحاياها الأطفال.
وما يجب ألا نتجاهله في هذه القضية ما تتعرض له الخادمات من قبل بعض أفراد الأسر التي يعملن لديها من المعاملة السيئة كالعمل لساعات طويلة وبدون راحة بالإضافة إلى الإهمال العاطفي والنفسي والمادي ومنعهن من حق الترفيه والترويح ما يؤدي إلى تراكم ضغوط نفسية تنعكس عليهن وتولد لديهن الرغبة في الإنتقام ما يتسبب في وقوع الكثير من المشكلات التي تصل إلى حد الجرائم؟
والإعتماد الكلي على الخادمات ظاهرة معقدة تقع مسؤوليتها على الجميع لإيجاد الحلول السريعة للحد من آثارها التي أصبحت تهدد الحياة الأسرية والمجتمعية وتنشئة جيل المستقبل…
وحسب دراسة حديثة أجرتها «غرفة تجارة وصناعة أبوظبي» أثبتت أن العمالة المنزلية باتت تشكل 5 في المائة من سكان الإمارات كما كشفت الدراسة أن هناك 268 ألف عامل وعاملة في البلاد، حيث تم إصدار 83 ألفاً و600 تأشيرة للعمالة المنزلية خلال عام 2007، وقدرت الدراسة حجم العمالة المنزلية في أبو ظبي وحدها بنحو 6 في المائة من إجمالي عدد سكان الإمارة، وبنسبة زيادة 15 في المائة على عام 2006، كما أشارت الدراسة إلى أن العمالة الإندونيسية، والفليبينية، تحتل المراكز الأولى في حجم العمالة في الدولة، وذكرت الدراسة أن لدى بعض الأُسر عمالة منزلية أكثر من عدد أفرادها، ويدخل هذا الأمر في باب التباهي والتفاخر، كما قدرت حجم إنفاق الأسر على الخدم في الإمارات بنحو 3 مليارات درهم سنوياً، وتسهم إمارة أبوظبي بنسبة 46 في المائة من حجم هذا الإنفاق أي بنحو 1.3 مليار درهم سنوياً، وتعتمد بعض الأسر اعتماداً كلياً على العمالة المنزلية القادمة من بيئات وثقافات مختلفة في أدق شؤون الحياة المنزلية، على الرغم مما يتطلبه ذلك من وعي ومعرفة بطبيعة التعامل.
الإعتماد الكلي على الخادمات أدى إلى تلاشي وتدمير مفهوم الإعتماد على الذات
ويفسر الدكتور حسين العثمان رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الشارقة قضية الخدم، بأنها ليست مرتبطة بعمـل المرأة، وإنما بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى الـرفاه الاجتماعي في منطقة الخليج عامة، حيث أصبحت مظهرا من مظاهر المكانة الإجتماعية ويقول: «مع التطورات العصرية المتسارعة انتقلنا إلى الحداثة بكامل معانيها، وهكذا بات الاعتماد على الخادمة مظهرا جديدا لم يكن موجودا في أسرنا ومجتمعاتنا سابقا حيث أصبح المجتمع يهتم بالمظاهر كمطلب أساسي ويأتي وجود الخدم من ضمنها، وأصبح في الوقت الحالي من المستحيل الإستغناء عن الخادمات في البيوت سواء كانت المرأة عاملة أو غير عاملة، غير أن الإعتماد بشكل كامل على الخادمات في الحياة اليومية أدى إلى تلاشي وتدمير مفهوم الإعتماد على الذات وتفشي سلوك الإتكالية ما ينتج عنه الخمول والكسل وغيرها من السلوكيات والعادات السلبية».
وأوضح أستاذ علم الإجتماع أن وجود خادمات غير مؤهلات ينعكس على تنشئة الأطفال بشكل سلبي خاصة أن الكثير من الأسر والأمهات تلقي المسؤولية كاملة على عاتق الخادمة بما في ذلك تربية الأطفال والإهتمام بهم، وقد يتعدى الأمر ذلك فنجد الخادمة هي من تقوم بالأعمال التي يتطلبها الزوج بعيدا عن اهتمام الزوجة وغياب دورها الأساسي في ذلك.
وتختلف الآراء حول قضية وجود خادمات في البيوت فهناك من يرى وجودهن مطلبا أساسيا لابد منه بحكم طبيعة الحياة التي يكون فيها عدد أفراد الأسرة كبيراً بالإضافة إلى اتساع حجم البيت إلى جانب خروج المرأة للعمل، وأيضا طبيعة العادات والتقاليد المتعارف عليها في المجتمع المحلي من خلال كثرة الزيارات العائلية والولائم المتبادلة ما يتطلب وجود خادمات لتخفيف العبء عن ربات البيوت، ومن جهة أخرى يوجد من يستنكر وجود الخادمات بإعتبار أن دور ربات البيوت هو المثالي لأسرة ناجحة خاصة في تربية الأبناء واستمرار العلاقة الأسرية.
السيدة آمنة ابراهيم أميري، مسؤولة وحدة الأمل للرعاية المنزلية والبرامج بواحات الرشد بدائرة الخدمات الإجتماعية وهي مواطنة متزوجة ولديها 6 أبناء، وتعمل منذ 19 سنة، تحدثت عن تجربتها الناجحة مع خادمتها وقالت: «في الواقع تجربتي تعود إلى أول خادمة دخلت بيتي وبقيت تعمل لمدة 16 سنة بدون أي مشاكل وغادرت الوطن نتيجة مرضها بالرغم من محاولات علاجها في الدولة غير أن حالتها الصحية تطلبت سفرها، وان شاء الله إذا تعافت سترجع لبيتها ولعملها وهي جدا مميزة وافتقدنا كثيرا وجودها وقد سافرت إلى بلدها بطريقة قانونية وبدون أي مشاكل».
وعن سر هذه التجربة الناجحة قالت السيدة آمنة: «يجب أن نعطي الثقة للخادمة لتشعر بالأمان وعدم التخوف منها وإظهار هذه المخاوف والقلق وهذا لا يعني عدم مراقبتها وإنما يجب أن تكون المراقبة بطريقة غير مباشرة حتى لا تؤثر على نفسية الخادمة وبروز سلبيات قد تؤثر في الأسرة، ويجب أن نعامل الخادمة المعاملة الحسنة والطيبة وإعطائها حقوقها كأي فرد من أفراد المجتمع ونحن نحتاج الخادمة في متابعة أمور البيت كالتنظيف والغسيل والطبخ وغيرها من الأمور المنزلية، وحاليا لدي خادمتان وذلك لزيادة متطلبات أعمال البيت خاصة بعد توسيع البيت وزيادة عدد أفراد العائلة وأحاول قدر الإمكان التعامل معهن كما كنت أعامل الخادمة الأولى».
وأكدت السيدة آمنة أميري أن الخادمات في الوقت الحالي أصبحن متطلبات جدا وأحيانا عنيدات ولا يسمعن الكلام وقالت: «إن الخادمة كغيرها من الناس تحتاج إلى الترفيه والترويح عن النفس لتجديد الطاقة وكسر روتين العمل اليومي لذلك نحرص على إصطحاب الخادمات في جولات مع العائلة للتنزه والترفيه لكن لا نشجع مخالطتهم الناس لتجنب المشاكل وشخصيا أشدد على ضرورة إعتماد الحرص في إختيار الخادمة وعلى متابعتها وعدم الإتكال عليها في كل الأمور خاصة في تربية الأطفال حيث أن هذا الدور هو من واجب أولياء الأمور وخاصة الأم بإعتبارها الراعي الأول للأطفال والأسرة».
من جهتهتا تحدثت أم مريم ربة بيت غير عاملة ولديها 6 أطفال منهن 3 بنات عن أهمية دور الأم الفعال في تربية أبنائها ورعاية شؤون بيتها والإهتمام بمتطلبات زوجها بنفسها وتربية الأطفال على الإعتماد على أنفسهم من صغر السن وخاصة البنات ليكن مهيئات في المستقبل لإدارة شؤون الأسرة، وقالت: «إن الاعتماد الكلي على الخادمات عادة سيئة حيث أصبحت الأمهات في هذا الزمن لا يهتمين بتدريب بناتهن على شؤون المنزل وتنمية مهارات الطبخ لديهن، بل يهتمين بتعليمهن فقط، فأصبحن ناجحات في العمل وفاشلات في إدارة المنزل وهذا أدى إلى تعودهن على الراحة، واتكالهن على الخادمات في كل الأمور، الأمر الذي جعل بعض الزوجات يفشلن في حياتهن الزوجية ويطلقن في أغلب الأحيان بسبب تخليهن عن أدوارهن الأساسية كربات بيوت».
وأوضحت أم مريم، أنه لا يوجد لديها خادمة مع أنها قادرة على تعيين واحدة غير أنها تفضل القيام بواجبها كأم وزوجة بنفسها، وذلك بمساعدة بناتها وتعليمهن اكتساب المهارات التي تتطلبها إدارة البيت من تنظيف وترتيب وطبخ خاصة في الإجازات، بالإضافة إلى الإهتمام بتعليمهن ليصبحن في المستقبل زوجات ناجحات يعتمدن على أنفسهن في إدارة بيوتهن كما أوصت بضرورة المراقبة ووضع كاميرات لحماية الأطفال في غياب الأم واهتمام الزوج بالرعاية عند وجوده للحد من المشاكل التي يتعرض لها الأطفال من قبل الخادمات.
إن الإعتماد على الخادمات في تربية الأطفال له تأثير على مستقبل الأجيال القادمة في تربيتهم وتنشئتهم وأول الآثار تظهر في اللغة والسلوك اللذين يكتسبهما الأطفال حيث تتشتت أفكارهم وهويتهم فقد يضيعوا بين لغة أولياء أمورهم ولغة الخادمة التي تشرف على تربيتهم، ويؤثر كذلك في اللغة التي يكتسبها الطفل في الحضانة خاصة إجباره على تعلم اللغة الأجنبية ما يحدث له إرتباكا يؤدي إلى تأخر النطق لديه، كما قد يتعرض هذا الطفل إلى الكثير من المعاملات القاسية من الخادمة، إلى جانب الإهمال العاطفي والمعنوي للأم وينمو منطويا على نفسه وتصاحبه مشكلات نفسية قد تؤدي إلى إنحراف سلوكه وأخلاقه وتعرضه إلى أسوأ المشكلات، ومع تزايد هذه الظاهرة في ظل انشغال المرأة بعملها وغيابها عن أطفالها طوال النهار واعتمادها على الخادمة يجعل الأطفال يفتقدون الحب والحنان والإهتمام وتصبح الخادمة هي الأم المثالية والأم البديلة التي يتعلمون منها المبادئ واللغة والأخلاق والسلوكيات التي في الغالب تكون سيئة وتنتج عنها علاقات غير سوية.
ويؤكد السيد بدر دعفوس المهيري من حرس الرئاسة بديوان الحاكم بدبي أن المرأة العصرية تخلت عن دورها الأساسي كأم وزوجة في التربية والرعاية العائلية، بعد أن أولت هذه المسؤولية للخادمات والمربيات، وأصبح مطلبا أساسيا على الزوج استقطاب خادمة وأمراً لابد منه، وأكد أن هذا الأمر كثيرا ما يكون سببا في فشل العلاقة الزوجية والأسرية، حيث لا يجد الزوج الإهتمام المطلوب من زوجته تجاه بيتها وأبنائها وزوجها، كما يتعلق الأطفال عاطفيا بالخادمات أكثر من أهلهم بسبب اهتمام الخادمات بهم بشكل مباشر في غياب اهتمام الأهل، وأصبح الأسلوب الحديث في الحياة الأسرية يهدد بناء الأسرة وتلاشي روابطها وفي الغالب يكون الضحايا هم الأطفال والأبناء سواء كانوا صغاراً في السن أو مراهقين خاصة عندما يتعرضون لمشاكل العنف والتحرشات والكثير من الحوادث التي ترتكب بحقهم بالإضافة الى التأثير الكبير على مستوى نطقهم الصحيح للغة العربية وضعفها.
فضيلة الشيخ الدكتور عمر صالح بن عمر:>
«الإعتماد الكلي على الخادمات هو تخلي عن الواجبات وهروب من المسؤولية»
وما يثير الجدل هو استقطاب خادمات من جنسيات وديانات لا تتماشى مع الهوية الإسلامية حيث يؤكد فضيلة الشيخ الدكتور عمر صالح بن عمر من جامعة الشارقة أنه من حيث المبدأ فإن الشريعة الإسلامية لا تـمنع استئجار غير المسلم للعمل عند المسلم في بيته أو خارج بيته شريطة أن يكون أمينا وألا يظهر ما يخالف هذه الشريعة من الدعوة إلى الكفر أو الاستهزاء بالدين، فقد جاء فيما صح من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه استأجر (خريتا) (الخبير بمعرفة الطرق) يدله على الطريق في هجرته إلى المدينة وكان غير مسلم، ولكن يفضل المسلم على غير المسلم لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل طعامك إلا تقي»، والصحبة تعني الملازمة، والخادمة ملازمة لأهل البيت، وتأكل معهم، أو من طعامهم.
وعن إنطباعه عن تزايد الاعتماد على الخادمات في كافة الأمور المنزلية خاصة في تربية الأطفال ومسؤولية الوالدين في ذلك يقول فضيلة الشيخ إن الاعتماد على الخادمات في بعض الأمور لا بأس به إذا دعت الضرورة أو الحاجة إلى ذلك، أما الاعتماد عليهن كليا وفي كافة الأمور فهو تخل عن الواجبات، وهروب من المسؤولية، وأضاف أن حبيبنا صلى الله عليه وسلم يقول: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والرجل راع عن أهله ومسؤول عنهم وامرأة الرجل راعية على بيت زوجها وهي مسؤولة عنهم وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه ألا كلكم راع وكلكم مسؤول»، ومن مسؤولية الآباء والأمهات تربية الأطفال، وتنشئتهم التنشئة الصالحة، وماذا ينتظر من خادمة غير مسلمة أن تعلمه؟؟ وجاء بقول قديم قيل فيه:
وَيَنشــَأُ ناشِــئُ الفِتيانِ مِنّــــا عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ
وَما دانَ الفَتى بِحِجىً وَلَكِن يُعَلِّمُـهُ التَـدَيُّنَ أَقرَبـوهُ
وتحدث فضيلة الشيخ عن واجبات الزوجة المسلمة تجاه بيتها وأطفالها وقال: «المرأة راعية على بيت زوجها وذلك بالاعتناء بأبنائها وتربيتهم التربية الصحيحة، وراعية زوجها حتى يتحقق المقصد والهدف من الزواج وهو: السعادة والراحة النفسية، وأكد ذلك بقول الله تعالى:}وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَة{ (الروم 21)، وأشار في حديثه أن فاطمة ـ رضي الله عنها ـ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تقوم بالخدمة في بيت زوجها، ولما طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم خادمة تعينها على شؤون البيت، ولم يتيسر له ذلك، أمرها أن تذكر الله إذا أوت إلى فراشها، فتسبح الله وتحمده وتكبره، فهذا عون لها على ما تعانيه من مشقة».
وجود خادمات للتباهي والتظاهر أمر لا يقره الشرع في الدين الإسلامي
وعن عذر المرأة العاملة في اعتمادها على الخادمة لتربية الأطفال والقيام بشؤون البيت أوضح فضيلة الشيخ أن عمل المرأة ليس عذرا في إهمال واجباتها، واعتمادها على الخادمة في تربية أبنائها وشؤون بيتها، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن للمرأة حقوقا كما عليها واجبات، جاء ذلك في قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (البقرة 228) وأضاف أن وجود خادمات للتباهي والتظاهر أمر لا يقره الشرع، فقد جاء في الحديث الصحيح: «من سمع سمع الله به، ومن رأى رأى الله به»، ومثل هذه المباهاة قد تؤدي إلى الحرص على الدنيا والإغفال عن الآخرة، وأكد ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «أبشِروا وأمِّلوا ما يسرُّكم، فوالله ما الفقرَ أخشى عليكم، ولكنّي أخشى أن تُبسَط عليكم الدّنيا كما بُسِطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلِككم كما أهلكتهم» متفق عليه.
لم يغفل فضيلة الشيخ الدكتور عمر صالح بن عمر حقوق الخادمات في الإسلام ومبادئ التعامل معهن وكيف تحفظ حقوقهن الإنسانية وقال: «ضمن الشرع للخادمات حقوقهن كاملة، فقال صلى الله عليه وسلم: «أدوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه» وأمرنا أن نعاملهن معاملة أفراد الأسرة، وقال صلى الله عليه وسلم: «إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» والمراد بالخول أي الخدم.
وفي ختام حديثه شدد على دور توعية وإرشاد الأسر في المجتمع المحلي بهذه القضية التي أصبح لها أثر كبير على جيل المستقبل وقال: «إن دور أهل العلم يتمثل في التوجيه والنصح، والدور الكبير منوط بالإعلام، وذلك بتوجيه الناس وتوعيتهم وإرشادهم إلى ما فيه صلاحهم وصلاح البلاد، حتى تحفظ الهوية العربية الإسلامية للأجيال القادمة وتكون الأسر متماسكة بعيدا عن المؤثرات السلبية للحياة العصرية والتركيز على حماية الأطفال وتربيتهم التربية الصالحة ليكونوا جيلا واعدا في المستقبل».
وفي هذه القضية لا يمكن تجاهل الآثار الإيجابية للخادمات لكن تبقى محصورة في تحمل مسؤولياتهم المنزلية بأكملها لكن ما يهمنا في هذا الأمر هو الآثار السلبية التي تطول جميع أفراد العائلة بغض النظر عن الإيجابيات المحدودة، فإن وجود الخادمات يشكل خطرا يهدد ما تسعى إلى بنائه الكثير من الأسر خاصة فيما يتعلق بتأهيل جيل المستقبل بسبب الإتكال غير المبرر على الخادمة في تربية الأبناء ورعايتهم من خلال ما تحمله الخادمة من جوانب اجتماعية ونفسية وصحية يتأثر بها الطفل أكثر من غيره بحكم قربه وتواصله المباشر مع الخادمة ليأخذ منها سلوكياتها وأخلاقياتها وصفاتها في وقت تقضيه الأم بعيدا عن مسؤولية أسرتها متناسية تدهور العلاقة الأسرية وضعفها بين الأم والزوج والأولاد بسب غياب غير مبرر مهما تعددت أسبابه يجرد المرأة من دورها الأساسي والفعال كأم وزوجة مثالية في بناء أسرة صالحة في المجتمع.