صادف يوم الأربعاء 5 أبريل / نيسان 2017 يوم الطفل الفلسطيني ويأتي هذا العام في ظل أوضاع صعبة ومريرة يعيشها الاطفال في فلسطين من كافة النواحي الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية، بالإضافة إلى ظروف الاطفال الذين هم بحاجة الى حماية خاصة، ويعاني أطفال فلسطين الحرمان من أبسط الحقوق التي يتمتع بها أقرانهم في الدول الأخرى.
وتشتد معاناه الأطفال في فلسطين هذا العام سواء في الضفة الغربية حيث يتعرض الأطفال إلى الاستهداف والاعتقال والقمع من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفي قطاع غزة يتعرضون للحصار والحروب، وكل هذا أدى إلى انتشار ظاهرة عمالة الأطفال والتي تعتبر من الظواهر العالمية، لكنها متفاوتة من دولة إلى أخرى، ويعد الفقر من أهم العوامل التي تؤدي إلى انتشار هذه الظاهرة، وتعتبر من أخطر الظواهر المنتشرة الآن بفلسطين، وتهدد هذه الظاهرة المجتمع ككل، حيث توقعه بين فكي الفقر والجهل وتسلب الطفولة وتخلق جيلاً غير متعلم، ولا يخفى على أحد أن الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية التي تمر بفلسطين، تدفع بالأطفال إلى العمل من أجل الحفاظ على كيان الأسرة وتلبية المتطلبات الأساسية لأسرهم، خصوصا في قطاع غزة المحاصر منذ ما يزيد عن عشر سنوات.
وتشير إحصاءات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2016 بوجود (34.700) ألف عامل من الأطفال في الفئة العمرية (10 ـ 17 سنة) يعملون في فلسطين، وبلغ عدد الأطفال الذين يعملون بالضفة الغربية (28.000) ألفاً، مقابل (6.700) ألف طفل عامل في قطاع غزة، ويعمل الأطفال في العديد من الورش والمصانع والمنشآت الاقتصادية المختلفة، ويعتبر قطاع التجارة والفنادق والمطاعم المشغل الأكبر للعمالة في فلسطين بنسبة 35.8%.
وفي اعتقادي إذا أضفنا إلى عمالة الاطفال من يعملون في الشوارع وعلى مفترقات الطرق في مهن مختلفة سوف يتضاعف عدد عمالة الأطفال في فلسطين عن العدد الرسمي المعلن.
ومن أهم التحديات التي تواجه محاربة ظاهرة عمالة الأطفال في فلسطين، ارتفاع معدلات البطالة في فلسطين وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ووفقاً لمعايير منظمة العمل الدولية فإن نسبة البطالة في فلسطين قد بلغت 26.9%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل 360 ألف شخص في فلسطين خلال عام 2016، منهم حوالي 153 ألفاً في الضفة الغربية وحوالي 207 آلاف في قطاع غزة، وما يزال التفاوت كبيراً في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة حيث بلغ المعدل 41.7% في قطاع غزة مقابل 18.2% في الضفة الغربية، وتعتبر معدلات البطالة في قطاع غزة الأعلى عالمياً، كما بلغت نسبة الشباب العاطلين عن العمل في فلسطين في الفئة العمرية (20 ـ 24) سنة 43.2% في العام 2016.
التوصيات:
- ضرورة التركيز الإعلامي على خطورة عمالة الأطفال على المجتمع الفلسطيني.
- يجب تكاتف جهود كافة المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني لمحاربة ظاهرة عمالة الأطفال بتكثيف برامج التوعية والتثقيف.
- ضرورة وجود ضمان اجتماعي للأسر الفلسطينية الفقيرة داخل المجتمع الفلسطيني للحد من ظاهرة عمالة الأطفال وانتشار الفقر والفقر المدقع.
- اتخاذ إجراءات حازمة وصارمة ضد من يشغلون الأطفال في منشآتهم الاقتصادية.
- رفع مستوى الوعي المجتمعي بهذه الظاهرة، وضرورة تفعيل دور المؤسسات الرسمية بهذا الموضوع، وأهمية التكامل ما بين الجهات التشريعية والتنفيذية والقضائية للحد من هذه الظاهرة الخطيرة.
- الحد من ظاهرة التسرب من المدارس، ونشر الوعي بخصوص حقوق الطفل والقوانين الخاصة بذلك، واستقطاب الأطفال للمدارس، وتعزيز أهمية التعليم.
- ضرورة تغير الثقافة والنظرة الخاصة بالتعليم والتدريب المهني والتقني لدى المجتمع، وتشجيع المتسربين من المدارس للالتحاق به.
وفي الختام لن يكون أي تحسن على واقع أطفال فلسطين دون تحسن في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حيث أنهما مفتاح لأي نهضة وتنمية شاملة ومستدامة.
د. ماهر تيسير الطباع
خبير ومحلل اقتصادي، مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة