يعتبر سلوك العناد والتمرد الدائم، وعدم الطاعة المستمر، والمشاكسة والتحدي الذي يمارسه الطفل، وإلحاحه وإصراره على تنفيذ رأيه، بالامتناع عن الطعام والنوم، واللعب العشوائي، والشغب والإغاظة، وعدم الاحترام، والصراخ والضجة العالية، وعدم الاستحمام، وسوء الاستجابة لأوقات التبول والتبرز. والاستمرار بالتوتر، ورف العين، ومص الأصابع، وقضم الأظافر، والهروب من الدراسة، والشجار بين الإخوة، والسعال القسري، والتلفظ بالكلمات النابية…. كلها اضطرابات سلوكية مرَضية.
تهتم الأسرة عادة والمؤسسات التربوية المسؤولة عن الطفولة المبكرة، بمنظومة النمو الجسدي والحسي، والنمو العقلي واللغوي. بيد أن الأسرة والروضة قلما تعير أي اهتمام بالنمو الانفعالي والنفسي والسلوكي وما يقابل ذلك من النمو الاجتماعي. ومع تطور وعي الطفل تظهر لديه أشكال أخرى من الاضطرابات السلوكية، كالخوف والخجل والغيرة والكذب والسرقة والعدوان.
إن هذه الاضطرابات السلوكية الشائعة عند الأطفال هي ردود أفعال واضحة، وانعكاسات صريحة لسلوك الأبوين أو أحدهما، وصرخة قوية، تظهر بتعبيرات لا شعورية عن خيبة أمل الطفل وألمه، من الخلل الممارس في معاملته، ورغبته في لفت الانتباه، وتقليد الكبار، وتأكيده على ذاته، فالطفل الذي يقع على الأرض، يرغب بصورة لاشعورية أن تساعده أمه، وليس أي شخص آخر، سواء إخوة الأم أو إخوته الكبار أو الخادمة أحياناً، لأنه يشعر في تلك الحالة بالحرمان العاطفي.
وعناد الطفل، لا يقابل بالعناد، كما لا يمكن حل مشاكل الطفل بالقسوة والعنف والتسلط، لأن الطفل يستمتع في كثير من الحالات عند استفزاز أمه، وإخراجها عن اتزانها وهدوئها، وهي استراتيجيات يتبعها الطفل مع الأهل وبخاصة مع الأم، وعلى الأم أن تنتبه جيداُ إلى أن قدرات الطفل يمكن أن تكون مناسبة لعمره الزمني أو تفوقه. بيد أن استمرار هذا السلوك، سيحول دون تقدم ونمو قدراته في المراحل العمرية الأعلى. وسيكون فاقداً للقدرة على إقامة علاقات سوية ومتوازنة سواء مع أبويه وإخوته، أم مع أقرانه في الروضة والمدرسة.
لذلك على الأبوين، تجاهل سلوك الطفل، وممارسة الهدوء والاسترخاء والحوار، والإكثار من ساعات الاندماج معه. وعدم استخدام أي عقوبة لفظية أو جسدية، والإقلال من التعليمات والأوامر والنواهي وتدريبه على مفاهيم الصح والخطأ وإبعاده عن مشاهد العنف، وبرمجة أوقاته، وتعزيزه إيجابياً بالمكافأة المعنوية والمادية، وسلبياً بالعقوبة المعنوية والمادية، ومنحه الحب والحنان الدائم.
الدكتور فائز شالاتي
سابقاً، عضو اللجنة العلمية للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم