أحمد طفل لم يتعد السابعة من عمره يعمل صبياً مع بناء، اقتربت منه وهو جالس على الأرض لأنه معاق ومقعد تماماً لا يستطيع أن يعمل أو يمشي الآن.. لماذا؟ هذا ما سنعرفه منه. يقول:
أنا معاق الآن وعمري حوالي سبع سنوات، قطعت رجلي بعد أن سقطت من أعلى المبنى الذي كنت أعمل فيه.
بيقولوا إنه في دراجة اجلس عليها وممكن أمشي وألعب وأزور أصدقائي ولكن لا أدري أين هي ومن أين اشتريها.
أنا كنت باشتغل من الساعة 7 صباحاً، وحتى آذان المغرب.. مش عارف احسبها كم ساعة في اليوم.. المهم أنا بتعب قوي من شيل »المونة« والاسمنت حتى سقطت من أعلى الدور الثالث بالمونة على رجلي..
كنت باحس آخر اليوم كتفي انخلعت من الشيل.. بارجع لأمي مهدود وفي ايدي تنين جنيه يوميتي من المعلم بتاعي، ده غير أكلي وشربي من المعلم.
كل الفلوس اللي كنت باقبضها اديها لامي علشان أساعدها في مصروف البيت.. أصل أبويا ميت وأمي بتشتغل علشان توكلنا أنا واخواتي الستة.. مش معقول أسيب أمي تشتغل واتفرج عليها! دي مش مرجلة ولا اصول!!
لا.. تعليم ايه! أنا ما دخلتش المدرسة ومعرفش اكتب اسمي.. كان نفسي أبويا يعيش ويعلمني لغاية ما ابقى دكتور زي الدكتور »مجدي« اللي كان بيعالجني في المستشفى بعد قطع رجلي.. لكن النصيب كده..!
بتقول نفسك في ايه! ياه نفسي في حاجات كثيرة قوي.. نفسي في عربية زي عربية الواد سيد ابن الجيران.. نفسي أروح الملاهي.. نفسي في تلفزيون.. نفسي آكل ولو مرة واحدة لحمة أو فراخ.. أنا واخواتي وأمي مابنكلوش اللحمة ولا الفراخ إلا في العيد الكبير والعيد الصغير من الجيران..!!
كلام كثير وخطير، ومؤلم.. ينفطر له القلب ويندى له الجبين.. مثال واحد على نتيجة عمالة الأطفال في سن مبكرة، ولو كانوا في سن متقدمة.. نجدهم يعملون دون تدريب مما يؤثر على نموهم، وقد يكون هذا العمل سبباً مباشراً في إحداث الإعاقة عند الأطفال كما حدث في المثال السابق.
حتى نتعرف على حجم المشكلة وأبعادها والحلول المناسبة لها، وما تسببه من تأثير أو احداث الإعاقة عند الأطفال أقدم هذا المقال لمن يهمه الأمر:
لقد أعدت منظمة العمل الدولية كتاباً حول عمل الأطفال تحت عنوان: «عمل الأطفال، وصمة عار» وكانت المنظمة قد أرسلت هذا الكتاب إلى جميع الحكومات والدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية وكذلك لأرباب العمل والعمال. ويأتي اصدار هذا الكتاب في اطار التمهيد لاعداد مشروع دولي للموافقة عليه يحظر تشغيل الأطفال، ومن المقرر أن يعرض المشروع على المنظمة لاقراره عام 1999م.
لقد بينت الاحصاءات والبيانات الدولية المختلفة أن مشكلة تشغيل الأطفال من المشاكل الأكثر خطورة في عالمنا المعاصر، وهذه المشكلة ليست مقتصرة على دولة بمفردها أو عدة دول بل تشمل إضافة إلى البلدان الفقيرة، البلدان الصناعية الأكثر تطوراً، وقد وجد أرباب العمل في عمل الأطفال مجالاً لتحقيق الأرباح الطائلة. ويبدو أن طرح هذا الموضوع من جديد من قبل منظمة العمل الدولية يهدف إلى إثارة الرأي العام العالمي ليعير اهتمامه الدائم لهذا الوضع، ولايجاد تيار دولي معارض لتشغيل الأطفال وفق المعايير الدولية التي تعرف من هو الطفل، إذ جاء في الوثيقة الأساسية للأ مم المتحدة ومنظمة اليونيسيف: إن الطفل هو الحدث الذي يقل عمره عن 18 عاماً. والهدف من كل ذلك هو حماية الملايين من الأطفال في مختلف أنحاء العالم الذين يتعرضون للاستغلال الوحشي من قبل الرأسمالية العالمية.
والواقع أن عمل الأطفال من سن 5 إلى 12 سنة في بعض الدول النامية له مردود سلبي بلا شك على الأطفال وأخطر هذه المردودات احتمال إصابة الطفل أثناء العمل تؤدي إلى إعاقة جسدية أو حسية دائمة.
لقد أشارت احصاءات منظمة العمل الدولية في كتابها وفقاً لمعطيات مقدمة من مختلف البلدان إلى وجود نحو 73 مليون طفل من سن 10 إلى 14 عاماً يعتبرون عمالاً دائمين، ولكن احصاءات المنظمة الخاصة التي أجرتها أخيراً، أفادت بأن العدد الحقيقي للعمال الأطفال يبلغ في الواقع نحو 120 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 ـ 14 عاماً، وأكثر من ضعف هذا العدد ـ أي نحو 250 مليون طفل ـ يمارسون مختلف الأعمال، ولم يعد عمل الأطفال مشكلة خاصة بالبلدان النامية بل امتد إلى البلدان الصناعية في أوروبا وأمريكا وغيرها.
بحسبة بسيطة نرى أن 370 مليون هم عمال أطفال يمارسون أعمالاً مختلفة لو أصيب منهم ?10 فقط إصابات عمل تؤدي إلى إعاقة مستديمة فإن لدينا حوالي 37 مليون طفل معاق بسبب هذه المشكلة الخطيرة.
هذا على المستوى العالمي، أما في الدول العربية فنحن في حقيقة الأمر نعاني من ظاهرة عمل الأطفال في سن مبكرة واحتمال حدوث الإعاقة بينهم، فالعديد من الدول العربية مثل المغرب العربي والأردن ومصر وسوريا واليمن والعراق تشهد تزايداً مستمراً في عمل الأطفال في الأراضي الزراعية والمخابز وأعمال البناء وجمع القمامة وتنظيف السيارات وتصنيع المفرقعات البدائية التي يقبل الأطفال على شرائها في الأعياد وصناعة الأحذية وصيد الأسماك، و عمل الأطفال في المنازل. بالإضافة إلى حالات الاعتداء الجنسي على الأطفال.
إن أطفال الأسر الفقيرة لا حول لهم ولا قوة فيما يجري حولهم رغم أنهم الأكثر تأثراًبه.
والحقيقة أن هناك عوامل عديدة تدفع الأطفال خاصة في الدول العربية إلى سوق العمل نذكر منها:
- فقر الأسرة، بمعنى أن الأسر الفقيرة تحتاج إلى عمل الأطفال وأن هناك نسبة كبيرة من الأسر الفقيرة تعتمد اعتماداً أساسياً في دخلها على عمل الأطفال، وفي بعضها الآخر يعتبر هذا المصدر الوحيد حيث نجد أطفالاً يعولون أسراً بأكملها.
- نقص انتشار التعليم الأساسي أوالتسرب منه، مما يدفع الأطفال للتحول إلى العمل رغم الأخطار المحتملة.
- التعليم الأساسي لا تترتب عليه مكاسب اجتماعية واقتصادية، فالطفل الذي ينهي مرحلة التعليم الأساسية لا يكتسب المهارات التي يحتاجها سوق العمل وبالتالي تأمين دخول مرتفعة، فيفضل التوجه إلى العمل قبل أن ينهي تعليمه الأساسي.
إن استغلال الأطفال في سن مبكرة سواء في الدول النامية أو المتقدمة يؤدي بلا شك إلى اصابتهم لأن الطفل لم يتدرب على العمل ولا يستطيع أن يتقنه في هذه السن المبكرة، كما أن بنيانه الجسمي ضعيف لا يتلاءم مع الآلات أو العمل داخل المصانع أو المناجم حيث نجد أن بعض الدول تدفع أطفالها للعمل في المناجم بلا معدات وقاية كافية أو ملابس وبدون تدريب سابق على العمل، فيواجهون ظروفاً صعبة في محيط عملهم مثل ارتفاع نسبة الرطوبة وشدة الحرارة. ويواجهون ظروفاً صعبة أيضاً أثناء عملهم في مصانع السيراميك والزجاج ومصانع الكبريت والمواد المشتعلة.. حتى العمل في القطاع الزراعي يجعل الأطفال يتعرضون لمخاطر السموم الكيماوية والميكروبية لأنهم يستخدمون لنقل مختلف السموم والأسمدة الكيماوية والتي يعد بعضها ساماً للغاية ومسبباً للسرطان.
إذاً مشكلة عمالة الأطفال ليست اقليمية أو عربية أو هي في الدول النامية أو الغنية.. إنها مشكلة على مستوى عالمي، ومن أجل مواجهتها لابد من تنبه المجتمع الدولي إلى ضرورة القضاء على ظاهرة عمل الأطفال في سن مبكرة من خلال العمل على:
-
اجتثاث مشكلة الفقر من المجتمع، فما دام هناك فقر وضيق بحكم علاقة الطبقات الضعيفة بالقوية، فإن الفقراء والذين يواجهون أزمات اجتماعية مضطرون ومن أجل الخلاص الظاهري من تبعات ذلك الفقر إلى بيع أبنائهم أو الحصول على أتعاب هؤلاء الأطفال الأبرياء مقابل ثمن بخس.
ومن أجل مكافحة الفقر لابد من وجود مساواة اقتصادية والقضاء على العلاقات السياسية والاجتماعية والثقافية السلطوية وغير الصحيحة في العالم، لأن توزيع الثروة بالعدل بين المجتمعات الإنسانية بما يؤدي إلى وقف استغلال الأطفال الأبرياء لا يكون إلا بانعدام تلك العلاقات غير الصحيحة وغير الإنسانية.
- فرض عقوبات شديدة على شبكات الاختطاف وهي المجموعات التي تعمل في مجال بيع وشراء الأطفال كأي بضاعة أخرى على امتداد مناطق العالم وهي في تزايد مستمر، ومن خلال تقصي ومتابعة طبيعة تشكيل هذه الشبكات والمجموعات نكتشف ارتباطها بمراكز وأنظمة تحكم الدول الكبرى أو بنفس الدول التي يؤخذ منها الأطفال للبيع.
- رفع مستوى الوعي في المجتمع، فنحن نستقبل القرن الحادي والعشرين ونودع قرن التحضر والتحرر والمثالية في أغلب دول العالم، ومن الضروري المطالبة بالحفاظ على الشخصية الثقافية والسمو الفكري والثقافي لشعوب العالم، ونتوقع من الأسر والشعوب أن تصون أصالتها وأفكارها وكرامتها الإنسانية، لأن الجبن والذل وبيع الأطفال لا يعد سبيلاً مشرفاً في مواجهة الفقر والأزمات الاقتصادية والمالية، فضلاً عن أن هذا الأسلوب بعيد كل البعد عن القيم الاخلاقية والاجتماعية.
لذا وجب على جميع دول العالم خاصة العربية والإسلامية منها وضع ضوابط وقواعد وقوانين تحفظ كرامة الطفل وتقلل من مخاطر عمله خاصة في سن مبكرة لما لهذا العمل من تأثير سلبي يؤدي إلى الإعاقة عند الأطفال.
أولاً: البيانات الشخصية:
مواليد 8 سبتمبر 1956، متزوج وله ثلاثة أولاد.
حاصل على دكتوراه (العالمية), من كلية التربية بجامعة الأزهر في مجال الوقف والعمل الخيري، تخصص تنظيم المجتمع.
ثانياً: المؤلفات العلمية: من الإصدارات والمؤلفات العلمية التي تم إصدارها للباحث:
كتاب بعنوان (الإسلام والبيئة), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1999.
كتاب بعنوان (تأخر زواج الفتيات), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2010.
كتاب بعنوان (الحماية الجنائية للأوقاف الخيرية), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2011.
كتاب بعنوان (تدخين النساء), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية الرياض، 2011.
كتاب بعنوان (أزمة المياه في العالم العربي ـ الوقف المائي أنموذجاً), نشر جائزة يوسف كانو، البحرين، 2011.
ثالثاً: الأبحاث العلمية : نشر للباحث العديد من الأبحاث العلمية المحكمة علمياً منها:
بحث بعنوان (التكفير في السيرة النبوية), جائزة نايف بن عبد العزيز الرياض.
بحث بعنوان (الإسلام وعلاج مشكلة الفقر), مركز صالح كامل ـ جامعة الأزهر ـ مصر.
بحث بعنوان: نحو توعية الوعي المروري للأطفال في المملكة العربية السعودية، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ـ الكويت.
بحث بعنوان (كيفية تفعيل الحملات الإعلامية الرعاية المعاقين), جمعية الخدمات الإنسانية ـ الشارقة.
بحث بعنوان (العمل الخيري ودوره في علاج مشكلة البطالة), جمعية فهد الأحمد الخيرية ـ الكويت.
بحث بعنوان ( الأسرة ودورها في وقاية أفرادها من الإنحراف عبر الشبكات الاجتماعية), مراكز التنمية الأسرية ـ الشارقة.
بحث بعنوان (الأوقاف الخيرية ودورها في تمويل الخدمات التطوعية في الحج والعمرة), جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.
بحث بعنوان (التقنية الحديثة ودورها في تفعيل التطوع الافتراضي),، المركز الدولي للأبحاث والدراسات، المملكة العربية السعودية.
بحث بعنوان (المعوقات التي تواجه الشباب السعودي نحو العمل التطوعي ـ مع تصور مقترح لدور (وقف الوقت في مواجهتها), المركز الدولي للأبحاث والدراسات، المملكة العربية السعودية.
رابعاً :الجوائز العلمية:
المركز الأول لجائزة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات عن بحث بعنوان: العوامل الاجتماعية لإدمان المخدرات، الرياض، 1998.
المركز الأول لجائزة الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت عن بحث بعنوان (الدعوة والإعلام لإحياء سنة الوقف الخيري), عام 2000.
المركز الأول لجائزة المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بمملكة البحرين عن بحث بعنوان (الخطاب الديني المعاصر), عام 2004.
المركز الأول لجائزة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بمملكة البحرين عن بحث (تعايش وطني بلا طائفية سبيل للوحدة الإسلامية عن عام 2006.
المركز الأول لجائزة يوسف بن أحمد كانو عن بحث بعنوان: (أزمة المياة في العالم العربي), بمملكة البحرين.
خامساً: المؤتمرات والملتقيات والندوات العلمية:
المؤتمرات العلمية لكلية الخدمة الاجتماعية ـ جامعة حلوان.
المؤتمرات العلمية لكلية التربية ـ جامعة الأزهر.
مؤتمر الإعلام والإعاقة بالشارقة ـ دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2006.
مؤتمر الخطاب الديني، بمملكة البحرين 2007.
ملتقى الأوقاف الخيرية الخامس بدولة الكويت 2008.
مؤتمر رعاية الأيتام ـ المملكة العربية السعودية، الرياض عام 2010.
مؤتمر العالم الإسلامي المشكلات والحلول ( مكة المكرمة ـ عام 2011.
سادساً: المقالات المنشورة:
يشارك الباحث بمقالات علمية وإسلامية في العديد من المجلات والدوريات العلمية والإسلامية منها:
مجلات ( الجندي المسلم ـ الفيصل ـ الحرس الوطني ـ الفيصل العلمية ـ المعرفة ـ البيان ـ القافلة), المملكة العربية السعودية.
مجلة (الوعي الإسلامي), بدولة الكويت.
مجلات (منار الإسلام ـ المنال ـ التربية (دولة الإمارات العربية المتحدة.
مجلة (التربية), بدولة قطر.
مجلة (التسامح), بسلطنة عُمان.
مجلة (منبر الإسلام), بمصر.
مجلة (الهداية وجريدة أخبار الخليج), بمملكة البحرين.